أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميار أبودقة - «إلى الجانب الآخر من الوطن.. الضفة الغربيّة المنسيّة»















المزيد.....

«إلى الجانب الآخر من الوطن.. الضفة الغربيّة المنسيّة»


ميار أبودقة

الحوار المتمدن-العدد: 5995 - 2018 / 9 / 15 - 23:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


قبل حوالي ثلاثة عشر عامًا من الآن، وعندما انسحب الإسرائيليون من قطاع غزّة، اغتصبت "إسرائيل" ٤٠% من مساحة أراضي الضفة الغربية (٢٣ ميلًا مربعًا)؛ لتتجاوز تلك المساحة التي انسحبت منها من قطاع غزّة (١٩ ميلًا مربعًا).
يأتي ذلك كخطة استراتيجية وتوسيعية لبناء المستوطنات من أجل استقبال المستوطنين المهاجرين الذين رحلوا عن غزّة وكافة اليهود من جميع أقطار العالم، إذ صرّحَ حينها ما يُدعى برئيس الوزراء الإسرائيلي "أرئيل شارون" بعد الانسحاب من غزّة قائلًا: "لا توجد ضرورة للكلام، يجب أن نبني ونبني بالفعل دون أن نتكلم"، جاء ذلك لتشديد السيطرة على المناطق (يقصد الضفة الغربية)، وتهويدها، معتبرها جزءًا من أراضي (دولة إسرائيل).
كما ويأتي ذلك بالتزامن مع استكمال بناء جدار الفصل العنصري الذي التهَمَ ايضًا ١٠% من أراضي الضفة المحتلة، والذي أنهى بذلك الحلم الوجودي لأحقيّة الأرض والوطن بأن يكون للفلسطينيين دولة صالحة للحياة على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
تعمل استراتيجية إسرائيل في قرى الضفة على جغرافيا تخدم جيش الاحتلال، حيث كانت القرى القديمة في السابق تأخذ جهدًا كبيرًا بواسطة الاحتلال من أجل دخولها واقتحامها، ولم يكن يتم هذا الأمر إلا بغطاء جوي، ويعود ذلك إلى صِغَر حجم المداخل والأزقّة؛ مما يدفع الجنود اضطراريًا للدخول مشيًا على الأقدام، ولكن بعد اتفاقية أوسلو، أصبحت مخارج ومداخل القرى بيد الإسرائيليين؛ مما سهّلَ عمليات الاقتحام عن طريق إغلاق كل الطرق المؤدية للقرية (كقرى نابلس على سبيل المثال)، ومحاصراتها بكل سهولة ويُسر.
ومع استمرار العمل الاستيطاني الاحتلالي، عُزل حينها حوالي ٢٠ ألف مواطن فلسطيني عن الأراضي المحتلة، ومن ثمّ أُطبِقَ الخناق على القدس الشرقية، من خلال خطوات للربط بين المدينة ومعالي أدوميم باستخدام الحاجز لترسيم حد فاصل، وكانت النتيجة هي إحاطة المناطق العربيّة في القدس بالكامل بمستوطنات "إسرائيلية" كبيرة، ودفع الجبهة "الإسرائيلية" إلى الأمام بمقدار النصف تقريبًا داخل الضفة الغربية؛ مما سيؤدي فعليًا إلى الفصل بين شمال الأراضي الفلسطينية وجنوبها عند أضيق نقطة.
يقدر عدد الحواجز ونقاط التفتيش في الضفة الغربية نحو ٥٧٣ حاجز ثابت، و٦٩ حاجز متنقل (طيّار)؛ مما يجعل المواطنين عُرضةً للاعتقالات والتهديد طوال الوقت، كما وتحدثَ العديد من الأدباء عن معاناة التنقل داخل الضفة ومدن الوطن العديد مثل حسين البرغوثي ومريد البرغوثي.
وشهدت الضفة العديد من العمليات الفدائية، التي أرسلت عبر هذه الحواجز المقربة للمستوطنات رسالةً من الشعب الفلسطيني الرافض للمحتل ودفاعًا عن الحرية والأرض، وتشكّل نسبة المستوطنات المعترف بها ١٢٥ مستوطنة، غير أنّ هناك ١٣٦ موقع استيطاني عشوائي في أنحاء الضفة المحتلة.
يبدو أن طبوغرافيا الضفة الغربية والقدس قد تغيّرت ملامحها، فأصبح تمركُز القوى في مناطق محددة، مثل قرية العيساوية في القدس، وقرية حجّة في قلقيلية، أما المدن فقد جمعت رؤوس الأموال والبرجوازية الفلسطينية المتمركزة في رام الله.
بدأ هذا التغيير واضحًا وجليًا في ظل ما يحدث في قرية "الخان الأحمر"؛ ليأتي بدوره ممهدًا الطريق لمخطط (شرق ١) الذي يخالف أحكام القانون الدولي التي تحظر نقل سكّان الدولة المُحتلَّة إلى المنطقة الخاضعة للاحتلال، كما تحظر إجراء تغييرات دائمة في داخل المنطقة الخاضعة للاحتلال، ليست غايتها احتياجات أمنيّة أو لصالح السكان المحليين.
ومع هذا، لا يتحرك لأحد مِنَ العربان ساكن؛ لينددَ بالظلم الجائر لهذه القرية، تحت سقيفة ونداء جديد: "ناديت ولو أسمعتَ حيًا، ولكن لا حياة لمن تنادي".
أما بالنسبة للمشهد الثقافي والسياسي في الضفة الغربية، ومع ولادة ما يعرف باتفاقية أوسلو، لم يكن منفصلًا عن ذات المشهد في قطاع غزّة، حتى وإن كانت غزّة محتكرة المشهد قليلًا بعدما جعلها الرئيس الراحل عرفات مركز صناعة القرار السياسي والثقافي وصولًا لحصاره في رام الله، انتقل ثِقَلُ هذا المشهد للضفة الغربية بعد الانقسام، وأصبحت قِبلة الهرم السياسي والثقافي، ولكن المُلاحَظ أنّ المشهد في الضفة الغربية لم يتأثر كثيرًا مقارنة بغزّة بعد الانقسام؛ مما جعل ملف الانقسام بالنسبة لسكان الضفة الأقل اهتمامًا ،حتى في مجال الرواية والأدب كان الانقسام غائبًا بين النصوص الكتابية مقارنة بملف الاستيطان الذي ابتلع ما يقرب من نصف مساحة الضفة الغربية.
تشهد الضفة اليوم تدهورًا في المجال الثقافي الذي يتجه إلى فكرة (المؤسسة الثقافية والصالونات النخبوية) التي جعلت من يدّعونَ الثقافة والفكر يعيشون في أبراجهم العاتية، مبتعدين عن جوهر الواقع، متناسين بذلك الروح الوطنية والثورية، وتحوّل المشهد الثقافي من مشهدٍ وطني يهتم بالقضايا السياسية إلى مشهد يهتم بالقضايا المجتمعيّة، وكأن الفلسطينيون قد وصلوا إلى الدولة ولا تعنيهم السياسات اليومية التي يفرضها الاحتلال على الضفة، وما عزز ذلك إفراغ إسرائيل نخب المقاومة الفكرية والوطنية في الضفة الغربية وتقييدهم خلف القضبان، والذي يدعم ذلك أيضًا تراجع دور وزارة الثقافة التي أخذت شكلًا موجهًا للثقافة بحيث تخدم اتفاقية أوسلو وسلطة الحكم الذاتي الناجمة عن الاتفاق، ناهيك عن اختزال مؤسسات المجتمع المدني الثقافة في الفكر الاستهلاكي والرخيص.
وتأتي حرارة المشهد الوطني والثوري في الضفة متفاوتة بين الريف والمدن، وتبقى مجزرة جنين ٢٠٠٢ والالتفاف الشعبي التي أحدثته جنازة الشهيد باسل الأعرج (المثقف المشتبك) عام ٢٠١٧ رموز ثورية لن يقدر التاريخ على نسيانها.
أمّا القشّة التي قصمت ظهر البعير، هي المصطلح العميق الذي يتداوله أصحاب السيادة والأعلام ومن يحتسون القهوة كل صباح (كونفدرالية بين الأردن وفلسطين برعاية أمريكية)، وأعتقد أنّ هذا المصطلح بمثابة (الخازوق) الذي تلقّاه أبو مازن في مؤخرته مِنَ المجنون ترامب، ولكن أبو مازن استدرك هذا الأمر واشترط أن تكون إسرائيل ضمن هذه اللعبة.
كانت فلسطين والأردن توأمتان، ولكن سايكس بيكو قد فصلهم عن بعضهم، ولندع كتاب التاريخ المدرسي التلقيني أن يكمل قصتنا مع الأردن منذ نكبة الـ٤٨ إلى الإشراف على المقدسات الدينية والإدارة المدنية على الضفة الغربية ومنح (الضفاوين) الجنسية الأردنية إلى أيلول الأسود، مرورًا بمنظمة التحرير وفك الارتباط ومؤتمر مدريد، ووصولًا إلى أوسلو والمفاوضات التي جعلت قضايا اللاجئين والقدس وحق العودة والسيادة وتقسيم المناطق قضايا عالقة إلى يوم الدين.
إن تحقيق هذه الكونفدرالية تعني تحمُّل السلطة الفلسطينية والأردن أعباء القضية الفلسطينية، ومع اشتراط أبو مازن إشراك إسرائيل يعني أن تتحمّل إسرائيل أيضًا هذه الأعباء، ونرى أنّ الأردن ترفض من جهتها مصطلح الكونفدرالية، وترجّح بذلك حل الدولتين، ولكن مع تصريحات عباس وضغوطات ترامب قد توافق على هذه الكونفدرالية التي ستفضح ما يسمى بـ (صفقة القرن).
لا أعلم أين هي تلك (الدولة) التي تزعم قيادات السياسة والمقاومة المتناحرين لسنوات عجاف على أحقيتهم بها! كيف ذلك وما زال غول الاستيطان ينهش ما تبقى من الأرض، وسوس الحزبية الانقسامية يخترق عقول ووطنية الجميع؟
يبدو أن نبض الضفة بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، ودماء لينا النابلسي قد جففها التفاوض المزعوم لمنع الاستيطان، وتخاذُل الجميع تجاه غزّة قد جعل القضية الفلسطينية أصبحت في أدراج الماضي لا أكثر، وأقرب توصيف نستطيع أن نطلقه على القيادة الفلسطينية في الوقت الراهن بأنها: "تبحث في كومةِ رمادٍ عن نقاء".



#ميار_أبودقة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بارانويا ترامب وصلت ذروتها


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميار أبودقة - «إلى الجانب الآخر من الوطن.. الضفة الغربيّة المنسيّة»