الطبقة العاملة بالمغرب بين مطرقة الباطرونا وسندان البيروقراطية النقابية

موحى آوحمو

الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 12:10
المحور: ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
    

قالوا إن النضال إما أن يكون مستندا على العقل أو لايكون .

وإما أن يكون خالصا للدنياأو لايكون .

وإما أن يكون قادرا على رفع العبيد وإسقاط الأسياد أو لايكون .

وإما قادرا على أن يساوي بين البشر والآلهة أو لايكون .

وإما أن يكون أمميا أو لايكون.

وبين أن يكون أو لايكون كانت السجون. " م.ه"

------------

من نقابة الحزب إلى حزب النقابة.

لا أعتقد أن المعضلة النقابية في المغرب هي إشكالية أخلاق و ممارسات أفراد امتهنوا العمل النقابي من أجل الاسترزاق – كل حسب إمكانيته "النضالية" ، بقدر ما هي صيرورة تاريخية معقدة تمتد جذورها إلى البدايات الأولى للعمل النقابي بالمغرب مرورا بمحاولات الربط بين النضال النقابي والعمل "الوطني" من أجل استقلال شكلي و تحرر لم يكتمل واشتراكية لم ترى النور وصولا إلى تأسيس النقابات الحزبية : الاتحاد العام للشغالين ،الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، الفدرالية الديمقراطية للشغل دون ذكر تلك الكيانات الأخرى المسماة قسرا نقابات وهي ليست أكثر من جوقات حتى الموسيقى بريئة منها، تظهر كل فاتح ماي لتغيب بعد ذلك غارقة في سباتها العميق في انتظار العام المقبل.

إن القيادات البيروقراطية النقابية بالمغرب قد استوعبت – المحجوب بن الصديق مبكرا، الأموي متأخرا – أن التربع على عرش النقابة أفضل وأجدى من التربع على عرش الحزب باستثناء أفيلال الذي أراد أن يكون نقابيا و "زعيما وطنيا وحزبيا" ففقد النقابة والحزب معا وحتى "عطف" "الوطن" ولم يستفد من دهاء الأموي الذي استشعر "المكر" فأمكر بهم وغنم النقابة وأسس حزبا للنقابة بعدما كانت العادة الجاري بها العمل هي تأسيس نقابة الحزب .

إن كل هؤلاء الشيوخ ومريدهم هم حفنة من البورجوازيين أمسكوا بزمام القيادة النقابية وأحكموا كل المنافذ المؤدية لزعزعة أبراجهم بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة : تمطيط مواعيد المؤتمرات أو الاستغناء عنها حتى ، تمييع هذه المؤتمرات في حالة عقدها و"تحصينها" بسياجات من من الإجراءات والتدابير والتكتكتيكات والانزالات والاستعانة بفرق التدخل السريعة- العادية منها والمخزنية- لتجنب كل مفاجئات لا يرغب فيها لا الزعيم ولا المخزن ولا كل من يقتات في المياه العكرة... إن الصراع النقابي الداخلي بين الديمقراطية والبيروقراطية هو شبيه إلى حدا ما بالصراع السياسي بين من يسعى إلى بناء الدولة الديمقراطية في كل أبعاد الكلمة و القوى المحافظة والرجعية المتمسكة بالنظام القائم لأنه يضمن ويحمي مصالحها. إنها إذن قضية صراع موضوعي منطقي يجب فهمه في الإطار. أما المناضل الديمقراطي فإحدى مهامه هو أولا هو فهم الأشياء واعتبار ما يجري الآن على الساحة النقابية بالمغرب ما هو إلا تحصيل حاصل ونتيجة موضوعية لتراكمات ومعطيات موضوعية وسيكون -ليس من الوهم فقط - بل من اللامعقول، مطالبة قطار أنجز ليمشي ب 160 كلم في الساعة أن يسير ب 560 كلم في الساعة: القوانين الفيزيائية ترفض ذلك .

إن التغيرات التي عرفها العالم بعد سقوط النموذج الستاليني في أوربا الشرقية وتراجع حركات التحرر أمام الهجوم الامبريالي المباشر من أجل فرض هيمنة الشركات متعددة الجنسيات ونمط اقتصاد السوق، جعل العديد من المنظمات النقابية ذات القيادات البورجوازية الانتهازية تتبنى الأطروحات والمفاهيم الرأسمالية الجديدة كاقتصاد السوق ،والمقاولة المواطنة ، والتنافسية، ومرونة الشغل ،والباطرونا المواطنة؟ وضرورة إسهام العمال في" تنمية" مقاولت"هم" عبر قبول مجموعة من الإجراءات والقوانين والتشريعات. هذا وإلا يتهمون بتدمير المقاولة "المواطنة" و"تخريب" الاقتصاد الوطني وتأخير انخراط الدولة في العولمة التي هي " قدر لا مفر منه" وبالتالي تحميل الطبقة العاملة تبعات إفلاس البورجوازيات الهجينة المحلية الريعية التي اغتنت أصلا من نهب خيرات البلاد والإفراط في استغلا ل العمال والتهرب الضريبي ، ولم يسبق لها أن عبرت عن أي رغبة في خدمة الوطن- والعمال جزء من الوطن- رغم إعفاءها من الديون المتراكمة عليها من جراء التهرب الضريبي، من طرف الحكومة" الاشتراكية " حكومة عبد الرحمان اليوسفي.

سقط قناع البيروقراطيات فلنفتح طريق الوحدة العمالية .

لقد آن الأوان أن يتحرك كل المناضلون الحقيقيون والمؤمنون بفكر الطبقة العاملة،، كل من موقع نضاله من أجل الكشف وبشدة عن وصول البيروقراطيات النقابية إلى الباب المسدود وانكشاف وجهها البشع وعجزها عن مسايرة المد النضالي للعمال بل وتحولها إلى أداة للقمع والتلجيم والمتاجرة بقوة عمل العمال بعد أن اشتد الصراع وكشرت الرأسمالية المتوحشة عن أنيابها وأصبحت كل الطرق تِؤدي إلى الربح السريع دون أدنى مراعاة للإنسان والحيوان والطبيعة، وأصبح كل شيء قابل للبيع في المزاد العلني ...

إن الطبقة العاملة اليوم في حاجة ماسة و أكثر من أي وقت مضى إلى تضحيات المناضلين إلى صمودهم إلى توحدهم عبر فتح نقاشات حقيقية حول سبل تجاوز الوضع النقابي المأزوم والتفكير في خلق جبهة نقابية يسارية مناضلة منفتحة على كل الحركات الاحتجاجية التقدمية والديمقراطية المتضررة من سياسات الدوائر الامبريالية التي يتبعها النظام ويطبل لها التحالف الطبقي المسيطر وتتقدمه البيروقراطيات النقابية .

مهام مناضلي الطبقة العاملة .

إن مواجهة الهجوم الذي تتعرض له الطبقة العاملة وبشكل لم يسبق له مثيل يقتضي النضال على واجهتين :

واجهة فضح المخططات التي تستهدف الإجهاز على ما تبقي من المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة. المتمثلة في مجموعة من القوانين والنصوص والتشريعات المملاة أساسا من طرف المؤسسات الامبريالية وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية وذلك عبر توضيح فحوى هذه الإجراءات والتشريعات وانعكاساتها على الطبقة العاملة وعموم المأجورين.

التنبيه إلى الدور الخطير الذي تقوم به البيروقراطيات النقابية لتمرير هذه "الاتفاقيات" وتقديمها للعمال على أساس أنها مكاسب ومنجزات، مدونة الشغل نموذجا.

واجهة الارتباط العضوي بالطبقة العاملة.

إن المناضلين الديمقراطيين مطالبون بتكثيف جهودهم من أجل الارتباط بالطبقة العاملة في كل مواقع الإنتاج من أجل تأطير نضالتهم العادلة والمشروعة وتثبيت الديمقراطية كممارسة في اتخاذ كل القرارات والعمل على الرفع من مستوى وعيهم الطبقي لفهم ميكانيزمات الصراع وأبعاد المعارك التي يخوضونها والمخططات التي تحاك ضدهم كما أن من مهام المناضلين الديمقراطيين هو زرع روح الوحدة بين العمال والدفع بهم إلى خوض النضالات المشتركة مهما اختلفت انتماءاتهم النقابية وذلك في أفق الوحدة النقابية التي لا محيد عنها.

إن البيروقراطيات النقابية تنتعش في ظل التشرذم والتفريخ النقابي لهذا تحاول تحصين مواقعها عبر إقحام العمال في صراعاتها الشخصية الانتهازية من أجل الامتيازات وضمان الاستمرار إلى جانب النخب المستفيدة من أموال الشعب وعرق العمال.

لم يعد بدا للمناضلين الجذريين من تجميع قواهم وإعادة النظر في تكتيكاتهم التي أبانت عن تقديرات خاطئة وفشل في دمقرطة الإطارات النقابية من الأعلى وحان الوقت للالتحام بالقواعد والنضال من أجل تسييد الفعل الديمقراطي داخل الأجهزة البيروقراطية وأكيد أن الطبقة العاملة ستلقن أعدائها من الداخل الدرس الديمقراطي العمالي وخاصة عندما تكون مدعومة بالمناضلين الجذريين المخلصين الأوفياء لفكر الطبقة العاملة ودلك في أفق بناء حزب المنتجين الأحرار.

فيأيها المناضلون الشرفاء اتحدوا ولتسقط البيروقراطيات المتعفنة. والخزي والعار لمن يعتقد أن فكر الطبقة العاملة قد ولى إلى غير رجعة.

موحى أوحمو

23 أبريل2006

#موحى_آوحمو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات