أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أوقاف القدس في رعاية ملكية وحماية رئاسية















المزيد.....

أوقاف القدس في رعاية ملكية وحماية رئاسية


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6153 - 2019 / 2 / 22 - 02:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أصدر الرئيس محمود عباس ، قبل أسبوع ، قرارًا باعادة تشكيل "اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين"؛ وذلك في خطوة هامة ولافتة لم تحظ بما تستحقه من عناية وتقدير، خاصة بعد أن نُشر، قبل يومين، على صفحة "بطركية الروم الارثوذكس المقدسية" ، بيان يعلن بلغة عدائية واخزة عن تحفظات ما أسموه "مجلس بطاركة ورؤساء كنائس القدس" على مرسوم الرئيس عباس وعن "عدم الرضى من تدنّي مستوى العضوية في اللجنة الجديدة".

سيدرك كل متابع لشؤون بطريركية الروم الارثوذكس في القدس أسباب معارضة قادتها اليونانيين لمرسوم الرئيس عباس؛ فلقد كانوا، خلال السنين الماضية، في "عين الأحداث" لا سيّما بعد أن تكشّفت تباعًا في الصحافة الإسرائيلية وغيرها تفاصيل عن صفقات بيع عقارات وتحكير أملاك تابعة لهذه الكنيسة، في القدس وعلى طول البلاد وعرضها. ورغم ما نشره الاعلام من وثائق فاضحة وحقائق دامغة لم تُستثر "اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس"، برئاستها وهيئتها السابقتين، بل تمسكت بتموضعها المريح والموالي لادارة الكنيسة اليونانية، ودأبت على مسايرة رؤسائها.

يعدّ مرسوم الرئيس، رغم تأخره، خطوةً متقدمة نحو تأطير وتصويب علاقة النظام الفلسطيني مع الوجود العربي المسيحي في فلسطين وفق مفاهيم جديدة وصحيحة، من شأنها أن تعزّز صمود القلة الباقية من أحفاد وأتباع "يسوع الناصري"، وأن تدعم مطالبهم التاريخية وسعيهم الحثيث من أجل أن يكونوا شركاء حقيقيّن في ادارة كنائسهم وأملاكها بعد أن استبعدوا عنها وعوملوا "كأغراب" من قبل أغراب مستعمرين.

سيؤثر بعض المشككين ادراج قضية اصدار المرسوم كهامش في سجل الاجراءات الروتينية التي يحكمها فقه البروتكولات الادارية، بينما سيعتبرها، وبحق، جميع من تعقبوا تداعيات "المسألة الارثوذكسية" في فلسطين كقفزة نوعية نحو احكام دائرة، حاول كثيرون من المنتفعين في اسرائيل وفلسطين، طيلة عقود، أن تبقى عصية على الاغلاق؛ فلقد سبق القرار الحالي للرئيس عباس موقفُه المعلن على لسان القيادي محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح وعضو لجنتها المركزية في "المؤتمر العربي الوطني ألارثوذكسي" الذي انعقد في الاول من تشرين الأول /اكتوبر عام 2017 في بيت لحم تحت شعار " أوقاف الكنيسة الأرثوذكسية قضية أرض ووطن وانتماء وهوية" والذي أكّد فيه بحزم على أنه "ما دام الأمر يتعلق بالأرض والممتلكات فهو يتجاوز موضوع أملاك الكنيسة أو الطائفة، فالمتعلق بالارض الهوية هو موضوع وطني عربي فلسطيني بامتياز ".

بشّرت مخرجات مؤتمر " قصر جاسر" التلحمية بميلاد حقبة فلسطينية جديدة أصبحت فيها قضايا الوجود العربي المسيحي في فلسطين والمحافظة على أملاك الكنائس وأوقافها ،خاصة أملاك الكنيسة الارثوذكسية المقدسية، شؤوناً وطنية لا لبس فيها. فبعد عام على انقضاء مؤتمر بيت-لحم المذكور، أدان أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعهم المنعقد بتاريخ 2018/1/15" عمليات تسريب ممتلكات الطائفة الأرثوذكسية للمؤسسات والشركات الاسرائيلية" ودعوا "الى محاسبة المسؤولين عن ذلك ودعم نضال أبناء الشعب الفلسطيني من الطائفة الأرثوذكسية من اجل المحافظة على حقوقهم ودورهم في ادارة شؤون الكنيسة والحفاظ على ممتلكاتها"؛ ثم كانت الخاتمة عندما أكد المجلس الوطني الفلسطيني في دورة "القدس وحماية الشرعية الفلسطينية" والذي انعقد في رام الله بين - 2018/4/30 ولغاية 2018/5/3 ، على توصية المجلس المركزي المذكورة أعلاه وأعاد المؤتمرون تضمين نصها حرفيًا في البند الحادي عشر لبيانهم الختامي.

لا بد من سرد هذا التاريخ كي نضع المرسوم الرئاسي في سياقه التاريخي الصحيح ولكي نفهم الغاية من اصداره في هذه الأيام بالذات؛ فعلاوة على ما سبقه من أحداث فلسطينية داخلية، كما أشرنا إليها مسبقًا، لا يمكن فصم قرار الرئيس عباس عن موقف الملك عبدالله الثاني ووراءه موقف القيادة الأردنية؛ فلقد رفع الأردن، تاريخيًا، مكانة قضية الأوقاف، المسيحية والاسلامية، إلى مراتب الهموم الوطنية الكبرى، واعتبر ضرورة المحافظة عليها وعلى البقاء العربي المسيحي في فلسطين والقدس تحديدًا، وفي المملكة الأردنية الهاشمية، كأولوية وطنية أردنية ومصلحة عليا لا يساوم فيها.

ستصبح قراءة خطوة الرئيس محمود عباس أسهل إذا ما قرنّاها بما أصدره، قبل أيام ، جلالة العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني من تعليمات تقضي بضرورة زيادة ثمانية أعضاء جدد على نصاب مجلس الأوقاف الاسلامية الفعّال في القدس، وذلك في خطوة ملكية تحمل عدة دلالات لا يغفلها عاقل، خاصة إذا عرفنا أن المنَسّبين لهذه العضوية يعدّون من الشخصيات الاعتبارية المقدسية.

لقد استفز القرار الأردني جهات إسرائيلة عديدة، فاعتبروه خطوة من شأنها تقويض ما أسموه "بالوضع القائم" وتحديًا للسياسة الاسرائيلية؛ ولقد ذهب بعضهم إلى اعتباره خطوة تمهيدية، تستهدف احباط "صفقة القرن" التي ستقوم الادارة الامريكية بالاعلان عنها قريبًا ؛ في حين نقل عن الصحفي "يوني بن مناحيم" قوله بأن "الخطوة تشكل انتهاكًا لاتفاقات أوسلو وتمس بشكل خطير بالسيادة الاسرائيلية على القدس." وذلك، على ما يبدو، بسبب اشتمال قائمة الأعضاء الجدد على أطراف سياسية مسؤولة أو ذات علاقات مع السلطة الفلسطينية ومع حركة فتح.

سيبقى المرسوم الرئاسي بمثابة الاعلان الصريح عن موقف فلسطيني وطني واعد ومبشّر؛ فهو علاوة على تسميته للدكتور رمزي خوري العريق كرئيس جديد للجنة وإتباعها للصندوق القومي الفلسطيني، اعتمد آلية جديدة لانتخاب أعضائها وفق مواقعهم ومناصبهم الرسمية، على ما يعنيه ذلك من تحويل اللجنة إلى مؤسسة وطنية بامتياز .

ان حق الانتقاد مكفول للجميع، أما التهجم على الرئيس، بسبب مرسومه، وعلى أعضاء اللجنة الجدد فهو أمر مرفوض، وذلك رغم انّ دوافع بعض المتهجمين واضحة؛ ولكن أن يشتكي ما سمي "مجلس البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس" من "تدني مستوى العضوية في اللجنة الجديدة" فهذا يعد اتهاماً يحتاج إلى مساءلة مَن وراءه، وتجنياً يستدعي التفسير أو المحاسبة.

فهل حقًا يقف جميع البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس وراء ذلك البيان؟ وكيف سوّلت لهم أنفسهم اعتبار رئيس المجلس وأعضاءه الجدد من "المستويات المتدنية" رغم تاريخهم وما يمثلونه من قطاعات شعبية واسعة ومؤسسات وطنية وسيادية رفيعة القامة والمستوى.

لقد قلنا أن أعضاء اللجنة ينتخبون برسوم مواقعهم أو بانتداب مؤسساتهم أو وزاراتهم، فالتهجم عليهم، كما جاء في البيان المذكور، يمس علنًا شخوصهم ويمس معها جميع المؤسسات والمواقع التي ذكرها المرسوم الرئاسي وهي: ممثل عن الرئاسة الفلسطينية، رؤساء بلديات بيت- لحم ، ورام الله وبيت-ساحور وبيت-جالا ، ومحافظ القدس، وممثلان عن وزارتي الخارجية والسياحة ، وسفير فلسطين لدى الفاتيكان، ورئيس المجلس المركزي الارثوذكسي العربي، ورئيس لجنة ترميم كنيسة المهد وممثل عن جمعية اتحاد الكنائس في غزة.

لقد هاجم الاعلام الاسرائيلي قرار جلالة الملك عبدالله الثاني، ولم يخفِ دوافعه لذلك ولا مخاوفه من القرار الأردني/ الفلسطيني ؛ وفي نفس الوقت قامت بعض الجهات باعتراض وبمهاجمة مرسوم الرئيس محمود عباس والتعدّي على من انتخبوا حسبه وعلى ما يرمزون إليه، ولا عجب من هذا التزامن؛ فلقد استفزهم الموقف الأردني الرافض لأية مساومة على أرض القدس، كما استفزتهم الصرخة الفلسطينية في وجه من يفرّطون بتراب وأملاك الوطن.

توقعنا ردة فعل جميع من يخاف أن تتحول قضية الأملاك والعقارات الكنسية إلى مسألة وهاجس وطنيين؛ لكننا، بالمقابل، نحن في القدس ما زلنا نؤمن أنه مثلما طرد المسيح جميع اللصوص والسماسرة من الهيكل هكذا سيحظى جميع "المخلصين الانقياء" بمستقبلهم المشرق في فلسطين الأبية، ونؤكد أن صرخة "الفادي" مهما يحاول المغرّضون طمسها، ما زالت تجلجل في البلاد وتعيد "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القائمة المشتركة، نهاية مغامرة
- القائمة المشتركة: الحزب في مواجهة - النجم-
- ويكفي الناخب شر تجربة واحدة
- بين مسيح حيفا وعذراء فاطمة
- هل تطلّق القائمة المشتركة النائب أحمد الطيبي
- هل ينجح الوزير اردان بتوحيد اسرى فلسطين؟
- رسالة الى محمد صلاح
- خواطر جليلية من - الراين-
- قتل النساء وأزمة الهوية
- شرف العربي معلق على خاصرة وردة
- فتشوا عن - المشترك- وليس عن -المشتركة-
- اتركونا نحن العرب في اسرائيل لنحيا
- ياسر عرفات .. ذكرى
- انتخابات المجالس المحلية:ماذا قالت الجماهير العربية في اسرائ ...
- القدس بين سلطان ودير
- -لجنة المتابعة- هدف معارك اسرائيل القادمة
- القدس عارية
- الحكمة والوجع في دموع اكتوبر
- الحرب هي على انجازات أسرى فلسطين
- في -الغفران- تبكي القدس فيصلها


المزيد.....




- البرتغال: بعد 50 عاما على سقوط الدكتاتورية.. ماذا بقي من -ثو ...
- فرنسا: السجن مدى الحياة لثلاثة مسؤولين في النظام السوري إثر ...
- السيسي وبايدن يتفقان على إدخال المساعدات الإنسانية والوقود إ ...
- جدعون ليفي لـCNN: قرار محكمة العدل الدولية يجعل إسرائيل -دول ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: كيف سيُمكن العالم ...
- إسرائيل ترفض في بيان قرار محكمة العدل وتصف اتهامات جنوب إفري ...
- محكمة باريس تقضي بالسجن المؤبد على مسؤولين أمنيين كبار بالنظ ...
- الناتو لا ينوي دعوة أوكرانيا للانضمام للحلف خلال قمة يونيو
- غوتيريش قرارات محكمة العدل الدولية بشأن رفح ملزمة
- نصر الله يسخر من نتنياهو عقب تصريحاته بخصوص -خطط للشمال- (في ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أوقاف القدس في رعاية ملكية وحماية رئاسية