أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزرار محمد - الأولترات بالمغرب وهاجس مجابهة التمييع.














المزيد.....

الأولترات بالمغرب وهاجس مجابهة التمييع.


أزرار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6116 - 2019 / 1 / 16 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


طالما كانت كرة القدم المتنفس المحبذ لكل أطياف المجتمع، و العشق الذي لا ينضب له معين، منذ أن انبلج فجرها على يد الإنجليز مع مطلع القرن 18 وبعد أن كان ركل الجماجم بعد الانتصار في الحرب الفكرة الجنينية للمستديرة، تطورت رويدا رويدا إلى أن أضحت ركلا للأوعاء و العقول التي تستتبع الأفكار الطلائعية و العمل على تجميد حركيتها الفكرية، ونال الانجليزي تشالرز جوديير براءة اختراع كرة من مطاط مقوى سنة 1863.
لقد كان للفكرة الطلائعية الفضل الجسيم في تحول هذه اللعبة و تصييرها ما صارت عليه الآن، و من منظور تقدمي، تقدم الوعي لينقل الابداع من أرضية الملعب إلى جنبات المدرجات، و استنبت نوعا أخر من الإبداع، أطلق عليه "التيفو"، تسهر على إنجازه فئة مثقفة و ذلك ما توحي به جل الرسائل التي ترسم على شكل لوحات دافينشية متقنة و دقيقة وضعت بطريقة بانورامية تبعت على الانبهار و الروعة من قبل مبدعين يؤطرهم سياق تنظيمي يستتبع أفكارا وإيديولوجيات، و هذا السياق اختير له اسم ultras فصيل و مجموعة، و على نافل القول فأي تجمع يحوي أفكارا معينة من شأنه أن يدفع بالمجتمع إلى التقدم و التنصل من يافطة الوعي الكائن، و من شأنه أيضا أن يدفع به نحو الارتكاس و النكوص. فإلى أي حد تسهم الأولترا في الدفع بعجلة المجتمع ؟ و ما أهم القيم التي تستديمها ؟ ألا تعد هذه الفصائل خطرا يهدد الأفراد و الجماعات بالنظر إلى الضحايا التي سقطت في محافل كروية عدة ؟ و ما السبب وراء هم الجهاز الرسمي على اجتثات هذا النوع من الابداع ؟

في سياق الحديث عن معضلة الأولترا والبحث الحثيث على تجميد أنشطتها من طرف ذوي الشأن في المشتل المغربي، وجب التنبيه إلى تهافت مسوغين اثنين، المسوغ الأول هو أن الأولترا فكرة و بذلك فهي إيديولوجيا لأنها تعيش في بلاط الجماعة، و المسوغ الثاني هو كون الأولترا تشكل خطرا كونها حلما مجاوزا للكينونة الرسمية و التي تفرضها الطبقة الحاكمة، و أرى أن هذين المسوغين منطقيين إلى حد بعيد، ذلك أن معظم الفصائل تتشكل في الغالب من عامة السواد أفراد الطبقة المسحوقة، يتخذونها مطية للابداع و التعبير عن الارتكاسات و السخط العارم على اوضاعهم، إنها تنقل بوساطة لوحاتها جزءا من الحياة اليومية بوسائل محدودة، شأنها شأن الأدب، فأضحى المبدع في الأولترا كالمبدع في الرواية، يعمل على استدامة قيم تتقهقر شيئا فشيئا في مجتمع يعلي من قيم الكم على حساب قيم الكيف.
لا شك أن الأولترا بما تحمله من أفكار طالما كانت رائدة لقيم سامية و راقية تنأى عن الابتدال و الاسفاف الذي يطال مختلف أطياف المجتمع، و لا يمكن عد تلك القيم على أطراف الأصابع، و لعل أهمها تلك التي يرفعها و يتغنى جمهور الرجاء البيضاوي (في بلادي ظلموني...)، وبذلك فهي تمثل الواقع وتعلي من هموم الشعب، الشيء الذي جعل هذا النمط الابداعي يشهد هجمة شعواء تشن عليه لاجتثاته واستئصاله تحت ذرائع جمة، من بينها ظاهرة العنف التي أردت عددا كبيرا من الأفراد قتلى وذنبهم الوحيد هو حبهم الجارف لهذا النوع من الابداع، فما سبب تفشي ظاهرة العنف بين أعضاء الأولترات بالرغم من الوعي الذي يؤطر المجموعات ؟ و ما الدوافع الذي ولدت العنف و الذي لم يعرف من قبل ؟ و هل يعد ذريعة كافية لاجتثات الفصائل المناصرة للفرق ؟
لا يختلف اثنان حول كون العنف كظاهرة خطيرة وجدت بوجود الانسان فوق البسيطة، يهدد الكينونة البشرية على مر التاريخ، وملاعب كرة القدم لا تخرج عن هذه القاعدة، و لعل ما يسوغ هذا الأمر هو الاختلاف في الانتماء، فكل صدام يولد صراعا، اللهم إذا كان الوعي يحكم هذا الصدام ويرسم له حدودا لا يزيغ عنها، فكان لزاما الحد من هذه الآفة من خلال تدابير عدة. لكن هل استئصال الأولترا كفيل بحل المشكلة ؟ ألا تتحمل السلطات جزءا مما يحدث داخل الملاعب من أحداث مؤسفة أودت بأرواح الكثيرين ؟
إن قرار فرض الحضر العملي على الأولترات و تجميد أنشطتها كانت من ورائه غنائم عدة، لكن هذا الحضر لم يحد من الشغب و العنف الذي يتحمل فيه الجهاز الوصي القسط الكبير، و لم يكن البثة هاجس العنف هو الدافع الأساس نحو ذلك، ولكن لما أستشعر الخطاب الرسمي خطورة وأهمية الأولترا في نشر الوعي الثوري الذي تحمله شعارات يتغنى بها المناصرون سعى إلى كسر هذا النمط من عموده الفقري تجنبا لأي فكر طلائعي يهدد الوعي القائم، بعد الأولترا ليس مجرد تجمعات ترسم لوحات كوليغرافية و الأندية مجرد أندية أقيمت من أجل مجرد لعبة، و إنما لكون هذه الأخيرة جردت من قيمتها و من هدفها النبيل، و سممت بأفكار سوداوية تسقي التعصب والعنف و زرع الفتن بين المناصرين، و من ذلك، هدفها ضمور إيديولوجيا الشعب ونسف أكسجين المسحوقين عن طريق نزع شعار الأولترا وفرض الحضر عليها.



#أزرار_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكر المنعطف ومنعطف الفكر عند هايدغر
- الطفرة النقدية بالمغرب وواقع التردي السياسي


المزيد.....




- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...
- الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو ...
- الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من ...
- انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي ...
- -الصليب الملتوي-: الرواية المفقودة التي وجّهت تحذيراً من أهو ...
- بعد 80 عامًا من وفاة موسوليني ماذا نتعلم من صعود الفاشية؟
- مطربة سورية روسية تحتفل بأغنية في عيد النصر
- مركز السينما العربية يكشف برنامجه خلال مهرجان كان والنجمان ي ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزرار محمد - الأولترات بالمغرب وهاجس مجابهة التمييع.