أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (8)















المزيد.....

بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (8)


ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 6029 - 2018 / 10 / 20 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


كانت الاوضاع الاجتماعية-الاقتصادية الفرنسية في تلك الفترة التي عاصرها بلزاك-النصف الاول من القرن التاسع عشر مكفهرة وخطيرة،ففي عام1840كان تعداد سكان فرنسا حوالي35مليون نسمة،واكثر من 9ملايين منهم كانوا تخت خط الفقر،وفي عوز وبؤس دائم بين:تشرد وتسول وجريمة وبغاء وبطالة وجوع!.فتكاليف المعيشة كانت فوق طاقة وتحمل الجماهير الفرنسية الفقيرة حتى بحدودها الدنيا.ونتيجة للثورة الصناعية ودخول المكننة الآلية في الانتاج على نطاق واسع،جرى تسريح وطرد عشرات الألوف من العمال ورميهم الى الشارع للجوع والفاقة،فأدى ذلك الى مآسي مرعبة،وتفاقم الفقر المدقع وموت الاطفال،وانتشار الدعارة!.فعمت ظاهرة البطالة السرطانية الدائمة،وانتشر الجوع والخوف من الغد القاتم.وقد كتب احد المتعاطفين مع اوضاع العمال العاطلين ومحنتهم قائلا:"الحياة بالنسبة لهم:هي عدم الموت"!.والامر بالنسبة للفلاحين ايضا لم يختلف عن ذلك كثيرا،اولئك المزارعين المعزولين في بؤسهم الريفي بعيدا عن المدن الصاخبة.وقد صور بلزاك حال الفلاحين بصدق في روايته"الفلاحون".لم تكن الطبقة العاملة-وبالرغم من الهبات والانتفاضات والثورات-قوية ومتحدة وصلبة حتى تستند عليها وتستعين بها جماهير الفلاحين الفقيرة الضعيفة سياسيا،والتي كان هدفها الاوحد هو:اشباع جوعها للارض،ذلك الهدف وتلك الرغبة،لم تتمكن كل الثورات من تحقيقها!.على الطرف الآخر،كانت الارستقراطية النبيلة-التي عشقها بلزاك سياسيا وعاطفيل وبشغف!-تشهد انحلالها وزوالها،وقد وصفها بلزاك بواقعية حزينة في روايته"غرفة المخلفات الأثرية"هذه الطبقة الآفلة والمحتضرة،والتي كانت تجاهد مستميتة من اجل البقاء،في محاولة يائسة للتكيف ومصارعة الظروف،والاندماج بالطبقة البرجوازية الغريمة اللدود،والتي ارتقت عرشها الاقتصادي-السياسي من خلال الزيجات والمصاهرة وعقد الصفقات،وهي تطلق"صرخات أثرية منخورة"!حسب الوصف البلزاكي.وقد أشار انجلز الى"الارستقراطيين العزيزين"على قلب بلزاك!.فهل كانت الارستقراطية الفرنسية عزيزة حقا على قلب بلزاك؟!.الحقيقة تقول خلاف ذلك،فبلزاك كان يرى ويعي جيدا ان طبقة الارستقراطية والنبالة القديمة هي طبقة زائلة،ولى زمنها،وغربت شمسها،ولم تعد الا موضوعا للسخرية والرثاء والاسى والتندر،طالما ظلت على اصرارها،وعدم اعترافها بالواقع الجديد الذي لم يرحمها،الواقع المختلف،وعدم اقرارها بالتطور التاريخي الثوري الذي كلل خصمها الطبقي بالنصر المؤزر:البرجوازية،ومدها الجارف الذي لايمكن لاي قوة ان تقف في وجهه.فمكابرتها ونرجسيتها وانحيازها لنفسها،كان وهما باطلا فهي الان ليست اكثر من:مخلفات اثرية مكانها المتحف والانتيكات وايقونات الماضي السعيد الآفل!.ان البرجوازي الصغير الطموح:المسيو انوريه بلزاك المدعو"دي بلزاك"لايحلم الا بالوصول الى اعلى الطبقات الاجتماعية السائدة،الطبقة الاولى السيدة في المجتمع الجديد:البرجوازية المالكة للمال والسلطة والنفوذ.ومع ذلك،او بالرغم من ذلك،فان الارستقراطية يبقى الهوى والمثال والماضي الاسمى عند بلزاك سياسيا وقيميا،وسدرة منتهاه الغالية والتي قطعتها البرجوازية بوحشية وجعلت منها حطبا لموقدها!.ومع ان ايمان بلزاك بالافكار(الرجعية)الماضوية للنبالة الاستقراطية والملكية المطلقة،هو ايمان وتفكير عاطفي خاطيء وضال من طرفه،ولكنه لم يخطيء ابدا في تشخيص وتقدير قوة"الاستقراطية"كقوة مضمحلة وذابلة ومتلاشية،ومأساوية مصيرها،ورغم حبه وتمجيده لها كطبقة عزيزة عليه!.قلبه معها،وقلم نقده عليها!.يقول صاحب مصنع العطور"كريفي"وهو يتحدث بخبث مع البارونة الطاهرة"ايولا":"انك على خطأ ياملاكي،حين تعتقدين ان الملك لويس-فيليب هو الذي يحكم،انه لايخدع نفسه من هذه الناحية،فهو يعرف كالآخرين،ان هناك شيئا يقف فوق القانون هو التالر-عملة فرنسية،م.ا-المقدس والمعبود والقوي والحبيب واللطيف والجميل والثمين والقادر على كل شيء"!.تلك الارستقراطية الخاضعة لحكم وصنمية التالر هي،وكما يقول بلزاك:"حفنة من العائلات النبيلة،اراها تبغي اصطياد وريثات غنيات"!.ان الاوضاع والظروف الاجتماعية،والقيم والممارسات الطبقية،لم تعد كما كانت عليه في عصر موليير،فجورج دندان-شخصية مسرحية مولييرية- اقترف خطيئة كبيرة في زواجه من آنسه نبيلة،ويستحق عقابا صارما على هذا الاثم الشنيع!.ومانجده في"الكوميديا الانسانية"هو عكس ذلك تماما،حيث تتزوج الانسة غوريو من الدوق دي روستو،وأخرى تتزوج البارون دي نوسيني،ويتزوج السيد دي فونتين من الانسه جرونييت،والسيد دي بورتيندور من الانسه الرقيقة ميروي.وكهذا نرى يسر عقد الصفقات،وسهولة اتمام الزيجات في عصر افول الارستقراطية وسقوطها بحضيض غروبها وابتذالها،وصعود البرجوازية المظفرة وهيمنتها.لقد كانت هذه الزيجات الهجينة المرتبة والمباركة طبقيا بين طبقة ماتت ولاتملك الاالماضي والقابها،وبين طبقة سؤددها التجارة والمال والصناعة،هذا الخليط الاجتماعي السعيد وغير المتجانس/هو الذي خلق اجيالا متجانسة طبقيا،وانتج الكثير من الاطفال الذين شبوا ليتولوا قمم المناصب في ادارات المناجم والمصانع وشركات سكك الحديد والبنوك وغيرها من مفاصل ومؤسسات الاقتصاد والمال والتجارة.لم تعد الطبقة السياسية الحاكمة والمسيطرة هي الطبقة القديمة،كأرستقراطية مترنيخ الكلاسيكية،والتي تبدأمن البارون فصاعدا،انما وكما يحدد بلزاك،هي:"الطبقة الجديدة الحرة والقاسية،والمفتقرة الى الصبر،وهي التي تستحق في هذه المرحلة السلطة وتنشيء استغلالها دون اي رحمة،وهي طبقة تفتح آفاقا جديدة،وان احتاجت الى هياكل الآخرين في سبيل مآربها...انها طبقة البرجوازية الفتية...اظهرت مايستطع ابداعه النشاط الانسانيـ فخلقت عجائب تختلف عن الاهرامات المصرية والاقنية الرومانية والكنائس الغوطية،وقامت بحملات تختلف عن هجرات الشعوب والحروب الصليبية"!ان بلزاك وماقاله في مقطعه الطويل هذا،يتفوق بتركيزه واختصاره على الاقتصاديين والمؤرخين والفلاسفة في تبيان وتشخيص طبيعة المارد الطبقي الانتاجي الجديد.،وسبل ارتقاءه المفتوحة على مصراعيها،وهذا مالمسه ماركس بفطنته لدى بلزاك، ونجد صداه لديه،فقد الهمه كثيرا في كتابة رأس المال،وكما صرح ماركس نفسه بذلك في مراسلاته!.كان بلزاك بحق الابن البار والامين لطبقته وعصره،والمصور الدقيق لزمنه،والقاضي العادل في حكمه على طبقته ذات الارادة الجيارة:البرجوازية....البرجوازية التي وكما يقول بلزاك-وكأننا نقرا ماركس!-:"خلقت قوى اتنتاجية اكثر احتشادا وعظمة من جميع الاجيال الماضية سوية"!.ومن جداول احصاء تلك الفترة والتي تؤكد مايقول بلزاك:كان عدد مكائن النجارة 65 ماكنة عندما بلغ بلزاك سن الرشد،اصبحت13،691ماكنة عندما بلغ بلزاك الخمسين من عمره!وارتفع عدد مكائن النسيج من600ماكنة في عام1834الى31الف ماكنة عام1846،واصبح عدد افران الصهر ثلاثة اضعاف ماكان عليه،وبلزاك ايضا وعلى صعيد انتاجه الادبي،وبروح البرجوازية الفعالة،انجز اعماله الادبية خلال اقل من عقدين،تلك المدونة السردية الضخمة.!.وازداد ومنذ عام1832 حتى عام1844 عدد الحرفيين المجبرين على دفع ضريبة المهنة الى الضعفين،وبلغ عدد شهادات الاختراع التي سجلت سنة1843 وحدها خمسة اضعاف الاختراعات الت سبقت هذا العام!.وهاهي اليوم وبد اكثر من قرن ونصف من موت بلزاك تعمم نمطها عبر العالم وتسود عولميا!!!.
..................................................................
يتبع.
وعلى الاخاء نلتقي...



#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب وال ...
- (الديستوبيون)....وعرض(الفارس)الانتخابي!
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(7-الاخير)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(6)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(5)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(4)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(3)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(2)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(1)
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- حول مقتل كيروف/الحقيقة السامة ولعبة تلفيق الاتهامات!!!
- رسالة لينين الى المؤتمر/ اضواء على الوقائع التاريخية الكاملة ...


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (8)