|
هل من علاقة بين ضحايا العبارة وطبيعة النظام السياسي العراقي؟
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 6182 - 2019 / 3 / 24 - 13:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الساكت عن الحق إبليس أخرس!
سؤال يمكن أن يقال عنه أنه يستخف بعقول الناس في العراق، عقول النساء والرجال بل وحتى الصبية من بنات وأبناء العراق. إذ لا يمكن أن يحصل مثل ما حصل في مدينة الموصل الحدباء في بلد تكون فيه طبيعة النظام السياسي إنسانية وخاضعة لإرادة ومصالح وحقوق المجتمع. ولكن يمكن لمثل هذا الحادث أن يحصل في كل بلد من بلدان العالم حين تسود في هذا البلد: ** دولة هشة مائعة كالدولة العراقية التي لم تعد مالكة لسيادتها واستقلالها السياسي والاقتصادي؛ ** وفيها نظام سياسي طائفي مقيت لا علاقة له بالشعب وإرادته وحياته ومصالحه، بل جل هم حكامه تقديم الوعود الكاذبة وإفقار المجتمع واستمرار جعله ريعياً خاضعاً لصادرات وإيرادات النفط الخام؛ ** نظام سياسي فاسد من أعلى قمته إلى أدناه، ويخشى حكامه تقديم أكبر وأكثر المسؤولين فساداً مالياً وإدارياً واجتماعياً، إلى المحاسبة القانونية، لأنهم، وكما يبدو، متورطون بذات العلة، على الفساد كنظام سائد ومعمول به في الدولة والمجتمع؛ ** ونظام سياسي إرادته ليست بيده بل هناك من يصدر الأوامر له، مرة من الولايات المتحدة، ومرات ومرات وعلى الدوام من إيران وأحياناً من دول جارة أخرى. فهل في مثل هذه الحالة يمكن أن يطرح سؤال كما جاء في العنوان؟ كلا بطبيعة الحال، ولكن أردت به أن أقول: انتظروا أكثر فأكثر إن استمرت هذه العملية السياسية البائسة التي ربما يتصور البعض إنها ستقود إلى خير العراق، في حين إنها تغوص يوماً بعد آخر في مستنقع الطائفية والفساد والفوضى والوعود الوهمية وفي كل شيء. الحزن والأسى والألم يحز فينا نحن بنات وأبناء هذا البلد وفي الخارج لما أصاب أهل الموصل ومن كان في زيارتها وركب العبارة لتغرق في نهر دجلة ويموت أكثر من مئة إنسان ويصاب بأذى بالغ ما يقرب من خمسين شخصاً، بين الضحايا أطفال ورُضّع ونساء ورجال لا يعرفون السباحة. إنها كارثة جديدة تضاف إلى كوارث أهل الموصل وعموم نينوى التي ألحقها بهم النظام السياسي الطائفي حين سلمت الحكومة الأسبق، الطائفية والفاسدة بامتياز، الموصل وكل محافظة نينوى إلى الداعشيين الأوباش لتنتقم من أهل الموصل ومن الكرد ومن أتباع ديانات أخرى ومن الشعب العراقي كله. وحين لا يحاسب الفاسدون والمسؤولون عن الجرائم التي ارُتكِبت في الموصل وعموم نينوى، فكيف لا ينتظر الإنسان وقوع مثل هذه الكوارث المريعة في الموصل وربما في مناطق أخرى من العراق. لقد هبَّ أهل الموصل بوجه رئيس الدولة وبوجه محافظ الموصل، أي بوجه الدولة والسلطات الثلاث، بوجه كل المسؤولين، يعلنون رفضهم لهم لأنهم لم يفعلوا شيئاً للموصل وعموم نينوى لا قبل العدوان الداعشي المجرم عليها ولا بعد ذاك، إنهم محبطون جداً، لأن النظام السياسي ومجلس النواب والقضاء العراقي لم يفعلوا ما كان ينبغي عليهم أن يفعلوه في الموصل وعموم نينوى منذ أن بدأ الفساد يعم الموصل في فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق ومحافظ الموصل الأسبق وكل المسؤولين قبل وبعد ذاك، وبالتالي سمحوا للفساد أن يلعب دورهم في وقوع مثل هذه الجريمة البشعة حيث تنقلب العبارة على ركابها فتقتل ثلثين منهم وتصيب الباقي بجروح واختناقات ..الخ، إنهم مسؤولون عما جرى ويجري في الموصل وعموم نينوى بل وفي كل العراق. كم أتمنى أن يعي الشعب العراقي كله، وليس جزءاً منه، بكل قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه الدينية والفلسفية والفكرية، كما برز الوعي الجديد لدى أهل الموصل في مواجهة المسؤولين ورفضهم لهم، فهم لا يستحقون غير الذي قوبلوا به من قبل المتظاهرين الغاضبين للخسارة الجديدة في أرواح بنات وأنباء الموصل وعموم نينوى وزوراها في عيد نوروز السعيد الذي تحول إلى مأساة ويوم حزين مريع وغير سعيد. كان المفروض أن يزورا الموصل ونينوى قبل وقوع هذه الحادث وليس بعده ليروا ما فعلت أيديهم في الموصل ونينوى منذ سنوات كثيرة. العزاء والمواساة لأهلنا وأحبتنا ممن فقدوا بناتهم وأبناءهم، من الصغار والكبار، في هذه الحادثة المروعة، والعزاء لكل الشعب العراقي ولنا جميعاً، والذكر الطيب للضحايا الأبرياء، والخزي والعار لمن تسبب في حصول هذه الكارثة من جميع مستويات السلطات في الدولة العراقية. والسؤال كيف ستتعامل الحكومة العراقية ومجلس النواب والقضاء العراقي مع أهل الضحايا من جهة، ومع من تسبب بهذه الجريمة البشعة من جهة أخرى. دعونا لا نتعجل النتيجة، رغم معرفتنا العامة بالموقف، دعونا ننتظر، كما انتظرنا تشكيل مئات اللجان الحكومية للكشف عن القتلة والمجرمين دون طائل، وسجلت على متهم مجهول وأغلق الملف! فهل سيحصل في هذه الجريمة كما في جرائم أخرى وقعت وتقع يومياً في العراق؟ الأيام بيننا!!!
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل أخفق تكتل سائرون باختيار عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء؟
-
فنزويلا شوكة ناخزة في عين ترامب وعيون اللبراليين الجدد
-
دكتاتور تركيا يعيد ممارسة سياسات السلطنة العثمانية البائدة
-
عرش الدكتاتور السوداني في مهب الريح!
-
أسئلة مباشرة إلى رئيس وزراء العراق
-
السيسي ينصَّب نفسه دكتاتورا مطلقاً على شعب مصر
-
الميليشيات الطائفية المسلحة في الحشد الشعبي، المخاطر المحتمل
...
-
من أجل تضامن شعوب العالم مع انتفاضة شعب السودان
-
هل يمكن لسلطات دولة فاسدة محاربة الفاسدين والمفسدين؟
-
العوامل الكامنة وراء نجاح انقلاب شباط/فبراير 1963 في العراق
...
-
من هم قتلة الروائي والكاتب علاء المشذوب؟
-
ألا يحق للشعب توجيه الاتهام لبوش الأب والابن بارتكاب جرائم ف
...
-
تجربتي الشخصية مع داء سرطان الرئة
-
السودان ونظام البشير الاستبدادي إلى أين، وأين هي قوى المعارض
...
-
البصرة: الشرارة التي ستنطلق منها الانتفاضة ضد الطائفية والفس
...
-
ستبقى آمال الشعب الكردي قائمة رغم معاناته الراهنة
-
اليمن الحزين يبكي على قتلاه ويدين مساهمة تجار الحروب والسلاح
...
-
نادية مراد القدوة المشرفة والنموذج النبيل
-
حصاد الحكم الطائفي الفاسد في العراق
-
نقاشات حول سجون العراق
المزيد.....
-
عبدالمجيد تبون يفوز بولاية ثانية في رئاسة الجزائر
-
-عمل فردي-.. الداخلية الأردنية تعلن نتائج تحقيقاتها بحادث إط
...
-
مجلس الدوما: الولايات المتحدة حاولت التدخل في الانتخابات الإ
...
-
الجيش الإسرائيلي يفتح تحقيقا في تسريب وثائق سرية لـ-حماس- إل
...
-
بعد فوز تبون بولاية ثانية: كيف يرى الجزائريون مجريات العملية
...
-
مأساة في كينيا: ارتفاع عدد ضحايا حريق المدرسة إلى 21 طفلًا و
...
-
هل -بي بي سي- متحيزة ضد إسرائيل؟ تقرير يتهمها بعدم الموضوعية
...
-
إدارة بايدن تتطلع إلى اتفاق في غزة وسط تصاعد أعداد القتلى
-
إصابة عدد من المواطنين جراء غارة إسرائيلية استهدفت أطراف بلد
...
-
-حتما هناك شيء بعد الموت-. شهادة طبيب شرعي عن تجربة عجيبة قل
...
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|