أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود عباس - هل الله مقدس؟ -الجزء الثاني















المزيد.....

هل الله مقدس؟ -الجزء الثاني


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5993 - 2018 / 9 / 13 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ورغم المحاورات الفكرية منذ الوعي وحتى الأن، لم يخرج الإنسان من اللامتناهيه الذي لا يزال في مجالات نظرية الكوانتم، وليتسامى بها شوه اللامتناهي الكوني بتصوراته، وظلت كل الأوصاف الميثولوجية وحتى الواردة في النصوص في أبعاد إنسانية، إلا قليله كالآية التالية (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) ...النور:35. وفي سورة الشورى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (11 والتي رغم شموليتهما تظهر فيهما محدودية التراكم المعرفي الإنساني، حيث في الأولى الأرض الكتلة المقارنة بالأبعاد السماوية الكونية، وفي الثانية، الشطر الأول منه وصف تجريدي ومن خارج الأبعاد الإنسانية، يتممها في الشطر الثاني وكتكملة يسقط الأولى بالمسميات التجسيدية. أيا كانت التأويلات، كما وتسبقهما وتتبعها المواصفات التجسيدية، وهي على مقاسات قدراته الفكرية المحدودة بالنسبة لكلية أبعاد الكون، المتجاوز مجال محسوساته، فعلى سبيل المثال قيل في معظم النصوص أن الله خلق الأرض في يومين، وهي مقاربة لا تتجاوز مفاهيم ومعارف البشر في تلك المراحل الزمنية، عندما كانت الرياضيات وعلم الفلك في بدايات اكتشافاته، وعلى هذا الأساس كم من الوقت أحتاج لخلق الكون، حيث الأرض عدم مقارنة بأبعاده وعدد النجوم فيه!؟
ففي العصور الماضية، لم يتجاوز الإنسان بآلهته مقاسات الرياضيات الأولية، ومعارف الملوك وسدنته ورهبان المعابد، يبررها اللاهوتيون اليوم بنقص المعارف حينها، ولكن في الواقع لا تزال مسيرة العبودية ومفاهيمها عن الإلهة والمقدسات هي ذاتها رغم التراكم المعرفي، وبأوجه مختلفة تحاول التلاؤم والتطور الفكري، و لا تزال البشرية تعيش مفاهيم عصور العبودية، ومن المؤسف، فما يجري في زمننا هذا وحيث الثقافات الحضارية المتنامية تكرار للماضي، فالإنسان يعبد ويتعبد، يسبي ويسبى، يَقتل ويُقتل باسم الإله، ويتناسى فقهاء المؤمنون، قبل العامة، باسم الآلهة الأرضية كلية القوة الكونية وما بعدها، ويحالون تطبيق مفاهيم العبودية ذاتها بطريقة أو أخرى. ولا تعني هذا أن الإيمان بقوى روحية، أو تزكية النفس بلاهوتيات، تدرج كانحرافات فكرية أو سلبية تسود الأرض، بل كما ذكرنا سابقا، من أحد الأركان المقامة عليها الحضارات، السؤال هو إلى أية درجة يمنع الإيمان بالنقل، التطور العلمي، ولا يتناقض مع المؤمنين بالعقل، وحيث ظهور الأسئلة الشكوكية، عن ماهية الإله، أو الخليقة، أو الكون، وغيرها الواردة في النصوص بإملاءات تلاءمت والعصور القديمة.
والإنسان حتى اللحظة لم يتجاوز لا في النص أو الفلسفة أو في العلوم قدراته الفكرية العدمية مقارنة بكلية الكون المادي، والمعروف أجزاء طفيفة منه رياضيا، فما بالنا بالمجال الإلهي، حيث الكون المعروف لدينا ليس سوى جزء منه أو أنها من علله، فيما لو صدقنا جدلية الوجود الإلهي.
ومع تراكم المعارف توسعت الأسئلة الشكوكية، ومنها التاريخية هذه: هل كان الاسم (الله، خودى) موجودا قبل السومرية واليهودية أو الآرامية والعربية، وماذا كان يسمى قبل التطور المعرفي؟ فهل الاسم هو المقدس أم المعني، ومتى أصبحت كلمة الله مقدسة، وأصبح يرعب الإنسان؟ ولماذا لهذه القوة اسم بشري؟ أليس هو فوق الاعتبارات، والتقديس، أم أن شريحة من البشر وضعوا قوانين وتبنوا رعايتها لتعظيم الذات قبل تنظيم المجتمعات؟
ماهي غاية الإله من خلق الكون؟ وهل هو خالق الرحمة أو الشر على الأرض؟ وهل خلق العالم ويصدر الفعل إليها بإرادة؟ أليس القول بالإرادة الإلهية طعن في ماهيته؟ والإله خارج مجالات الإرادة، والإرادة فعل، ورغبة إنسانية وليست إلهية، وهذه تفضي إلى تصغيره؟ وحتى لو وصف بالكمال فهو كمال إنساني التصور، والإله أبعد من الإنسان الكامل، أو الإله الكامل حسب المجالات العقلية البشرية. أليس إقحام الإنسان إلهه في أعماله خدعة لعرض ذاته كإله ناقص، ووضع الإله في موقع الكمال الإنساني؟
هل حقاً هناك إله، أم أن الإنسان خلقه على مقاسه وبالأسماء التي لاءمت لغته وبمواصفات تناسبت وغاياته، وسخر هيبته المصنوعة والاسم لمآربه؟ أم الإله هو جملة طاقات الإنسان والطبيعة وقوى الكون، وخارجها، موجود دون فعل؟ هل هناك تتابع للآلهة أو قوى خالقة ومخلوقة إلى أن يبلغوا الحيز ما بعد الكوني، وخارج مدارك العقل الإنساني، والتتابع يمكن مقارنته بالتطور الجيني بين الإنسان وأبسط الحشرات على الأرض وما بينهما من حشرات وحيوانات، وبسويات تطورهما الجيني والغريزي.
ألا نرى أن الإنسان كان مخلوقا وتطور مع المراحل العقلية فأصبح مخلوقاً خالقاً، ولا قدرة لنا في معرفة أو وصف ما يوجد الأكثر تطوراً منا. أليست كل المواصفات المذكورة عن الإله شكية وفيها من الخدع للذات وللبشرية، أم أنها حقيقة؟
هل الإله الكوني، والذي هو خارج أبعاد المطلق الإنساني ومواصفاته وتسميته، يوظف شريحة من البشر لتنظيم المجتمع، ولعبادته وهو الأبعد من أن يكون في مجالات عبادة العدم البشري مقارنة بالكون أو بكليته؟ علما أن المقارنة بحد ذاتها تندرج ضمن حدود المستحيلات.
وبالتالي ففرض شريحة من الناس على ذاتهم عبادته والاعتداء على البعض الأخر، تحت ما يسمى بوصاياه ومرجعية نصوصه، جريمة بشرية باسم الإله. وجميع القوانين النصية إنسانية، ومثلها اللاهوتية جدلا، أو العلمانية ليست بأكثر من مفرزات العقل البشري، لاستقامة المجتمعات سياسا وثقافيا وأخلاقيا، وتظل احتماليات التدخل الإلهي موجودا في صنع الإنسان لآلهتهم على مقاسات المجتمعات البشرية، ولكن تبقى دحضها وإثباتها من المستحيلات البشرية.
فجميع الجدالات، على الدين وعنه وما بينه وبين العلوم، مفاهيم فلسفية أو علم كلام أو سفسطة، رغم أن معظمها حاولت في بداياتها تأدية خدمات مهمة لتطوير الإنسانية، ولإنقاذه من المظالم، وخاصة في الحالات التي كانت أو تكون فيها الحوارات والخلافات سلمية، فعلى أسسها تم تنظيم القوانين على الأرض وخدمة الإنسان ومساندة الحضارات، ومن المهم، الاستمرار فيها بشكل سلمي مهما كانت ثقل الشكوك والأفكار المطروحة شاذة، حتى تلك المتعرضة لماهية الإله أو الآلهة أو النصوص، أو الأنبياء أو المدعين بالنبوة، ومثلها العتبات المقدسة من شرائح بشرية دون أخرى، أي من آلهة أرضية دون الأخرين. وبالمقابل، أغلب الحوارات أدت إلى نتائج كارثية، وجلها كانت بين حماة وأتباع الآلهة المصنوعة من قبلهم، غلبت عليهم التعصب الديني، وكثيرا ما تم أو يتم رفض النقاشات، في جدلية آلهتهم ونصوصهم، تحت حجة التعرض للمقدسات. فهل هي مقدسة بشريا أم إلاهيا؟
يتبع...



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الله مقدس- الجزء الأول
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء التاسع و ...
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثامن عشر
- معركة السوريين الحقيقية
- هل تحرر المثقف الكردي
- هل ستتفتت تركيا كالإمبراطورية العثمانية 2/2
- هل ستتفتت تركيا كالإمبراطورية العثمانية-1
- انحطاط الآلهة
- كردستان يتيمة الإمبراطورية العثمانية
- كيف يخسر الكرد قدراتهم
- الكرد في قمة هلسنكي
- هل خسر الكرد في سوريا
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً -الجزء الثامن و ...
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام -الجزء السابع عشر
- لنعيد الأمل بالمثقف الكردي
- القضية الكردية بين النجاح والضياع
- أوجه الخلاف في نقد الأحزاب الكردية
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء السابع و ...
- كيف سنصبح حركة تنويرية
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام -الجزء السادس عشر


المزيد.....




- ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟ ...
- الرئيس الصيني يؤكد استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الإ ...
- الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء شعائر ...
- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- لماذا تحتفل الطوائف المسيحية بالفصح في تواريخ مختلفة؟
- هل يستفيد الإسلاميون من التجربة السنغالية؟
- عمارة الأرض.. -القيم الإسلامية وتأثيرها على الأمن الاجتماعي- ...
- وزير الخارجية الايراني يصل الى غامبيا للمشاركة في اجتماع منظ ...
- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود عباس - هل الله مقدس؟ -الجزء الثاني