|
مشاعر الكترونية
نورالهدى احسان
الحوار المتمدن-العدد: 6059 - 2018 / 11 / 20 - 21:31
المحور:
المجتمع المدني
مشاعر الكترونية
الكثير من التفاصيل في حياتنا فقدت جماليتنا وصدق مشاعرها في ظل التطورات التكنلوجية وعصر السرعة والانترنيت ومنها الرسالة ومحتواها لقد فقدت حلاوتها فعندما كانت تكتب الحروف على سطور الورق ويضع فيها المرسل أقصى مشاعره وأصدقها ويرسلها لأحدهم وينتظر بفارغ الصبر الرد على هذه الرسالة والمستقبل يكون بنفس هذه المشاعر الحقيقية فيستقبل الرسالة بكل حب وشوق بغض النظر عن محتواها ان كانت رساله بين مغترب واهله او حبيب وحبيبته او صديق وصديقه ، ايضا كانت فكرة السفر والغربة تخيفنا سابقا، فمجرد التفكير بالسفر يسبب لنا الخوف والرعب ... فكيف سنتواصل مع اهلنا!؟ كيف يمكننا معرفه اخبارهم!؟ والكثير من الأشخاص غلبت عليهم عواطفهم وتجنبوا فكرة السفر والهجرة، سابقا لا يوجد إنترنيت ولا هواتف محمولة، اما الان وبوجود مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت فكرة الابتعاد عن من نحب فكرة طبيعية جدا، بإمكاننا التواصل مع اي شخص في اي وقت ، ورغم هذه الفائدة التي جاءت بها مواقع التواصل الإجتماعي وقرب الكثير من الأشخاص التي تفصلنا عنهم قارات الا انها اصطحبت معها سلبيات كثيرة ومنها الإدمان والعزلة وغيرها الا ان الصفة السلبية التي يجب التركيز عليها هي عدم مقدرتنا على التمييز بين الأشخاص الصادقين بحبهم لنا وبين الأشخاص الذين يمتلكون حب زائف ، فمنْ الذي يحبنا بصدق ومن الذي يحبنا وبداخله العكس لنا ؟! أصبحنا غير قادرين على التمييز بين الأصدقاء والاعداء فالجميع يسأل عنّا والجميع يرسل لنا رسائل كل صباح نستيقظ ونجد عشرات الرسائل من عدة أشخاص على مختلف مواقع التواصل كلها ذات محتوى واحد : (شلونكم اليوم؟ شخباركم؟ شو ماكو اليوم؟). هل هؤلاء يحبوننا فعلا؟ ام لأن الإنترنيت مجاني؟ ماذا لو انقطع الأنترنيت من العالم؟ هل هؤلاء سيحاولون التواصل معنا مثل ما كانوا عليه في وجود الأنترنيت ام سيختفون معه؟ وقد حدثني احد الأشخاص عن تجربة حدثت معه وقد ترك الأنترنيت لمده 4 اشهر متواصلة وما حدث كان مصحوب بصدمة، لقد صُدم ببعض الأصدقاء والأقارب، فكان يقضي معهم اكثر من نصف يومه بتبادل الرسائل، وعندما اختفى لم يفكروا أبدا بالسؤال عنه، وعند عودته سألهم ما السبب؟ فكان الجواب : (ماعدنه رصيد !) اصبحت حياتنا مرتبطة بنشط الان... السؤال اصبح إلكترونيا، والحب اصبح إلكترونيا، وكل حياتنا اصبحت عبارة عن هاتف محمول بين أيدينا ، الموت ايضا اصبح إلكترونيا. سابقا وقبل الإنترنيت إنْ سمعنا بوفاة شخص ما، نذهب للعزاء والحزن يملؤنا، الان أصبحنا نكتفي بمشاركة منشور ننعى فيه المتوفي ونرسل برسالة على احد المواقع نعزي فيها ذويه. ايضا الأعياد واجتماع الاقارب وتبادل التهاني والأجواء العائلية الجميلة كلها تلاشت، وربما اختفت أصبحنا وقبل ليلة العيد نصمم بوست يحتوى على جملة " كل عام وأنتم بخير " ونحدد الأشخاص، ونرسل هكذا اصبح عيدنا! سابقا كنّا نشعر بدفيء الحياه الأسرية، عند نهاية كل يوم يجتمع الأب مع أسرته لتبادل الحديث والنصائح وحل المشكلات، الآن اصبح الأب يشتري لأطفاله الأجهزة الإلكترونية كي يتخلص من عبئ التربية، أصبحنا نهيئ جيل لا يفهم سوى الفيس بوك والأنترنيت ، اصبحت مشاعرنا باردة جدا، فهناك أشخاص يبتعدون عنا، أصبحنا لا نشتاق لهم كثيرا نكتفي بالاطمئنان عليهم من خلال ما ينشروه أو برسالة نبعثها لهم ونكمل يومنا بلا تلك اللهفة والشغف لإنتظار الرد كما في الرسائل الورقية سابقا ، حتى عقولنا اصبحت ضعيفة لا نسعى، لا نبحث، اعتدنا على الحصول على كل شي من خلال الإنترنيت حياتنا اصبحت فسبوكية وتكنلوجية بحتة ، وقد نلاحظ الفرق في المشاعر قبل التكنلوجيا وبعدها. فقبلها كان هناك أشخاص لا تجمعنا معهم سوى صدفة وبعد دخول الهواتف النقالة وتعبئة الرصيد زاد الحب وزاد السؤال بنسبه قليله، اما عند دخول الإنترنيت اصبح الجميع يسأل ويحب ويقلق فأصبح نفس الشخص الذي تجمعنا الصدفة معه سابقا الان كل يوم يرسل رسالة، كلها حب واشتياق واطمئنان. هل هذه فعلا مشاعر صادقه نابعه من انسان محب، أم ان الإنترنيت يحمل صفه مجاني!؟ فالرسالة لا تكلف دفع مبلغ مقابل ارسالها. ماذا لو كلفت الرسالة مبلغ كبير هل سوف يرسلها كعادته مثل كل يوم؟
#نورالهدى_احسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين آدم و حواء
-
تفاقم ظاهرة التحرش الجنسي
-
قهوة مع العسل
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: أرواح مئات الآلاف من السودانيين مهددة في مدين
...
-
الأمم المتحدة تطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطي
...
-
عاجل | موقع والا: اعتقال مواطن إسرائيلي بشبهة التعامل مع إير
...
-
المجاعة في السودان -في كل مكان تقريباً-
-
اشتباكات في جنين واعتقال أسرى محررين في قلقيلية
-
مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: القرار الأممي نقطة تحول في مسار
...
-
مجلس التعاون الخليجي يرحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتح
...
-
الأمم المتحدة تتبنى قرارا يطالب بإنهاء احتلال الأراضي الفلسط
...
-
إيلون ماسك: شريحة Neuralink الجديدة ستمكّن المكفوفين منذ الو
...
-
حماس:نرحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا يطالب الكيان الصهيوني
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|