بار الحاج علي !!

محيي الدين إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 6059 - 2018 / 11 / 20 - 08:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بار الحاج علي !!
هذا العنوان ليس من اختراعي، ولكنه بالفعل بار "الحاج علي" الكائن بشارع أديب بك إسحاق بحي المنشية بالإسكندرية، وقد سمي بهذا الاسم أو سماه الناس بهذا الاسم منذ عام 1954 وحتى اليوم لأنه .. مغلق للصلاة وصلاة الجمعة !! .. على اعتبار أن الخمر والفواحش بين الصلوات حلال، والدعارة بعد صلاة الجمعة تجوز !!
تماماً كالمشهد العبقري الذي ساقه الأديب نجيب محفوظ في الجزء الثالث من الثلاثية ( بين القصرين - قصر الشوق – السكرية ) على لسان ( سي السيد ) أو السيد أحمد عبد الجواد الورع في ظاهره والعربيد في باطنه وهو يخاطب أبنه ياسين فوق السطوح بعدما عرف أن ياسين تزوج من عاهرة (شخصية زنوبة العوادة ) كان أبوه يمارس معها الرزيلة فحبلت بطفل، وحتى لا يتربي الطفل خارج العائلة تزوجها ياسين ليربي أخاه على أنه أبنه !!، فلما علم (سي السيد ) قال لياسين:
( تعرف يا ياسين .. أنا شربت .. وسكرت .. وعرفت ستات كتير .. لكن .. برضه حاسس أن بيني وبين ربنا عمار !! )
وبار الحاج علي هو مثال حي لما هو عليه المجتمع العربي كله .. فمجتمعنا المصري خاصة والعربي عامة، عبارة عن بار كبير مثل بار الحاج علي، تجد فيه كل الموبقات من الداخل، من غياب الوعي، السكر، العربدة، الدعارة، فساد الذمم، الرشوة، أكل أموال الناس بالباطل، الظلم، الجهل، الجوع، المرض، التحرش الجنسي، القتل لسلب وبيع الأعضاء البشرية، نهب الآثار والبنية التحتية، رجال الدين الذين يعيشون عالة على المجتمع بتقاضي أجور مهوله وأنصبه مفزعه من صناديق النذور مقابل الإرشاد الروحي وكوسطاء بيننا وبين الله وهو محرم عليهم بل وقتل رجال الدين بين الصوامع والقلايات بسبب بضعة قروش، واضطهاد المسلم للمسيحي والمسيحي للمسلم، واضطهاد المسلم والمسيحي للنوبي المصري، واضطهاد المسلم والمسيحي والنوبي للأمازيغي المصري، إلى آخر تلك المشاهد التي لا تعد ولا تحصى .. والذي يدهشك مقابل هذه السلوكيات أن تجد في كل موبايل بالمجتمع ( رنة ) من دعاء أو آية أو حديث، تجد الذقون والحجاب والنقاب، في كل شبر يافطات هل صليت على النبي النهاردة، هل صليت الفجر حاضر، صورة للبابا يقابلها صورة للشهادتين، حتى أنك تتصور من ظاهر ما تراه أن المجتمع في غاية الورع، في غاية الالتزام، حتى أن ورع قرية صغيرة لو وزعته على بلدان الدنيا لكفى وفاض ليعم على أجيال الدنيا في المستقبل، لكنه في الحقيقة، ورع هش، مزور، مريض، ورع يحتال على الله، ولا علاقة له بالله في واقع الأمر، والنتيجة .. يرانا العالم مجتمعات مفككة، منهارة، ساقطة، أعلى نسبة تحرش جنسي وأكبر نسبة دور عبادة، أعلى نسبة فقر في الدنيا وأعلى نسبة مليارديرات، أكبر عدد من الحاصلين على نوبل للسلام في العلوم والفنون وأكبر نسبة أمراء جماعات الفتن وسفك الدماء، نحن بالفعل ( بار ) كبير مثل بار الحاج علي، ( خمارة ) كبيرة تمتلئ بالسكارى، ومعلق على بوابتها من الخارج، مغلق للصلاة !!
بقلم محيي الدين إبراهيم
كاتب وإعلامي مصري

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات