أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند عبد الحميد - الحريات العامة ..مخاوف ومحاذير















المزيد.....

الحريات العامة ..مخاوف ومحاذير


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


شهدت فلسطين تحولا سياسيا اجتماعيا وثقافيا باسلوب ديمقراطي. وهو امتداد لتحولات اخرى في بلدان عربية واسلامية. السمة المشتركة لهذه التحولات هو صعود الاسلام السياسي وهبوط او هزيمة الاتجاهات القومية واليسارية والوطنية العلمانية. ومن اللافت ان الصعود الاسلامي يأتي ردا على الازمة التي تعيشها المجتمعات العربية والمجتمع الفلسطيني. وهو في الغالب لا يطرح ولا يملك حلا فعليا لها وفقا لبرامجه المطروحة، بل قد يزيدها تعقيدا. ان التحولات الكبيرة داخل اي مجتمع تقاس بقدرة الاتجاه الصاعد على حل الازمة بدءا بمحاولة فتح الانسدادات التي تحول دون التطور. غير ان الخروج من الازمة ليس بهذه البساطة، وخاصة في ظل التعقيدات المجتمعية المترتبة على عجز النظام العربي وفساده، وفي ظل المزاج الشعبي العدمي المتشكل في مواجهة غطرسة القوة المندفعة بسرعة قياسية نحو الهيمنة والنهب والاحتلال. وفي مناخ تغيب عنه الثقافة الناقدة لحساب سيادة ثنائيات، الخير والشر، الابيض والاسود، الصواب والخطأ، الايمان والكفر.
هل يقود فوز حماس في الانتخابات الى انتقال المجتمع الفلسطيني من سلطة ذات طابع مدني علماني الى سلطة ذات طابع ديني سلفي؟ وهل العالم العربي مقدم بدوره على الانتقال من الدولة المدنية الى الدولة الدينية السلفية؟ المدارس الفكرية التي تنتمي لها القوى الاسلامية الصاعدة هي الذي يجيب على هذه الاسئلة. ويمكن القول ان التحول السلبي باتجاه السلفية المحافظة سيحدث وربما يكون كارثيا من النمط الطالباني، اذا ما تم اعتماد المدارس الفكرية التي تغلب النقل على العقل، وتعطل الدور الاجتهادي للعقل وتغلق باب الاجتهاد، والتي تضع سقفا للفقه بعيدا عن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزل نفسها عن الثقافات والحضارات ونتاجات الفكر الانساني. فيما مضى دعا ابن رشد الى إعمال العقل في النص الديني وصولا الى التأويل الذي ينتفي معه الاجماع والتكفير. وحذا حذوه علي عبد الرازق الذي دعا الى فصل الدين عن الدولة في كتابه الاسلام واصول الحكم، وكذلك وطه حسين. الا ان حركة الاخوان المسلمين و خاصة في عهد سيد قطب قطعت مسار مدرسة التنوير وساهمت بتقييد العقل ومنع الاجتهاد. غير ان حركات الاخوان المسلمين لم تبق على حالها بعد تجاربها المريرة والمتخبطة وخاصة في مصر مركز الحركة. واتجهت حركة الاخوان نحو الاعتدال السياسي والاجتماعي من منطلق براغماتي بدون ان يعني ذلك تجاوزا للاسس الفكرية الناظمة لعمل الحركة. بقي الجذر الفكري موجودا، وترتب على ذلك وجود اتجاهات محافظة سلفية منغلقة واخرى معتدلة براغماتية ومنفتحة وتختلف من بلد لاخر واحيانا تتباين من مسؤول لاخر ومن منطقة لاخرى. حركة الاخوان في فلسطين كانت على الدوام في موقع المتلقي للافكار والفكر بل انها من اضعف الفروع فكريا. وقد انعكس ضعفها الفكري وعدم مساهمتها في انتاج واعادة انتاج الفكرعلى مواقفها المتباينة بين اعتدال وتطرف، وعلى الانتقال من موقف لاخر بلا مقدمات احيانا. ولم تنعكس البراغماتية الجديدة في الخطاب الديني الصادر عن رجال الدين المنتمين لحركة حماس او المحسوبين عليها. ذلك الخطاب المتزمت الذي ترك بصمات واضحة في اجزاء اساسية من المجتمع. واذا قارنا بين افكار البرنامج ذات الملامح المعتدلة الذي تقدمت به حماس للانتخابات وبين الخطاب الديني الذي حافظ على تزمته سنصطدم بفروق وتناقضات. لقد انفردت المؤسسة الدينية تقريبا وعلى مدارعقد في نشر ثقافة جماهيرية تنتمي للمدرسة الفكرية المحافظة. ثقافة متعارضة مع افكار الاعتدال النسبية التي طرحتها حماس مؤخرا، وخاصة بعد نجاحها في الانتخابات. ونجحت في احداث نقلة مهمة في سلوك ومفاهيم فئات واسعة من المواطنين. وقد انعكس النجاح بتكّون راي عام لا يتبنى المفاهيم وحسب بل ويشارك في نشرها وفرضها ان اقتضى الامر.
ان أي تدقيق في البنية التحتية للثقافة سيجد تراجعا نوعيا فبعد ان كانت المدن في الضفة والقطاع لا تخلو من دور السينما والمسرح والفنون. اصبحت الان خالية من تلك المراكز باستثناءات محدودة جدا. ولا يمكن عزو ذلك لوجود اعمال مخلة بالاداب او هابطة، لانه يمكن حل المشكلة باختيار اعمال ملتزمة وذات مستوى رفيع. ان السبب يعود لرفض هذه الثقافة التي تتقاطع او تشكل امتدادا للثقافة الغربية جملة وتفصيلا. والمشكلة هنا لا تنحصر في رفض لون محدد من تلك الثقافة، بل توحي بانه لا يوجد رغبة في التفاعل مع الثقافات والحضارات والابداعات للشعوب الاخرى. ويشكل هذا النهج في حال استمراره انعزالا عن الحضارة الانسانية.
لقد جرى رفض مهرجانات للاغنية والرقص الفلكلوري وعروض مسرحية في نابلس وقلقيلية وغزة. السبب المعلن هو رفض الاختلاط سواء في اطار الفرق او في اطار الحضور. اما السبب غير المعلن فهو رفض الثقافة. والغريب في الامر ان الاختلاط هو تقليد وقيمة شعبية تعزز الوحدة والتعاون والمساواة وتعزز الاخلاق والاحترام. الاختلاط يحدث فعلا اثناء زراعة الارض وفي مواسم الحصاد وقطف الزيتون والعمل التطوعي في المدن والمخيمات والاعراس في كل البلد وفي المواجهة مع قوات الاحتلال والمستوطنين. لماذا يتم القطع مع تراث رائع في الاختلاط والثقة والتعاون المشترك الذي ساهم في بقائنا وصمودنا في الصراع على هذا المكان. وإذا كان هناك شذوذ او انحراف فهذا استثناء وليس قاعدة ولا يجوز التصرف على اساس الاستثناء.
وتقدم رموز في المؤسسة الدينية تحريضا ضد تقاليد مهنية وانسانية تشترك فيها شعوب العالم برمتها، كيوم المرأة العالمي وعيد الام ويوم العمال العالمي وغيرها من المناسبات المشتركة. وتقوم تلك الرموز برفض واحيانا تحريم التعاطي مع هذه الاعياد باعتبارها بدعة مستوردة من "الكفار". وهذا يدلل على رفض الاخر كثقافة ووجود. واذا ما اضيف الى هذه المواقف السلبية والمخيفة المواقف المتزمته من الزي الفلاحي الشعبي والاعراس وتعدد الزوجات والزواج المبكر وتعليم الموسيقى في المدارس والتعليم المختلط في الجامعات. وفوق كل ذلك ممارسة نوع من الارهاب الفكري ضد كل من يعارض هذه المنظومة من المواقف والافكار التي تحتمل التفنيد من موقع الاجتهاد الديني ومن موقع القانون الناظم لحياة الشعب" ميثاق المنظمة والقانون الاساسي للسلطة" ومن موقع التسليم بالتعددية والديمقراطية التي اوصلت حماس الى سدة الحكم وحسمت مبدأ تبادل السلطة بالطرق السلمية. ان اخطر ما يواجه حرية الراي في هذه المرحلة هو استخدام المقدس في صد أي فكرة اخرى وفي مصادرة الحوار.



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الشرف
- ارفعوا ايديكم عن اطفالنا
- لم ينتصــروا.. ولم ننهزم
- يوم واحد للمرأة ... لا يكفي
- الطيارون الرافضون: نقطة مضيئة في ظلام اسرائيلي
- ماذا لو فشلت خارطة الطريق؟
- النجاح والإخفاق في عامي الانتفاضة
- الصمت المريب


المزيد.....




- تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت ...
- طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
- بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية ...
- الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
- بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس ...
- القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب ...
- بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد ...
- مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال ...
- خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند عبد الحميد - الحريات العامة ..مخاوف ومحاذير