أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد العجمي - ثقافة الدمار















المزيد.....

ثقافة الدمار


أحمد محمد العجمي

الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 05:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السماء صفراء
والربيع لم يعد يأتي،
مَن هؤلاء الذين يحرسون الظلمة ؟
♦ ♦ ♦

لازال العالم، منذ بداية التاريخ حتى هذه اللحظة، مختطفاً ومسلوباً من قبل العسكر، من قبل آلهة الحرب والدمار، الذين لهم القدرة على التكيف مع كل مرحلة وعصر، باعتقادهم بأنهم هم من يصنع التاريخ ويجب أن يتحكموا فيه، مستغلين إنجازاته العلمية والصناعية والفكرية أيضاً.
فبأدوات إحياء التاريخ تعمل الطغمة العسكرية على تدميره وبث صوت العدم؛ فقد وظفت العلوم البحتة لصنع مخزون هائل كدمار نائم ومتحفز من الأسلحة النووية والبيلوجية، وأدخلت دول العالم في مباريات لا تتوقف بالتسابق في مضمار الرعب والإبادة؛ فالعالم اليوم محموم بامتلاك مفاتيح الموت، وبعسكرة الفضاء، وببناء الجيوش الجرارة، وهو بهذا لا يكتفي بعسكرة الاقتصاد ومقدرات وثروات الشعوب من خلال الإنفاق والهدر العسكري الفلكي المتزايد، وإنما يذهب إلى عسكرة الديمقراطية وقيمها، فأصبح حملة النياشين والأنواط العسكرية وحابسوا النجوم على أكتافهم كانتصارات دموية يتباهون بها، هم من يصدحون بضرورة نشر الديمقراطية التي يشرحونها بأدواتهم التي طوروها، وبقيمهم الاحترافية في الأوامر والانصياع، وأنهم يفعلون ذلك بالحصارات والغارات والحروب من كل ركن وريح ! وأصبحت الفوضى والدمار والقتل اليومي نماذج تاريخية تلمع في الأفق، كما أصبح القتلة الدائمون هم دعاة سلام وحرية بأدوات قتلهم . وربما لهذا سيبقى العالم ملتصقاً بالجدار ومهدداً بخطرين مرعبين، هما النظام الذي يمثل ذروة صرامته المؤسسة العسكرية، ونظام الفوضى الذي تنادي به وتحدثه هذه المؤسسة من خلال الحروب والدمار !
المؤسسة الفاشلة:
أعتقد وبمزيد من الجزم أن أكثر مؤسسة منظمة وستبقى مستمرة ومتنامية إلى حد التخمة والتضخم، وفاشلة وتتسسبب في فشل التاريخ ونكوصه دون توقف، هي المؤسسة العسكرية، هذه المؤسسة التي تحظى بتقدير وحب شديدين من قبل المستبدين والمستعمرين. فلو فتشنا في سجلات الدمار والظلم والجوع والفقر والقتل والبشاعة والخنوع والجهل والمآسي، وكل ما يتصل بجدول الموت والفناء، لوجدنا خلفه وأمامه تربض المؤسسة والفكر والممارسة العسكرية؛ فأين ما وجدت مؤسسة عسكرية، في الزمان والمكان، لابد أن تجد ما يدل على القهر والهدر. وهذا القهر والهدر هما الأساسان اللذان تعتمد عليهما هذه المؤسسة، وهما ما تسعى إلى تسييده في العالم لكي تتسيد عرش النار .
إن من أهم مبادئ وقيم العسكرية هي قيم الاستبداد الممثلة في الانضباط الحديدي والطاعة العمياء، ولهذا فهي عدو الديمقراطية روحاً وتركيباً وسلوكاً، فالديمقراطية تنادي بالحرية والحوار وحرية التعبير من خلال المناقشة ، بينما تتمسك العسكرية بالولاء والطاعة والنظام التراتبي الصارم، والتعبير عن ذلك بالتنفيذ ثم التنفيذ ولا غير ! وهنا يتم قهر الإنسان وتدجينه، وهو هنا لايختلف كثيرا فيما ينفذه عسكرياً من حيث المبدأ عما ينفذه الإنسان الآلي أو الدلافين ! كما يتم هدر هذا الإنسان المنتمي لها من خلال تفريغة من شحناته وشفافيته الإنسانية، بتدريبه المستمر على القسوة حتى على الذات، وتحضيره بدنياً وذهنياً ونفسياً للحظة الدم والأشلاء ! ولا يمكن أن ننسى أن الهدر الكبير الذي تمارسه هذه المؤسسة على اقتصاد البشرية بما تحرقه من ميزانيات فلكية، وتكرار إتلاف ما تم إنتاجه؛ وما أنتجه التاريخ البشري طيلة حياته .
فلو تساءلنا عن المنجزات التي قدمتها المؤسسة العسكرية منذ ولادتها تاريخياً، لوجدنا أركيلوجيتها تتحدث، بنهم وشهوة ونغمة الانتصار، عن الحروب التي لم تتوقف حتى الآن؛ فقد ملأت قارات العالم وغاباته وبحاره وأشبعت الأسماك والصقور والضواري بجثث المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، وقد أضرمت أكبر الحرائق في المدن وأزالت معالمها، وأعطبت مسامات البيئة ورئتيها بالملوثات بكل أنواعها، إنها أكثر من قام بأكبر سطو وسرقات على خزائن الشعوب ومقدراتها المادية، ألم تدمر بقصدية خبيثة وحاقدة في ذات اللحظة التراث الفكري والثقافي والفني للشعوب، مثلما فعل هولاكو، واستلهم جهله وعنجيته وحقده من بعد الجيشس الأمريكي في متاحف ومكتبات بغداد أيضاً، وما يفعله كل ساعة الجيش الصهيوني في فلسطين؟! من حول أجيالاً متعاقبة من الناس إلى معاقين جسدياً ونفسياً بحروبه الشنيعة وفخاخه الماكرة المغروسة في الرمال، ألم تمارس هذه المنظمات المريخية حصارارات فتاكة ضد الذين لا يستسلمون لنزوات العسكر وهيبته الشيطانية؟!
الديمقراطية الملاحقة :
إن المؤسسة العسكرية هي شكل من الامتداد الحيواني الافتراسي في الأنسان، بينما المؤسسة الديمقراطية هي النزوع الإنساني للتخلي عن هذا الامتداد الذي ربما يجد فيه شفراته الجينية. فالإنسان لم يتخل تماماً عن نزعة الهيمنة والسيطرة والافتراس التي كانت من عوامل الصراع للبقاء والانتخاب الطبيعي وتخليد النوع؛ وكانت تجد تعبيراتها في أسلحة القوة وعدم السماح حتى بالمشاركة مع الآخر غير المماثل ! وفي الصراع المعبر عنه بالقوة خلق الأنسان مؤسسته العسكرية وطورها وأدارها بنفس آلية الصراع الحيواني؛ وإذا ما استمر هذا الشكل من الصراع، فإن العالم سيدمر نفسه. ولهذا كان التدخل الإنساني عبر آلية العقل والتفكير والقيم الأنسانية المعبر عنها بالديمقراطية وقيمها مثل الحرية والتنوع والحوار ، من أجل كبح جماح المد العسكري وتخليص البشرية من أخطائه وذنوبه التي لا تنقطع ! فالديمقراطية إذاً هي رد إنساني على العسكرية وثقافتها ونمط تفكيرها وأفعالها، ومن يعتقد أن الديمقراطية تتعايش مع الفكر العسكري فهو واهم ، وأكثر منه وهماُ من ينساق وراء أن العقل العسكري يؤمن بالديمقراطية وبثقافتها وبقيمها الإنسانية وأنه قادر على نشرها والدفاع عنها! فالدمقراطية كتمثل منهجي وقيمي للحرية، والعسكرية كتمثل ثقافي وسلوكي للاستبداد والهيمنة ، ستبقيان كل واحدة تطارد الأخرى ، فمع من يقف الإنسان ؟!

سيبقى السلام في السماء :
في ظل تربع العسكر على قيادات بلدانها، وفي ظل نشاط وتنامي شركات التصنيع الحربي، وفي ظل امتلاء الكوكب بالكليات والثكنات العسكرية، وفي ظل تسوير الفضاء بأقمار التجسس العسكرية، ستبقى أشباح الرعب وعفاريت الدمار تصبغ الحياة بأنفاسها ورائحتها، ولن يستطيع السلام أن ينزل من السماء كحلم إنساني لازال يراود شعوب العالم. كيف يستطيع السلام أن يبني له كوخاً صغيراً والحراس العسكريون يتربصون به، ويتراجع عنه مناصروه الذين هتفوا به وله، ليهتفوا اليوم ضده ومع منهج الحراس ؟! السلام العالمي كقيمة إنسانية عليا لا يجب أن يتراجع أويسقط بزوال التجربة الإشتراكية، ولا يجب على الذين كانوا يتغنون بالسلام العالمي ويضعونه في مقدمة الأمل أن يهجروه الآن ويستبدلوه بأغاني الحروب، ويهرولوا خلف هدير الطائرات، وزعيق الصواريخ . كيف نتخلى عن الحياة لنصادق الموت ؟ كيف نخون الحب لمعانقة القسوة ؟ كيف نكون حنجرة لآلهة الحرب ونصفر بصفيرهم عن وهم السلام والديمقراطية ؟



#أحمد_محمد_العجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد العجمي - ثقافة الدمار