أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - كثرة الشعراء، وقلة العلماء














المزيد.....

كثرة الشعراء، وقلة العلماء


علي طه النوباني

الحوار المتمدن-العدد: 6131 - 2019 / 1 / 31 - 17:27
المحور: الادب والفن
    


يتزايد عدد الشعراء في العالم العربي على نحو جنوني، ويكاد عددهم يفوق عدد السكان.
صحيح أنَّ الشعراء الكبار معروفون إلى حد بعيد، لكنَّك لا تكاد تجلس مع عربي إلا أسرَّ إليك أن لديه ديواناً مخطوطاً أو محاولات شعرية مكتوبة يحتفظ بها بين أوراقه، ولكي لا أظهر وكأنني أحجر على حرية أحد؛ فأنا ومن البداية أقرّ للجميع بحرية الرأي وحرية التعبير بما في ذلك الشعر والرسم وحتى الرقص، وبخاصة أنني واحد من هؤلاء الذين يكتبون الشعر، ولكني أتساءل عن أسباب هذه الظاهرة، وهل هي طبيعية أم ناتجة عن ظروف غير طبيعية وأوضاع شاذه يعيشها الإنسان العربي.
لا بدَّ في البداية أن أشير إلى واحد من الأسباب المهمة، وهو أنَّ للشعر مكانة كبرى في الثقافة العربية لا مجال هنا للتوسع في بحثها، لكنَّني أجزم أنَّ رغبة الناس في هذه الأيام في قول الشعر تفوق رغبتهم في قراءة أشعار الكبار وتجاربهم! فما هو السبب وراء ذلك؟
ضمن الفشل الذريع للأنظمة العربية في تشكيل الدولة الحديثة القائمة على تشجيع الإبداع في كافة مجالاته العلمية والثقافية والأدبية؛ لم يجد المواطن العربي طريقة أسهل من الحرف للتعبير عن طاقاته المخنوقة الكامنة والتي لم تجد من يتبناها؛ فكلّ الأدوات اللازمة لقول الشعر – من منظور المواطن البسيط – هي قلم وورقة، وقد استغنى العربي عنهما بعد حصوله على الهاتف الذكي، فكل ما عليه هو أن يكتب هذيانه وأحزانه حول الفشل المفروض عليه من الأنظمة العقيمة بأصابعه على مواقع التواصل الاجتماعي شعراً معمّىً لا تستطيع السلطة ملاحقته قانونيا بسببه، ودونما حتى قلم وورقة!
استأثرت السلطة لمن يوالونها بفرص التعليم الحقيقية بغض النظر عن قدرتهم على الإبداع، وانكفأ الموهوبون والمبدعون في شتى المجالات راضين بما يتاح لهم من قبيل وظيفة تافهة أو بسطة خضار أو غير ذلك، وحصلنا على مجتمع يُفرض عليه الفشل بالقوّة، وتباد أحلامه بالجملة.
مبدع في الفيزياء أو الرياضيات أو الطب.... لم يجد من يأخذ بيده ليصبح عالماً يخدم الإنسانية ويكتشف ويخترع؛ فوجد نفسه بائع خضار أو عاملا في محل ألبان تقتله الحسرة فيستلهم حزنه شعراً ويبكي مجداً قتلته أنانية السلطة وفوضى غياب الدولة الحقيقية التي يجب أن تنقل الناس من الغابة إلى فن الاجتماع وليس أن تمعن في فنون الافتراس.
كل هؤلاء الذين يقتنون دفاتر تحتوي قصائد مهلهلة وحزينة كان يمكن أن يكونوا علماء مبدعين ينهضون بحضارتنا من جديد لو أتيح لهم دولة حقيقية تقيم العدالة، وتشجع الإبداع، وتعظم حرية التفكير، وتحترم حقوق الإنسان القائمة على العدالة والمساواة، فكم هي خسارتنا كبيرة، وكم هي فاجعتنا مأساوية تفوق كل القصص الحزينة التي قرأناها.



#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية بين الكبت (والانجلاق)
- حرَّم الخمر...، واختار النساء
- تحقيق الصفو العام في بلاد الخوف العام
- بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا
- الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات
- معادلة أحادية المقاربة بين التسليم والعقم الحضاري
- الفصل من جروب الفيسبوك، عقوبة ثقافية جديدة
- اليسار التقدمي يُغير الشعب
- وسِّع الميدان ... نزلت الفرسان


المزيد.....




- تايلور سويفت تواصل تحطيم الأرقام القياسية.. بيع 4 ملايين نسخ ...
- وفاة المخرج الإيراني الشهير ناصر تقوائي عن 84 عاما
- أَسْئِلَةٌ عَلَى مِشْجَبٍ مَنْسِيٍّ
- إعلان أوائل -توجيهي 2025- في غزة: سلمى النعامي الأولى على -ا ...
- رافض القيود الصارمة.. وفاة المخرج الإيراني ناصر تقوائي
- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - كثرة الشعراء، وقلة العلماء