أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ضياء الجبيلي - قراءة في مجموعة الشاعر عبد الرزاق صالح - الجنوبيون -















المزيد.....

قراءة في مجموعة الشاعر عبد الرزاق صالح - الجنوبيون -


ضياء الجبيلي

الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تنساب الجمل في مساحة الشعر وهي المساحة التي لا تعدو عن كونها الموطئ الأبدي لذات الشاعر ( النصية ) ، وهي الفراغ الذي لا يمكن أن يُملأ ، لأنه ليس كالفراغ الذي نشعر به ويكون طابعه الملل ، إنه متاح دائماً لا سيما في ظل " الأشراقة " التي ربما تأتي بغتة وعلى غير موعد ، فيعمل الشاعر على أن ينهل منها كونها لحظة تجلي تختلف عن لحظات الوله بالكتابة الشعرية . هذه المساحة تمتاز ببثّ المتعة في نفس الشاعر مع علمه أن ثمة ما يجعل الموت هاجساً وهذه المتعة المبثوثة فيه مكوكاً يدور فيه في مواطن العذاب الذي في هو في حقيقة الأمر اللذة المنتظرة عند الإيقاع به من قبل لحظة الإشراقة الأولى . وهي لذة الشعر وتذوّقه عند الكتابة ، ولذة الكتابة نفسها وهو ما يجعل الشاعر ينسى عالمه المظلم دائماً والمخرّب أ صلاً ، كذلك ينسيه همومه ومعاناته المعتادة ولو لبعض الوقت . كما أنه يعلم أن هذه المساحة لا يمكن أن تقف عند حدود معينة ، لأنها بوقوفها هذا تنطفئ جذوة الشعر في ذاته ويغدو لا شيء . وقد تجد في هذه المساحة تواقيع الشعراء بكل ما تحمل من السعادة والشقاء ، الإرادة ونقيضها ، القبح والجمال ، الحرية والعبودية ، الموت والحياة ، الموت في الحياة والظن بأن الموت راحة ، المأساة والملهاة ، روح التهكم ونسيج من السخرية وحيرة الشاعر : من يدين ؟ وهناك أيضاً الاغتراب الروحي والخواء : خواء من يجد فيهم الشاعر أذىً لوجوده ، كذلك الوهم والبحث اللامجدي في ظلمة الواقع ( أيها الشاعر / أهرب من كأسك الفارغة / وطف في مدنك الخيالية / ليس سواك والجسد / أنت لم تعرف ما وراء الزمن / ما عرفت قط ( قافية ) قصيدة مرتين / لشذى امرأة / فيم تهم حياتك ؟ / وورود غرستها لا تنمو ! ) قصيدة الاغتراب ص10 ـ 11 ولو نقبنا في المجموعة عما يضمن للقصيدة سياقها المتصل بين جملة وأخرى من خلال الكشف أو تفقد المفردة ومعناها بطريقة شبه تحليلية لوجدنا خيبة الذات إزاء نفسها و إزاء الواقع أو العالم ، ونجد أيضاً طول المعاناة والدلالة على أن ثمة موت يتربص ببطئه في صوت تهكميّ واضح ( اشرب حتى الهبات / وتوقف منتصف اللحظة ) قصيدة الأغتراب ص11 ، وفي موضع آخر من نفس القصيدة يقول عبد الرزاق صالح ( صلِّ للهمجية / ثمّ انتقل للموتى / حياتك حطام / بعيونك نرى الآخريين / وحطام الكون / ومتاهة كَلكَامش ) ص12 ، والهبة هنا ليست المعروفة عن الشاعر قديماً ، فالشاعر هنا شرابه اليأس ومخاض الكلمة هي الهبة الوحيدة التي تنتهي إلى حيث تكون اليد مبسوطة في زمن وصف بأنه زمن الخوف والصمت . وكم طويلة هي هذه اللحظة بحيث يتوقف في منتصفها ؟! ولعله العمر الذي يمرّ بسرعة ويسرع ببطء ! ثمّ أن كَلكَامش هنا يمثل المسعى الخائب مع استمرار الخيبة ، واليد التي لا تطول العنب كما يقال . وقد يبدو واضحاً لا سيما في قصيدة ( حلم الصنوبر ) تأثر الشاعر بالروائي الروسي ( دوستو يفسكي ) تأثراُ روحياً بكتاباته وليس نمطياً بحيث حملت قصيدته هذه مجموعة من الأسماء لشخصيات مستلة من روايات ( دوستو يفسكي ) فضلاً عن الأسئلة والإحالات والمناجاة أحياناً إضافة إلى الروح الرثائية إن جاز التعبير التي تشوب القصيدة ( يا دوستو يفسكينا الحبيب / هناك .... / من دفن أحلامه في نهر اليأس ! / نهر (نيفا ) نهر الأحزان / من غيرك يطفئ لظى ( راسكو لنيكوف ) ؟ ) قصيدة حلم الصنوبر ص29 30 ، ويظهر اهتمامه هذا من خلال دراسة أدبية نشر قسماً منها بعنوان ( كشوفات دوستو يفسكي ) ، إن الشاعر هنا لا يستطيع التخلي عن إكسير حياته : الشعر ، والذات في عالمه هي ذات الشعر ضمن المساحة المعطاة ، وهي ذاته التي يخاطبها ويثني عليها بمعزل عن التملق وانتظار التمرة أن تسقط في الفم الفاغر بفعل الريح التي قد تهب أو لا تهب ، ولا يهم إن كانت صفراء أو سوداء أو محملة بالغبار ( كم أسف توارى خلف الأصوات ؟ / كم قطة في المأدبة ؟ / البرابرة الممسوخون .. / صخابون في مأدبة اللئام / يتراشقون سهام الغيّ ) قصيدة قوة الذات ص37 وهنا ذات الشاعر المنزهة بنقاء السريرة والشعر الذي هو في الحقيقة حياته وذاته الحقيقية التي تنفرد به في عزلة أحبّ إليه من بذخ المأدبة التي يجلس أمامها الآخرون ( بكى طائر المساء على قبر زائره / مائلاً في الهجير / كروحه بعيدة المدى ، طيبته / الكل يرحل ناحية المأدبة / وحدك تغني بعيداً عن سربهم والقطيع ) قصيدة قوة الذات ص45 ، وفي قصيدة ( الجنوبيون) وهو عنوان المجموعة أيضاً ، تجد ملامح البصرة المدينة والبصرة الجنوب ، ضمن علامات وجمل شعرية سلسة وفي متناول الفهم تدلّ على مواطن الطيبة والفقر ، الصبر ، الغربة الروحية ، نكران الذات ، العشق ، النقاء ، البحر ، ورأس الضحية المليء بالرصاص ، والجذر المتفرع في باطن الأرض / الوطن والسمكة التي ما أن تستوحش اليابسة حتى تنفق في الحال ( حين أبحروا في المراكب ، رافقتهم النجوم / مشدودون كخيط سمكة للماء / بصريون حدّ القاع / قلوبهم مشاعل ) قصيدة الجنوبيون ص46 وهذا يفضي إلى أن للبصرة نكهة غير التي في باقي المدن لكنها دُمرت ، فصحَّ عليها مثلها القائل " بعد خراب البصرة " وليس قول الشاعر عن أهلها ( يستضيفون القمر ، ويخرج من ديارهم النعناع / نواياهم مبيتة في الأشداق ) انحيازاً منه لمدينته وأهلها ـ وهذا من حقّه ـ وإنما لخصوصية البصرة ولذة الحديث عنها لا سيما من خلال الشعر في هذه القصيدة الجميلة ( أحداقهم بصرتهم / بصيرتهم كون مفتوح / الباصرة كتابهم / أقاموا العيد ، خلاخيل ونجوى / وفتحوا القلوب هدايا ) قصيدة الجنوبيون ص52 ويعود بنا الشاعر إلى قصيدة موغلة ربما في السوداوية ( أنت تقطف لدلّ على النمو ) لتبيان علاقة أزلية بين الموت والحياة والمشادة التضادية بينهما من خلال القدر وما ينطوي على الموت من عدم وما ينطوي على الحياة من حياة هي الأخرى تُعد موتاً إذا ما قيست الظروف على أنها مأساوية وكارثية يستحيل العيش تحت براثنها . فعندما تدل على النمو بضدّه : الموت / القدر ، فهذا جائز من ناحية فنية لكن مغايرة في نفس الوقت لما هو مفهوم كأن تقول ( أبصر من غراب / مثل ) والغراب شحيح النظر وعلى الرغم من ذلك فدلالة المثل هنا لصالح صحة النظر أو العقل . أما أن تستأصل معنى الفناء فنياً من مكانه المعروف وتضعه للدلالة على النمو / استمرارية الحياة فأن هذا قد لا يُحسب لصالح الوجود / الحياة بشكل فعلي وإنما جاء ليقول أن الموت هو الآخر ينمو حتى يغدو آفة عملاقة تحصد الفرد والجماعة ربما من خلال الحروب والكوارث التي تحدث كل يوم ( أنت تزرع فسائلك بين صلبان الوقت ) قصيدة أنت تقطف لتدل على النمو ص59 والخطاب هنا ليس موجها لمجهول ، إنه محاكاة لطيف الموت والموت المجهول والروح التائهة بين الشيء واللا شيء / العدم والعيش فيه ( ماضياً في صحوك / صوتك ينطق شجوك / عارف أن وقتك محجوب ) قصيدة أنت تقطف لتدل على النمو ص61 ، والقدر هنا محرك الموت ومثير الأسئلة ( من غيرك يسح في ظله ؟ ) ص60 ( من يتوازن ظله قبلك ؟ ) ص62 ( من غيرك يبدو محتدماً ؟ ) ص61 ، (من يقطف ساعة نموك ؟ ) ص62 وقد يختلف نمو الأقدار عن النمو الحاصل في الموت وكلاً منهما يشكل هاجساً رغم أن القدر قد لا يفضي طريقه أحياناً إلى الموت لكنه في الآخر يتساوى معه في الخشية منه ( عرشك الماء الذي رشّ سهولك / في خارطة صمته وطغيانه السائد / في هضبة واديك ـ الموت / يا قدر : أنت تقطف لتدل على النمو . ) ص65 ، ومع أن البحر يعج بالأشرعة لكن الشاعر يسأل ( متى يفتح البحر نافذة للشراع ؟ ) ذلك أنه البحر الذي لا تراه سوى عين العاشق ، على سطحه تموج الحيرة فيغرق في قاعه لأن لا شراع له ، ولا تنسى أن النافذة موصدة ومما زاد من حيرة الشاعر / العاشق هو اصطدامه ( الدون كيخوتي ) في عتمة الواقع ( حدثت حارسكِ الأمين ، عنك / كبل يديَّ / وتلقفتني طواحين الهواء ! ) قصيدة متى يفتح البحر نافذة للشراع ص90 ، ثمّ أن هذا البحر : بحر الحبيبة الغائبة يتجلى في صورة شعرية ( بينيلوبية ) جميلة يخطها الشاعر ثمّ يتأمل فيها ويسأل أيهما هو الغائب ؟ ( شاهدت وجهك في قمر الحدود / شممت رائحتك في الورود / أراك تغزلين خيوط الشمس ، أردية للعشاق ) قصيدة متى يفتح البحر نافذة للشراع ص90 .



#ضياء_الجبيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية - البلد الجميل - الفائزة بجائزة الصدى للروائي ...
- خريف المآذن - للشاعر باسم فرات-.. الطفولة بين أنياب الحرب


المزيد.....




- السيارات سقطت بركابها في الوادي.. فيديو يظهر لحظة انهيار طري ...
- فيديو يظهر انتشار الدبابات الإسرائيلية قرب حدود قطاع غزة الج ...
- تقرير: -حزب الله- يقلق إسرائيل بترسانته الجوية
- تركيا توكد عدم نيتها إرسال منظومة -إس-400- إلى أي دولة
- في ظل تصاعد الانتقادات الدولية.. نتنياهو يدعو الإسرائيليين ل ...
- مقترح الهدنة: شولتس يهاتف نتنياهو وهنية يتحدث مع مسئولين بمص ...
- جيمس ويب يكشف عن تفاصيل -غير مسبوقة- لسديم رأس الحصان على بع ...
- هجوم عنيف على أردوغان بعد تعليق تركيا تجارتها مع إسرائيل
- الدفاع الروسية: اسقاط مسيرتين معاديتين فوق مقاطعة بيلغورود
- بعد طرد النيجر القوات الأمريكية.. نفوذ واشنطن بإفريقيا ينحسر ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ضياء الجبيلي - قراءة في مجموعة الشاعر عبد الرزاق صالح - الجنوبيون -