أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - غادة عبد المنعم - أمريكا ووصفة الديمقراطية فى الشرق الأوسط















المزيد.....

أمريكا ووصفة الديمقراطية فى الشرق الأوسط


غادة عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 1531 - 2006 / 4 / 25 - 11:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



ليس من المستغرب أن تخرج علينا كونداليزا رايس وهى تقر بكم الأخطاء الفادحة التى ارتكبتها الولايات المتحدة فى العراق، وأن يتم التخلص من بعض رجال الإدارة الأمريكية إنقاذا لصورة بوش الذى انخفضت شعبيته بشدة فى الفترة الأخيرة. والحقيقة أن هذا النقد الذاتى لم تقدم عليه الإدارة الأمريكية بمحض إرادتها، بل اضطرت إليه بعد الكثير من الضغط الشعبى والنقد الشديد من جانب المفكرين ورجال السياسة.. ولعل الكاتب والفيلسوف السياسى "فوكوياما" كان الأكثر نقدا والأكثر هجوما على سياسة بوش وادارته، على الرغم من أنه ينتمى إلى نفس الاتجاه الفكرى الذى ينتمى إليه بوش وهو اتجاه "المحافظين الجدد".
وفرانسيس فوكوياما ليس فقط واحدا من أهم المفكرين والمنظّرين السياسيين فى العصر الحديث ولكنه أيضا أكثرهم شهرة وانتشاراً. وهو معروف ببصيرته الثاقبة وقدرته على قراءة الواقع واستشراف المستقبل من خلاله. وقد أحدث من قبل ضجة عارمة بكتابه الشهير "نهاية التاريخ" والذي صدم به القراء والمثقفين على حد سواء، هذا الكتاب الذى صنع شهرة فوكوياما وأبرز قدراته الخاصة فى قراءة اللحظة واستخلاص طابع العصر بعد سقوط حائط برلين.
وفى كتابه الأخير "فترة ما بعد المحافظين الجدد" يوجه فوكوياما سهامه النقدية صوب الإدارة الأمريكية، وبلهجة تحمل الكثير من المرارة يشن هجوماً شرساً على سياسة بوش الخارجية. والمدهش فى هذه المسألة أن فوكوياما نفسه كان واحدا من أهم المنتمين للمحافظين الجدد لكنه الآن ينتقد الصورة التي تم بها تطبيق أفكار المحافظين الجدد على يد بوش وادارته ويخرج بحقيقة أن سياسة بوش أدت فى النهاية إلى كارثة. ومع ذلك ـ وعلى حد قول فوكوياما ـ فقد خلق فشل الغزو الأمريكى على العراق جواً من البحث الروحى فى واشنطن وهذا ما سوف يؤدى فى السنوات القادمة إلى هز المعتقدت وقلب الموازين ، وخاصة ما يتعلق منها بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة ، كما سيترك هذا الفشل أثرا قد لا يقل عن الأثر الضخم الذى تركته حرب فيتنام.
يحلل فوكوياما المبررات التى ذكرتها إدارة بوش فى سياق الدفاع عن غزوها للعراق، فيذكر المبررات الثلاثة التى كان أولها الدفع بأن نهاية نظام صدام ستؤدى لانهيار الأنظمة القديمة والمتآكلة فى منطقةالشرق الأوسط وبذلك يتكرر ما حدث فى أوروبا الشرقية حيث أدى انهيار الاتحاد السوفييتى إلى تغيير النظام الحاكم فى المنطقة كلها. أما ثانى هذه المبررات فكان أن الأسلحة الحديثة المستخدمة فى الغزو سوف تؤدى إلى التقليل من الخسائر التى تتكبدها الأمم المتحدة للحد الأدنى ـ وهو ما ثبت عدم صحته. ثالثا: ادعاء الإدارة بوجود صلة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة وهو أمر لم يكن يحتاج جهداُ كبيراً لنفيه وتأكيد عدم صحته. ويظهر فوكوياما كيف انهارت هذه المبررات الثلاثة أمام الشعب الأمريكى الذى دفع فاتورة الحرب ، حيث اتضح أن العلاقة بين صدام وتنظيم القاعدة وما أثير عن أسلحة الدمار الشامل كلاهما مجرد سراب ، كما لم ينتج عن دخول الولايات المتحدة إلى العراق سوى أن أصبحت العراق على شفا حرب أهلية،أضف إلى هذا المئات من القتلى فى الجانب الأمريكى (حوالي 2300 قتيل حسب الإحصاءات الرسمية).
أمريكا السيئة والديمقراطية
أما الجانب الأكثر أهمية والذى يركز عليه فوكوياما فى كتابه ويرى أن له أبلغ الأثر فى مستقبل أمريكا والادارة الامريكية فهو فشل هذه الإدارة فى توقع كيف سينقلب العالم على الولايات المتحدة فيما بعد غزوالعراق ، مؤكدا على حقيقة أن المحافظين الجدد لا يهتمون كثيرا بالصورة التى يرى بها باقي العالم كيفية تصرف أمريكا في مختلف المواقف وكيف تفرض إرادتها بالقوة العسكرية وما تعكسه هذه الإدارة أخلاقيا فى سياستها الخارجية. وهو إذ يذكر ذلك يشير إلى غباء هذه الإدارة لأنها لا تضع سوى القليل من الأهمية لصورتها فى الخارج.
وهو يؤكد أنه على الرغم من أن نمو التوجه المعادى لأمريكا يعود لما بعد نهاية الحرب الباردة وإلى الزيادة الحاصلة في عددالدول الساعية للإلتفاف حول أمريكا (القطب الأوحد)، كما أن تضخيم عظمة أمريكا كمركز وحيد متحكم فى العالم قد أدى لظهور لا مبالاة ملحوظة لدى الإدرة الأمريكية إزاء توجهات واهتمامات باقى العالم، هذا النوع من الغرور والعجرفة قد انتهز فرصة 11 سبتمبر ليظهر واضحا للعيان مما أدى لتبنى وجهات نظر سياسية خارجية أحادية الجانب وعدم الاهتمام بآراء البلدان الأخرى (حتى البلدان الحليفة) كما أدى إلى شن حروب بمبررات ضعيفة ومفبركة أحياناً كمبرر الأمن القومى. وفوكوياما يؤمن أنه لن يكون من السهل على الولايات المتحدة أن تستعيد الأرض التى فقدتها فى أوروبا كما أنها وهذا هو الأهم فقدت وإلى الأبد صورتها الحسنة والمرتبطة بالديمقراطية فى الشرق الأوسط حيث صار الشرق الأوسط يملك تاريخا مؤلما مع الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك أن صورتها السيئة أصلا فى أمريكا اللاتينية قد تحولت للأسوأ حيث تتابع أمريكا اللاتينية بفضول ما تفعله الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط ، فإدارة بوش لا تلتفت لكل هذه الأنظار الموجهة إليها وتحت اسم الديمقراطية تسىء لصورتها وللديمقراطية نفسها متجاهلة فى ادعاءاتهاأنه لا يمكن نشر الديمقراطية بالقوة الخارجية فالديمقراطية لا يمكن أن تتحقق فى أى بلد حتى يتم توفر عدد من الظروف الداخلية تمكنها من الحدوث والاستقرار، والمجتمعات لا يمكن تحويلها من الديكتاتورية للديمقراطية فى ظرف أيام.
ويوضح فوكوياما أن ادارة بوش كانت تميل للتصديق على أنها ستلاقى ترحيبا فى العراق وأنها ستتمكن من تحويل العراق من بلد يحكمه ديكتاتور لبلد ديمقراطى بين عشية وضحاها، إنها تلك الطريقة الخاطئة فى التفكير والتى كانت تصور أن الأمريكان والبريطانيين سيكون مرحبا بهم فى العراق، هذا التصور كان يستلهم نموذج أورباالشرقية - فيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتى - ويتخيل أنه نموذج عالمى قابل للتطبيق على مستوى العالم كله. وكما يقول فوكوياما فإن هذا النوع من التفكير هو خطأ فادح ناتج عن رغبة الولايات المتحدة والغرب فى فرض نظامه على الثقافات التى تختلف تماما عنه ، هذه الثقافات التى تحتاج لوصفات محلية من الديمقراطية، وصفات محمية من الداخل ، وصفات ستكون طبقا لرأى فوكوياما بعيدة جدا عن النوعية الغربية من الديمقراطية.
سياسة خارجية ..جديدة
يختتم فوكوياما كتابه بمناقشة حاجة أمريكا إلى اتباع نوعية مختلفة من السياسة الخارجية التي تعتمد على قاعدة تعددية بدلا من الأحادية، وتظهر هذه التعددية على نطاق واسع ومن خلال السياسات الاقتصادية والسياسية سياسة لا تعتمد على فرض إرادة الجيش بل على استخدام القوة الهادئة أكثر من إستخدام القوة الغاشمة، سياسة تعي جيداً أن الدول والأمم المختلفة لديها جذور ثقافية مختلفة وبالتالى فإن الديمقراطية لا يمكن فرضها من الخارج. وهو يقترح أن تعتمد الولايات المتحدة على دعم عدد من المنظمات متعددة الجوانب والتى يمكن لها أن تخلف بالتدريج الأمم المتحدة.
وفوكوياما يؤكدأنه بهذه الفكرة لا ينضم إلى حملة التشويه الأمريكية للأمم المتحدة. فعلى الرغم من أن الأمم المتحدة قد تكون غير فعالة وبلا أسنان (ومن المحتمل أنها ستكون كذلك دائماً) فلديها ميزة كبيرة تتمثل في أنها تفتح الباب لكل الأمم للتعبير عن نفسها ، دون اعتبارات جغرافية أو عرقية أو ثقافية، كما أنها أقل الكيانات الدولية قابلية للانقياد والخضوع لضغوط الولايات المتحدة ، وهذا بالتحديد ما يدفع الأمريكيين إلى كراهيتها.
ويؤكد فوكوياما أنه رغم وضوح نتائج فشل سياسة المحافظين الجدد في العراق، لا يزال 150 ألف جندي أمريكي موجودين هناك بعد مرور ثلاث سنوات على الغزو وليس في الأفق أي بشائر تشير إلى وقت خروجهم من العراق، على الرغم من أن البنتاجون كان قد أعلن أصلاً أنه لن يحتاج إلى أكثر من 60 ألف جندي في خلال الأشهر الستة التالية لانتهاء الاشتباك المباشر.
ويشير فوكوياما بسخريةإلى الاقتراح الذي تضمنه خطاب بوش في 2002 والذي يفيد بأن غزو العراق سيعقبه غزو إيران ثم كوريا الشمالية – هذا الاقتراح الذى تم ركنه على الرف في هدوء وصمت.
يختتم فوكوياما عتابه ذاكراً أن الولايات المتحدة قد انغمست في ممارسات استعمارية ذات مطامع عسيرة المنال. فقد بالغت في تقدير قوتها وفي الوقت نفسه استهانت بقوة بقية دول العالم، وخاصة قوة العراقيين. ويبدو أن الأمريكيين سيضطرون الآن إلى مراجعة سياستهم الخارجية، وبهذا الكتاب أطلق فوكوياما أولى طلقات النقد اللازم لإجراء المراجعة الضرورية التى على الولايات المتحدة أن تجريها على سياستها فى الوقت الحالى.



#غادة_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يلزمك أكثر من شائعة أو عود كبريت..إزاي تعمل فتنة..!!
- أقباط المهجر والمناخ المفتوح..الصراع يبدأ في مصر وينتعش في ا ...
- -موراى- ساحر وهو لا يفعل شيئا!!
- لحظات ما قبل الموت ..عن الإنتحار، المخدرات والوهم !!
- بولانسكي يقلب رواية ديكنز إلى ملحمة يهودية
- الصحف الخاصة تلعن الحكومة وتغازل كفاية والإخوان
- فى مصر..الصحف الخاصة تلعن الحكومة وتغازل كفاية والإخوان.
- بريطانيا قتلت جده وبلير عينه مستشاراً.. طارق رمضان المثير لل ...
- ما رأى فضيلته فى مأساة فلسطين ومحنة العراق..؟!
- أمم تعشق السادية وتستمتع بالكهنوت..!
- سيد قطب ورامسفيلد تخرجا من مدرسة -يهودية- واحدة..


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - غادة عبد المنعم - أمريكا ووصفة الديمقراطية فى الشرق الأوسط