أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - عبد الكريم لمباركي - قلق الموت والوعي بها














المزيد.....

قلق الموت والوعي بها


عبد الكريم لمباركي

الحوار المتمدن-العدد: 6221 - 2019 / 5 / 5 - 19:18
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


إن الفلسفة في القرن الماضي تميزت بطابع التركيز حول فاعلية الذات الإنسانية,فقد قامت بقفزة كبيرة على صعيد الأنطولوجيا البشرية,فكانت النتيجة هي إعطاء الإنسان إرتقاء كبير على باقي الكائنات االحية,فهو لم يعد سيدا على الطبيعة لأنه مفكرا فحسب ,كما أتبث ذلك التصور الديكارتي,إذ أخص الإنسان وحده بمفهوم النفس ,لكونه الكائن الوحيد الذي يفكر ,وهذا التصور كان بمثابة هجمة قوية على الصرح الأرسطي ,وتصره لمفهوم النفس ,بل أضحى يحتل إلى حد كبير مكانة الإله الوثني الجوهري ,كما إشتهر في عهد الأساطير.
وضمن هذا السياق ,وبإعتبار الذات الإنسانية ذاتا أخلاقية كان لابد لها ,بل من البديهي أن تحتل مكان الواجهة في أولويات التفكير الفلسفي وبحثه.فأصبح الإنسان مشرعا في الأرض ,مقابل الإله الذي يحكم الكون ,هذا ما أذى بالكائن البشري إلى أن يغدو لغزا لا بد من صبر أغواره.
وفي خضم صراعات ومتاهات هذا العصر,وقفت الفلسفة كعادتها متأملة في الذات الإنسانية محاولة التغلغل في دواخلها لتعرف حدة معاناتها,ومدى تصديقها بعدم جدوى الحياة وعبتيثها ,وفي أعماق هذه الأنطولوجيا ,أصبح الموت جحيم يفور باليأس ,ويفعل مفعوله بالذات الإنسانية,مما جعل الحلم بالحياة مستحيلا ,وأضحى الإنسان مرهون بفكرة الإنتهاء والخلاص في كل لحظة.
وهنا نلاحظ أن الموت يقترن بالحرية وهذه الأخيرة مليئة بالخوف والقلق ,وهنا يحضرني قول الفيلسوف "مارتن هايدغر"[إن الموت هو الإمكان الوحيد ]والإمكان حسب "هيدغر "هو ضرب من الوجود يستطيع الإنسان أن يختاره وأن يسقط فيه ذاته ,وأغلب الظن أن المرء في حالة الإنتحار يختار الموت بوصفه إمكانا يمكن أن يتحقق.
وفعل الإنتحار حسب الفيلسوف "جون بول سارتر "ذاته ,أن من يقوم به ظنا منه أنه منتهى الحياة ,ذلك لكون فعل الإنتحار هو فعل صادر من الذات ,وكل ما هو فعل يتجسد معناه في المستقبل ,وهذا الأخير حسب سارتر هو الذي يضفي على الإنتحار دلالة.يقول "إن الإنتحار شيء منتفي المعنى لأنه يمنع المستقبل ,والمستقبل وحده هو الذي يضفي على الحياتي ومساري معناها".
إذن فالموت أصبح يشكل قلق وجودي بالنسبة للإنسان,وذلك يتجسد في كيفية إدراك الوجود البشري ,فإذا كانت طبيعة الوجود البشري هي أن يخرج من وجوده الراهن إلى وجود أخر إذ يكون كل وهلة غير مكتمل ,ويبحث في طريقه إلى وجود جديد ,وبالتالي إمكان جديد,ألا يستحيل في مثل هذه الحالة أن نرى الإنسان في شموليته,ألا يمكن القول بأن الموت هو يجعل من الوجود البشري منظورا إليه في شموليته لأنه يجعله محدودا؟
إن الموت هي التي تجعل من الموجود البشري منتهيا ,إذ يصير عدما ,اي انه لا يحضى بوجود جديد ,وهذا ما يجعل من الوجود البشري مستحيل الإدراك.
ومن هذا المنطلق حاولت الفلسفة الوجودية أن تجعلنا نعي بالموت كواقعة بإمكاننا ملاحظتها ,بكونها الإنقطاع العنيف مع الحياة,إلى الوعي الداخلي للموجود البشري بأن وجوده يقترب من الموت خطوة تلو الأخرى ,ومن اليقين أن يستشعر بالموت ,هذا الإحساس يتضح له بصورة حتمية في "وجدانية القلق".فالقلق حيال الموت ,هو القلق إزاء امكانيات الذات التي تجردت من كل علاقة ,واصبحت نجاتها مستحيلة ,وبهذا فإن القلق من الموت هو احساس وجداني وليس بضعف.



#عبد_الكريم_لمباركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الساعة الإضافية بين الغائية والنتيجة.
- عاشوراء, بين الطقوسي والخرافي والإحتفالي.


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - عبد الكريم لمباركي - قلق الموت والوعي بها