أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ضياء الجبيلي - قراءة في رواية - البلد الجميل - الفائزة بجائزة الصدى للروائي العراقي أحمد سعداوي















المزيد.....

قراءة في رواية - البلد الجميل - الفائزة بجائزة الصدى للروائي العراقي أحمد سعداوي


ضياء الجبيلي

الحوار المتمدن-العدد: 1527 - 2006 / 4 / 21 - 06:05
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


" مأزق البطل أم مأزق الوطن ؟ "


" أن (node) تعني بالأنكَليزية المأزق ، أو نقطة اللقاء ، أو نقطة تقاطع مدارين . هذا ما استطعت قراءته في أحد القواميس "

أحمد سعداوي
رواية ( البلد الجميل )


رواية " البلد الجميل " للروائي العراقي أحمد سعداوي ليست قصة حبّ حدثت بين شاب وهو (حلمي ) وفتاة تدعى (ندى) أو (نود ) أو (نادية ) أو (node) بقدر ما هي قصة إنسان مستلب في زمن الجوع والحصارات وفي بلدٍ اختار له الكاتب صفة الجمال مع أن ما حدث فيه ليس إلا نوعاً من أنواع الخراب التحتاني الذي أتى أُكله ومن نواحٍ عدّة نفسية واجتماعية وعمرانية و.... إلخ من الأمور التي صارت إلى الحضيض ، والسبب يعرفه القاصي من دون أن يلمس الدمار المتنامي هذا ، لذا هو لا يثق في أكثر الأوقات من أن الذي حدث قد حدث فعلاً ، أو يرى أنه مبالغ فيه على أقلّ تقدير . أما القريب الذي يجيء صوته من عتمة الخراب الحاصل فأنه يعرف ذلك السبب جيداً ويلمس ما حدث ولا زال يحدث ويشعر به وهذا يقود في طبيعة الحال إلى التصديق .
لقد عمل بابلو بيكاسو على ترجمة الخراب الذي خلفته الحرب المدمرة إلى جمال مدهش من خلال الجمال نفسه : جمالية الفن الحديث ، فكانت الغورنيكا التي لو تمعنت فيها وتأملت في فحواها وخطوطها جيداً لرأيت أنها مأساة حقيقية مرسومة بريشة الجمال الأبداعي ، مع أنها مأساة وظلال معتمة ، ومدمرة ألقتها الحرب فكان الأنسان والحيوان والنبات والجمال وحتى الجماد الضحية الوحيدة المضرجة بدمائها لكل هذا الخراب الزاحف . وما أن يرى الناظر ما يراه في تلك اللوحة العظيمة ، حتى ينبري قائلاً : أنها لوحة جميلة أو رائعة أو حتى مذهلة ! وعجباً كيف يكون الخراب وفعل الحرب التدميري على هذا القدر من أثارة الدهشة إزاء الجمال مع أنه عندما يرى الدمار في صورته الواقعية البحتة سوف ينفعل ويصف الحادث بالمقرف والمرعب والمخيف . لكنه ليس الخراب هو الذي يثير دهشتنا وأنما هو الجمال التعبيري أو التعبير الجمالي عن طريق الفن والأبداع ، رسماً أو كتابة أو على خشبة المسرح أو من خلال الشاشة . وبما أن العنوان يشكل (ثريا) للنص ، فلا بدّ أن يخمن القارئ أن ما سيقرأه قريباً في هذه الرواية التي قرأ عنوانها مخالفاً لكل ما سيصطدم به من خيبات وأزمات وعذابات بطل الرواية وذلك عندما سيخوض في القراءة : قراءة الرواية كاملة ليتأكد أن العنوان ربما يأتي مضاداً لمجريات الأحداث الروائية وليس بالضرورة أن يكون مبرراً من الناحية الفنية وسوف أسوق ( اسم الوردة ) لإمبرتو إيكو مثالاً على ذلك . ولعلّ سعداوي بكتابته لهذه الرواية أحسّ بمذاق الجمال الذي يكتبه أو أنه اقتبس أشواق المغتربين الذين يفضلون وساخة الوطن على رغد المنفى أن توفر ، فجاء العنوان مبرراً من الناحية الروحية والنفسية للذي يعتقد أن لا بديل عن الوطن حتى وإن كان ذا قسوة وجفاء . لقد أختار الكاتب في روايته " المأزق " مهملاً المعنيين الآخرين لكلمة (node) بالأنكَليزية وهما (نقطة اللقاء ) و ( نقطة تقاطع مدارين ) أو لنقل أنه وظّف المعنى الأول لكلمة (node) / المأزق / أكثر من سواه وأختار المعنى الثاني ( نقطة اللقاء ) أو جعله هامشياً من خلال علاقته والتقائه بـ (ندى ) بعد أن كان ذلك مقتصراً على الأحلام حتى صار من شبه المستحيل على الأقل في ذات (حلمي ) إن صدُق الحدس . كذلك علاقته بالصديقة الفرنسية ولقاءه الأزلي بابنة عمّه (نادية ) على أساس أنهما تربيا معاً ومخطوبان منذ الصغر وكانت أمامه منذ ذلك الوقت ، وهذه الأمور لا تعدو عن كونها محطات سيغادرها البطل الذي يعاني من عدم الأستقرار . كذلك استغل المعنى الثالث لـ (node) (نقطة تقاطع مدارين ) آخذاً بنظر الأهتمام في هذا المعنى حتمية انفصام العلاقة المباشرة مع الصديقة الفرنسية و(ندى ) أيضاً وعلاقته غير المباشرة التي فرضها أهله بـ ( نادية / ابنة عمّه ) وتقاطع أفكاره تارة ، وأحلامه ومشاعره وطموحاته وتداعيات الظروف التي يعيشها ونسبة القدرة على تحملها والتعاطي معها بصبر وأناة تارة أخرى ، وأيضاً تقاطع شخصيته المعقدة حيناً والسهلة الممتنعة حيناً آخر مع شخصيات الذين يحبهم : ندى والذين يريد أن ينسى من خلالهم أو يتوهم بأن ثمة ما يربطه معهم من ناحية العاطفة وربما الجسد : الصديقة الفرنسية أو الفتاة التي التقاها على قمة الجبل ، والذين يرى فيهم ضحية كلمة قالها الآباء والأمهات وعقدوا عليها الأيمان وشدوا الرايات وبذلوا جهداً من أجل أن يكون مسؤولاً عن تلك الكلمة وتلك هي : نادية . ونعود هنا إلى المعنى الأول / المأزق / مأزق البطل ، ومأزق البلد فنرى أن هناك أكثر من مأزق يمرّ به البطل ومروره هذا أو لنقل اضطراره إلى سلك عدة طرق لا يعرف فيها رأسه من قدميه نابع من تيه بلد هو للآن عبارة عن قلب مستلب أو مصاب بتصلب شرايينه التي جفت فيها الدماء لا سيما في فترة الحصار والحرب النفسية أبان التسعينات . إن تعيش في بلدٍ مفاصله الأقتصادية مشلولة ومبتلى بشتى أنواع الخراب والكوارث والظلم وانعدام الحرية ، فتلك مصيبة . وإن لم يكن بمقدورك توفير أبسط الأحتياجات والحقوق الآدمية / العمل إنموذجاً / فيما تفكيرك ينصب في اتجاهات وأحلام تودّ تحقيقها الآن ولا بدّ من ذلك ، أو تُعدم ويضيع مستقبلك ، فأن المصيبة أعظمُ ! وهو جزء من أجزاء المعاناة التي حصل عليها ( حلمي ) في بلده . وهذا هو المأزق الحقيقي للأنسان العراقي المعاصر الذي أفرزه المأزق الكبير ، مأزق البلد المُنهك الذي مرّ ويمرّ بأسوء مراحل " فقره المدقع !! " مادياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ... إلخ / وأقول مادياً وهو ما يثير العجب حقاً ! / ولا ارى في نفسي الآن من الضرورة ما يدفعني للحديث عن الخصائص الفنية للرواية والعلاقات الجدلية والتناقضات الشخصية والنمو أو التردي السايكلوجي الخطير بالنسبة لشخوص الرواية وانفعالاتهم وضياعهم في متاهة الواقع الرديء ، بقدر ما تكون الضرورة تلك منصبة باتجاه الحديث عما أراد قوله الكاتب ، وعن الواقع أو الواقع المفهوم على أساس أنه واقع لا ينسجم وضرورات الأنسان في جميع النواحي ، كذلك الواقع المفهوم نسبة إلى المخيلة الواسعة التي تستطيع من خلال الجماليات التي يدخلها الكاتب على روايته أن تفصح لا بشكل قصدي بحت يضعف الرواية حتماً ولا عن طريق الشعرية المفرطة أو الخيال غير الخلاق كما يفهم منه ، لكن ربما من خلال السطو الفني إن كان التعبير على محمل من الصحة على مفردات الحياة وتفاصيلها وتوضيف صراعاتها وتناقضاتها وعبثيتها وجنونها ، منطقها وجهلها وتطويعها لخدمة الفن الروائي بتجريد الرواية الأصلية ( الواقع ) بعيداً عن ابتذال الواقع نفسه وجرأته وأحداثه الروتينية وهو ما ذهب إليه / ربما / الروائي ويفهم ذلك من خلال مفهوم ( مخيلة الواقع ) الذي تحدث عنه سلفاً . وقد يراد من الكاتب الأفصاح أو التلويح ولو بشيء من الأدانة لمن فرض أو أرسى قواعد الواقع الرديء ، ولعل سعداوي فعل هذا في روايته " البلد الجميل " وقد يذهب البعض إلى أبعد من ذلك كأن يراد منه أن يذكر رموزاً أو يبدي جرأة في هذا المجال من الكتابات التي قد تودي بحياة الكاتب في زمن انطوى فيه الكثير من الأدباء والمثقفين وأعتزلوا الحياة الأدبية ، فيما انزلق آخريين حتى صاروا في عداد المدّاحين . أما القسم الثالث فقد اضطرّ إلى المغازلة من أجل البقاء في حيز الكتابة وإن كانت الحرية فيه محدودة أو شبه معدومة ، إلى آخره من الأضطرارات التي خاض بها الكاتب والمثقف العراقي . وإذا كان على الجرأة فأعتقد أن سعداوي أظهر " البلد الجميل " هذا على هيئته التي خلُص إليها على يد الدكتاتورية وحروبها المجانية : علبة تسمع من داخلها صراخ المسجونين ، أو مسخاً كان بالأمس البعيد طيراً وديعاً وجميلاً صار اليوم أو في تلك الحقبة على الأقل مثل " غريغوري سامسا " بعد المسخ ! بفعل الشعوذة القمعية والسلطوية التي مارسها الطغاة . وعلى رأي أحد الشخوص في الرواية وهو ( رسول الكاتب ) : " لا تمزق أنت شيئاً .. دع التاريخ لوحده يختار من سيمزّقه "
على أية حال ، ربما تكلم سعداوي عن ( نود ) أو (ندى ) او (نادية ) أو حتى ( node) وهي ربما أسماء تجتمع أخيراً في شخص (ندى ) حبيبة البطل ، ربما تحدث عنها كثيراً ، حتى بدت كأنها تجربة حقيقية لمسها الكاتب في حياته . لكن تبقى ثيمة الضياع / ضياع الأنسان / وسط زوبعة الضياع ذاته الذي يعاني منه الوطن واغترابه الروحي وإفلاسه المعنوي والأجتماعي والعاطفي والمادي هي النقطة المعول عليها إذا ما أُريد لقصة حلمي أن تُقرأ على أساس أنها قصة من نسج ( مخيلة الواقع ) لأنسان لم تكن إرادته مسلوبة قسراً كانت أم طوعاً / وليس ثمة من يطوع إرادته لصالح الضياع / على هذا النحو لو أنَّ بلده كان على أهبة الأستعداد لأحتضانه.



#ضياء_الجبيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف المآذن - للشاعر باسم فرات-.. الطفولة بين أنياب الحرب


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ضياء الجبيلي - قراءة في رواية - البلد الجميل - الفائزة بجائزة الصدى للروائي العراقي أحمد سعداوي