فن الاقناع لدى المحامي الناجح

أكرم حياوي طعمه الشيخ علي
باحث وناشط مدني وقانوني
(Akram Hyyawi Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 6269 - 2019 / 6 / 23 - 15:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

فــــن الاقــناع لـدى المحـــــامي الناجـح


المقدمة:
يعد فن الاقناع من أقوى طرق التغيير، ومن أهم عوامل الثبات، وإن الإقناع يبدأ بالمصداقية والصدق يتكون من عاملي الثقة والمعرفة ومن أنفع طرق حل المشكلات، هو مزيج من مخاطبة العقل والقلب، وإيماناً بأن التغيير بالقوة يحدث طاعةً مؤقتة لأنها بلا اقتناع، لذلك فهو يعتبر فن التأثير على الآخرين.
ظهرت في الآونة الأخيرة اهتمام المختصين في بيان ودراسة فن الاقناع، ولاسيما في مجال التنمية البشرية، واصبح فن الاقناع ينال الحظ الاوفر في مجال التدريب والتطوير كباقي الفنون؛ مثل – فن القيادة – وفن المدافعة – وفن التفاوض – الخ, إن صفة الاقناع تعتبر المفتاح السحري الذي يفتح ابواب الحياة وصولاً الى النجاح، لذلك من لديه مهارة الإقناع باستطاعته أن يكسب ثقة الآخرين.
وإن يدخل عقولهم بكل سهولة ويبرم المزيد من الصفقات، ويكسب قلوب الأعداء، ويجعل الآخرين يقبلون وجهة نظره، ويستطيع بسهولة كسب ثقتهم فيه، وبالتالي تزداد نجاحاته في الحياة، ويزيد من النجاح في الحياة العملية والخاصة، ويحسن نوعية العلاقات في المجتمع، لذلك يلعب دوراً بارزاً ومهماً في مهنة المحاماة، وارتباطها بالمحامي الناجح في مهنته.




ما هو الاقناع ؟
للأقناع عدة تعريفات منها:
الاقناع: "هو الجهد المنظم المدروس الذي يستخدم وسائل مختلفة للتأثير على آراء الآخرين وأفكارهم بحيث يجعلهم يقبلون ويوافقون على وجهة النظر في موضوعٍ معين ، وذلك من خلال المعرفة النفسية والاجتماعية لذلك الجمهور المستهدف".
الإقناع: "هو مزيج من مخاطبة العقل والقلب".
الإقناع: "فرع من مهارات الاتصال والتمكن ومن فنون الحوار وآدابه".

كيف يكون الاقناع؟
يقول أرسطو: (لكي يكون الإقناع مؤثرا حقا يجب توافر ثلاثة عناصر: الثقة , المنطق ,العاطفة).
الثقة: بمعني أن تزرع الثقة فيما تقول في نفسية الطرف الاخر.
المنطق: اعرض وجهه نظرك بطريقة منطقية لا مراء فيها.
العاطفة: حرك المشاعر في الشخص الآخر.

اهمية الاقناع في عمل المحاماة؟
إن الإقناع يبدأ بالمصداقية يمكن أن يكون المحامي أو المتحدث بارع في الخطابات ويمتلك قدرات عقلية فائقة او براعة ذهنية عالية او ضليع في اللغة العربية وفي كافة صور المناقشة والحوار ولكن إن لم يكن صادقاً في القول فلا يمكن أن يقنع الآخرون.
إن مظهر المحامي الحسن بلباس يليق بطبيعة المهنة وكرامتها ونظراته التي تعكس شخصيته ونبرات صوته الواضحة البليغة والقوية ومصافحته دوماً للأشخاص بشكل ينم عن الود والتواضع والاحترام وقوة الشخصية واستماع المحامي وإصغائه الجيد للأخريين وتفهمه لقولهم وطلباتهم هو بلا شك الوسيلة الأساسية او الخطوة الأولى الناجحة لكي يكون المحامي من المقنعين المميزين في عملهم.
لذلك اذا اراد المحامي ان يكون ناجحا في حياته وقادرا على جذب انتباه وثقة الناس المحيطين به فلابد له ان يتحلى بصفة الاقناع كونها تلعب دور بارز في عمل المحامي من خلال – الثقة – المنطق –العاطفة-.
عندما يفقد المحامي الأمانة في الحديث فإنه بذلك يخلق انطباع لدى المستمع وبالخصوص الموكل بالشك في صدق حديثه فعندما نستمع إلى أي محامي فأننا نبدأ بسؤال أنفسنا هل نثق في هذا الشخص؟ وهل قادر على العمل المطلوب منه؟ وهل نصدق كلامه؟ وهل هو صادق في حديثه؟ وهل يملك الخبرة الكافية؟.
من الوسائل التي تجعل المحامي ينال ثقة الآخرين عندما ندرك أن المحامي لا يرغب في أن يحقق أهداف شخصية بحته او من خلال إقناع الآخرين بما يريده ويبين مدى قدرته على التعامل بصوره صحيحه وقانونيه بعيدا عن الغلط وبيان طريقة العمل ومدى قدرته على استيعاب الصعوبات والعمل جاهدا من اجل حل المشكلات فسينال بذلك ثقتهم ويكون صادقاً في حديثه.

لماذا يحتاج المحامي الى فن الاقناع؟
يعد فن الاقناع من أكثر الطرق تأثيراً على ذهن المستمع، وبذلك أن تعبير المحامي في حديثة عن الصورة السلبية أولاً، ثم الصورة الإيجابية للواقعة المراد إقناع الأخر بها فن جذب الشخص المستمع، ويجب أن يطبق قانون الصدق بمهارة كبيرة، فينبغي أن يعلن المحامي عن الجوانب السلبية والإيجابية.
وهذا من شأنه أن يؤثر على ذهن المتلقي، ويجعله يقر بصدق الحديث، مما يجعل من الشخص المتلقي مصغي لكلامه، وصدق كلامه وطريقه توضيحه الى ابسط الامور بصوره سلسله، مع الاخذ بالاعتبار عدم دراية الشخص المقابل بالمواد القانونية وهنا يحدث الإقناع.
ويجب على المحامي لإظهار ثقافته ومعرفته، بأن يستخدم بعض الألفاظ والتعبيرات الأكثر تداولاً في مجال تخصصه، ليسهل بذلك الاتصال بالأخريين ومن تلك العبارات: (العدل – الالتزام – احترام مهنة المحاماة – الصدق – الدليل – الحق – التشريع –النظام العام - .... ...... الخ)، ومن هذه العبارات أيضاً وعلى سبيل المثال:
* لكل حق دعوى واحدة تحميه.
* لا سلطه فوق سلطة القانون.
* البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
* للكتابة قوة مطلقة في الإثبات.
* لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي.
* أن الغش مبطل للمعاملات والتصرفات ولا يبنى عليه حكم.
* يجب أن تبنى الإدانة على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
* الدفاع حق مقدس للمتهم صانه الدستور فلا يجوز إهماله أو التفريط به.
* الزواج حق من حقوق الله سبحانه وتعالى .
* الطلاق ايجابياته وسلبياته .
* القانون وحمايته لجميع الحقوق
كل هذه الامور تلعب دوراً بارزاً في مهنة المحاماة، ومدى شد انتباه الشخص المستمع لكلام المحامي، وطريقة اقناعه بصورة واضحة وكافية لجميع الامور المختلف عليها او المتفق عليها، مما يخلق نوع من التمسك شخص المقابل (الموكل ) بشخص المحامي.

مستويات الاقناع لدى المحامي؟
توجد ثلاث مستويات للأقناع وهذه المستويات هي:
المستوى الأول: يجب أن يكون المحامي موضعا لثقة المستمع او الشخص الموكل من خلال عرض قضاياه ببراعة فائقة وأن يتحدث بأسلوب متميز وان لا يكون حديثه خارج عن الموضوع.
المستوى الثاني: يجب أن تكون أفكار المحامي التي يقدمها دقيقه وواضحة وصادقه وان تستند إلى كثير من القواعد القانونية والقرارات القضائية التي اكتسبها في قضايا متشابه .
المستوى الثالث: يجب على المحامي احترام الموكل وعدم افشاء اسرار موكله، وأن يتوخى صدق الجهة التي يمثلها من خلال كون الموكل صاحب حق، وأن كان محتملاً والدفاع عن الموكل بكل الوسائل القانونية المتاحة.


الصفات التي يجب توافرها في المحامي لاستخدام فن الإقناع؟
يتعين على الإقناع أن يتصف بالمصداقية ومن ثم يجب على المحامي أن:
• يجب ان يكون المحامي متحلياً بالصدق دائماً وابداً كي يتكمن من كسب ثقة عملائه.
• كما يتعين على المحامي أن يكون ضليعاً في كتاباته وصياغاته وبالخصوص عريضة الدعوى او الطلبات المقدمة الى القاضي.
• وكذلك يجب عليه أن يمتلك قدرة عالية في أسلوب الحوار بينه وبين عملائه ومناقشة الامور الغامضة التي من شأنها أن تفيد في إيجاد بعض الثغرات لحل الامور بها وبيان اهمية ذكر ابسط الامور كونها تساعد في فهم القضية وتكون واضحه لدى المحامي من جميع الجوانب.
• ويجب على المحامي أن يكون على قدر كبير من الأمانة وحافظ الى اسرار موكلينه وأن يكون مبعثا لارتياحهم والاستماع إليه.
• ويجب على المحامي أيضا أن تكون مقاصده متجه إلى أداء ما هو مطلوب منه دون أية مطالب اخرى والاتفاق على جميع الامور قبل اجراء الوكالة الى المحامي.
• كما يتعين عليه أن يبين الى موكله كافة الجوانب الايجابية منها والسلبية للقضية محل النظر حتى يكون واضحاً منذ البداية وقبل الخوض في الدعوى.



الوسائل المساعدة في عملية الإقناع:
هناك وسائل تساعد المحامي في إتمام مرحلة الإقناع بسهولة وودقه عالية ومنها ما يلي:
• يجب على المحامي أن يكون محل ثقة الشخص المقابل.
• يجب على المحامي إخطار الموكل عن خطته العملية.. أي خطة العمل الخاصة بالقضية التي سوف يعمل على حلها بصورة قانونية لصالح الموكل.
• يجب على المحامي أن يكون واضحا خلال حواره مع المتلقي وأن يكون على يقين بأن المتلقي قد يكون شخصا غير متعلم أو ذو عاطفة أو غير ذلك ويبين له ابسط الامور.
• يجب على المحامي أن يوفي المتلقي ما وعده به وهذا يدل على صدق المحامي مما يجعل الموكل يتكلم عنه بحسن الكلام والمدح بقدرة عمله المتميزة امام اشخاص اخرين.
• يجب على المحامي أن يسعى للوصول إلى هدفه ببذل افضل ما لديه مما يساعد على كسب ثقة الوكيل.
• يجب على المحامي أن يستشهد دوماً بالمواد القانونية وآراء محكمة النقض وذلك لتأييد أقواله ولكي ينال الثقة من الأخريين.
• يجب على المحامي أن يبين لعميله نقاط الضعف والقوة المصاحبة لموضوع قضيته وان لا يقدم له الضمان المطلق بكسب القضية حتى وان كان متأكد من كسبها.
• يجب على المحامي أن يكون على قدر كبير من المعرفة والفكر القانوني وبالخصوص بالقوانين الموجودة في بلده مما يساعده على الظهور بالمظهر اللائق أمام وكلائه.
• يجب على المحامي أيضاً أن يكون حسن المظهر وبالتالي يعكس ذلك على أدائه لعمله امام وكلائه.
• يجب على المحامي أن يكون متكلماً فصيح اللسان يعي ما يقوله يدرك اهمية المخرجات التي يقولها تماماً وأن ينتقي الفاظه والعبارات التي يدلي بها مع عملائه وأن يستخدم الالفاظ المناسبة حسب ثقافة الوكيل لتكون الصورة واضحه امامه بصوره مبسطة.
• يجب على المحامي أن يكون ذو شخصية قوية ويكون عمله بطرق قانونيه صحيحه والابتعاد عن الامور الغير لائقة بمهنته.
• يجب على المحامي أن لا يكون كثير الكلام بدون فائدة من باب قول رولنا الحبيب المصطفى عليه السلام ((خير الكلام ماقل ودل)) فقد يكون المحامي مختصراً في الحديث ولكنه فعال في المضمون.
• يجب على المحامي أن يحتوي الطرف الآخر وذلك بمحاولة تهدئته عند الحاجة و زرع الطمأنينة لديه من خلال استخدام فن الاقناع الذي يملكه.
• يجب على المحامي أن لا يظهر اي نوع من الانفعالات أمام الطرف الآخر مهما كلف الأمر وبالأخص عند حدوث خلاف بينه وبين الموكل وانا يلتجا الى الطرق القانونية التي منحها القانون له.
• يجب على المحامي أن يتأكد من صدق اقوال الطرف الآخر أثناء الحديث معه من خلال تزويده بالوثائق والمتمسكات المطلوبة..... الخ.
• يجب على المحامي أن لا يستخدم اسلوب الكذب والخداع وإن يظهر امام الشخص الاخر انه الشخص المنقذ.
• يجب على المحامي أن يوضح الى الموكل له في قضيه ما خطة العمل التي سوف ينتهجها خلال أدائه لعمله وأن يوافي الطرف الآخر بأي مستجدات قد تطرا على القضية ويكون على تواصل مستمر مع الموكل.

الخاتمة:
في نهاية الكلام تعرفنا على مدى أهمية مرحلة الإقناع والاطراف المتعلقة وبالخصوص المحامي، وبعد أن تم توضيح الصفات الواجب توافرها في المحامي، نرى أن أهمية هذه المرحلة في استخدام فن الاقناع تساعد كلا الطرفين في الوصول للمبتغى الحقيقي.
المحامي يحرص دائماً على تأدية عمله على الوجه المطلوب وبصورة صحيحة، واستخدام الطرق القانونية الواجب اتباعها لكسب المزيد من ثقة عملائه، وكذلك الطرف الاخر المراد إقناعه عند توصله إلى القناعة التامة، التي تجعله متيقن من عمل الشخص القانوني.
من اجل التوصل إلى نتائج من شأنها المساعدة في حل الموضوع، والعمل على راحة الموكل كونه قام بتوكيل شخص متمكن من الناحية القانونية، ويتمتع بالثقافة والدراية الكاملة لقضيته محل النظر، إن فن الإقناع تعتمد وبشكل كبير على فن الاتصال الفعال بين المحامي والموكل.

#أكرم_حياوي_طعمه_الشيخ_علي (هاشتاغ)       Akram_Hyyawi_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات