ما هذا السخاء يا نضال حمد؟!!!
لقد وقف مئات الالوف من الناس في اوربا واسيا وأمريكا وفي جميع أنحاء العالم ضد الحرب، وقالوا لا للحرب. ولكن رغم كل الجهود المخلصة التي بذلتها البشرية التقدمية للضغط على الادارة الأمريكية ومنعها من القيام بحرب مدمرة هوجاء، فقد وقعت الكارثة التي تزهق الآن أرواح الآلاف من العراقيين ، وتوافقا مع الذين قالوا لا للحرب تعالت صيحات أوسع الجماهير العراقية بكل أطيافها والناس الشرفاء في العالم ونادت لا للدكتاتورية، مطالبة بتنحي المجرم صدام حسين حفاظا على أرواح العراقيين، غير ان زمرة الحقد والجريمة في النظام الدموي أبت الا ان تشتعل نار الحرب.
ان النظام الفاشي في العراق وقف منذ مجيئه الى الحكم بمؤامرة أمريكية في 8 شباط الأسود 1963 بالضد من مكاسب ثورة 14تموز 1958، الا ان أيامه كانت معدودة ، حيث واجه نضالات وانتفاضات ، الأمر الذي ادى الى سقوطه. وبعد مؤامرة 17 تموز الانكليزية 1968 عاد المجرمون الى حكم العراق,ونظرا لوجود تيارات متصارعة داخل الاسطبل البعثي ،وبعد التصفيات الجسدية التي أزهقت أرواح عدد من الرؤوس في قيادة الزمرة ، بزغ اسم صدام كمجرم وسفاح لم يتورع قط عن ذبح وقتل أقرب الناس اليه، وخير دليل على ذلك قتله لأعضاء بارزين في حزبه الدموي بمن فيهم حتى أزواج بناته.
وفي هذا الوضع المأساوي الذي يشهده شعب العراق ، تظهر بين حين وحين جماعات مرتزقة تتباكى وتتعاطف مع النظام الصدامي المجرم، كما ويقف العديد من الفضائيات " العربية " مثل : قناة الجزيرة وقناة أبو ظبي وقناة المنار وغيرها الى جانب أوباش نظام الحكم .وفي هذا الوقت يكتب السيد نضال حمد أيضا مقالا يتضمن في بدايته تعاطفا مع الكورد، اذ أهدى كلماته في المقال " بغداد الرشيد اصلب من الحديد" الى أصدقائه العرب والكورد، ولكنه بعد كتابة عدد من الأسطر يقوم بتوزيع " المكرمات " من باب السخاء والجود!، مؤكدا على ان للأكراد حق طبيعي في العيش بسلام وأمان وحرية ومساواة وحكم ذاتي حقيقي في العراق !.
من الأفضل للسيد نضال حمد أن يعلم بأن الكتابة عن البطولات وخلط المواضيع المختلفة وفي هذه الأيام بالذات يعطي مفهوما يشم منه الوقوف الى جانب نظام القتلة بغية التطبيع والتعايش معه واعادة تأهيله.وأما عن البركات التي يقوم بتوزيعها فقد أمست قديمة، وان الكورد وقفوا ويقفون ضد كل ما يسئ لهم.أن نغمة الحكم الذاتي ، والحكم الذاتي الحقيقي كانت من الشعارات التي ناضل الكورد من أجلها في الستينيات والسبعينيات وقدموا التضحيات الجسام من أجلها، فحزب البعث الشوفيني بقيادة الطاغية صدام حسين انتهج سياسة تهدف الى القضاء على جميع ملامح الشعب الكوردي تاريخاً ووطناً وتراثاً.
ان للكورد مشاكل عديدة ومتنوعة ، فالمسألة الكوردية الرئيسية هي مسألة شعب محروم من حقوقه القومية، مسألة شعب سلبت أرضه، وأمة جزئت وحرمت من حقوقها المدنية والسياسية. ان النزاعات المستمرة على كوردستان بين سلاطين الترك العثمانيين وشاهات الفرس مزقت الوحدة الجغرافية والتاريخية لبلاد كوردستان بشكل كبير، ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن حاولت وتحاول الرجعيات العربية والتركية والفارسية جهد الامكان تشويه الثقافة واللغة الكورديتين ومنعهما وتحريمهما.
ان السيد نضال حمد يقر بالحكم الذاتي الحقيقي للكورد ، وبهذه الطريقة يرد ولو جزئيا وباختصار على عدد من العرب الأذلاء الذين زعموا بأن الكورد هم من العرب، وللتذكير نشير الى المجرم عبدالسلام عارف عندما زعم بأن الأكراد هم عرب من سلالة كرد بن مرد بن عامر!. وهذا انكار صريح لوجود الشعب الكوردي كقومية مستقلة لها تاريخها ولغتها وحضارتها وأرضها وثقافتها والأهم من كل ذلك شعورها بكونها أمة واحدة.ومن أجل اثبات الذات والهوية القومية خاض الكورد نضالا شاقا وقدموا الآلاف من خيرة أبنائهم ضحايا للوصول الى أهدافهم النبيلة.ولا ينسى الكورد أبدا المجرمين الجلادين الذين وقفوا ضدهم واستباحوا دماءهم من أمثال: رشيد مصلح، سعيد حمو، غالب مصباح، طه الشكرجي، صديق مصطفى، بدرالدين علي،ابراهيم فيصل الأنصاري، نزار الخزرجي، علي حسن المجيد وآخرين.
اني أود الفت نظرالسيد نضال حمد الىأن الحكم الذاتي لم يكن الا مرضاً خبيثاً سبق وأن ابتليت به الحركة التحررية الكوردية، فمناداة الكورد بالحكم الذاتي لكل جزء من أجزاء كوردستان ضمن الحدود السياسية للدول التي ألحقت بها أجزاء من كوردستان يعني تثبيت تلك الحدود التي رسمتها الدول الامبريالية في معاهدة سايكس بيكو وفصلت بها أقاليم كوردستان بعضها عن بعض.
لقد حرمنا شعار الحكم الذاتي من الدعم الدولي لقضية شعبنا العادلة، لأننا أفهمنا المجتمع الدولي بأن قضيتنا داخلية ولا يحق لأحد التدخل في حل خلافاتنا مع الدول التي تتحكم بأجزاء كوردستان الملحقة بها.ان بعض التنظيمات الكوردية تطرح شعار الحكم الذاتي لتخرج القضية الكوردية من اطارها الدولي وتجعلها مسألة داخلية ولعبة بيد الحكام الدكتاتوريين الذين لا يريدون للأمة الكوردية الحق في الحياة,
ومع بداية التسعينات والى اليوم تطورت القضية الكوردية تطوراً نوعياً، وتمكن الكورد من الارتقاء بوعيهم فأخذوا يطالبون بحق تقرير المصير. لأن تجزئة كوردستان هي نتيجة لسيطرة الامبريالية والرجعية على الشرق الأوسط، وقد قام التعصب القومي العربي باكمال الباقي. ولأن تحقيق الحكم الذاتي لقومية ما في دولة مزدوجة أو متعددة القوميات هو أمر صعب بل وعسير بشكل عام حتى في الدول التي تلتزم بمبادئ الديموقراطية بهذا القدر أو ذاك، لأن الديموقراطية المطلقة انما هي هدف مثالي قد يمكن التقرب منه دون الوصول اليه أبدا، وذلك لأن الحكم الذاتي المطالب به ولو كان( حقيقيا) لن يكون الا حكما معزولا في منطقته أو مقاطعته، ولا سلطة قانونية له في الحكومة المركزية.
يقول السيد نضال حمد: لهم( يقصد الأكراد) الحق في أن يرسموا مواقفهم بشكل دقيق يخدم مصلحتهم الوطنية العليا، لكن المنطق يقول ايضا بأن الموقف العقلاني والمنطقي السليم يتطلب من الأكراد تضامنا فعالا وحقيقيا مع العرب العراقيين الخ.... أعتقد ان الكورد لا يحتاجون الى مثل هذه النصائح ، فهم خبروا النظام الأرعن في بغداد وغيره من الأنظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على دست الحكم، وهم قبل كل شئ تحملوا ويتحملون كسائر العراقيين العذاب والحرمان من الحكام الدكتاتوريين. وهنا ينبغي التفريق بين الشعب العراقي والنظام العراقي. وأخيرا يمكن القول بأن الكورد ضد الحرب الظالمة ، كما انهم ضد الدكتاتورية المجرمة.