أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد تحسين الحياني - من هو رئيس وزراء العراق المقبل؟















المزيد.....

من هو رئيس وزراء العراق المقبل؟


محمد تحسين الحياني

الحوار المتمدن-العدد: 5979 - 2018 / 8 / 30 - 03:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تأسس حزب الدعوة الإسلامية بزعامة محمد باقر الصدر سنة 1957 وبتأييد وترحيب محمد حسين فضل الله وغيره من الوجوه الشيعية التي كان لها تأثير في الساحة الدينية حينها
لم يكن لديه الهدف للوصول والحصول على الحكم بل كانت رغبته في خلق بنية دينية قائمة على الفكر الفلسفي وابتكار صياغة جديدة لمفهوم التاريخ الإسلامي من خلال طرح نظرية معرفية قائمة على التقارب بين العلمانية من جهة والشيوعية من جهة أخرى
حتى عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979 رأى قيادات الثورة أنَّ المؤسسة الدينية يجب أن تكون هي الناطق الرسمي باسم الدولة وتحت مسمى ( ولاية الفقيه) التي ينوب فيها فقهاء الدين عن الإمام الغائب ( المهدي المنتظر!) في التصرف في شؤون البلد لكن باقر الصدر ورغم التقارب الفكري والتلاحم العقائدي مع الثورة أعلنها صراحة أن الحكم يجب أن يكون بيد الشعب وأن الأمة هي من تحكم نفسها
حزب الدعوة لم يكن في ذروته الأولى عبثيا ولم يخرج عن المسار الذي تبناه باقر الصدر في بداية التأسيس
بل وضع استراتيجية تهدف إلى بناء عقلية جديدة للإنسان
التي ارهقته التراكمات التاريخية والغت هويته فالدعوة أرادت ولادة إنسان مدني
وربط الاواصر الايدلوجية ودمجها بالمواطنة وهذا ما بينه زعيم الدعوة باقر الصدر في نظريته للاستخلاف
فالحزب في بداياته لم يكن دينيا محضا ولا مذهبيا ولا سياسيا ولا هو لطائفة معينة أو لمجموعة خاصة بل كان حزبا يحمل رسالة لكل إنسان مستعبد مقهور حزبا يدعو إلى التحرر من القيود التي فرضها ازلام التاريخ المغشوش والمدغوش
هو يدعو الإنسان بأن يمنح لنفسه فرصة للتأمل
لم يكن لديه الطموح في أن يبحر في مركب السياسة إلا أن أفكار الدعوة الإسلامية كانت لا بد أن تتعرض إلى مواجهة قمعية خصوصا إذا كان حزب مثل حزب البعث في سدة الحكم
حزب البعث الذي سقط في عيون الشعب سقط وسقطت كل قيمه ومبادئه إلا أن جاءت لحظة الانهيار التام في 2003 أنهار تماما وريما بتاتا لأنه لم تنطلق بذرته من روح الأمة المقهورة والمبادة بل أُسس هذا الحزب ليبث روح الخوف والرعب والتفرقة الطبقية والمحاصصة الاجتماعية بين الشعب لذلك فكر الشعب في قرصة الخبز المحروم منها ولم يفكر ولو للحظة في الدفاع عن جوقة عبثية ضالة جاهلة
نعم سقط حزب البعث وسقط معه حزب الدعوة الذي غير اتجاه البوصلة التي وضعها باقر الصدر
حزب الدعوة المخطور والمحظور بعيدا عن ولادة موقعه الجغرافي والهارب من تربص البعث الذي حكم عليه بالإعدام وعده حزبا إرهابيا وعدوا لدودا يهددا الوحدة والاشتراكية التي نادى بها إبان تأسيسه
وجد نفسه ضعيفا في مجابهة البعث فارتمى في أحضان خصومه إلى أن جاءت لحظة الاحتلال الأمريكي الأرعن والمجرم
انتعش الدعوة الإسلامية وهلا ومرحب بدمار العراق انتعش وانتعشت معه جوقة التيارات والفرق والأحزاب التي كانت تحلم أن ترى المنافذ الحدودية العراقية بأم عينيها ولم تكن هذي التيارات والجماعات التي كانت تسمي نفسها بالمعارضة تحت المسؤولية الوطنية التي تحتم عليها الوقوف سدا حصينا أمام هذا الكم الهائل من الانفلات الشرس والفوضى الجبارة في بلد كان ينذر منذ أول أيام احتلاله بأنه متجه نحو صوب الهاوية نحو شلالات من الدماء كل المعطيات تؤشر بأنه سيغرق ببحر الطائفية والمذهبية وحتى العرقية وانسلاخ الهوية الوطنية
البلد يموت شيئا فشيئا والدولة تتفكك رويدا رويدا وسواد الشعب في قمة ذروته سعيدا بسقوط الوحش الأكبر صدام حسين غير مبال بالمستقبل المجهول والمخيف الذي ينتظره
ومن ادعى أنه جاء لإنقاذ العراق من جور صدام حسين تبيّن فيما بعد أنه العامل الرئيسي لكل هذا الدمار والانهيار اتضح للجميع أنهم جاءوا من أجل كسب الغنيمة الكبيرة وتقسيم الكرسي الذي كان يحكمه شخص واحد فيما بينهم بعدما كانوا حفاة عراة تحل عليهم الصدقة ويثاب المرء إذا ما أعطاهم نصف رغيف من الخبز اليابس
حزب الدعوة ورغم أن وجهات النظر في تحقيق المآرب التي كان يطمح بها جميع الفرق والأحزاب والتيارات الشيعية منها والسنية وحتى العلمانية والشيوعية والليبرالية وغيرها متعددة لكن الغنيمة واحدة هي نهب وسلب العراق وسلخه ونهشه
لكن كان لحزب الدعوة طموح أكبر ومأرب يحقق لهم المبتغى إلا وهو الوصول إلى السلطة تحقيق الزعامة التي كانت تجول في خواطر هذا الحزب التي تربت قيادته الحديثة على ثقافة الانتقام والعدوانية والطائفية والكراهية
تعتقد عناصر الدعوة أن مقاليد الحكم ودفة القرار يجب أن تكون تحت رعايتها فهم يؤمنون بأنهم هم الأوصياء على الشعب بعد الاطاحة والازاحة بنظام صدام حسين
أتذكر جيدا في إحدى المواقف كان نوري المالكي حاضرا في مؤتمرا وهو الشخص السليط الحاذق الذي يتكلم الفصحى ولا يستعمل مفردات عامية أو شعبية قام أحد الحاضرين من المناصرين والمؤيدين لسلطة المذهب والطائفة وهو يهلهل فهتف قائلا للمالكي بأن لا تعطوها فرد عليه( هو يكدر واحد يأخذها حتى ننطيها بعد)
ومن ينظر جيدا ويكترث في حكم هذا الرجل سيدرك جيدا بأنه لم يكن يعني السلطة الشيعية المحضة بل كان يعني سلطة الحزب الواحد الذي يجب أن ينفرد بإدارة الدولة
أتذكر هذا جيدا وأتذكر أيضا أن القيادات الشيعية وعلى رأسهم حزب الدعوة هم من طالبوا بتفعيل الفيدرالية وتطبيقها ظنا منهم أن الإدارة الأمريكية ستجعل رجلا سنيا في دفة الحكم
لكن يبدو أن البيت الأبيض حاول تغيير الهدف المرسوم خصوصا علمها المؤكد بأن طهران ستتدخل في شؤون العراق بطريقة أو بأخرى وهذا ما ترومه الولايات المتحدة
أن يكون العراق ساحة للمفاهمات والمساومات والأخذ والرد
حزب الدعوة وتحت ظل هذه الضوضاء والتفكك والغموض التي تشهدها الساحة السياسية في بغداد يحاول
التسلق إلى السلطة التي كان يحلم بها لكن ظروف اختلفت والموازين تغيرت سياسة حكم الحزب الواحد لم تعد في قاموس البيت الأبيض ولذلك كان الدعوة الإسلامية أكثر دهاء وأكبر ذكاء من باقي التكتلات والتيارات مستخدما أسلوب سياسة التنازلات مقابل الحصول على أعلى منصب تنفيذي في الدولة رئاسة الوزراء التي تمسك بها طيلة ثلاث ولايات متعاقبة
اثنان منها كانت من حصة نوري المالكي الذي أراد فرض التفرد في الحكم والذي كان هذا الأمر سبب في إزالته والاطاحة به لا من خصومه أو من منافسيه بل من صحابه وأخلائه المقربين له من داخل حزبه الذين قرروا التخلي عنه بسبب سياساته الهوجاء وقراراته "التفردية" على حد توصيفاتهم
أما الثالثة فكانت من حصة حيدر العبادي الذي كانت إدارة الحزب تعتقد بأنه حلقة ضعيفة وخيط وهن فمن خلاله يستطيع الحزب التحرك والسيطرة أكثر من سابقه حتى أن حنان الفتلاوي قالتها مستهزئةً وبسخرية عندما نُصب العبادي رئيسا للحكومة: العبادي العبادي!! وفعلا حدث ما كان يجول في مبتغاهم فلم يكن العبادي على قدر المسؤولية الوطنية ولا هو المنقذ الأكبر من مخلفات سلفه المالكي الذي أوصل العراق إلى تحت الصفر
لم يكن العبادي رجلا سياسيا جريئا ولا رجل دولة قادرا على النهوض ببلد دمره زميله في الحزب المالكي الذي أوصل العراق إلى حافية النهاية
كان العبادي رجلا منظرا يتعامل بمنطق مغشوس
جاء فوجد الكابينة الوزارية معدة من قبل الكتل والأحزاب والتيارات وليس له الحق في أن يوافق أو يعترض على أحد منهم لأنهم السبب في إيصاله إلى رئاسة السلطة التنفيذية ولأن التنازلات المعهودة من قبل الدعوة قد تمت ووقع عليها
مقابل حصول الحزب على السلطة المتمثلة برئاسة الوزراء
للأسف لم يحقق العبادي طموح الملايين التي تنتظر التغيير وظل العراق مظلما مجحفا بتستر رئيس السلطة التنفيذية على الفاسدين المارقين الجاهلين وقد يكون هو نفسه مشاركا في هذا العبث الذي نخل الدولة فلم تكن سياسة إعطاء الكفوء وصاحب الإدارة والخبرة في استراتيجية بناء الدولة في مسارها الصحيح
ولكن كان العبادي مختلفا عن سابقه أنه كان حاضنا لجميع من حوله من التكتلات التي جرت عليها الحكومة
أما والجميع بانتظار تشكيل حكومة 2018ّ المنتظرة فقد استخدم حزب الدعوة لعبة الانشطار من أجل الحفاظ على رئاسة الحكومة فقد انقسم الحزب إلى قسمين الأول تحت مسمى دولة القانون برئاسة المالكي والذي يمتلك جمهورا من أصحاب الرؤى المذهبية والطائفية والقسم الثاني تحت مسمى كتلة النصر التي ترعى المواطنة وتنشد التغيير وترفض المحاصصة حسب ادعاءها وتبنيها
أما عن باقي الكتل والتيارات التي ستكون صوتا مهما في إعلان الفريق الحكومي أو حتى الكتلة الأكبر التي ستكون قادرة حسب ما قرره الدستور العراقي على تسمية رئيس الوزراء فالتيار الصدري المنضوي تحت مسمى سائرون فهم لا يمتلكون ثقافة إدارة الدولة وقد قالها علانية زعيمهم مقتدى الصدر: نحن لا نريد رئاسة الوزراء
وأما عن تحالف الفتح بقيادة هادي العامري فلا أتصور أنهم يمتلكون رجلا مؤهلا لهكذا منصب وليس لديهم شخص له مقبولية لدى البيت الأبيض أو حتى الدول الإقليمية باستثناء إيران التي أوكلت لهم مهام من نوع مختلف
الأحزاب الكوردية معلوم سرها من ظاهرها فهي تبحث عن من يحقق لها غايتها ومآربها هي لا تفكر ولا تكترث بمن سيكون الرئيس المهم الحصول على المراد حتى وإن كان شعيط أو معيط في دفة الرئاسة
الكتل السنية المتمثلة بالمحور الوطني فهؤلاء كانوا وما زالوا فاقدي للهوية العربية وللمسؤولية الوطنية يجهلون كيف يكون الحاكم أو المسؤول قريبا من قلوب شعبه وناسه لا يقفهون شيئا عن الحب والوفاء بل طمسوا أنفسهم بالخزي والعار وسرقة سعادة وطن يأويهم ويحميهم
فهم لا يهشون ولا ينشون أو كما يقال خيّال خضرة
أتصور بأن الذكي الأكبر من هؤلاء كلهم هو التيار الصدري الذي عرف كيف يتقن اللعب على الحبلين فلا هو يريد أن يكون بالوجه الأسود ولا يريد أن يحرم نفسه من مغانم العراق التي لا تنفد فتارة يدعي بأنه معارض لكل سياسة تقوم على أساس المحاصصة والمذهبية وبنفس الآن هو مشارك بهذه المحاصصة وهذه السياسة العقيمة
كلمتي الأخيرة
رئاسة الوزراء لن تكون خارج سرب حزب الدعوة الإسلامية لأن قيادته يتقنون فن سياسة التنازلات
والأقرب منها هو حيدر العبادي
وسيبقى الوضع على ما هو عليه أو يزيد بلاه وشره ما لم تتغير هيكلية الدولة برمتها.



#محمد_تحسين_الحياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في يوم حلبجة
- المعذّبون في الأنفال


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد تحسين الحياني - من هو رئيس وزراء العراق المقبل؟