أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محمد كافي - ماذا يفعل الشيطان في برج خليفة؟!















المزيد.....

ماذا يفعل الشيطان في برج خليفة؟!


خضر محمد كافي

الحوار المتمدن-العدد: 5947 - 2018 / 7 / 29 - 22:52
المحور: الادب والفن
    


كشفت بعض التقارير الصحفية مؤخرًا، عن زيارة سرية قام بها الشيطان الرجيم، والوفد المرافق له إلى إمارة دبي، وبالتحديد في برج خليفة / الطبقات (170،171،172)؛ متفقدًا بعض المشاريع السرية هناك. وكشفت وثائق أخرى، ما يلي:
((لقد اختار الشَّيطان السفر مع حاشيته هذه المرة، بواسطة قطار الأنفاق الأرضية الطويلة، والتي تربط مملكته السفلية في الربع الخالي مع دبي مباشرة.
عندما وصلوا نهاية المحطة في دبي، نزلوا من القطار، وعبر نفق سري يمتد لثلاثمائة متر، وصلوا بابًا أنيقًا. تجاوزوا الباب، فوجدوا أنفسهم في الطابق السفلي من برج خليفة العملاق.
دخلوا مصعدًا سريًا لا يؤدي إلا إلى مكان واحد. وهو الطابق السرّي المقصود رقم (170) وهي ضمن الطوابق العشرين العليا غير المأهولة، بحسب ما أعلن للعامة!
عندما وصل المصعد السرّي وجهته السرية في الطابق السرّي (170). خرج الشَّيطان وحاشيته من باب المصعد، ليجتازوا ممرًا قصيرًا، مؤديًا إلى قاعة اجتماعات فخمة، تتوسطها منضدة بيضوية كبيرة، من خشب المهاكوني الثمين. يجلس حولها عشرات من كبار الشخصيات في العالم. على جهة اليمين يجلس: الخنازير، والكلاب، والقرود. وعلى جهة اليسار يجلس: تجار السلاح، والرقيق، والمخدرات. ما أن لمحوا سيدهم الشَّيطان حتى أقلعوا عن اللغط، ووقفوا مذعورين وقد أطبق السكون عليهم.
اقتعد الشَّيطان المتجهم كرسيه الفاره في صدر المجلس، وأومأ للجميع، ناشرًا ذراعيه، ليجلسوا؛ ففعلوا.

جلس سكرتيره القبيح ذو وجه الفيل الأصفر، في الجانب المقابل، ليقدم كلامًا بروتكوليًا لبدء الاجتماع.. قاطعه الشَّيطان بصوته، الأجش:
- ليس لدينا وقتًا لنضيّعه... لا داعي أن أذكركم بالمجد العظيم الذي صنعناه في الأرض معًا، وقد صرتم بفضلي، من أثرى أثرياء العالم، حتى تجاوز ما استحوذتم عليه أنتم ووكلاؤكم، أكثر من نصف خيرات وأموال العالم في الوقت الذي لا تتجاوزون فيه واحدًا في المائة من سكان الأرض، كذلك لا يمكن نكران خدماتكم الجليلة لي في تحقيق حلمي البعيد، وصنع العالم الذي أتسيده... لكن ظهر تهديد وجودي حقيقي الآن، قد يعصف بكل ما بنيناه!!.
خيم القلق والوجوم على الجميع، وهم يتساءلون في سرهم، ما الذي يمكن أن يهدد عالمهم الذي يسيطرون فيه على أعلى مراكز القرار، حتى بإمكانهم شن الحروب، وخلق الأزمات والمجاعات، بمجرد اتفاق صغير فيما بينهم واتخاذ اجراءات بسيطة!
اقتعد الشَّيطان كرسيه المهيب ثانية، وشرع في مناقشة وشرح خطته السياسية لإدارة العالم خلال الفترة المقبلة، طالبًا من رؤساء الدول الخنازير، أن يتخذوا إجراءات سياسية معينة؛ تؤدي إلى مزيد من الانقسام والكراهية بين الشعوب. بعدها كلف الكلاب من رجال الدين، أن يصعّدوا لهجة التكفير والتخوين، وإصدار الفتاوى التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من القتل والفوضى. ثم ختمها بالقرود من الاعلاميين الانتهازيين الذين يروجون ويسوقون للخنازير والكلاب، ويزوقون إجراءاتهم التي تصنع عالمًا مليئًا بالحقد والكراهية والفوضى؛ كما يريد سيدهم الشَّيطان بالضبط مقابل حماية مصالحهم الباطلة...)).
ما ورد في أعلاه، ليس تقريرًا استقصائيًا لصحفي مغامر شجاع، وليس مضمون وثائق سرية من أكداس الوثائق السرّية التي سرّبتها (ويكليكس)، بل هو مقطع سردي شائق، ورد في الفصل الثامن من الرواية العجائبية الساحرة (إنانا والنباش!) للكاتب والصحفي والفنان العراقي سالم بخشي المندلاوي.
لقد تمكن الكاتب في هذه الرواية من تناول أكبر ثيمة يمكن أن يخوض فيها أي روائي (قضية الصراع القديم الجديد بين الشر والخير) عبر الشيطان الرجيم، وأتباعه من الانس والجن من جانب. والانسان المؤمن الصالح، وأتباعه من جانب آخر.. وهؤلاء الأتباع متذبذبين في مواقفهم بين الخير والشر لكنهم في فطرتهم النهائية يختارون الحق على الباطل، إلا ما ندر من الذين يبيعون روحهم للشيطان بالكامل، ويصيروا في الجانب الآخر مع الشيطان وأعوانه، كما هو الحال مع شخصية عبدول النباش.
نلتمس إشارة واضحة لثيمة الرواية الرئيسة في نهاية نفس الفصل -الثامن- حيث سرد سالم المندلاوي:
((صار الشَّيطان يخاطب الله في نفسه سرًا هذه اللحظة: (هؤلاء البشريون الطينيون الذين فضلتهم عليّ، وأمرتني بالسجود لهم... لقد صيرتهم حيوانات أنانية مفترسة، لا يشعرون، ولا يبالون، إلا بتأمين حياتهم الدنيا، ولو على حساب جثث إخوانهم الآخرين!!). ثم أخذ يتمتم، مرددًا، الوعد الذي قطعه أمام الله الوارد في سورة الأعراف : (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ۝ ثم لآتينهم من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين...). كأنه سمع الإجابة الصاعقة التي ألقيت في روعه من سورة الحجر: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان، إلا من اتبعك من الغاوين۝ وإن جهنم لموعدهم أجمعين)!.
انزعج الشَّيطان من هذه الآية التي خطرت له، فشرع في الجزء الثاني من الاجتماع السرّي، والذي خصصه لوضع الخطط السياسية، والعسكرية والإعلامية، الكفيلة، بمحاربة الامام المهدي، والسيد المسيح، في حال ظهورهما في الفترة القصيرة المقبلة)).
بهذه اللغة السردية الرشيقة، نخوض مع سالم بخشي روايته الخطيرة إن جاز التعبير لما تحتويه من رموز تاريخية وحضارية، وإيحاءات سياسية واجتماعية، طرحها بإطار فلسفي بارع، عبّر عنها بأحداث شائقة وشخصيات عميقة مركبة، فقدم لنا رواية أكثر من رائعة، أثارت جدلًا واسعًا منذ صدورها مؤخرًا، وربما ستثير جدلًا طويلًا؛ لبنيتها السردية الناضجة والتي قال عنها الناقد العراقي الكبير بشير حاجم، المعروف عنه بالحيادية والجدية والصرامة في تناول الأعمال الابداعية: ((في بنية النص إنعاش للقارئ , سواء كان استثنائيا أم اعتياديا, وعلى البنية الروائية هنا حصرا أن تتجاوز الثيمات عبر التقنيات, كلما تعاظم تجاوزها)) منوها في خاتمة دراسته النقدية للرواية ((أن نجاحا بنيويا كهذا, أخيرا, قد يؤدي الى نجاحات ثلاثة: تقني – جمالي – ثيمي, معًا, وهو النجاح البنيوي)) ولم يثني على رواية أخرى بمثل هذا الاطراء، بل وضع الروائي في موضع تحد ((ربما كان من السهل عليك ان تتجاوز روايتك الأولى (المخبر السري) في (إينانا والنباش) ولكن من الصعب ان تتجاوز هذا في رواية أخرى!)). رشحت (إنانا والنباش!) لمسابقة جائزة كتارا للرواية العربية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محمد كافي - ماذا يفعل الشيطان في برج خليفة؟!