أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - الساكيه، «نبيذ» اليابان














المزيد.....

الساكيه، «نبيذ» اليابان


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 18:52
المحور: سيرة ذاتية
    


لهؤلاء الذين يتعاطون المُنكر، والذين ضاقوا ذرعاً بروتين المشروبات المُقّطّرة منها أو المُخمّرة، عليكم بالساكيه 酒 Saké.
في تفصيل الكلمة: الإسم الذي عُرف به هو نيهون شو 日本酒 ويعني حرفياً «مشروب كحولي ياباني»، نيهون تعني اليابان، واليابان تُسمّى أيضاً «نيپّون». معلومة إضافية لا علاقة لها بموضوعنا الرئيسي اليوم. أما شو فتعني شراب كحولي، أو liquor. ولأن طرق تحضيره تختلف من مكان لآخر، وحسب إستعمال المواد الخام (في جزيرة كيوشو يُطلق إسم ساكيه على مشروب كحولي يُستخرج من البطاطا، ونفس الإسم يُطلق في جزيرة أوكيناوا على المستخرج من قصب السكر، وهكذا)، فإن الأرز يظلّ المُكّون الرئيسي في معظم المناطق.
لإراحة الناس من كل هذا الصداع، أُختصر الأمر بكلمة ساكيه، وبإهمال مُتعمّد لما يُستعمل من المواد الأولية وطريقة التخمير أو إضافة الكحول الصافي المُقطّر.

ولقصة إضافة الكحول المُقطّر علاقة بالحرب العالمية الثانية، إذ منعت الحكومة، أثناء الحرب، إستعمال الأرز في صنع الساكيه، لأنه بات المادة الغذائية الرئيسية للأمّة التي كانت تخوض حرباً فظيعة. لكن الشعب يريد أن يسكر، ربما لتجاوز محنة الحرب، فوجدوا طريقة سهلة: إضافة الكحول إلى ما استطاعوا جَنْيه أو إلتقاطه من جذور في الجبال، مثل «يامايمو»، أو بطاطا الجبل.
حتى بعد الحرب ورفع الحظر، استمر البعض في إنتاج الساكيه بإضافة الكحول بسبب سهولة وسرعة التحضير. هذا النوع هو الأرخص، والأسوأ، فاجتنبوه.

يُسمّونه بالنبيذ الياباني، وهذا خطأ كيميائي، لأن طريقة تحضيره تُشبه صنع البيرة أكثر من تخمير الأعناب للإستنباط.
وكما الفرنسيون يفخرون بقصور (شاتوات) النبيذ، ويُطلقون أسماء المناطق الجغرافية عليها، فإن الساكيه صارت أشبه بالطقوس في بلاد الشمس والتقاليد، وصار لكل محافـظة ومدينة وبلدة وقرية ومعبد نوعها وعلامتها التجارية.
لا نعرف تماماً كيف جاءت إلى اليابان. البعض يربطها بالصين، كما جرت العادة، وآخرون يقولون أن طريقة تخميرها جاءت من «الشراب الكحولي الممضوغ».
كيف؟
في القرن الثالث الميلادي، كان الفقراء يمضغون الأرز والكستناء وبعض الحبوب ثم يبصقون المزيج في قوارير فخارية ويتركونها حتّى تتخمر، بفعل الإنزيمات والميكروبات وقرف الأفواه والأسنان المُسوّسة، لتصبح السكريات في هاتين المادتين كحولاً.
تبدو مُنفرة ومقززة هذه الطريقة. لكنك، إذا قادتك الصدفة إلى غابات الأمازون، أو تُهتَ في أدغال أفريقيا، وصادفت القبائل التي مازالت تعيش هنا وهناك، فلن يُسمح لك برفض كحولهم المجبول بالبصاق، حتى اليوم. لن تُهين كبرياء الشعوب والأقوام، أليس كذلك؟
لحسن الحظ اكتشف الإنسان، مصادفة، نوعاً من الفطر، يُحوّل النشاء إلى سكر، يقوم مقام عملية المضغ. هذا الفطر هو الذي يُستعمل أيضاً في تحضير عجينة الميسو وصلصة الصويا، التي لا يخلو بيت ياباني منهما.
هناك خمس طرق متباينة التفاصيل لصنع الساكيه: جونماي-شو (Junmai-shu)، هونجوزو-شو (Honjozo-shu)، دايغينجو-شو (Daiginjo-shu)، غينجو-شو (Ginjo-shu)، نامازاكيه (Namazake). وتصنيفها يعود إلى نسبة الكحول المُقطّر المضافة أو خُلّوه تماماً منها والإكتفاء بالتخمير الطبيعي. كل هذه التفاصيل يجب، بحكم القانون، أن تُذكر على ملصقة الزجاجة أو الكرتونة.
نسبة الكحول عادة ما تكون بين ١٤٪ إلى ٢٠٪. يُمكن شربها ساخنة أو باردة حسب المزاج. سيسألك النادل، بالتأكيد، عن الطريقة التي تُفضّلها.

في طول البلاد وعرضها تُقام المهرجانات السنوية لهذا المشروب الشعبي، رغم أن البيرة أخذت الكثير من بريقه بعد سنوات الحرب العالمية الثانية.
في السنوات الأخيرة، عرف العالم مذاق الساكيه وصار مرغوباً في كل مكان، خاصة بعد إنتشار المطاعم اليابانية في أرجاء الكرة الأرضية، حتى لا تكاد مدينة أو بلدة تخلو منها، مع أخذ الحذر من أن معـظمها لا يُديره يابانيون. الآن هو سلعة تصدير يكبر حجمها سنة بعد اخرى، لا بل إن معامله بدأت بالظهور في بلدان اخرى، مثل الصين، أمريكا، اوستراليا، وحتى في فرنسا نكّسوا رؤوسهم وانصرفوا إلى إنتاجها، خاصة بعد هجرة شريحة من أفضل أساتذة الطبخ الياباني إلى باريس وتقديم فنونهم المُذهلة في مطاعم عديدة تنتشر في الشوارع المحيطة بدار الأوبرا، إن أردت أن أكون أكثر دقّة.

في مطاعم الإيزاكايا يتناول الزبائن المازات العديدة ويشربون الساكيه والبيرة. هنا لا ضير من شربهما في جلسة واحدة، خلافاً للبيرة والنبيذ، اللذين يُشكّلان خليطاً يؤدي إلى الثمالة الشديدة وفقدان التّحكم بالعقل والمنطق (حينما تشرب البيرة بعد تناول النبيذ).
طريقة التقديم التقليدية هي صبّه في حاويات خشبية مُربّعة، أو أن تكون في زجاجات صغيرة تحمل إسم المطعم، أو في أباريق صغيرة من البورسلين أو الفخّار، أما الكاسات فإنها تتوافق وتتماثل مع الزجاج أو البورسلين.
وفي الإيزاكايا طقوس لتقديمها وشربها. تقول «كامپاي» لمن حولك. صحّة، كما نقولها. تسأل النادل عن الساكيه المحليّة أو تدعه يختار الأنسب لطعامك (كما النبيذ).
مرّة طلبت كأساً فأعجبني، في مطعم مزدحم وصاخب في أمسية سبت. طلبت من نادل مرّ بجانبي كأساً اخرى فتأخّر عليّ لمدة لا تتجاوز خمسة دقائق، فطلبتها من نادل آخر مرّ بي. بعد ثوانٍ قُدمّ لي الكأس وزجاجة تحتوي على ليترين من نفس نوع الساكيه. وحينما أبديت استغرابي، قالوا لي هذا هو التقليد المُتبع إن تأخر طلبك، ولك الحرية بشرب ما يحلو لك، مجاناً. عادة لا يشرب أحد منها، فهي مجرّد تقليد وثقافة بارات.

إذا كنتَ من محبي السوشي، أوصيك بشرب الشاي الأخضر معه، وإذا أصرّيت على مشروب كحولي فخُذْ البيرة. تناول الساكيه، يبقى في أفضل حالاته، إذا كان بصحبة مخلّلات كيوتو المُخمّرة من خضار سهول كانساي المعطاءة. هذا إذا كنت في اليابان، وإلّا عليك أن تكتفي ببعض المُكسّرات المُملّحة ومخلّلات أم سليم.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفلة ليلة السنة الجديدة
- محمد عبد الوهاب وأنا
- القطط وأنا
- البيرة، وما أدراك!
- بعوض وحشرات اخرى
- عائلة سورية لاجئة في اليابان
- في ثقافة التواليت
- السريان، من القامشلي إلى السويد
- أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كوبيه، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الميلاد في الدانمارك ليس جورج مايكل فحسب
- كيوتو (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس


المزيد.....




- فيضانات تايلاند: قوارب لإجلاء العالقين وإغلاق السكك الحديدية ...
- الجيش الإسرائيلي يعرض أسلحة ومعدات يزعم مصادرتها من حماس وح ...
- قصف روسي لأوكرانيا بمسيرات وصواريخ يخلف قتيلا واحدا
- التونسيون ينتخبون رئيسهم الجديد بعد حملة انتخابية -باهتة-
- ما تأثير اغتيالات قادة في حماس وحزب الله على مجريات الحرب؟
- تقارير: تعليق الرحلات في مطارات إيران حتى صباح الاثنين
- نتنياهو يوجه رسالة للجنود الإسرائيليين من حدود لبنان عن -صنا ...
- إيران تعلق جميع الرحلات الجوية في مطاراتها
- مصر.. الإفراج عن أكثر من 3600 سجين بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر ...
- دراسة إسرائيلية تكشف تفاصيل -مثيرة- عن تخطيط السنوار -الفريد ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - الساكيه، «نبيذ» اليابان