أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - ضاعت فلسطين والاحتلال باق















المزيد.....

ضاعت فلسطين والاحتلال باق


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 6000 - 2018 / 9 / 21 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"هل اغلاق سفارة فلسطين نهاية للقضية؟".. هكذا عنّونَّ عبد الرحمن الراشد، مقاله في صحيفة "الشرق الاوسط" (19/9). ولا دعي للإجابة، فالمكتوب يُقرأ من عنوانه. حيث لم يبقَ الكاتب السعودي وحده، في التوصل الى هذا العنوان. فإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، وطرد السفير وعائلته على الفور وبطريقة مذلة، كان مثابة دق آخر مسمار في العملية التفاوضية التي استمرت مدة 25 سنة، تحت عنوان: "دولتين للشعبين".
تحظى سياسة ترامب تجاه الفلسطينين، بنوع من الإجماع في امريكا، إذ أنها تاتي بعد سلسلة من الإجراءات الموجهة ضد الفلسطينيين منذ نقل السفارة الامريكية الى القدس، والإعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، ووقف الدعم الامريكي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين. هذه الخطوات رغم خطورتها، والجانب المغامر بها، الا انها لم تتعرض لانتقادات، على خلاف ما يحدث حول مواقف ترامب في قضايا السياسة الخارجية الامريكية ، مثل التقارب مع روسيا على حساب حلف الناتو، والسياسة الامريكية تجاه كوريا الشمالية، ودعم السعودية في حربها في اليمن، والحرب التجارية مع الصين. وحدها القضية الفلسطينية وحدت الكونغرس الامريكي الذي يقف كله وقفة رجل واحد مع اسرائيل.
واذا كان الموقف الامريكي تجاه القضية الفلسطينية لا يحمل شيئاً جديدا الا ان ما كتبه عبد الرحمن الرشد هو بلا شك يشكل اشياء جديدة ونظرة جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية، لانه لا يعبر عن موقف شخصي للكاتب ، بل يمثل حرفياً ، موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تبنى الرواية الامريكية بالكامل، مثلما جاء في المقال الذي يُحمّل اسرائيل والفلسطينيين على السواء بمسؤولية فشل اتفاق اوسلو قائلا: "والغلاة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، أفشلوا كل الفرص القليلة، التي سنحت لحل القضية الفلسطينية".
والنقد لا ينتهي بهذا الحد، بل يُحمل أبو مازن المسؤولية بإفشال مسعى الإدارة الأمريكية لتمرير "صفقة القرن" برفضه مقابلة السفير جيسون غرينبلات، وأعلن عن مقاطعة الوساطة الامريكية. وإذا إشتد الضغط الامريكي على الفلسطينيين، من خلال شطب الميزانيات للسلطة الفلسطينية ولوكالة غوث اللاجئين، فتتوج المملكة السعودية هذا المسعى، بالإعلان للفلسطينين بشكل مباشر وصريح: "بقيتم لوحدكم" او كما جاء في المقال المذكور حيث وُرد فيه "من الأخطاء الرئيسية، الإيمان بأن فلسطين قضية محورية، ولن يتخلى عنها العرب والمسلمون. الحقيقة أنهم تخلوا عنها منذ زمن بعيد، فكل دولة مشغولة بقضاياها".
من هنا قرار الرئيس الامريكي ترامب لم يأت من العبثية او الفراغ ، فهو مدعوم امريكيا، وعربيا وبتنسيق كامل مع الحكومة الإسرائيلية، مما يضع الجانب الفلسطيني في اوضاع غير مسبوقة منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في الستينيات من القرن الماضي.
سابقاً كان تميّز الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات بقدرته على التلاعب والمراوغة بين قوى ومراكز النفوذ المتنافسة على النفوذ في المنطقة وتغيير تحالفاته حسب التغيير في موازين القوى، فكان قريب من الاتحاد السوفيتي، ولكن حافظ على شعرة معاوية مع امريكا، كان ناصريا احيانا، وسعوديا في حين اخر، حتى قرر في أوسلو وضع كل البيضات الفلسطينية في السلة الامريكية، مقابل الحصول على سلطة منقوصة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى مدار 25 سنة تغير المحيط العربي حتى تلاشت الكثير من الدول العربية إثر الربيع العربي وبقى ابو مازن وحيدا أمام التحالف الأقوى في المنطقة الذي يجمع امريكا والسعودية واسرائيل.
وامام هذه التطور الخطير والغير متوقع تكتفي السلطة الفلسطينية بالشجب والإستنكار والتقوقع في موقفها وبنفس الوقت تستمر في منح خدماتها الأمنية لإسرائيل. إن هذا الموقف يدل قبل كل شيء، على ان الحفاظ على إستمرارية وسلامة السلطة، أهم بالنسبة لها من مهمة محاربة الإحتلال. نعم ربما القضية الفلسطينية إنتهت بفضل إجراءات دونالد ترامب، فموضوع العاصمة تم إزاحته عن الطاولة بعد نقل السفارة، وقضية اللاجئين حلت من خلال تصفية وكالة الغوث، وحلم الدولة تبخر لصالح كونفدرالية مفترضة مع الاردن. لكن رغم ذلك فالسلطة الفلسطينية، لم تنته بفضل القّيمين عليها والمنتفعين منها الذي حصلوا على امتيازات مالية من قبل ما يسمى "الدول المانحة". هذه السلطة الوحيدة في العالم، التي تعتمد وتعيش على منح تضمن بقاءها، وتضمن بقاء الإحتلال الإسرائيلي الذي تستمد منه وجودها.
وإذا فقد ابو مازن كل أوراقه السياسية فهو يحتفظ بورقة ذهبية وحيدة التي من خلالها يحاول ان ينهض مثل طائر الفينيق من الرماد. هذه الورقة السحرية هي قطاع غزة واهلها ومصير مليوني فلسطيني يعيشون داخله . وقد أصبحت قضية عزة والكارثة الإنسانية، التي تعيشها أهم ورقة ضغط بيد ابو مازن على أمريكا وإسرائيل. ففي الوقت الذي تقوم بها أمريكا بوقف مساعداتها المالية للسلطة، تعمل بشكل حثيث على التوصل الى اتفاق بين إسرائيل وحماس عبر الوساطة القطرية. وقد أصبح هذا الإتفاق بين إسرائيل وحماس الخطر الداهم على السلطة في رام الله التي وجهت انتقادات لاذعة بوصفها هذا الاتفاق "خيانة".
وكما تبين لاحقاً، لا يمكن لإسرائيل أن تحل مشكلة غزة دون التعاون مع السلطة في رام الله، وابو مازن مصرّاً على ان يتحمل هو المسؤولية الإدارية في غزة إذا أرادت أمريكا وإسرائيل ذلك، وعليهما في هذه الحال ان يفتحا معه خط للتفاوض وأن يعيدوا الأمور الى سابق عهدها، كما كان قبل الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل.
والغريب بالأمر هو أن شعار "انهاء الانقسام"، هذه الوصفة السحرية التي كان من المفترض ان تعالج كل أمراض البيت الفلسطيني، والتي عارضتها إسرائيل بشدة حتى الامس القريب، أصبح اليوم مطلبا اسرائيليا قبل ان كونه فلسطينيأ. فكان محور اللقاءات التي جمعت بين رئيس الشاباك الإسرائيلي نداف ارغمان، وابو مازن، السعي للوصول الى هدنة مع حماس من خلال الوصول الى مصالحة بين فتح وحماس. ومع ان ابو مازن وافق مع رئيس الشباك "على 90% من القضايا" الا انه تبين بان قضية حماس وإمكانية إنهاء الإنقسام شكلت ال 10% الذي لم يتم التوافق عليه. واذا اصبح شعار "انهاء الانقسام" مصلحة إسرائيلية وأمريكية عليا فهذا يعني ان إسرائيل وأمريكا تعتبرا حماس شريكًا للحل في غزة، وفي نفس الوقت أصبح ابو مازن يشكل حجر عثرة أمام إمكانية التوصل الى تسوية للقضية الفلسطينية على المقاس الاسرائيلي الامريكي.
ومن هنا يمكننا الإستنتاج بأن الضغط السعودي، المصري، الإسرائيلي والامريكي على السلطة الفلسطينية وتجفيف منابع الدعم المالي، يهدف الى خلق قيادة بديلة شابة و"واقعية" لتكون مستعدة للتعامل مع صفقة القرن التي لا تضمن الحرية والرفاهية للشعب، بل تضمن استمرارية للسلطة في ظل مواصلة الإحتلال والهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية. فمن أغلق الحنفية من الممكن ان يفتحها من جديد من أجل تمويل صفقة تزيل القضايا العالقة عن الطاولة، بما في ذلك قضايا اللاجئين والقدس والمستوطنات. هذا هو السيناريو المفتوح امامنا: اما الرضوخ للضغط العربي الامريكي او الإختفاء عن الساحة، وامام هذا الخيار فلا شك بانه سيبرز بين "كوادر" فتح من هو على استعداد لتولى السلطة، على رغم موقفهم العلني ضد ترامب وصفقة القرن.
هذا السيناريو الاكثر رجوحاً، ان لم نقل الوحيد الذي يحظى بدعم عربي، أمريكي وإسرائيلي. أما الإنتظار حتى تنتهي ولاية ترامب او أن يخسر نتانياهو في الانتخابات القادمة فهذا الشيء مجرد وهم واضاعة للوقت. إننا نسجل للأسف بان الحزب الديموقراطي في أمريكا واليسار الإسرائيلي، رغم اختلافهم مع ترامب ونتانياهو من حيث الشكل، فهما يقبلان التوجه العدائي للفلسطينيين من حيث المضمون والجوهر.
يجب على كل من لم يفقد الأمل بتغيير الوضع وإيجاد سبل جديدة لمواصلة المعركة من أجل حق الشعب الفلسطيني بالحرية الاعتراف بأن مشروع أوسلو قد ولد ميتًا منذ البداية، وإستلاء حماس على غزة بإنقلاب دموي قد حول كل المساعي والجهود لإحيائه من المستحيلات. وحان الوقت لان يُطرح على الساحة الفلسطينية بديلا ديمقراطيا، عصريا له نظرة بعيدة المدى، وطرح برنامج سياسي جديد، يضع مشروع الدولة الواحدة، كهدف إستراتيجي بديلا وعلى أنقاض السلطة الفلسطينية، وعلى اساس شطب كل الإتفاقات الأمنية والإقتصادية التي منحت للإحتلال اليد الطولى وسدت كل النوافذ أمام إمكانية إنهاء الإحتلال وبناء مجتمع عصري ديمقراطي جديد.







#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون القومية يفجر الاجماع الصهيوني
- مآساة غزة - سلعة تخدم الجميع
- الاسد باق! إيران ستخرج
- ناتالي بورتمان والاجماع الصهيوني
- غزة بين التمكين والتجويع
- فشل سياسة البلكونة الإسرائيلية
- السلطة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية
- المرشد الأعلى وروائح الربيع
- كلٌّ يغنّي على قدسه
- هل حان الوقت لربيع سعودي؟
- زهير بهلول شخصية غير مرغوب فيها
- الدولة اليهودية مع الدولة الكردية
- إنتصار نصر الله وخسارة الأسد
- عملية الاقصى وما يسمى بالإرهاب
- إسرائيل ترسم حدودها من جديد
- قطر وما يسمى بالإرهاب
- ترامب يربّع الدائرة
- الضفة في واد وغزة في واد آخر
- الأسد أو نحرق العالم
- دولة يهودية إلى جانب دولتين فلسطينيتين


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - ضاعت فلسطين والاحتلال باق