أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد محمد العجمي - ثقافة التبجيل وصناعة الدكتاتور














المزيد.....

ثقافة التبجيل وصناعة الدكتاتور


أحمد محمد العجمي

الحوار المتمدن-العدد: 1513 - 2006 / 4 / 7 - 08:36
المحور: المجتمع المدني
    


أيها الملهم
يا من تفرد علينا ظلك المديد،
وقتما تتكلم يتوقف الطير
وتنصت النجوم لحنجرتك !

يحتاج الاستبداد إلى مرآة مزيفة، مصقولة بآهات التبجيل ليرى فيها المستبد صورته كما يشتهيها هو، صورة الفرد الذي لامثيل له، الفرد الذي لولاه لما تغيرت الفصول، وصارت السماء زرقاء! وتتمثل هذه المرآة في جوقة المديح والتسبيح بقدرات الملهم، وبسجاياه وأقواله وأفعاله وحكمته ، والنفخ فيه من روح الآلهة ليزداد طغيانا وجبروتاً. ويوظف لهذا الصقل الباهت سرب من المثقفين والمنتفعين المنحدرين من كاسات الرشوة ونبيذ الفساد! ليمارسوا ابتهالاتهم وطقوسهم عبر وسائط الإعلام والإعلان بكل تضاريسها ومناخاتها، فيملؤن الفضاء بصلواتهم ومدائحهم للإله الصغير، ويغلفون الساحات والجدران والصحف والشاشات بصوره وصفيره الصالح لكل وقت وزاوية، مستثمرين المناسبات لتبيان إنجازاته الخارقة وعبقريته اللانهائية! وهو في المقابل يغدق عليهم من نعمه وعطاياه ومكرماته ليزدادوا فساداً ، ويبيح لهم الوقوف قليلاً في ظله المديد ليتمتعوا ويأمنوا !



مدرسة المبجلين
بعد حقب من التاريخ القمعي المكتنز بالتجارب السوداء، لم تعد ثقافة الاستبداد مرهونة للعشوائية وللفوضى والمجانية، وإنما أصبحت ثقافة ممأسسة ومنتمية لنظام معرفي وتدريبي محترف له أهدافه وبرامجه وخططه المعتمدة على علم الاجتماع، وعلم النفس، وفنون الخطابة وأساليب الكتابة، وكل ما يمكن استثماره وتوظيفه في هذا الفضاء، وتقوده كتيبة محترفة وذات جاهزية عالية ، متمكنة من التناغم مع طباع المستبد وأحاسيسه ورغباته، وقادرة على رسم ذلك له بمهارة تجعله يعيش المشهد الافتراضي بعيداً عن الواقع، مصدقاً لما ينثره هؤلاء من عبارات تطرب أذنيه !
ولا يكتفي المستبد بكتيبته العمياء هذه، وإنما ومن خلال مدرسته المعتمدة على الفراسة في التقاط المؤهلين للانخراط في صفوفها، وعلى الإغراء بعطر الرشوة وشراء التاريخ، يستمر مشروع التدجين وتناسل الكورس وتفريخ الببغاوات ، ورصهم في مصفوفات الإنشاد المستنسخ بنغمة يتيمة في عكس هواء المستقبل، وعلى صراط الضلال .

صناعة الدكتاتور
يشتغل المبجلون جل وقتهم على عجلتين:الأولى، هي إسماع المبجل نغمات المديح ، وخصه بمواهب وصفات لا يحبى بها سواه، وبالتالي رفعه إلى مصاف الآلهة في السماوات! والعجلة الثانية، هي تكرار الغسل وإعادة الدهان، حيث يدرك المبجلون أن تلميع صورة المبجل وتطهيرها من تاريخها يتطلبان مواجهة الناس، في عقولهم وذاكرتهم ومخيلتهم، بما تعرفه وتختزنه وتتصوره عن المستبد وطغيانه، وهذا يحتاج إلى توافر حزم من الأكاذيب والأدلة والصور المدروسة بعناية فائقة لدى المبجلين، ومن ثم العمل على تقديمها وعرضها بصور مختلفة وبإيحاءات جديدة، مستخدمين كل الوسائل المتاحة ابتداء من مناهج الروضة إلى الشاشات الرقمية، دون إغفال الرشاوى، في محاولة مستميتة، ويائسة أيضاً، لمسح ذاكرة الناس ومحو مخيلتهم، وغسل أدمغتهم ، ومن ثم استبدال كل ذلك بشحنة من الصور الإيجابية للمستبد، وإظهاره على أنه الأفضل في كل شيء ، فاسمه أجمل اسم ، ونسبه أفضل نسب ، ومشيته أعدل مشيه ، وحديثه أعذب حديث ، وعلى المجتمع أن يتبارك به صبحاً ومساء ! وفي ظل هذه الرياح المبجلة ينتفخ المستبد ويتمدد في كل الاتجاهات، ويصدق كل ما يقوله المبجلون عنه، فيتحول شيئاً فشيئاً إلى دكتاتور عتي !



#أحمد_محمد_العجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الدمار


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد محمد العجمي - ثقافة التبجيل وصناعة الدكتاتور