تتكاثر هذه الأيام روايات مختلفة، تتحدث عن سيناريوهات للاطاحة بالدكتاتور صدام حسين وزمرته المجرمة فقد بات معروفا لدى الجميع بأن نظام صدام المهزوز الذي احرق العراق ، والحق الأذى بالعراقيين عامة ، وبالكورد خاصة قد اقترب من الهاوية، وان المناضلين والمخلصين من ابناء الشعب العراقي يشعرون بالفرحة والفخر حين يرون نظاما مستبدا كالنظام الفاسد في بغداد يتهاوى ويسقط.
وفي خضم التحشيدات العسكرية الجارية من قبل أمريكا وبريطانيا ودول اخرى متحالفة معهما ، وتواتر الأحداث التي من الصعب التكهن بتداعياتها، ترتفع أصوات نشاز لزمر وجماعات حاقدة على الكورد ، وهي تنعق كالغربان هادفة الى تحسين صورة المجرم القبيحة وتلميعها، ظنا منها بأن كل ما يلمع ذهب !. ولعل الواعون يميزون القواسم المشتركة التي تجمع بين من هم داخل السرب وخارجه. ومما لا شك فيه ان كل فرد يختار الطريقه التي تعجبه وتتجاوب مع قناعاته في تناول الامور: فالحاقدون منهم يلتجئون الى كيل المديح للدكتاتور وزبانيته وترديد جملة من الاكاذيب الرخيصة والذرائع الواهية بغية الوصول الى ضالتهم وأهدافهم التي تقطر بالعداء والشر،والذين يقفون ضد هؤلاء سيكون موقعهم بلا شك في الخندق المعادي لهم.
فقد زعم صوت من الاصوات النشاز هذه مدعيا : ان النظام الدكتاتوري اعطى مهلة لسكان مدينة حلبجة لمغادرتها قبل ضربها !، وكرر هذا الدعي مزاعمه ومغالطاته بالقول بأن الزعيم الكوردي القائد البارزاني مصطفى قد ترك مدينة مهاباد عندما علم بمجيء قوات الشاه ، مثلما ادعى بأنه اشترى جواز سفر من ضابط عراقي!.وبعد سيل من الاكاذيب الرخيصة انتهى مسيلمة الكذاب هذا الى الكشف عن الحقد الدفين في صدره ليهاجم المنطقة الكوردية واصفا اياها بـ(المحميتين المسخ).
ان النظام المجرم معروف لدى الجميع بهمجيته وقسوته ضد الشعب العراقي، ففي السنوات السابقة اشعل فتيل حربين مدمرتين ضد ايران ودولة الكويت ، وقام بتجفيف أهوار العراق ، وأحرق الأخضرواليابس ، وضرب الكورد وسكان الاهوار بالسلاح الكيمياوي ، وأحرق وازال من الوجود أكثر من 4000 قرية وقصبة عامرة في كوردستان، ونتيجة للمقاومة الشعبية الباسلة من قبل العراقيين الشرفاء، قام باعتقال المناضلين والأبرياء من ذويهم بحيث امتلأت بهم السجون في كل أنحاء العراق: وهنا اتحدى هذا الدعي وادعوه الى الاجابة بضميرحي – ان كانت قد بقيت لديه ذرة منه : هل ان نظاما كنظام القتلة والمجرمين هذه صفاته ، برئ الى درجة امهال المواطنين لان يتركوا المكان الذي سيضربه بالسلاح الكيمياوي ؟!.
أماعن كذبة غراب البين هذا في محاولته اليائسة للاساءة الى القائد الكوردي البارزاني مصطفى ، فهي لعبة شوفينية مكشوفة وممقوتة ، فالمعروف ان مصطفى البارزاني كان القائد العام للجيش في جمهورية كوردستان في مهاباد، ولم يكن وزيرا للدفاع كما يزعم، تشويها للحقائق ، وان وزير الدفاع كان المناضل سيف قاضي الذي اعدم مع مؤسس الجمهورية البطل القومي قاضي محمد في 31-3-1947 من قبل جلاوزة الشاه، بعد ان تكالبت القوى الاستعمارية الامريكية والبريطانية وقوات الشاه ، وبتأييد ومباركة الجاسوس ورئيس حكومة اذربايجان (الامل المرجى للكاتب المدعي) المجرم باقروف. وان البارزانيين الذين كانوا عونا هاما للحكومة الكوردية لم يلقوا السلاح ، بل اشتبكوا بقتال عنيف غير متكافئ مع القوات الايرانية يقودهم القائد الاسطوري الخالد البارزاني مصطفى الذي استطاع ورفاقه البواسل من سحب الأطفال والنساء والشيوخ والدخول الى العراق ، ومن ثم وبعد معارك طاحنة مع قوات النظام الملكي استطاع الانسحاب ثانية الى ايران عبر معارك كثيرة، واضطر الى قطع مسافة اكثر من 300 كيلو مترلعبور نهر اراس والوصول الى الاتحاد السوفيتي عبر قتال مظفر مع قوات دولتين هما تركيا وايران.
اما عن كذبته الاخرى التي يزعم فيها بأن مصطفى البارزاني اشترى جواز سفر من ضابط عراقي ليلتجئ به الى ايران ، فان حظها من المصداقية ليس اوفر من الكذبة الانفة الذكر، فمن يصدق ان قائدا بمواصفات البارزاني يحتاج الى استخدام جواز سفر وهو يقود العديد من المسلحين المحنكين ليعبر الحدود.
لقد سعى الكورد دائما الى ايجاد الحل السلمي لقضيتهم العادلة ، منطلقين بذلك من المصالح المشتركة للعرب والاكراد، ومن مبادئ وحدة الجمهورية العراقية. ولكن هذه القضية( قضية الكورد) لم يتم حلها في ظروف الصراع الدائم على السلطة. ان ضمان الحقوق المشروعة للشعب الكوردي كان سيعتبر خطوة على طريق الديموقراطية لكل العراق. وكان سيؤدي الى تقوية مواقع القوى الثورية في البلاد، والى الاطاحة بالديكتاتورية العسكرية. ولكن كل ذلك بالطبع كان يتناقض كليا مع سياسة الحكومات المتعاقبة على حكم العراق. ان البارزاني مصطفى لم يلجأ الى ايران الا بعد ابرام اتفاقية الجزائر المشينة التي تنازل فيها نظام صدام الدموي عن نصف مياه شط العرب لصالح النظام الشاهنشاهي . واذا كان المدعي هذا يجهل التاريخ ، فبامكانه الاستناد الى الوثائق العراقية ، وما اسهل عليه القيام بذلك لان كل طروحاته تشيرالى كونه من مريدي رئيسه الدكتاتورالمتعجرف وقريبا من المخابرات ومن جمعيات المغتربين التي يجري توجيهها مباشرة من قبل نظام الجريمة في بغداد. فمن خلال تلك الوثائق سيكون بامكانه الاطلاع على مواقف الجهلة من" القوميين العرب والبعثيين"الذين حكموا العراق بالحديد والنار من أمثال :عبدالسلام عارف،عارف عبدالرزاق، عبدالعزيز العقيلي، صبحي عبدالحميد، طاهر يحيى، شاكرمحمود شكري وغيرهم من المجرمين.
ان من يريد أن يتقمص دورالناصح ينبغي عليه ان يكون على درجة من الذكاء تؤهله لان يجني اتعابه لقاء تلميعه وجه وأحذية الدكتاتور الارعن.وقد قالت العرب قديما : اذا كنت كذوبا فكن ذكورا !.
واخيرا وليس اخرا ينبغي على هذا المدعي وكل من لف لفه من أصحاب الاصوات الناعقة، أن يفكروا في وسيلة لشفاء عقولهم وتطهيرها مما فيها من الامراض ، لكي يكون في مقدورهم الاجادة في معرفة الأشياء وحقائق الامور.