أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد صالح - لماذا الاصرار على الهوية الاسلامية في الغرب؟














المزيد.....

لماذا الاصرار على الهوية الاسلامية في الغرب؟


وليد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5989 - 2018 / 9 / 9 - 16:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان المفكر السوري صادق جلال العظم يردد في بعض محاضراته مقولة مفادها أن الأفراد القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفرقيا إلى الغرب هم ليسوا سوى "هومو إسلاميكوس"، أي "الرجل المسلم"، دون التأكد إن كانوا مسلمين أو لا. فهم في نظر الغرب ـ مواطنين وسياسيين وحكاما ـ مسلمون وليس مهما أن يكونوا متدينين أو علمانيين أو ملحدين، فهويتهم الوحيدة هي الاسلام ولا شيء غير الاسلام.
والجميع يعلم أن الانتماء إلى هذا الدين في الغرب يعني التخلف والتعصب واحتقار المرأة والتعالي على الأقليات وربما الإرهاب. فنتيجة للظروف السياسية والاجتماعية للبلدان ذات الغالبية المسلمة والتعصب الديني الذي انتشر فيها في العقود الأخيرة أصبحت تلك الصفات ملازمة لكل ما يخص الاسلام والمسلمين.
ولكن دعونا نتساءل عن الجهات التي تحرص على التأكيد على الهوية الاسلامية في الغرب. فالطبقة السياسية في البلدان الغربية وجزء مهم من وسائل الإعلام تصر ليل نهار على النظر لهؤلاء القادمين من البلدان العربية أو ذات الغالبية المسلمة من خلال معتقدهم وتعتبرهم كتلة متراصة ومتناسقة يذوب الفرد فيها ويندمج بقوة في "الأمة" أو ضمن ما يسمى بالجالية المسلمة أو الجمعيات الاسلامية. والهدف من ذلك هو إعطاء صورة قاتمة عن أفراد هذه المجموعات بكونهم أناسا لا يندمجون مع الشعوب التي اختاروا العيش بين مواطنيها في الغرب. يستوي في ذلك عندهم المسلم والمسيحي واليزيدي والصابئي والملحد والعلماني. فأنت مسلم رغما عنك مهما كانت علاقتك بهذا الدين. وهناك أيضا قول معروف للمفكر الجزائري محمد أركون الذي ذكر مرة بأن العلماني الغربي هو علماني لا يشك أحد في علمانيته. أما العلماني القادم من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يعيش في الغرب فعليه أن يقدم دليلا على علمانيته كل ساعة وكل يوم.
وتحصل نتيجة لهذا السلوك الكثير من المفارقات المثرة والغريبة: فسكان مدينتي سبتة ومليلية بعضهم من أصول إسبانية والبعض الآخر من أصل مغربي. وعند الحديث عن سكان هاتين المدينتين على المستوى السياسي أو الإعلامي يتم تقسيمهم إلى قسمين. إسبان ومسلمون. لا أحد يستغرب من هذا التصنيف العجيب الذي يأخذ بالاعتبار معيارين مختلفين لتحديد هوية هؤلاء المواطنين، أحدهما وطني والآخر ديني.
وفي إسبانيا أيضا يكثر الحديث عن الجالية المسلمة التي ينتظر منها أن ترفض وتدين أعمال العنف كلما اقترف فرد قادم من الشرق الأوسط أو شمال أفرقيا جنحة أو جريمة وكأنها هي المسؤولة عن سلوك الملايين من الأفراد لكونهم افتراضا يدينون بهذا الدين. وبالمقابل لا يوجد مثلا في إسبانيا وفي معظم الدول الغربية جاليات أو جمعيات بوذية أو تاوية على الرغم من كثرة الأفراد القادمين من جنوب شرق آسيا والصين واليابان الذين يفترض أنهم يدينون بتلك المعتقدات. فهؤلاء يُعرفون بأسماء بلدانهن، فهم صينيون أو يابانيون أو فيتناميون أو تايلنديون. وينطبق الأمر على الأوربيين الذين ينتقلون للعيش في بلدان أخرى بعيدا عن الغرب، فلا أحد يطلق عليهم اسم الجالية المسيحية أو الكاثوليكية، بل يسمون باسم بلدانهم، فهذا فرنسي وآخر ألماني وأخرى إسبانية.
ويساهم في تعزيز هذه الفكرة أفراد ومجموعات تدعي تمثيل المسلمين في كل واحد من البلدان الغربية. ففي العقود الأخيرة ظهرت المئات من الجمعيات التي تطلق على أنفسها صفة "الاسلامية" لتمارس نشاطاتها الدينية من شعائر وطقوس تقام عادة في مرائب مستأجرة تثير في معظم الحالات استنكار واستهجان السكان المحليين وخوفهم أحيانا مما يتم تلقينه في تلك "المساجد المبتدعة". وقد لا يتجاوز عدد المنتمين لتلك الجمعيات أصابع اليد، غير أن المشرفين عليها يزعمون أن لديهم من الأتباع المئات وربما الألوف من المسلمين بهدف الحصول على تمويل من الخدمات المحلية للبلدية التي تدفع لهم بناء على عدد المترددين على تلك الجمعيات.
وليس غريبا أن تجد تلك المنظمات تتصارع فيما بينها بسبب المصالح المادية خاصة وتكيل شتى التهم لغيرها علنا وحتى في وسائل الإعلام وتتشاجر للحصول على أكبر قدر من المال الوارد من دول الخليج خاصة ومن دول أخرى أخذت تمارس مؤخرا نفس هذا الدور مثل ايران.
ويدلي المشرفون على تلك الجمعيات والمنظمات بحجج واهية لتبرير مهامهم تلك من مثل ضرورة الدفاع عن الهوية الاسلامية لهؤلاء الأفراد تفاديا للعولمة الثقافية التي تعمل على تذويب وطمس هذه الهوية وحمايتها من الاغتيال الثقافي وما شابه ذلك. ولا يدرك هؤلاء المقيمون على تلك الجمعيات بأن الدين يتعلق بخصوصية الفرد وينبغي أن يبقى في الإطار الشخصي لأن اظهاره بالصورة التي نجدها اليوم عند الكثير من مدّعي الاسلام لا تؤدي إلا إلى ردود فعل سلبية وإلى مزيد من الرفض والإنكار.
ولكي يصبح العراقيون والسوريون والمصريون والجزائريون والمغاربة وغيرهم مواطنيين في البلدان الغربية مثل غيرهم من القادمين من شتى بقاع العالم، فإنه لا بد لهم من أن ينزعوا عنهم الهوية الدينية ويتركوها في منازلهم أو في معابدهم ويقدموا أنفسهم كمواطنين بأسمائهم أو ألقابهم أو على أضعف الايمان بأسماء بلدانهم التي قدموا منها. فخير ألف مرة أن يُدعى أحدهم محمد أو علي أو فاطمة، أو أن ينسب إلى بلده الأصلي كأن يقال: عراقي أو سوداني أو ليبي، بدلا من أن يتم تقديمه كمسلم أو مسلمة. فعندما يصبح شخص من أصل هندي أو صيني عضوا في برلمان أو وزيرا في إحدى دول الغرب لا أحد يشير إلى دينه، فلا يقال رجل سيخي أو بوذي يشغل منصب كذا وكذا. أما إذا كان الأمر يتعلق بشخص من الشرق الأوسط أو من شمال افريقية فصفة الاسلام سترافقه أينما حل وارتحل. لذا نجد أخبارا كمثل: "أول رئيس بلدية مسلم لمدينة لندن" أو "جائزة نوبل للسلام لامرأة مسلمة". ولنعلم أنه لن تقوم لهولاء الأفراد قائمة ما لم يندمجوا مع باقي الشعوب ويصبحوا مواطنين كغيرهم ويتركوا الهوية الاسلامية لذواتهم كيلا يتحولوا إلى كانتونات تعيش على هامش المجتمعات التي استقبلتها.



#وليد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد صالح - لماذا الاصرار على الهوية الاسلامية في الغرب؟