أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - من بنية المفارقة إلى اللامعقول .. (عودة الكومينداتور ..بائع القلق)














المزيد.....

من بنية المفارقة إلى اللامعقول .. (عودة الكومينداتور ..بائع القلق)


مرتضى هاتف بريهي

الحوار المتمدن-العدد: 6096 - 2018 / 12 / 27 - 16:41
المحور: الادب والفن
    


يبدو أنّ تخييب توقع القارئ، قد صار لازمةً من لوازم القصة القصيرة عند بعض الكتّاب، منذ وضع مفهوم "لحظة التنوير" التي تضيء المنسي في السرد السابق في خاتمة القصة؛ بغية إرباك القارئ وإثارة دهشته وإبهاره بنهاية غير متوقعة.

الدهشة والابهار اللذان لم يغفل أثرهما أرسطو في نشوء الفلسفة والتفلسف الدائم، فكيف بعالم القص الذي يتوخى فتنة القارئ وإمتاعه بأي لعبة كتابية حتى وإنْ كانت لعبة خداع وتضليل.

ولعلّ أنمار رحمة الله قد تقصد تخييب توقع القارئ في خواتيم مجموعته القصصية(عودة الكومينداتور)، عبر المفارقة التي انبنت عليها نصوصه فـ(العائد، وليلة ضاع فيها الرغيف، والعُراة، واللعنة، وهذا ما حدث في المقبرة، وأوراق متناثرة، وقتلتُ عصفوراً مرتين)، التي تمثل أغلب نصوص مجموعته في قسمها الأول، اعتمدت صدم القارئ ومفاجأته في نهايتها، إذ يتوقع القارئ نهاية اعتيادية وإذا به أمام حقيقة جديدة تبعث فيه متعة الخداع القصصي ، لكنها لم تكن كلها متقنة ومحكمة البناء، فقصة (ليلة ضاع فيها الرغيف) فيها ضعف يكسر نمط المفارقة؛ لأن الافتعال يبدو واضحاً في أحداثها، وكذلك يظهر الضعف في قصة (أوراق متناثرة)؛ لأن المتن الحكائي مألوف في الحكايات الشعبية، في حين تتجلى جمالية المفارقة في قصة (العُراة)، إذ يستدرج الكاتبُ القارئَ فيها لفخ مفارقة محكمة البناء.
أما في القسم الثانية من عودة الكومينداتور المعنون (قصص خطيرة جداً) فالتكثيف والاختزال يجعل من لعبة المفارقة أقل قدرة على خداع القارئ، وكذلك تجعل الكاتب يلجأ إلى الحكايات ذات الأحداث المألوفة ويعيد كتابتها بطريقة أخرى كما في قصص (حكاية الجندي المعلق، والطفلة والبحر، وطفل وجدار، أبي وأمي، والأغبياء، والمتصلص،وانظروا للتلفاز، والبراءة والقلادة) ، أو يتكئ الكاتب على تحويل مسار الأحداث وافتعالها كما في (اللوحة والرسام، وسارق الأطفال، والصياد والسمكة، ودعوني أغرد)، أو يعتمد على اللامعقول والخرافي كما (الصياد والسمكة، وفي تلك الليلة، والبائع المتجول، وجمهورية بلا معنى، وستبقى وحيداً)، مع اعتماد الأبعاد الرمزية في القسم الثاني.

وإذا علمنا أن عودة الكومينداتور هي المجموعة القصصية الأولى للكاتب، فلابدّ من الإشارة إلى إمكانيات الكاتب في الكتابة السردية بلغة بلاغية جمالية و فخمة ، من دون المبالغة في الشعرية، وتسيير أغلب أحداث قصصه من دون مبالغة أو افتعال كبير، واختيار متون حكائية مميزة ومقاربتها بشكل جيد.

أما مجموعة (بائع القلق)، فيبدو أن الكاتب يتورط فيها في اعتماد بنية المفارقة مرة أخرى مع محاولة لمقاربة اللامعقول، وبهذا فهو يقع ضحية النسق، النسق الذي قال عنه إميل سيوارن بأنّه اسوأ أشكال الاستبداد.1

وعلى الرغم من أن الكاتب يسعى إلى إضفاء البعد السحري على الواقعي في أحداث قصصه، بإبراز اللامعقول كجزء من الواقع،مع عدم إغفال قول هايدغر : إنّ ((النظر بطرف العين إلى اللاعقلي، بوصفه مخلوقاً مشوهاً، يقدم للعقلي الذي يتم التفكير فيه، خدمات غريبة))2، إلّا إن أنمار رحمة الله لم يوفق في ذلك؛ لأن حضور اللامعقول كان اعتباطياً من دون غاية واضحة كما في قصة (ثأر، وبرداً وفزعاً، وصوت الحملان).

ويبدو أن اعتماد الكاتب على تخييب توقع القارئ والمفارقة في مجموعة(بائع القلق) قد أفضى به إلى إشكاليتين : الأولى : نسقه المكشوف للقارئ الذي قرأ عودة الكومينداتور، وعدم دهشته وانبهاره من نهايات قصص مجموعته الثانية، أما الإشكالية الثانية: فتتمثل في تكرار الكاتب لنفسه، وفي افتعال الصدف والنهايات غير المتوافقة مع الأحداث، وعدم تنامي الأحداث بشكل مقنع للقارئ.

أما عن المتون الحكائية في (بائع القلق) فتبدو جيدة، وبعضها باردة يحاول الكاتب أن يبث فيها الروح و الدفء من دون جدوى، في حين أن السرد يبدو أقل إحكاماً من سرد (عودة الكومينداتور) من ناحية اعتماد اللغة الحكائية المباشرة وتغييب اللغة الشعرية، وكذلك يلحظ خلو المجموعة من البعد الفلسفي.

……………………

1- مثالب الولادة:146

2- أصل العمل الفني : 71
.
.



#مرتضى_هاتف_بريهي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكان المغيّب ومثالية الجسد .. كتاب المراحيض


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - من بنية المفارقة إلى اللامعقول .. (عودة الكومينداتور ..بائع القلق)