أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين سعيد نعمان - تطبيع المأساة ..














المزيد.....

تطبيع المأساة ..


ياسين سعيد نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 6033 - 2018 / 10 / 24 - 05:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



١- تتحول الحرب في اليمن يوماً بعد يوم إلى ملهاة بعد أن أفرغت شحناتها في لوحة من الصور الانسانية المروعة ، وبعد أن توقفت عند مفترقات لم يعد يسمح بتجاوزها لأسباب ظاهرها إنساني وباطنها شيطاني.

ويتحول الحديث عن وقفها إلى أضحوكة حينما يتم التغاضي عن جذر المشكلة التي أشعلت الحرب.

٢- بتعبير آخر ، لم تعد القضية اليمنية والحرب يثيران ذلك الإهتمام القديم على الصعيد الدولي إلا في حالتين : حينما يتعلق الأمر بالجانب الانساني ، وحينما يتقدم الجيش الوطني لإستعادة المواقع الاستراتيجية من أيدي عصبة الانقلابيين ، كما حدث ويحدث مع الحديدة . في الحالتين يهب المجتمع الدولي ليتحدث عن السلام فيما يشبه صحوة متخم أوقظ من تعسيلة بعد وجبة دسمة.

٣- بسبب هذا الوضع الذي يراد فيه إدخال القضية اليمنية غرفة التبريد ، فإن توحش عصبة الانقلاب يزداد ليعمق المأساة الانسانية على أكثر من صعيد.

٤- يتجسد جانب من هذا التوحش فيما تمارسه عصبة الانقلاب من سلوك طائش وغير مسئول تجاه عملية السلام، والتمادي في رمي اليمن إلى أحضان تاريخ من الخرافات اللاهوتية المنشئة لمنظومة فكرية وسياسية متطرفة تجعل الحكم حكراً في يد جماعة مجندة للفتنة وسفك الدم بذريعة حقها المزعوم في الحكم ، مع ما يرافق ذلك من قمع لكل إرادة تقف ضد هذا المنحى الغرائبي في الاستيلاء على السلطة.

٥- تتوسع بيئة التوحش تلك مع غياب إستراتيجية متكاملة لمقاومة الانقلاب واستعادة الدولة . ونقصد بالاستراتيجية هنا الفعل الذي يتحدد وفقاً لرؤيا منهجية شاملة ، وليس الفعل الذي يتشكل في سياقات غير متناغمة ، لا تترك مجالاً لخيارات مرنة وقادرة على ضبط إيقاعات المواجهة كلما اختل المسار بفعل تعقيدات الوضع وتداخله مع غيره من القضايا المحلية وقضايا المنطقة.

٦- ومع تزايد معاناة الناس من طول الحرب ، فإن حاصل هذا التداخل بين هذا التوحش والتراخي العام ، الذي يحيط بهذه العملية من عدة وجوه ، قد أفرز حالة من اليأس عند عامة الشعب بإنهاء الحرب ، وما تنتجه من كوارث ومآسي تزداد مع كل يوم يمر لا يحمل معه أي تباشير بالخروج من هذا المأزق.

٧- إن النتيجة الطبيعة لليأس ، في صورته السالبة ، تقود ، في نهاية المطاف ،إلى "تطبيع المأساة" ، وهذا أسوأ ما ستنتجه هذه الحرب من التشوهات التي ستلحق بالمجتمع أخطر النتائج التي قد تمتد لسنين طويلة . وهي لن تبقى عند حدود ما تفعله الحرب من تخريب مادي ، ولكنها تذهب إلى الجانب المعنوي ، حيث يتحول تطبيع المأساة إلى عنصر مثبط للفعل المقاوم لكل ما هو خاطئ في الحياة.

٧- إن "تطبيع المأساة" على هذا النحو يشل القدرة على التفاعل مع عدالة مقاومة التعدي على خيارات الشعب بالقوة العسكرية ، وينذر بمخاطر من ذلك النوع الذي شهدته كثير من الشعوب حينما أخذت الحروب فيها تنفصل عن المجتمع وتكون بؤرها ومصالحها الخاصة ، وأخذت الشعوب تتطبع بقبول القمع والحرب ومآسيها ، وتبحث عن ملاجئ تلوذ بها من جحيم الكارثة.

٨- إن هذا الوضع يَصْب لصالح العصبة الانقلابية المتشبثة بخرافتها التي أغرقت فيها اليمن وأدمته ودمرت مقدراته ، والوقوف في وجه هذه الخرافة البغيضة هي عملية متكاملة في منع "تطبيع المأساة" التي يسعى إليها التوحش الذي تمارسه عصبة الانقلاب ، وهو ما يعني أن الشق الآخر من معادلة التطبيع تلك لا بد أن يستعيد الوعي بأهمية تحريض العقل المقاوم لهذه الخرافة على أكثر من صعيد ، وأن يبادر إلى تعبئة أطراف المقاومة لصياغة استراتيجية شاملة لهذا الغرض بعيداً عما يعتمل تحت مظلتها من أرق الاختلاف.



#ياسين_سعيد_نعمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الفعل الثوري والفعل الثأري
- لقاء مع الرفيق د. ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتر ...
- الديمقراطية.. بين الخصوصية اليمنية والمشترك العربي


المزيد.....




- السيسي يوجه الحكومة بـ-اتخاذ كل الاحتياطات المالية والسلعية- ...
- ما قصة المسيرة الإيرانية -شاهد 101- التي سقطت في العاصمة الأ ...
- إيران تفعل دفاعاتها الجوية وإسرائيل تحذر سكان طهران مع إعلان ...
- المرصد يتناول حرب السرديات بين إيران وإسرائيل
- مباشر: دونالد ترامب يعلن موافقة إيران وإسرائيل على -وقف تام ...
- مسؤول إيراني لـCNN: طهران لم تتلق أي مقترح لوقف إطلاق النار. ...
- ترامب يعلن عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. ما التفاص ...
- سوريا: تفجير انتحاري يودي بحياة 23 شخصًا على الأقل في كنيسة ...
- ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على -وقف تام لإطلاق النار-
- لماذا يعارض مهندس -أميركا أولا- الحرب على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين سعيد نعمان - تطبيع المأساة ..