أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد ستار جبار - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


أحمد ستار جبار

الحوار المتمدن-العدد: 5924 - 2018 / 7 / 5 - 22:51
المحور: الادب والفن
    


الدُّمْية (قصة قصيرة)

1

يجلس أنّو في وسط بُستانهِ المُترع بالنباتات والحشائش النّدية وأشجار النخيل فارعة الطول ، المحملة بالرطب
يُغرق قدميه في طرف ساقية واسعة ، يلمعُ فيها لون الشمس ، وتجري بهدوء .
يتأوّه مَلّلا ، لم تعد هذه الجنة الواسعة تُلهي أو تصنع فضولا بداخلة ،
وفي تلك الأثناء لفت إنتباهه ذلك الطين الصلصال الذي يحوي احمرار طبيعي الحر من الشوائب الموجود على اطراف الساقية، يستمتع قليلا بِملمّسه الناعم ويُعيد حمل كمية اكبر يتأملها بنظرةِ رسّام أو نحات .
يُحدق ..مُتخيّلاً صورةٌ ما لوجه
على شاكلته وجهٌ يتمنى أن يكون بقربه كي يملئ عليه وحدته .

شَرع بتصميم الرأس وبدأ بعدها بالفم تلاه الانف ثم العينين ، وأخذ يُصمم هيئة الملامح بدقةٌ عالية ، حتى أتمّ صُنع دُميته و على شاكلته و جد فيها نفسه..
لكن ..و بسبب إن الطّين لازال مُشبّع بالمياه ، أخذت تذوب تلك الملامح وتنجذب ببطئ نحو الاسفل ،
فلم يستطع رؤية عملهِ وثمرة جُهدهِ تتلُف فـ مددها على الارض تحت أشعة الشمس الحارقة ، وأخذ يَنّفخ عليها ، يسحب هواء عليل ونسمات رطبة بروائح نباتات الحديقة و يعيد تدويره في داخله يجعله اكثر دفئا ، لينفخ على وجه الدُّمية ،
أخذ يعيد الكرّة حتى تحركت العينين ببطئ كـ عيّنيّ وليد تفتح للوهلة الأولى
ولكن بعدها أستشاطت روحه فرحا ولمعت عينيه كـ عيّنّي والد يَحتضنُ طِفلهِ المُنتظر
فأخذ يسير مُحتفلا في أرجاء البُستان الواسع يرقص ويغني ويلاعب الدمية
ثم اخذ يعلمها الكلام وأسماء النبات
وأراها ماهيّة الاشياء التي تُشكل خطراً وتُهدد حياتها ، وما هي التي تصل بها الى الراحة والشقاء
أصبحت بعد ذلك تُمّلئ عليه وحدَتُه وتُعطي معنىً لحياته .

بدأت الدُّمّية تِزرع وتُنشئ السواقي
تبتكر الكثير من الامور التي لم يبتكرها أنّو نفسه ، وأخذت الدمية تنشغل بامورها الخاصة التي بدأت تتطور مع مرور الأيام
أمّا أنّو فـ بدأ يرى ان هنالك شقوق
شاهقةُ البُعد بدأت تُنشأ وتزداد بينهما ،
فض الوقت الذي كانا يقضيانه معا قلّ! وعادت الوحدة تُلازمه ، ورأى إنّه قد خلق منافسا ينافسه في أرضه ، ويتوجب عليه إعادتها الى طريق وسياق وجودها في هذا البستان .

2

و جدَ أنّو الدُّمية جالسة على الساقية تتأمّل بريق المياه ،
كانت تغطّ في صمت وتسرح بعيداً في مرعى الافكار التي لا يعلمها أحد حتى أنّو
فـ بدأت ملامح الغيض تتجلى على تقاسيم وجهه
جلس بالقرب منها وقال :

- ما الذي يُشغلُك أيّتها الدمية الطينية؟! يُصعب عليّ تفسير ما أنتِ فاعلة ، وقلّ علمي بما أنتِ عليه ، رغم خَلّقي أيّاك وتجميعك بهاتيّ يديّ! ، الا إنّي الان أجهلُك كل الجهل! .

- ما يشغلني يا أبي هو هذا البستان الجميل وكل ما فيه ، وانت الذي اجهلك ايضا كل الجهل !!... أدارت رأسها الى أنّو
وأردفت ..
-فلا انا اعرف مغزى وجودي ، وما هو المطلوب مني هنا ، فما زلتُ ألفّ في متاهة الوحدة من أليوم الذي بزغتُ به الى هذا البستان .

- لا يجب عليكِ أن تعرفي لمِا أنتِ هُنا ، وماهو المغزى قال بحزم ..
وأكمل :
تمتعي بهذا البستان و تكيفي مع الوحدة فقط.

- الم تسأل نفسكَ يا ابي ماهو مغزى وجودك َانت أيضاً ؟

- كيف تسمحي لنفسكِ بأن توجهي هكذا سؤال اليّ!
هل تريدين القول بأنّني هنا بلا مغزى؟!
كيف لكِ ذلك!
فـ أنا من اوجدتكِ .
ليقف أنّو بعدها قاطبا حاجبيه بغضب وتابع..

- يبدو إنّكِ لستِ كما كُنتِ ، أصبحتِ متمردة بفكركِ و افعالك .

إنحنا على عصى امسكها بيده ورماها في النهر ثم قال :

- أجلُبيها اليّ!

نظرت الدمية بتعجب وحَيّرة متفاجئة

- لا يُمكنني فـ انا من طين! هل تُحاول قتلي ؟!

- ها أنتِ تتمردين وتعصين!

- ها أنتَ تَتسلّط وتبطش بيّ و ترميني في نهايتي من أجل أن تُثبتْ إنّك الاقوى!
أيّ أبٌ أنت! أيّ مُحبٌّ أنت!
لستَ سِوى مُتكبّر لا ترى إلا نفسُك!
كونك سبباً في وجودي لايعني إنّ لك السلطة عليّ.. ليس هذا مبررا كافيا ،
فـ أنا حرُ نفسي!

- حرُ نفسك!!

إذاً أُخرج من البستان ، ولا أُريد أن أراك مجدداً…
ثم أدار أنّو ظَهْرِة ، ونَهضتْ الدُّمّية وسارت نحو الباب الكبير! .

أنتهت.



#أحمد_ستار_جبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد ستار جبار - قصة قصيرة