أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حدوش - كنزُ البيتِ القديمِ














المزيد.....

كنزُ البيتِ القديمِ


مصطفى حدوش

الحوار المتمدن-العدد: 6152 - 2019 / 2 / 21 - 12:38
المحور: الادب والفن
    



لم يستطع الحاج علال أن ينام، لقد انشغل بالُه باستخراج كنز البيت القديم. حين توفي شقيقه أحمد لم يتردّد في طرد زوجة أخيه وأبنائها من منزلهم، مدّعيا للجميع أنه ملك له اشتراه من أحمد قبل وفاته، لم يستطع أحد معارضته فقد كان قاسيا يغضب دائما ولا يحبّ من يعارضه. في تلك الليلة والساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، توجه علال إلى البيت القديم رفقة الخمّار خادمه المطيع الذي سعى خلفه محاولا مسايرة خطواته المتسارعة، وعند اقترابهما أدخَل الحاج يده في جلبابه وأخذ المفتاح الحديدي الكبير:
اسمع، سأفتح الباب وتدخل أنت أوّلا، لا تحدث أي صوت، هل سمعت ما قلت؟
تماما سيدي الحاج، لك ما تريد.
أنا سأبقى قرب الباب لأنتظر قدوم الآخرين.
أبقى أنظاره في اتجاه عتمة الليل القاتم منتظرا قدوم الفقيه ورفيقيه العامري والجيلالي، هما اللذان أخبراه بأمر الكنز، ليست لديه أي معرفة مسبقة عنهما، يعرف فقط أنهما غريبان أتيا من بعيد وأطلعاه بخبر وجود كنز في البيت القديم. هاهم الأشخاص الثلاثة يخترقون الظلام الكثيف، يظهر الفقيه بقامته القصيرة وجلبابه الأبيض يتوسطهما حاملا أغراضه في كيس، تلك أشياء خاصّة به، يعلم كيف يستخرج الكنوز وسبق أن قام بالعملية مرّات عدّة، هذا ما أخبر به الجيلالي الحاجَّ علال في اللقاء الأوّل.
لقد وصلتم في الوقت المناسب، هذا هو المنزل يا سيدي الفقيه، قالها الحاج راسما ابتسامة للفقيه ثم أغلق الباب. بعد دخولهم أطلعهم الخادم على مكان الحظيرة وترقّب الكلّ في صمت الفقيه وهو ينتقل إلى الزاوية الموجودة على يسار الباب، ويبدأ في تعداد خطواته حتى استقرّت قدمه اليمنى في وسط الحظيرة. أخذ البخور فرمى به في المجمر الصغير وتمتم بألفاظ غريبة بصوت خافت مغمضا عينيه، تاركا رأسه في حركة ارتجاج سريعة. بعد أن حدّد مكان الكنز أمَر الخمّار بالحفر، ثم وقف بجانب المجمر يرمي البخور ويصدر غمغماته الغامضة.
في اللحظة التي لم تفارق فيها نظرات الحاج علال ضربات الفأس في مكان الكنز، يتوقف الخمّار عن الحفر، لقد تغيّر صوت الضربة الأخيرة، أزاح التراب فظهر الصندوق النحاسي أمام أعين الجميع، وكاد الحاج ينطق بشيء لولا أن أشار إليه الفقيه بالتزام الصمت، ثم أخرج الصندوق وردّد شيئا من كلامه الغريب قبل أن يبادر إلى فتحه.
كنتَ يا حاج على وشك إفشال كلّ شيء، لو أصدرتَ كلاما قبل أن أفتح الصندوق لضاع الكنز.. سيتحوّل إلى رماد.
لا تقُل هذا يا سيدي الفقيه، لن أتحمّل ضياع الكنز، أفضّل الموت على العيش بدون كنزي، كنزي الذي شقيتُ من أجله.
اتّجه العامري والجيلالي نحو الحاج، تحدّثَ الجيلالي قائلا: الآن قد حصلتَ على الكنز، دعنا نكمل اتفاقنا.
نعم نعم، لقد أحضرتُ المال معي. قالها الحاج علال وهو يمسك الصندوق بإحدى يديه ويخرج رزمة النقود من الجيب باليد الأخرى: هاهو المبلغ الذي اتفقنا عليه، يجب أن ننصرف الآن.
أخذ الجيلالي رزمة النقود ووجه نظرة قصيرة إلى صديقه العامري.
هل تريدون عدّ النقود؟
طبعا نثق بك أيها الحاج، لنخرج الآن.
عند باب المنزل في الخارج وقد انشغل الحاج علال بإغلاق الباب، سمع صرخة الفقيه، لقد رماه العامري بطعنة من خنجره الحادّ، سرعان ما التفت بطعنة خاطفة أخرى نحو صديقه أسقطته على الأرض، عندها هاجمه الحاج بحجر على رأسه، لفّ الصندوق بيديه وأراد الهروب لكن صادف أمامه خادمه، تبادلا نظرات قريبة لم تدم طويلا ليراقب الحاج في ذهول يد الخمّار الحاملة للسكين تنطلق بسرعة نحو رقبته !! هذه الحركة التي قاطعت كابوسه المزعج، استيقظ من حُلمه الشّرير وهو في حالة من الرّعب الشديد، شهيق طويل بصوت مسموع واستيقظت زوجته التي سارعت إلى إضاءة مصباح الغرفة، فناولته كوب الماء، شربه وظلّ جالسا فوق السرير شارد الذّهن يفكّر في كنز البيت القديم الذي سيذهب إلى استخراجه ليلة الغد.



#مصطفى_حدوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حدوش - كنزُ البيتِ القديمِ