أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين إدريس معيزو - الذاكرة والهوية السردية














المزيد.....

الذاكرة والهوية السردية


ياسين إدريس معيزو

الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


تعد الكتابة المجال الذي تستطيع الذات من خلاله التعبير عن ذاتها، ولا تغدو أن تكون هذه الذات سوى قطعة بسيطة من العالم والوجود، إذ تتحول الكتابة عبر هذا الفهم إلى أداة لنبش أوجه الحياة والكشف عن مآزقها والوعي بعدم كفايتها، بوصفها سلوكات منحطة وعادات بالية تحول دون ضمان تطور الفرد، بعيدا عن كل أشكال التخلف والقهر والتبعية والارتهان إلى سلطة الخرافات والميثولوجيا.
وتعد الرواية الجنس الأدبي الأكثر قابلية ومرونة لرصد علل العالم والكشف عن نقصه وجراحه الغائرة، ومن ثمة تسعى الرواية نحو ملء هذا النقص عن طريق تعرف الذات ذاتها بما هي مجال تحقق الهوية والوجود.
وقد اتخذ سؤال الهوية والوجود -قبل الوعي بتمظهر في السرد- مسيرا طويلا عبر التاريخ الفلسفي، إذ ظل البحث في الهوية يرتبط بشعور الذات بالانتماء والرغبة في الوجود والبقاء، من خلال تحميلها (الذات) ثقل هويتها ومسيرها من أجل إثبات الوجود والكينونة، ومن ثمة تحظى الذات بكل أشكال الاعتراف المتاحة لهويتها. كما تتأسس الهوية من هذا المنطلق من خلال التركيز على الثابت في الذات، ويرتبط هذا التابث بالماهية والجوهر.
وما إن نتحدث عن الهوية في السرد، فإن حدسنا بالضرورة يقودنا نحو مفهوم "الهوية السردية" كما نحثه الفرنسي بول ريكور؛ الذي يعد السرد إحدى مكونات الهوية؛ أي أن تحققها رهين بالتأليف السردي، وأن الهوية السردية _في نظر ريكور_ هي صورة الذات الفاعلة التي لا تتحقق إلا بالسرد، سواء تعلق الأمر بهوية فردية أم بهوية جماعية.
كما تحاول الهوية السردية الإجابة عن سؤال من أنجز الفعل؟ انطلاقا من قدرة الذات الفاعلة على سرد قصة حياتها وتعرفها على ذاتها من خلال سرد تاريخها الفعل. ومن ثمة يصير سؤال الهوية -حسب هذا الفهم- يرتبط بإعادة الاعتبار للنظرية السردية من زاوية مساهمتها في عملية سرد الذات، وبدون هذا البعد لا سبيل للخروج من مأزق الهوية كما تطرحه المباحث الفلسفية.
ويصعب الحديث عن الهوية السردية دون الإشارة إلى الدور الذي تلعبه الذاكرة في تشكيلها، بوصفها (الذاكرة) سرداب التجارب ومخبأ الأحداث التي يمر منها الإنسان عبر أطوار حياته، كما تعمل الذاكرة على تنظيم هذا المختزن (الأحداث، الأفعال..) من خلال استدعاء أحداث الماضي قصد تنظيمها في السرد، من ثمة السعي نحو معالجة الثقوب التي يتركها النسيان بالذاكرة .
لكن هل يعني الاستحضار هنا إعادة صور الماضي كما حدثت فعلا في الزمان الذي انقضى؟ وهل لهذا الاستدعاء _المحصن بالحاضر_ تأثير على هوية الموضوع المستذكر؟.
في هذا الصدد يجيب الناقد عبد الرحيم جيران عن هذه التساؤلات، مؤكدا أن الذاكرة مسؤولة عن جانب كبير من ضمان نشوء الهوية، وأن الذاكرة "لا تتشكل من استعادة ماضي الموضوع وحده فحسب، بل من حاضر فعل الاستذكار نفسه الذي تتكون بموجبه الحاجة إلى الاستعادة (...) بما يعنيه هذا من تدخل لسياقات الاستذكار في صياغة موضوعه ." أي أن السياقات التي تحكم الحاضر -بوصفه الإطار الزمني الذي يأخذ على عاتقه استدعاء أحداث الماضي- هي التي تسعى إلى تنظيم أفعال الماضي وترتيبها في الزمن. ويعتقد جيران أن الذاكرة لا تهبنا التاريخ الشخصي كما في صفائه التام؛ فمهما حاولنا الحرص على تتبع تكون هذا التاريخ في الزمان على نحو تعاقبي، فهناك في كل محاولة من هذا القبيل ما يجعل من كل ما في الحياة معرضا للاضطراب بفعل النسيان."
إن معضلة النسيان تجرنا إلى التفكير في ما تتركه الذاكرة من فجوات تحول دون دون تشكيل الهوية بوصفها نتاج تعرف الذات على ذاتها عن طريق الاستذكار. هنا تجد الناقد يثير إشكالية "الحبكة" في تعرف الهوية، من موقع ما يسمح بالحديث عن كون الذاكرة لا تتعرف هوية موضوعها بوساطة الكل الجاهز، بل بوساطة "فعل لمِ البقايا" بوصفه فعل استذكار ينتمي إلى الحاضر الذي يجد نفسه أمام أحداث مبعثرة في الزمان. ومعنى هذا أن كل استذكار هوياتي يعد تنظيما لبقايا ما يستذكره، بما يعنيه هذا التنظيم من ربط وترتيب لهذه البقايا في الزمان. ومن ثمة يعطي فعل الاستذكار لهذه البقايا –في لحظة استرجاعها- اتساقا منسجما، يجعلها تساهم في بناء هوية الموضوع المستذكر.
إن ما يجعل السرد عامة والرواية على وجه الخصوص مجالا رحبا لتصوير الحياة وانشغالاتها، هو ما تنتجه من عوامل تخييلية وحيوات مختلفة ومتنوعة وآليات تمثيلها داخل العمل الروائي بعيدا عن النظر داخل بنائها الجواني المتعلق بالحبكة؛ فليس كل النصوص السردية تقوم على الحبكة، إذ أن نصوصا روائية_على سبيل المثال_ يتغير بناؤها السردي، بل تتخلى عن الحبكة وتدمره، ولعل الرواية الجديدة خير شهيد على هذا التدمير، ما يجعل الهوية السردية تتمظهر بعيدا عن هذا الدليل(الحبكة) نحو دلائل أخرى أكثر إجداء وتبيانا. فما هي هذه الدلائل السردية على غرار مفهوم الذاكرة؟



#ياسين_إدريس_معيزو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين إدريس معيزو - الذاكرة والهوية السردية