أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - تبعات أدلجة الأسراب البشرية (1)














المزيد.....

تبعات أدلجة الأسراب البشرية (1)


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5951 - 2018 / 8 / 2 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صحيحٌ بأن غوستاف لوبون أشار في "سيكولوجية الجماهير" وبكل وضوح إلى أن الشعوب تعود إلى الحالة القطيعية عندما تستشعر الخطر الذي يداهم حياتها، إلاّ أن ما لم يبحثه الرجل في ذلك السّفر القيِّم، هو موضوع أدلجة الأسراب البشرية التي لا تتم إلاّ بوساطة وسيلة ما من الوسائل التي دخلت في العصر الراهن ميدان التأثير وقيادة تلك الأسراب لتصل إلى حالة السرنمة العقائدية، إما للاستفادة من حالتها الجاهزة لتوجيهها، وإما من أجل العمل على تهيئتها لغاياتٍ لاحقة غير معلنة، وذلك من خلال بث الأفكار والرؤى والتصورات في أذهان تلك الفئة التي تعود في الحروب إلى الحالة الغريزية الأولى التي كان عليها الإنسان الأوّل.
وحيث أن الإنسان في حالة الغياب التام لكيمياء التفكير، ومع حالة فقدان ذائقة الاستفسار، والإفتقار لآلية إعمال المقارنة والشك يرتكس في صلب الأزمات الكبرى متقهقراً في النزول ليصل إلى درك القطيع البشري، القطيع الذي يُساق في أيما اتجاه بناءً على ما يتلقفه من الراعي المباشر صاحب الحضور أو الهيمنة الفيزيقية، أو الراعي غير المباشر ممثّلاً بوسائل الإعلام على اختلاف قواعدها ومنصاتها.
وبما أن الإنسان الذي يفقد هبة الفكر والبحث والدراسة، يمضي تلقائياً مع العوام الخاضعين للايعاز والانقياد من قبل الزعيم الحقيقي أو من ينوب عنه، فهو إذن ينضم لاشعورياً إلى مجموع المنساقين، وذلك سواءً أكان ذلك الدهقان الذي يسوقه جاهل أو شبه متعلم أو من أصحاب الشهادات العليا؛ كما أن لا فرق البتة بين المتعلم والأمي عند بلوغ مرحلة الانسياق، ولا فرق بين من كان يدَّعي التقدم والتطور، وبين من كان أصلا من أهل الجهالة، حيث يسير الجميع جنباً إلى جنب مسرنمين ومنقادين من قبل زعيمٍ ما، ولا يهم حينها إن كان القيلُ الذي يقودهم مثقفاَ أم غبياَ من أهل السطوة والنفوذ، طالما أنهم فقدوا نعمة التفكر وحق الإعتراض، لأنه قِيل مِن قبلُ بأن الكائنات البشرية إذا ما عادت إلى الحالة القطيعية فإن بمقدور حتى الحمار قيادتها.
ومن كل بد أن الإنسان لو لم يبلغ الحالة القطيعية لفكّر هنيهة بالذي يقوم به، وما يقترفه، وما يذهب لأجل مزاولته أو ارتكابه بحق الغير الذي لا يعرف أي شيء عنه، إلاّ اللهم ما حشي قحفه به من المعلومات والصور الذهنية الجاهزة، كما يوضع في الروبوت شريحة إلكترونية وبناءً على ما هو مسجّل في تلك الشريحة يتحرك الروبوت، ومن هذه الفئة الروبوتية نذكر أن بعض الجهاديين الذين كانت ترسلهم أجهزة مخابرات الدول إلى المناطق الكردية في سوريا للقيام بعمليات انتحارية، كانوا أشبه بعميانٍ للتوِ فقدوا أبصارهم، حيث حتى المشي لم يعودا يتقنونه بخلاف مَن كان ضريراً منذ نعومة أظفاره، وقد عُلم عن البعض ممن اُلقي القبض عليهم أنهم لم يكونوا متصورين قطُ بأن يروا مسجداً في تلك المناطق المكفرة سلفاَ برجالها وأطفالها ونسائها، ومن المؤكد أن الواحد منهم لو لم يصل إلى المرحلة القطيعية التي حرمتهم من نعمة الإدراك والتعقل، ولو لم تُنتزع منهم هبة الفكر والتفكير لسأل الواحد نفسه، ألم يكن سعيد النورسي كردياً؟ وأولم يكن مفتي الجمهورية السورية كردياً؟ أو ألم يكن محمد سعيد رمضان البوطي كردياً؟ ولنفترض بأن الجهادي جاهل بجغرافية المنطقة وديموغرافية سكانها ولم يسمع بمن ذكرناهم، أما كان عليه أن يتذكر صلاح الدين الأيوبي بما أن النفر الجهادي مسلم ويريد إرجاع الخليقة إلى الحظيرة الإسلامية كما كانت عليه في سابق عهدها؟.
ولكن مع كل ذلك فالمصيبة الكبرى لا تكمن في ذلك المسرنم والمساق والمباع من قبل شيوخ وأئمة ليسوا إلاً أدوات تدير هؤلاء الأوادم نيابةً عن استخبارات الأنظمة سواءً عن جهل أو عن علم، إنما هي قائمة لدى نخبة المجتمعات عموماً والمجتمع السوري بوجهٍ خاص، حيث أن قادة الرأي أو ممن يسمون بالنخبويين وبدلاً من أن ينظّروا للعامة، يصححوا مسارها، ويسيروا أمامها كما تفعل الفيلة الأفريقية الأكثر عمراً وحكمةً وخبرة، راحوا يستقون معلوماتهم من الدهماء، ويبنون أحكامهم على آراء مَن كانوا ينتقلون كالحساسين من ضفة إلى ضفة بالضد منها بناءً على المردود المادي الذي يحصلون عليه من هنا أو هناك؛ وكذلك تكمن المشكلة لدى مواطني البلد أنفسهم، هؤلاء الذين عاشوا سوية مع بعضهم عقوداً من الزمان، ومع كل ذلك التواصل اليومي المباشر والعيش المشترك جاء على غفلةٍ منهم مَن يسوقهم إلى الوجهة التي يريدها، وهنا يطيب لنا أن نختتم الجزء الأول من المقالة مع عبدالله بن المبارك الذي قال: "صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس، قيل: من هم؟ فقال: الملوك والعلماء" أي نخبة المجتمعات الحالية وقادة الرأي فيه من الساسة وأقطاب الدين والمثقفين.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخاوي
- ترويض حاخامات البلد
- متى يُنفِّذ السلطان وعده؟
- عندما يغدو التشبيح ثقافة
- استراتيجية النهبلوجيين في سورية
- نموتُ بكثرة ولا حرب في قريتنا
- لا يُزار الوطن في مخاضه
- خذوا العبرة من أبو باسل
- صمت البحر في أقصى شمال سوريا
- دولة المتملقين باقية وتتمدَّد
- مهدي داوود: نعمل على إنشاء مستوصف كبير داخل مدينة عفرين
- الإيكولوجي شريك النهبلوجي
- شرفُ الدفاع عن العملاء
- مواقف ولدت من رحم عفرين
- مدمرات المستبد (PYD) نموذجاً
- آزاد عثمان: لن يكون بمقدور أية جهة عسكرية عرقلة عمل المجالس ...
- من منافع غزوة عفرين
- كلَّما طوَّقته الدياجير تجدَّدا
- مسؤولية تركيا في عفرين
- محمد يوسف: الوضع الكارثي في عفرين دفعنا للعمل على ملف عودة ا ...


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - تبعات أدلجة الأسراب البشرية (1)