أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي احماد - حديث المدفأة الجزء الأول جارتنا الشريفة والجمر














المزيد.....

حديث المدفأة الجزء الأول جارتنا الشريفة والجمر


علي احماد

الحوار المتمدن-العدد: 6036 - 2018 / 10 / 27 - 00:55
المحور: كتابات ساخرة
    


لقد ألف أهل ميدلت - الرابضة تحت سفح جبل العياشي بالأطلس الكبير - أن يتمثلوا درس النملة والصرار حيث يحرصون كل الحرص كل حسب طاقته على جمع حطب التدفئة والزرع وزيت الزيتون تأهب المحارب لمواجهة العدو فصل الشتاء الطويل والبارد ، ومن كان كالصرار يستعذب اللهو والخمول ولم يحسب لتقلبات الجو حسابا عاش فصلا شاقا .
رغم كل هذه المصاريف التي تثقل كاهل المواطن الميدلتي من بكرة ابيه إلا أنه استطاب العيش بهذه الربوع ، ولا يرضى عنها بديلا فقد شغفته حبا وأدمن سكناها وملأ هواءها رئتيه.. وقد يستغل البعض هذه الحاجة الملحة فيضاربون في الأسعار ويزيدون دون مبرر في ثمن القنطار ليلتهب ويقدح قبل ان يصل المدفأة دون حسيب أو رقيب تماشيا مع ضرورات السوق الحرة وتحرير الأسعار الوجه الأكثر قتامة للعولمة المتوحشة. فهؤلاء الباعة يستغلون الحاجة وتهافت البعض للزيادة في تسعيرة حطب التدفئة بحجة قلة العرض والجهات المسؤولة والوصية وجمعيات حماية المستهلك غافلة أو متغافلة مادام المواطن لا يحتج ولا يشتكي والأحزاب والنقابات قد ابتلعت لسانها وسكتت عن الحق كشيطان أخرس وتنازلت عن دورها في الدفاع عن الطبقات الكادحة والتي تدبر أمور معاشها من عرق الجبين والتقتير في المأكل والمشرب ..فبوجود الحطب نضمن الدفء قبل أن يتحول الى دخان وغمام يجلل سماء المدينة وبها تعرف .
للمدفأة مكان في نفوس الساكنة ويختار لها ركن في البيت ، وقد تفنن الحداد في صنعها حسب الطلب وتفن الناس في طلائها بعد كل عام ، وتزخر السوق بنوع فاخر مصنوع في ايطاليا وتركيا يقتنيه ميسوري الحال . ومن الناس من استغنى عن المدفأة حفاظا على نظافة الدار ورونق صباغة الحائط فاختار مصادر نظيفة للتدفئة كالكهرباء والغاز ومكيفات الهواء .
قرب المدفأة يحلو السهر والسمر وتحكى قصص المساء في انتظار العشاء طاجينا بالسلجم أوحساء بدقيق الذرة بالأعشاب ويقضي الشيوخ والعجائز حوله جل الوقت وعلى هديرها يتمدد القط مزمجرا كقطار بخاري..ويطيب الشاي بعد عودة الأبناء من المدرسة وهم ينفخون في أيديهم لتدب فيها الحرارة.
كانت جارتنا الشريفة من تافيلالت في الموعد نفسه ولم تخلف عادتها كل شتاء . ترقب سطح دارنا وعينها على الدخان المتطاير لتعلم أن أمي أوقدت النار ، وإذا أيقنت حملت رفشا ( أغنجا ) من حديد وطرقت الباب تطلب جمرا وهي تدعو لأمي ( أحرق الله أعدائك ) فتعمد الى جوف المدفأة فتفرغه من الجمر المتقد حتى لاتدع فيه إلا أعوادا لم تمسسها النار تلفظ دخانا حارا تدمع له العين ، وأمي مشدوهة تلزم الصمت مكرهة حفاظا على حسن الجوار ، فالرسول ( ص ) كاد يورث سابع جار... والمرأة بتكرار طلبها وفعلها تستغفل امي وتستغل سذاجتها واحترامها الزائد للشرفاء ، وهي لا تطلب مقابلا لمعروفها ولا تتلقى من الشريفة ثمنا سوى ذلك الدعاء الذي لن ينفعها في الدنيا ولا الآخرة ، لأن أمي من طيبتها ورقة قلبها يقينا لا أعداء لها لتنتظر أن يحرقهم الله ....ويظل أبي بالمقابل يزمجر ويرغي ويزبد محتجا على سلوك هذه المرأة وعلى خنوع أمي وانصياعها لرغبات المرأة الأنانية دون أن يحقق المراد ، لتبقى صيحاته صدى تردده الجدران الطينية بدليل أنها لا تطرق باب جيراننا الآخرين لتلبية طلبها . وأمي تشفق على هذه السيدة المثابرة والتي هرب عنها زوجها وترك في عنقها أربعة أبناء من الذكور ، ولكن أبي يرى أنها تملك دارا أوسع من دارنا مؤثثة بأحسن الفرش تدعي أنها ورثت بعضه عن يهود غادروا الملاح [ سوق الجمعة ] فلا يأجر من يحسن اليها رأفة لحالها أو احتراما لنسبها.... ولكن البعض يزعم عند ذكر الحادثة أنها التي اخرجته عنوة من الدار فقد كانت امرأة ذات كاريزما...والبيوت أسرار...



#علي_احماد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...


المزيد.....

- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي احماد - حديث المدفأة الجزء الأول جارتنا الشريفة والجمر