ابرام لويس حنا
الحوار المتمدن-العدد: 6164 - 2019 / 3 / 5 - 07:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
【✤ طينتُكِ حيّةٌ بالحبّ , وتجلّيكِ منقوشٌ فيها , وذاتكِ نورانيّةٌ , بحرها لا ساحلَ لهُ , فخُذي عاشقكِ إلى بحركِ , اجعليهِ يغرقُ , ليكُنْ الذي لم يكُنْهُ , ويحلفُ بأنّ حياتَهُ وُلِدَت من غرقٍ دائمٍ , وأنّ ثانيتهُ الاخيرةَ حلّت , لمّا تحوّلتِ عنهُ , وحجبتِ بحركِ عن فمهِ , ففارقَ الغرقَ , وفارقَ الحياةَ ✤】
الوَصايَا فِي عِشْقِ الـنّـسَـاء
جملة قالها الراهب أشعياء المقاري ” قولوا عليَّ إني بتاع نسوان ، لكن انا مقتلتش ” وأهينت المنظومة الرهبانية ، فالمنظومة الرهابنية بأنظمها و طقوسها و روحانيتها لم تستطع كبح لجام شخصاً من ابناءها الرهبان الذي من المفروض أن يكون قدوة لغيره فى كبح الشهوات و النزوات ، إنها وصمة عار . ولكنها لا تختلف كثيراً عما اقدم عليه الكاهن الألماني يوهان ليزر عام 1674 بمخالفة شريعة الزوجة الواحدة ، وكتاباته لرسالة يُعدد فيها فضائل تعدد الزوجات ناشراً إياها تحت اسم مُستعار هو ” تيوفيلوس أليتوس“ و بعد افتضاح أمره و عندما صَّب عليه المُجتمع اللوثري في هامبورغ غضبه هرب إلي الدنمارك و طرد ايضاً من هناك من قبل الملك كريستيان، لكنه عاود الكرة و نشر بعد ثماني سنوات عام 1682 كتابا بعنوان :” انتصار تعدد الزوجات Polygamia Triomphaatrix “ لَكِنَّ لِمَاذَا نَادِي بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ لِلرَّجُلِ؟
و بكل الأسف أكتب مشمئزاً لان هذا الكاهن خالف أبسط معايير الإنسانية والكرامة والحب الذي بُني عليه الزواج ، مصوراً الرجل بالحيوان الهائج فقط مثل الكلب الذي يمتطي humping الأرجل بدون تفكير ، فالسبب الذي نادي من أجله تعدد الزوجات للأزواج هو كيف سيقوم الرجل بالعلاقة الجنسية وامراءته حامل ؟ فالزوج لا يمكن ان يمارس العلاقة الجنسية مع أمراته الحامل لكي لا يؤثر على الجنين لهذا فإنه حتى الطبيعة تدعم تعدد النساء للرجل [1] أفمن من أجل ارضاء الرجل و إفراغ شهوته يجب عليه التزوج بآخرى ؟! غير مراعياً مشاعرها ... ضارباً بكل وعوده الزوجية ونسي كل ما عاهد به زوجته من حياة الكرامة والحب والوفاء !
ما كل هذه الدناءة !
هل الزواج هو لإشباع رغبة الرجل فقط ؟ فإن كان من حق الرجل التزوج بأخرى من اجل اشباع رغبته فقط ، فمن حق المرأة ايضاً ان تتزوج برجل آخر لكي تشبع رغبتها هى ايضاً ! لماذا لم يقل هذا الكاهن فالمرأة والرجل يستطيعا أن يسدا شبقهما بالعادة السرية ، ولست اتكلم هنا عن الجانب الإيجابي أو السلبي للعادة السرية ، لكني اتكلم انه حل مؤقت ما اذا كان الرجل لا يستطع ان يكبح زمام شهوته وامراته حامل و لست ادري كيف سيقوم بها و امراءته مهلكة نفسياً وجسدياً ، ألم يفكر البتة في الارتباط النفسي والروحي بين الزوج و زوجته ؟ الم يفكر إطلاقا في موقف زوجته الاولي عندما يقول لها سأتزوج لأني لا استطيع معاشرتك كونك حامل !!! لكانت كل النساء امتنعت عن حمل الاطفال بدلاً من ان تُهان بهذا الشكل القبيح .
الزواج هو تكامل و ليس هدف الزواج هو التجانس وافراغ الشهوة فقط ، فإن كانت حواء مخلوقة لآدم لكي تكون قرينه الجنسي Sexual partner - حسب اللاهوت المسيحي - لَمَّا صَنْعِ اللهِ لَادِمٍ وَلِحَوَّاءِ رِدَاءًا مِنْ لَحْمٍ لِكَيْ يُغَطِّيَ جَسَدُهُمْ وَ يكمح زِمَامَ شَهْوَتِهِمْ وَ بِالطَّبْعِ رِدَاءًا مِنْ جَلْدِ حَيَوَانِ مَسْلُوخِ سَيَكُونُ كَافِيَا جِدَا لِهَذَا الْغَرَضِ، وَلَمَّا وَصْفِهَا بِإِنَّهَا مُعَيَّنَ نَظِيرَ مِثْلُ آدَمِ.
الزواج هو حياة شخصين مسئولين عن كلاهما الآخر،عَنْدَمَا يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ اعالة نَفْسُهُ مَالِيَّا آي يُصْبِحُ مُسْتَقِلَّا مَادِّيَّا وَ يَسْتَطِيعُ انَّ يَكُونُ مسئولا عَنْ سَعَادَتِهِ وَ سَعَادَةُ شَخْصِ اِمْرَأَةِ مَعَهُ فَهِىَ قَرِينَهُ الْحَقِيقِيَّمُعَيَّنَ نَظِيرَ، وَالْمَرْأَةَ ايضاً عَنْدَمَا تَصَبُّحِ قَادِرَةِ عَلَى اِتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ بِعِنَايَةٍ وَ بِحُكْمَةٍ وَ اعانة نَفْسُهَا فِي الْحَيَاةِ مَادِّيًّا وَ عَنْدَمَا تَرَى فِىَّ نَفْسُهَا الْقُدْرَةَ عَلَى انها تَسْتَطِيعُ انَّ تَكُونُ مسئولة عَنْ شَخْصِ اخر.
الزواج هو مسئولية تقدم بِحُب لكيان الشخص الآخر ، و عندما يجدا فى نفسهما القدرة على ان يكونا مسئولا عن شخص وثالث ينجبا طفلا يكونا مسئولان عنه كليا و عن سعادته وتربيته و تهذيبه و تنميه قدراته و مواهبه.
لكنيوجدت راهباً - غير متزوجاً - يريد النساء !
رأيت الكاهن - المتزوج بأمراة - يريد المزيد !
و السبب / الشهوة و افراغها
لدينا هنا موقفين مُختلفين تماماً و لكنهما يهدفا الى هدف واحد وهو ( المزيد من النساء ) ؛ لدينا رجل ( غير متزوج ) يريد النساء !!! ، و كاهن ( متزوج ) يريد المزيد !!! . هذا رجل يريد الجنس فقط و ذاك رجل يريد الزواج من أجل الجنس فقط و الاثنين غير ناضجين :
فالاول اتخذ طريق البتولية وهو يحب النساء و يريد علاقات جنسية ، فلو كان ناضجاً لما اتخذ هذا الطريق او ابتعد عنه. والآخر غير ناضجاً لانه افسد ابسط معايير الانسانية و الاحترام بل ضرب بالمحبة ضرب الحائط مُعطياً للمحبة الزوجية القفا ، فالزواج ليس من اجل الجنس و اننا لا نتزوج لكي نتجانس ، و إن كان الزواج يتم فى العرف والتقاليد العربية والشرقية من أجل هذا الهدف بالذات لهذا سُمي عقد الزواج بعقد نكاح اى عقد لكي تنكح ، لكن ليس هذا هو الهدف الحقيقي والفعلي من الزواج ، فالزواج المتزن هو الزواج الذي يجعل الزوجين يسيرا معاً نحو مستقبل يمكن ابداعه ، نحو حياة أفضل ، فهو حياة الشركة ، بل أحياناً يكون الزواج و الجنس امران مُختلفان تماماً بل و متعارضتان [2].
ولكني لا أقول بأن الزواج لا يعترف بالمتعة و انه يجب تفاديه كما ترأي لــ ق.أغسطينوس و إنه يجب الامتناع عن المتعة و اكما لو أنه في صوم دائم :
[ يجب على الأزواج الامتناع عن المتعة طوال السنة ... لأن الذى يسعي دون أعتدال وراء الأشياء المُحللة يُسئ للذى أحلها له ]
بل تسلل ق.أغطسينوس إلى مخدع الزوجين :
[ من المؤكد أنه كلما أمتنع أحدهما عن الآخر ، كان ذلك أفضل لهما ]
وعندما تعرض جان لوى فلاندران - مؤلف كتاب وقت لتبادل القبل بحثاً عن أصول الأخلاق الجنسية الغربية - لقول ق.أغسطينوس قال :
[ لا يتعلق الآمر بالتخفيف من الرغبة و الاكتفاء بالعلاقة الجسدية من أجل التناسل بل المقاومة قدر الإمكان ، وعدم الوقوع في فخ النشوة الجنسية ، فالروح والجسد متناقضان ، ولا يجب السعي لإيجاد التوازن بينهما بل الإنصراف إلى الأمور الروحية قدر المستطاع ] [3].
وبالطبع اختلف كلياً مع القديس أغسطينوس ومع فلاندران ، لانه كما وصف Woody Allen لا يمكن ان تتم علاقة جنسية بدون متعة وبدون نشوة و تهيج فالقيام بالجنس بدن تهيج كمن يحاول أن يحشر المحار في عداد موقف السيارات [4] بل سفر نشيد الاناشيد ملئ بالتشبيهات و الاستعارات الجنسية الممتعة للأزواج و التي تثير الزوجين فمثلاً ( قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد ) نش 7: 7 حيث شُبهت هنا قامة المراة بشجر النخيل و الثدي بالعناقيد ، الذي يريد سليمان ملاطفتهما بقوله : ( قلت اني اصعد الى النخلة وامسك بعذوقها وتكون ثدياك كعناقيد الكرم ورائحة انفك كالتفاح ) نش 7: 8 فكلمة ( الانف ) يمكن ان تدل على تقبيل الانف و لكن طبقاً للاكادية و الاوغارتية فهي تشير إلي حلمة الثدي و وبذلك يستقيم المعني وغيرها من الاستعارات [5]
و لذا فان الزواج هو قائم على احترام كيان الآخر و تقديسه وعدم امتهانه فليس الهدف من الزواج هو الجنس وافراغ الشهوة..
المراجع :
-----------
[1]
ALAIN GROSRICHARD , Translated by Liz Heron , The Sultan s Court European Fantasies of the East , p 115-16
since nature has given the gift of continence to all females after conception, but not to their husbands, it is plain that nature intended men to have several wives, and with all the more reason, since continence is very useful to women with child, s as not to disturb nature in the formation of the foetus
[2]
John Kaltner, Steven L. McKenzie, and Joel Kilpatrick , The Uncensored Bible The Bawdy and Naughty Bitas of the Good Book , p 18
marriage is not the same as sex. In fact, sometimes they seem totally at odds
[3]
فاطمة المرنيسي ، ترجمة نهلة بيضون ، هل أنتم محصنون ضد الحريم ؟ نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء ، ص 127-28
[4]
John Kaltner, Steven L. McKenzie, and Joel Kilpatrick , The Uncensored Bible The Bawdy and Naughty Bitas of the Good Book , p 19
having sex unaroused is like trying to stuff a clam into a parking meter
[5]
للمزيد انظر Richard M. Davidson , Flame of Yahweh : sexuality in the Old Testament
#ابرام_لويس_حنا (هاشتاغ)