|
ردي علي مقال بثينة خليفة قاسم و لوشي المبارك و داليا الياس :لا للسكوت عملاً بمقولة إبن السودان فرنسيس دينق( المسكوت عنه هو ما يفرقنا ويعمق أنقساماتنا).
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 6012 - 2018 / 10 / 3 - 03:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ردي علي مقال بثينة خليفة قاسم و لوشي المبارك و داليا الياس :لا للسكوت عملاً بمقولة إبن السودان فرنسيس دينق( المسكوت عنه هو ما يفرقنا ويعمق أنقساماتنا).
عبير المجمر (سويكت)
هيئة علماء السلطان المشغولة بالحيض و الإستحاضة و معركة العيب و الحرام في السودان.
هيئة علماء السلطان و الخوف و الهلع من أن تكتسح معركة التمدن و الحداثة و التجديد الإسلام السياسي.
عادةً ما أحرص على متابعة كل ما يتعلق بالشأن السوداني في جميع النواحي : الإجتماعية و السياسية و الثقافية والفنية و الإقتصادية... إلخ ، و برنامج "شباب توك" في السودان كان قد أحدث ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعية السودانية، فما حدث من جدال بين الفتاة الشابة وئام شوقي و رفيقاتها و رئيس هيئة علماء الدين لم يكن مجرد موضوع عابر كما ذكرت الكاتبة البحرينية في مقالها تحت عنوان "شباب توك في السودان "، قائلةً : (" البعض في السودان يتعاملون مع كل شيء بحساسية مفرطة ويجردون سيوفهم من أغمادها عند كل اختلاف في الرأي ويدقون طبول الحرب طوال الوقت")
نحن نقول العكس فأنتقاد الشابات الموجودات في البرنامج و ليس وئام وحدها لقانون النظام العام في السودان، و إنتهاكه لحقوق المرأة، إضافة إلى الطريقة التقليدية التي تنظر بها الأغلبية العظمى للمرأة في السودان ، و ما تتعرض له في المجتمع فيما يخص الزي العام و مروراً بأشياء أخرى مثل : الرجوع إلى المنزل في أوقات متأخرة إذا تطلب الأمر ذلك، و كذلك موضوع الختان... إلخ، جميعها قضايا مهمة للغاية.
و موضوع الشابة وئام و زميلاتها إذا أعتبرناه معركة فكرية فهي لم تحسم بعد، و لابد أن تستمر المعركة إلى أن تتحقق المقاصد المنشودة، و تنال المرأة السودانية حقوقها، و يتم تحريرها من قيود القفص و السجن التقليدي الذي ابتغاه لها زمرة من فئات المتاجرين بإسم الدين و السائرين على دربهم.
فمشكلة المرأة السودانية بصفة خاصة ناتجة عن عقلية المجتمع الذي ما زال يخلط بين العيب و الحرام، و بين تعاليم الإسلام الوسطية الصحيحة و بين المفاهيم الخاطئة و العادات والتقاليد الموروثة من الثقافة العربية الدخيلة التي كانت و ما زالت تقلل من شأن المرأة، و تعتبرها عار منذ الجاهلية الأولى و حتى يومنا هذا، ففي الماضي كان العرب يدفنون البنات أحياء و يطرحون عليهن التراب الذي يثقلهن حتى الموت، و لنا في قصة عمر الفاروق أسوة حسنة، و قوله تعالى :(و إذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)، و يحكي أيضاً أن في الجاهلية كانت المرأة إذا حملت حفرت حفرة و تمخضت على رأسها فإن ولدت بنت رمت بها في الحفرة و ردت التراب عليها، فعند العرب في الجاهلية وصل بهم إحتقارهم للمرأة أن المشركين منهم عندما أرادوا سب الله نسبوا إليه ما يكرهون و هم "البنات"، و قالوا إن الملائكة بنات الله نسبة لإحتقارهم للبنات و المرأة ، (أم له البنات و لكم البنون)، (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى).
إذن ما يحدث في السودان تجاه المرأة ناتج عن المفاهيم الخاطئة و العادات والتقاليد الموروثة من العرب و المتاجرين بإسم الدين، الذين يقولون أن المرأة ناقصة عقل و دين، و لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة، و هكذا إستغل تجار الدين ذلك حتى يعيش الإنسان السوداني في حيرة من أمره بين العيب و الحرام، و الخلط بين تعاليم الإسلام الوسطية و بين العادات والتقاليد الموروثة و المفاهيم الخاطئة.
و قد إستغلت هيئة علماء السلطان هذه الثغرة لتنفيذ أجندتها في المتاجرة بإسم الدين لصالح من هم في الحكم و ضماناً لبقائهم في هذا السلطان الزائل عن طريق إستخدام هيئة علماء الدين لتضليل البلاد و العباد، و اللعب بعقولهم بإسم الدين، و بهذا الشكل يسود الجهل و يسهل استعباد الناس عن طريق الإستخفاف بعقولهم و يصبحون أداة سهلة الترويد في المسار الذي يخدم مصالح فئات معينة.
هيئة علماء الدين أو علماء السلطان التي فضحها و عراها الشيخ المستنير، و المناضل الفكري و الأديب و السياسي، و أحد رواد النثر العربي مصطفي المنفلوطي أحد تلاميذ الشيخ محمد عبده الذي قال في روايته مدينة السعادة ("فقلت في نفسي :ليت الفقهاء الذين ينفقون أعمارهم في الحيض و الإستحاضة، و المذي و الودي، و الحدث الأصغر و الحدث الأكبر، يعرفون من سر الدين و حكمته و الغرض الذي قام له، ما يعرف هؤلاء الذين لا يفهمون معني الجنة و النار، و لا يميزون بين الدين و التين" ) .
كذلك مفتي الديار المصرية الشيخ المستنير محمد عبده أحد كبار المجددين في الفقه الإسلامي و كبار رموز دعاة الإصلاح، و أحد دعاة تحرير المرأة و صاحب مدرسة الإصلاح التربوي الذي قال في شأن الحجاب :(" أن الذين يلحون على ضرورة الحجاب و يركزون على "خوف الفتنة".. أنما هو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال، و على من يخاف الفتنة منهم "أن يغض بصره") ، أذن من يخاف الفتنة يغض البصر، و لكن لا يلزم المرأة للرضوخ لما يسمى "قانون النظام العام" الذي يحدد لها طريقة لبسها إرضاءا لذوي النفوس الضعيفة غير القادرين على التحكم في أنفسهم.
و كان قد وضح أيضاً الشيخ محمد عبده على أنه لا يوجد نص في الشريعة الإسلامية يوجب الحجاب على المرأة، و إنما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها ، و بالغوا فيها، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين ، والدين منها براء. و في ذلك دليل على ما ذكرناه في بدايةً حديثنا.
لذلك جميع رواد تحرير المرأة من المجددين و الإصلاحيين أمثال محمد عبده، جمال الدين الأفغاني، أحمد فارس الشدياق، و قاسم أمين رائد رواد تحرير المرأة و صاحب المؤلفين "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" الذي أوضح أن دعوة نصرة المرأة و تحريرها ليس بهدف تحريرها من دينها و لا أخلاقها، و لكن أعطاها حقوقها و أن تشارك في نهضة ذاتها و مجتمعها، و عليه يتوجب علينا تربية جيل بلا عقد بحيث تخاطب المرأة الرجل و هي عفيفة طاهره و يخاطبها هو و ليس في نفسه ريبة.
و جميع رواد الفكر النهضوي العربي و المجددين و الإصلاحيين من دعاة تحرير المرأة و مناصري الحركة النسوية كانوا يدعون إلى تجديد الفكر الديني، و النظرة الدينية، و تقنين الفقه الإسلامي بما يتفق مع الوقت و الحالة ، و مقاومة الإستبداد بشتى أنواعه، و عدم كبت الحريات و ربط ذلك بالاصول الإسلامية، و إن يكون هناك منهج واضح لتنظيم هذه المسائل حتى لا تصبح مسألة اعتباطية.
و في الإطار الفقهي يجب مراعاة الملابسات و الاختلافات الفكرية.
و يبقى الأمل معقود على التمدن و العلوم الحديثة بفكر الإصلاح و النهضة الفكرية و عدم الخوف علي الموروث الفكري و الثقافي التقليدي أن يكتسحه التجديد.
و بهذه الطريقة يمكن النظر لبرنامج "شباب توك" و غيره كأدوات تواصل مع الآخر الذي لن يسلب السودان فضائله و لا أخلاقه و لا ما يمييزه عن الثقافات الأخرى، بل سيكون جسر تواصل و تفاعل مع الآخرين، و يبقى القاسم المشترك بين مختلف الثقافات و الحضارات هي الإنسانية و قيمها الرفيعة من عداله و مساواة و حرية أهم ركائز النهوض بالإنسانية في مختلف بقاع العالم.
أما حديث البعض عن مقدم البرنامج و ذمه تارة و شتمه تارة أخرى بالمثلية الجنسية، و إتهامه أنه يريد أن ينشر ذلك في بلاد العرب و المسلمين، و إن يأتي بثقافة دخيلة عليهم فنذكرهم بالعصر العباسي و بأبي نواس و المثلية الجنسية و ولعه بالغلمان و أبيات شعره المعروفه في جمال الكوفي، الغلام الملتحي، ابن عورك اللهبي، أذن ليس من المنطقي أن يكون هدف مذيع البرنامج نشر المثلية التي هي أصلا موجودة في الوسط الإسلامي و العربي منذ العصر العباسي.
أما المواضيع الأخرى التي ناقشها هذا البرنامج و منها "ختان البنات"، تلك العادة الفرعونية المأخوذة من المصريين، و التي في نفس الوقت كانت أحد أدوات الذم و القدح التي استخدمها رفاعه الطهطاوي رائد رواد الإستنارة و النهضة في مصر و العالم العربي، و أحد دعاة التحديث و التغيير فعندما بعثة محمد على باشا إلى السودان لتأسيس مدرسة ابتدائية في الخرطوم عام 1850م، حينها هجا السودانيون في قصيدة شعرية مشهورة وصفهم فيها بالوحوش و الجماد و أنهم همج لا يفهمون و لا يجدون حتى فن الطبخ، و تحدث عن إنتشار البغاء والسراري، و ذم حتى العادات والتقاليد السودانية مثل "الودك" المستخدم في الزينة النسائية السودانية، و كذلك عادة ضرب السوط عند الرجال في الأعراس ، و لكن الأهم من ذلك هو ذمه عادة ختان البنات عند السودانيين قائلاً : ويُرتَق ما بزوجته زماناً*** وَيَصعُب فَتْقَ هذا الانسدادِ .
أما بالنسبة للموقف السلبي الذي صدر من بعض النساء و الفتيات اللاتي تعالت أصواتهن لا للوقوف مع وئام بل لقدحها و ذمها، فهذا يذكرني برواية "طفلة السماء" للكاتبة سمر يزبك السورية تلك الرواية التي منع طبعها من قبل الرقابة السورية بحجة أنها تطرقت لسرد الممنوع ، بينما أتاحت لها بيروت فرصة النشر. و "طفلة السماء" تحدثت فيها الكاتبة عن أحد الظواهر السلبية في المجتمعات العربية و الإسلامية و هي تعكس في نفس الوقت ردود فعل الجانب النسوي الذي بدل أن يناصر المرأة و يدعمها و يعمل لحمايتها كن هن أول من يبطش بالمرأة، و في ذلك تأكيد على قبولهن لما تتعرض له المرأة من ظلم و قهر إجتماعي و يساندن و يساعدن المجتمع على ذلك.
و ختاماً تبقى الدعوة للتجديد و التغيير و الإصلاح و الحداثة و الحوار الإنساني هي السبل الوحيدة للنهضة بالمرأة و الشعوب نحو غد أفضل، و كذلك عدم السكوت كما طلبت منا السيدة البحرينية بثينة خليفة قاسم بل العمل بمقولة إبن السودان الأديب العالمي فرنسيس دينق:( المسكوت عنه هو ما يفرقنا ويعمق أنقساماتنا).
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوك بوث بالوانق ينفي ما نشر في جريدة التيار عن مهاتفة نادرة
...
-
الفريق صديق إسماعيل يفتح النار على الحليفان عبدالواحد و عبدا
...
-
نائب رئيس حزب الأمة صديق إسماعيل المرشح لرئاسة الحزب يصف الص
...
-
حوار الساعة مع دكتور غازي صلاح الدين العتباني مرشح رئاسة الج
...
-
أنيس شوشان في حوار الجرأة و الصراحة يجرم الفتوحات الإسلامية
...
-
موافقة جهات مؤثرة و ذات نفوذ دعم مساعي نداء السودان لمحاصرة
...
-
توماس شريلو أبرز معارضي إتفاقية الخرطوم للسلام يؤكد إنهيار إ
...
-
في أول سابقه من نوعها الإمام الصادق المهدي يشيد بالرئيس الفر
...
-
الصادق المهدي يدحض أكاذيب و جهل من إتهموه بالسعي لتقويض المح
...
-
الصادق المهدي :يتحدث عن مرشحيه السبعة لرئاسة حزب الأمه و يعي
...
-
محاصرة الإمام الصادق المهدي في كرسي ساخن حول المحكمة الجنائي
...
-
الإمام الصادق المهدي يستصرخ السياسيين و المفكرين و الإعلاميي
...
-
في أسخن حوار زعيم المعارضة السودانية الصادق المهدي يعري و يف
...
-
حوار الساعة مع توماس شريلو سواكا أبرز معارضي إتفاقية سلام ال
...
-
لجنة معلمي الجزيرة تكشف عن شراسة الإنتهاكات الأمنية و الالعي
...
-
دكتور لام أكول في حوار الساعة يتجاوز بشجاعة الخطوط الحمراء و
...
-
نفى فوك بوث بالوانق مدير الإعلام في الحركة الشعبية في المعار
...
-
باقان اموم يؤكد على أن تقسيم السلطة قضية هامشية و فوقية و يط
...
-
أخطر صقور السياسة الجنوبية باقان اموم في حوار السلام يرفع غص
...
-
الجنوبيون يدينون بشدة البند خمسه من إتفاقية النفط و يصفونه ب
...
المزيد.....
-
دعم للمرأة الجزائرية.. كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
-قرن- ينمو في جبين امرأة صينية تبلغ من العمر 107 أعوام
-
الوكالة الوطنية للتشغيل 800 د.ج تكشف كيفية التسجيل في منحة ا
...
-
طريقة التسجيل في منفعة دخل الأسرة بسلطنة عمان 2024 والشروط ا
...
-
تقارير حقوقية تتحدث عن انتحار نساء بعد اغتصابهن في السودان
-
أنبــاء عن زيـادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى 8000 د.ج!
...
-
جنود إسرائيل في ثياب النساء.. ماذا وراء الصور؟
-
وباء -الوحدة الذكوري-.. لماذا يشعر الرجال بالعزلة أكثر من ال
...
-
مساعدة الرئيس الإيراني: مستعدون للتعاون مع قطر في مجال الأسر
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|