أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - أوروبا أمام أزمة ديموغرافية وشيكة














المزيد.....

أوروبا أمام أزمة ديموغرافية وشيكة


ماجدة تامر

الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 13:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عندما كشفت عن خطتها الرامية إلى منح حوافز للعائلات الفرنسية لتشجيعها على الإنجاب، فإن الحكومة الفرنسية كشفت أيضاً عن سعيها إلى التعامل مع أزمة ديموغرافية وشيكة ومقلقة، تؤثر ليس فقط على فرنسا ولكن على أوروبا كلها·
ومن المعروف أن الفرنسيات يعتبرن من أعلى النساء خصوبة في أوروبا مقارنة بين كل من ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا· ولكن فرنسا تحتاج أن يكون معدل الخصوبة فيها أكثر مما هو معروف على الأقل حتى تحافظ على عدد سكانها عند المستوى الحالي.
المشكلة ستكون أخطر في كل من ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا
ولمعرفة مدى خطورة هذه المشكلة، يكفي أن نعرف أن هناك دراسة حديثة للموضوع أثبتت أن تناقص معدلات النمو السكاني في القارة سيؤدي إلى تقلص نموها الاقتصادي بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2040.
ومن المعروف أن معدل النمو الاقتصادي في أوروبا يقل عن نظيره في أميركا لسببين رئيسيين :أن عدد ساعات عمل الأوروبيين يقل عن ساعات عمل الأميركيين بنسبة 15 في المائة سنويا· والسبب الثاني أن عدد سكان أميركا يتزايد بشكل مطرد، في حين أن عدد سكان أوروبا ثابت منذ مدة طويلة·
وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأوروبي يمكن أن يتحمل عمل سكانه لساعات أقل، والتمتع بوقت فراغ أكبر، إلا أنه لا يحتمل أن يظل معدل الزيادة السكانية ثابتاً أو أن يتقلص عما هو عليه حالياً·
لذلك يمكن القول إن الخطوة التي اتخذتها فرنسا بمنح العائلات الفرنسية حوافز مادية لإنجاب المزيد من الأطفال تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح· وفي الحقيقة أن تلك الحوافز، بالإضافة إلى إجازات الوضع، ورعاية الأطفال المولودين حديثاً قد ساعدت على جعل معدلات النمو السكاني في فرنسا وفي الدول الاسكندنافية، أعلى من متوسط النمو السكاني في باقي الدول الأوروبية· ويعني ذلك أن النساء الأوروبيات سيكنَّ حريصات على إنجاب المزيد من الأطفال عندما تقوم الحكومات باتباع سياسات تؤدي إلى زيادة قدرتهن على التوفيق بين الطموحات الوظيفية وبين الحياة العائلية·
غير أن الحوافز المادية وحدها لن تكون كافية لعكس التقلص الديموغرافي الأوروبي، حيث ستجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها مضطرة في النهاية إلى تعزيز الجهود التي تقوم بها في هذا الصدد من خلال تدشين مبادرتين أساسيتين:الأولى، تتمثل في إصلاح نظام المعاشات المطبق حالياً في دول الاتحاد، والثانية تتمثل في مراجعة سياسات الهجرة·
وإصلاح نظام المعاشات سيعني تخفيض المنافع والمزايا، ورفع سن التقاعد، وهو إجراء لن يكون سهلا تنفيذه بالنسبة لشعوب اعتادت على الانتفاع بالمزايا من المهد إلى اللحد·
والانتخابات الألمانية التي جرت الشهر الماضي أظهرت مدى الصعوبة التي ستتم مواجهتها عند محاولة الانتقاص من المزايا التي تعوَّد عليها السكان في نموذج دولة الرفاه· فعندما تبنى الحزبان الرئيسيان في ألمانيا أجندة تدعو إلى الإصلاح الاقتصادي، فإن رد الناخبين العملي على ذلك كان معاقبة الحزبين معاً بحيث لم يستطع أحدهما أن يحقق نصراً واضحاً على الثاني·
وبدون رفع معدلات الخصوبة وإصلاح نظام المعاشات، لن يكون أمام أوروبا حل سوى استيراد العمالة من الخارج، وذلك إذا ما أرادت مواجهة التقلص الديموغرافي المتزايد·
غير أن فتح أبواب أوروبا على مصراعيها أمام العمالة الأجنبية لن يكون بالأمر الميسور أيضاً· في الوقت الحاضر ستأتي معظم العمالة المطلوبة من دول شرق أوروبا، التي تقل فيها معدلات الأجور كثيرا عن مثيلتها في دول غرب أوروبا· ولكن ونظراً إلى أن معدلات الخصوبة في تلك الدول أقل من المعدل المطلوب لثبات عدد السكان عند المعدل الحالي، فإنه لن يكون هناك بديل أمام أوروبا في نهاية المطاف سوى استيراد العمالة من شمال أفريقيا وتركيا ودول الشرق الأوسط وهي مناطق ودول تعاني من معدلات الزيادة السكانية المرتفعة، ومن انتشار البطالة مما يعني أنها ستكون مخزناً لا ينضب لتوفيرالعمالة المطلوبة لعقود عديدة قادمة·
بيد أن المشكلة هنا أن معظم سكان هذه الدول من المسلمين ومعظم الدول الأوروبية تبدي تحفظاً من قبول المزيد من المسلمين على أراضيها، وخصوصاً تلك التي توجد فيها جاليات إسلامية كبيرة بالفعل ومنغلقة ، والتي لم تقم تلك الجاليات حتى الآن بالاندماج في مجتمعاتها بشكل كامل بل اختارت أن تعيش في عزلة في أحياء مستقلة. ربما بسبب ما تعانيه من إقصاء من قبل الأغلبية المسيحية في تلك الدول·
وإذا ما أراد الأوروبيون إدماج المسلمين في مجتمعاتهم بشكل أفضل، فلا خيار أمامهم سوى إعادة تعريف معنى المواطنة بحيث يسمح هذا التعريف لتلك الدول باستيعاب المزيد من العمالة المطلوبة دون نظر إلى مسألة العرق والدين وغير ذلك من أمور· يجب على تلك الدول أيضاً أن تقدم التدريب المهني والتدريب اللغوي للمهاجرين الجدد لتسريع عملية اندماجهم في المجتمع·
من ناحية أخرى هناك مهمة مطلوبة من قادة الجاليات المسلمة في أوروبا، وهي تشجيع أبناء جالياتهم على تقبل الآخر والاندماج في المجتمعات، التي يعيشون فيها بدلا من الانعزال، وعلى اتباع سلوكيات تقوم على الاعتدال والوسطية بدلا من التطرف والمواجهة·
إذا إن الأمر سيتطلب أكثر من مجرد توفير الحوافز المادية للأمهات الأوروبيات ·· فهذا الإجراء يجب ألا ينظر إليه إلا بمثابة نداء تحذير، الغرض منه دفع الدول الأوروبية إلى إجراء إصلاحات اقتصادية، وإصلاحات في سياسات الهجرة· وبدون ذلك فإن الاتحاد الأوروبي سيكون مهدداً بالتحول إلى دار كبيرة ومفلسة للمسنين·



#ماجدة_تامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلمو أوروبا وصعوبة الاندماج
- االفرق بين الادراك الأوروبي والأمريكي حول ظاهرة الارهاب
- السيادة الوطنية في الاتحاد الأوروبي بين الرفض والقبول
- كلمة في الحب
- بيل غيتس .... الوجه المشرق في منتدى دافوس
- خصوصية التفوق الصيني
- مستقبل التبادل التجاري الحر
- الأوجه المتعددة للحلم
- أفلام العنف بين الأمس واليوم
- التربية الاقتصادية غائبة عن مجتمعاتنا العربية
- أسباب استئناف المفاوضات الأوروبية مع تركيا
- مرتزقة الأمن الجدد
- ...............تحية الى الفنانة هالة الفيصل الفن أوراق مفتوح ...
- صعوبات انضمام الدول الشرقية الى الاتحاد الاوروبي
- قصة القنبلة الذرية والانشطارالنووي
- سيمون دو بوفوار .... الفيلسوفة الثائرة .... أبرز المدافعات ع ...
- مهمات الشبكة التجسسية العالمية : إيشلون
- واشنطن بين الامبريالية والامبراطورية
- أبعاد التفوق التكنولوجي الأمريكي
- في ذكرى ميلاده ... غيفارا رمز لايموت


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - أوروبا أمام أزمة ديموغرافية وشيكة