أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الازمة المصيرية الاميركية والخطة السرية لكيسنجر















المزيد.....

الازمة المصيرية الاميركية والخطة السرية لكيسنجر


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 5959 - 2018 / 8 / 10 - 23:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الثلث الاخير من القرن الماضي اضطلع كل من اليهودي هنري كيسينجر والكانيبال الكاثوليكي البولوني سبيغنيو بريجينسكي بدور كاردينال للدبلوماسية الاميركية.
ويقول كيسينجر في مذكراته ان مسؤولا سعوديا كبيرا سأله مرة: من سيكون الرابح في الصراع بين القطبين الشرقي بزعامة روسيا والغربي بزعامة اميركا؟ فأجابه كيسينجر: الرابح سيكون من تقفون انتم معه!!!
وبناء على هذه "الوصفة" فقد نجحت الدبلوماسية السرية الاميركية في استمالة العالم الاسلامي لاعلان "الجهاد" ضد الوجود السوفياتي السابق في افغانستان، وخوض حرب عصابات "اسلامية مقدسة" ضد الجيش الروسي ـ السوفياتي، الذي لم يكن مستعدا ايديولوجيا لمعالجة تلك الحرب بطريقة عسكرية جذرية (وهو ما كان قادرا تماما على القيام به الا ان عقيدته الحربية الاممية كانت تمنعه من ذلك). وحينذاك، فإن ايران الثورية ذاتها، المعادية بشدة للامبريالية الاميركية، انجرت ايضا الى القتال ضد الجيش الروسي ـ السوفياتي، جنبا الى جنب الحثالات السعودية وغيرهم من مرتزقة المخابرات المركزية الاميركية. وقد اسفرت معركة افغانستان عن النتائج التالية:
ـ1ـ بعد الانسحاب الروسي ـ السوفياتي من افغانستان تم سحق القوى الدمقراطية، ومن ثم سحق القوى الشيعية الافغانية الموالية للثورة الايرانية، بلا رحمة. وتم رمي افغانستان في براثن المصير المجهول وتحويلها الى مزرعة خشخاش ومخدرات، ومزرعة لتفريخ الوحوش البشرية من الارهابيين التكفيريين.
ـ2ـ تحطيم هيبة ومعنويات الجيش الروسي ـ السوفياتي، الذي كانت هزيمته في افغانستان هزيمة ذاتية سياسية وعقائدية لا هزيمة عسكرية بالمعنى الحرفي، الضيق والواسع، للكلمة. وبنتيجة ذلك فإن جميع بؤر المعارضات المشبوهة، واليهودية، والكاثوليكية، والمرتبطة بالمخابرات الاميركية والغربية، بدأت ترفع رأسها بقوة في جميع بلدان الكتلة السوفياتية السابقة وفي الاتحاد السوفياتي السابق وفي روسيا بالذات، وشنت حملة سياسية وفكرية ودينية مزدوجة: ضد الاشتراكية والنظام السوفياتي، وضد روسيا كبلد وكشعب. وادى كل ذلك (بالاضافة الى عوامل اخرى) الى انهيار المنظومة السوفياتية وانهيار الاتحاد السوفياتي ذاته، والشروع في نهب ونهش وتفكيك روسيا نفسها. وعلى هامش هذه المعركة الكبرى، جرى ايضا شن حملة لتفكيك وتمزيق اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية، على قاعدة "فرق تسد". وتم القضاء على الاتحاد اليوغوسلافي، لا بل وتم انتزاع مقاطعة كوسوفو من صربيا، وتحويلها الى قاعدة عسكرية ومخابراتية اميركية ووكرا للمافيا الالبانية التي اصبحت اميركا تعتمد عليها اكثر بكثير من اعتمادها على المافيا الايطالية ـ الصقلية.
والسؤال التاريخي الكبير هو: ماذا فعلت الصين الشعبية، صين ماو تسي تونغ والمسيرة الكبرى وحرب التحرير الشعبية، امام هذه التراجيديا الكبرى للمسيرة الانسانية بأسرها؟
الجواب المر هو: ان الصين وقفت شامتة تتفرج على انهيار روسيا و"الاشتراكية السوفياتية".
ونشير هنا انه قبل ذلك في 1969 كان قد وقع صدام مسلح على الحدود الروسية ـ الصينية نتيجة خلافات قديمة على ترسيم الحدود بين البلدين.
وفي 1971 قام اليهودي ـ الماسوني الداهية هنري كيسنجر بزيارتين سريتين الى بكين للتحضير لزيارة الرئيس الاميركي نيكسون الى الصين.
وتمهيدا لذلك قام فريق رياضي اميركي (لاعبو بينغ بونغ) بزيارة علنية الى الصين ولعب ضد فريق بينغ بونغ صيني. وكانت هذه اول مظاهرة علنية للعلاقات بين اميركا والصين منذ انتصار الثورة الصينية في 1949. ودشنت ما سمي فيما بعد "دبلوماسية البينغ بونغ".

وفي سنة 1972 قام الرئيس الاميركي الاسبق نيكسون بزيارة الصين. وعلى الاثر تم ابعاد تايوان من مجلس الامن الدولي، واعطاء مقعد الصين في المجلس للصين الشعبية. وبدأت عملية تحسين العلاقات بين اميركا والصين.
وفي 1979 قام دينغ شياو بينغ (خليفة ماو تسي تونغ) الذي يعتبر غورباتشوف الصين، بزيارة الى اميركا، واستقبل بحفاوة بالغة. ومنذ ذلك الحين بدأ شهر عسل حقيقي في العلاقات الاميركية ـ الصينية. وحينما كانت روسيا تفقد زعامتها للمعسكر الاشتراكي السابق الذي اصبح في ذمة التاريخ، وتتلقى الطعنات من كل جانب، وتلعق جراحها، كانت الصين تتمتع بشهر عسل طويل مع اميركا. وخلال عقدين او اكثر من الزمن تحولت اميركا الى مالك اكبر حصة من التوظيفات الرأسمالية الاجنبية في الصين. وتحولت الصين الى اكبر مقرض للدولة الاميركية المفلسة (اكبر شار لسندات الخزينة الاميركية)، والى اكبر مورد للسلع الى السوق الاميركية، التي هي ـ اي السوق الاميركية ـ كالبالون القابل للنفخ الى اقصى حد، بسبب النهب الاميركي للاقتصاد العالمي برمته، بواسطة طباعة الدولارات الورقية بدون تغطية ذهبية والتلاعب بالقيمة التبادلية للدولار حسبما تقتضي المصالح الاميركية ومضاربات البورصة، واستطرادا التلاعب بكميات واسعار النفط والغاز بفضل "الصداقة الاميركية" مع الدول النفطية العربية بالاخص وغير العربية.
ويمكن لاي تحليل موضوعي، علمي ومنطقي، ان يصل الى الاستنتاج بأن شهر العسل الاميركي ـ الصيني يكمن في اساس الطفرة الاقتصادية الكبرى للصين.
والان لدينا اللوحة الجيوستراتيجية العالمية التالية:
ـ1ـ ان اميركا فقدت الى الابد آحاديتها القطبية، ولكنها لا تزال القوة العظمى الاولى خصوصا اقتصاديا. وفي الوقت ذاته فهي تعاني ازمة اقتصادية بنيوية مستدامة لا يدري اعظم منجمي الرأسمالية العالمية (ولا حتى فؤاد النمري) متى وكيف ستنفجر، وتنفجر معها الدولة الاميركية كلها كفقاعة صابون ويتحقق تماما شعار "الموت لاميركا!" (الذي يحيّر يعقوب الابراهامي).
ـ2ـ ان اميركا لا تخشى اوروبا لا سياسيا ولا عسكريا ولا اقتصاديا، بل ان اوروبا لا تزال تحت الحماية الاميركية، في جميع الحقول، بمواجهة روسيا.
ـ3ـ ان اميركا تخشى روسيا سياسيا وعسكريا، ولكنها لا تخشى منها، بل يمكنها التضييق عليها، اقتصاديا وماليا.
ـ4ـ ان اميركا لا تخشى الصين سياسيا ولا عسكريا، ولكنها ترتعد امامها اقتصاديا. فبواسطة اليوان الرخيص (وترجمته الواقعية معدل اجور لليد العاملة الصينية شديد الانخفاض، اقل بعشر مرات واكثر من معدل اجور اليد العاملة لا الاميركية والاوروبية واليابانية فقط بل وحتى الهندية والاندونيسية والعربية والافريقية) ومن ثم بواسطة السلع بخسة الثمن (السعر) التي، كمدفعية الليزر، تخترق بها الصين جميع الحواجز وانظمة الحماية الجمركية والضرائبية. فاذا تفوق اجمالي الانتاج الصيني على حجم الانتاج الاميركي، فإن الانفجار الداخلي الاميركي يصبح محتما وبين ليلة وضحاها.
هل تقف اميركا مكتوفة الايدي امام هذا الوضع؟
كلا طبعا!
وهنا ينبري الثعلب العجوز كيسينجر (الذي صار في الـ 95 من العمر) ليقدم "نصيحة سرية" الى دونالد ترامب، (اصبحت "نصيحة كيسينجر" في متناول الصحافة الاميركية والعالمية) والشبيهة بنصيحته الى نيكسون في القرن الماضي.
وتقضي نصيحة كيسينجر "السرية" الحالية بالعمل على استمالة روسيا كي تقف الى جانب اميركا ضد الصين، كما وقفت الصين الى جانب اميركا ضد روسيا في القرن الماضي.
ويمكن لاميركا ان تطرح امام روسيا "نقاط لقاء" عديدة منها:
ـ1ـ ان حجم الصادرات الروسية الى اميركا لا يتجاوز 3% من اجمالي الصادرات الروسية. وحجم الصادرات الاميركية الى روسيا هو اقل من هذه النسبة. فاذا تم التعاون وتفعيل التبادل التجاري بين البلدين فإن هذا سيضمن تزويد روسيا بمنتوجات التكنولوجيا العالية الاميركية، كما يضمن قاعدة واسعة للازدهار الانتاجي والاقتصادي الروسي، خاصة وان السلع الاميركية العادية لا تشكل مزاحما للسلع الروسية بل العكس.
ـ2ـ اذا تعمق خط التعاون والصداقة بين روسيا والصين، فمن الطبيعي والمنطقي ان تصل الامور الى درجة الغاء الحواجز الجمركية بين البلدين والغاء تأشيرات الدخول وتصاريح الاقامة وتصاريح العمل بينهما، كما هو الحال الان بين دول الاتحاد الاوروبي وكما كان الحال بين مختلف الجمهوريات في العهد السوفياتي. وفي هذه الحالة فإن الصين تشكل تهديدا وجوديا لروسيا كدولة وكشعب، اقتصاديا وديموغرافيا وجغرافيا. لان فتح الباب لحرية انتقال السلع والبشر بين البلدين سيؤدي الى اغراق روسيا بتسونامي كاسح من السلع الصينية الرخيصة جدا وبالتالي نسف الانتاج الروسي من اساسه، والاخطر من ذلك هو احتمالات تعرض روسيا لتسونامي بشري صيني. ولاجل المقارنة "الحسابية" فقط: قبل اندلاع الازمة الاوكرانية ـ الروسية في 2014 كان يوجد 2 ـ 3 مليون عامل اوكراني يعملون في روسيا بدون تأشيرات دخول وبدون تصاريح عمل. ولكن 2 ـ 3 مليون هو شيء، ودخول 50 ـ 60 مليون صيني او اكثر للعمل في روسيا هو شيء آخر تماما. ويعني هذا التسونامي البشري القاء عشرات ملايين العمال والحرفيين والمزارعين الروس في الشارع بلا اجور وبلا مأكل وبلا ملبس وبلا دواء وحتى بلا فودكا في الصقيع الروسي مهما كانت رخيصة ومغشوشة، ويعني افلاس صناديق الضمان الاجتماعي بطريقة صاعقة وعدم القدرة على التعويض وتقديم المساعدات لعشرات ملايين العاطلين عن العمل، بكل ما يعنيه ذلك من تدمير للمجتمع الوطني الروسي.
ـ3ـ وفي حال تم ذلك فما الذي يضمن ان لا يعمد القوميون ـ الشوفينيون الصينيون، بارادة او بدون ارادة الحكومة الصينية، الى اثارة الموضوع الجغرافي، اي مسائل الاراضي الحدودية وغير الحدودية المتنازع عليها، وان يعمد هؤلاء القوميون ـ الشوفينيون الى اجتياح الحدود الروسية بالملايين وعشرات الملايين من افراد العصابات المسلحة؟!
اني واحد من الذين يثقون بصدق، وحنكة وحكمة القيادتين الروسية والصينية.
وانطلاقا من هذه الثقة أتساءل:
ـ كيف ستواجه هاتان القيادتان المخططات الجهنمية للامبريالية الاميركية، العدو اللدود لروسيا والصين وللانسانية جمعاء؟
هذا ما ستكشفه لنا قادمات الايام، الحبالى بالاحداث الجسام!



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايران ليست دولة يمكن الضغط عليها
- اميركا تغضب اصدقاءها ولا ترضي اعداءها
- المواجهة العالمية الشاملة بين روسيا واميركا
- اوكرانيا تبتعد اكثر عن الانضمام الى الناتو والاتحاد الاوروبي
- السعودية تمتشق السلاح النووي بمساعدة اسرائيل وباكستان
- سباق التسلح الروسي - الاميركي
- روسيا تساعد ايران لكسر الحصار الاميركي
- كيف يتحفز حلف الناتو لحرب مفاجئة مع روسيا
- الضرائب الجمركية لترامب تعطي نتائج عكسية لاميركا
- فشل الستراتيجية الاميركية ونذر الحرب التجارية الدولية
- بوتين يرسم الخطوط العريضة للجيوستراتيجية الدولية لروسيا
- السعودية تدمر اليمن بالنيابة عن اميركا
- اميركا تتدحرج نحو الاختناق في العزلة الدولية
- هل تعترف واشنطن بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل؟
- اميركا: الدولة الارهابية الاولى في العالم
- بداية الحرب الاقتصادية الاميركية ضد تركيا
- تركيا تتأرجح بين الناتو وروسيا
- احتمالات عواقب الحصار والعقوبات ضد ايران
- سياسة الهيمنة الدولية لاميركا وخطر انفجار حرب تجارية عالمية
- اميركا تتراجع امام الصواريخ النووية من كوريا الشمالية


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الازمة المصيرية الاميركية والخطة السرية لكيسنجر