جدلية الفضاء العمومي والفلسفة في ندوة اكاديمية بتونس.. بين المفهوم ورهاناته والواقع واشكالياته

شكري بن عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 08:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

لم يعد الفضاء العمومي اليوم مجرد مساحات مادية يتفاعل داخلها الافراد والمجموعات، بل يتجاوز حاضرا هذا المجال الى المجال الرمزي والفني وفي زمن العولمة الى المجال الالكتروني الافتراضي، وتتنوع أشكاله اليوم وتنفتح على المقاهي الثقافية والسياسية وشبكات التواصل الاجتماعي، وداخله تسجل أغلب الظواهر الاجتماعية العميقة والمستجدة، من عنف ديني وبروباغندا اعلامية وسياسية وديمقراطية وتداول وتواصل ومواطنة وتسامح.. لذلك يضع المعهد العالي للعلوم الانسانية بتونس (قسم الفلسفة) هذا الموضوع الاشكالي على محك الفلسفة، وينظم ندوة دولية للتصدي لقضاياه ومقاربتها من مختلف الزوايا تحليلا وتمحيصا ونقدا.

تحت عنوان "الفلسفة والفضاء العمومي" يضع معهد "ابن شرف" مؤتمره الدولي على امتداد ثلاثة أيام كاملة، الاربعاء والخميس والجمعة 21 و22 و23 نوفمبر، بمساهمة عشرات المحاضرين في اختصاص الفلسفة من تونس وفلسطين والجزائر والمغرب والسودان ومصر وفرنسا، وحضور واسع متنوع لكل المهتمين بالعلوم الانسانية في الفلسفة والاتصال والعلوم السياسية والفكر عموما، تنقسم الفعاليات على تسع جلسات اضافة لمائدة مستديرة لباحثين تشرف عليها الاستاذة أم الزين بن شيخة احد المشرفين على تنظيم الندوة، والتي ستقدم اضافة الى ذلك مداخلة في اليوم الثالث (الجمعة) تحت عنوان "الفلسفة وعنف العمومي".

ومن كانط الذي منح شهادة ميلاد مفهوم الفضاء العمومي المعاصر، وكان الاول باعطاء هذا المفهوم "هيكلته النظرية المكتملة"، مع مقالته الشهيرة سنة 1784 "ما الأنوار؟"، بارساء مفهوم "التفكير العمومي، الى حنة ارندت التي صاغت مفهوم "الميدان العام" أوائل الخمسينات، سعيا وراء بناء تصور بديل من أجل التأسيس لفعل سياسي في ألمانيا لمرحلة ما بعد النازية، الى هابرماس الذي فصّل في اركيولوجيا هذا المفهوم واستعمله لأوّل مرّة في أطروحته المنشورة سنة 1960، بعد اعادة نظره في بنية المفاهيم التي سبقته في حقل الفلسفة السياسية من كانط الى ارندت، وصولا الى نانسي فريزر، التي بدورها أعادت النظر في بعض مرتكزات نظرية هبرماس، استجابة للمستجدات التي فرضتها العولمة.. تحولات متعددة عرفها هذا المفهوم المركزي في الفكر السياسي والفلسفة السياسية الراهنة، سيتولى المحاضرون معالجتها وتدقيقها.

المحاضرة المفتاحية ستكون من نصيب المفكر التونسي فتحي المسكيني، تحت عنوان "ما هو الفضاء العمومي؟"، لاعطاء ملامح هذا المفهوم المعاصر وتحولاته، وعبر بقية الجلسات التسع سيتم التطرق الى هذا المفهوم الاشكالي في ظواهره المركبة ودلالاته الجدلية، وفي زمن هيمنة الصورة والبروباغندا السياسية والايديويولوجية والاقتصادية والقصف الاعلامي وطغيان النمط الاستهلاكي والاشهار، ستتعدد المداخلات في راهنية التفكير في الفضاء العمومي، وستطرح الرهانات المتعلقة به والاشكاليات المكونة له، وستكون في الجلسة الاولى التي سيشرف عليها الاستاذ فتحي التريكي مداخلة أساسية للاستاذ محسن الخوني حول "البروباغندا والتواصل" ومداخلة أخرى حول "الأصول المعاصرة للفضاء العمومي" للاستاذ عبد العزيز لبيب، وستتضمن الجلسة الختامية مداخلة حول "عمومية الفلسفة" للاستاذة فوزية ضيف الله..

عديد الوجوه الفلسفية ستتداول بالتحليل حول مختلف أوجه موضوع الفضاء العمومي وأبعاده، بين تاريخه وتجاربه (الجلسة الثانية) ومقارباته الفلسفية (الجلسة الاولى)، وصولا لارتباطه بالحقيقة والعنف (الجلسة الختامية) ولعلاقته بالرقمي (الجلسة السابعة) بعد نقده (الجلسة السادسة)، مرورا بعرض اشكالياته (الجلسة الخامسة) التي يرأسها الاستاذ الخوني، بعد التعرض لعلاقته بالمواطنة (الجلسة الثالثة) والجماليات (الجلسة الرابعة) وطبعا بعد استعراض تحولات مفهومه في الجلسة الخامسة.

وسيكون دون شك النقاش عميقا مفتوحا، لاحد أبرز المفاهيم الجدلية الراهنة، هذا الفضاء الذي يتداخل فيه الفعل السياسي عبر الدعاية والعمومية والفعل التواصلي عبر ايتيقيا واخلاقيات المناقشة والتداول، وتتحدد عبره ملامح قضايا الشأن العام المركزية: العدالة، الحرية، الحق، الديمقراطية، السلطة، لقوة، العنف، الواجب، الشرعية، المشروعية.. بما تفترضه من رهانات وازنة، وننتظر ان يجمع الملتقى بين الاضافة والفائدة الاكاديمية والمتعة الفكرية فضلا عن الفائدة العملية من خلال راهنية الاشكاليات المطروحة..

(*) حقوقي واعلامي تونسي

#شكري_بن_عيسى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات