أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - فلمان عن العراق: أية إنسانية لحرب لا إنسانية لها؟














المزيد.....

فلمان عن العراق: أية إنسانية لحرب لا إنسانية لها؟


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 1499 - 2006 / 3 / 24 - 03:12
المحور: الادب والفن
    


عرضت قناة آرت الفرنسية يوم الثلاثاء ( وهي من القنوات الثقافية المهمة في فرنسا)، فلمين تسجيلين عن العراق الاول بعنوان "مع هذا تستمر الحياة" والثاني" الكتيبة البيضاء"
فلم "مع هذا تستمر الحياة" للمخرجين الفرنسيين ماري أونج بويت و لوي أندرة مراد إن طاقم الاخراج قد حل ضيفا على عائلة عراقية تعيش في بغداد في مدينة الصدر قبلت ضيافته رغم المخاطر الامنية.
العائلة مكونة من 25 شخصا وموزعة على ثلاثة أجيال تتولى رعايتهم وادارة شؤونهم ، ربة البيت- الام وإسمها( زويدة) ولدت في مدينة واسط ثم جاءت الى بغداد وعمرها عشر سنوات . يبدو من سير الاحداث ان صانعي الفلم عاشوا مع تلك العائلة تحت سقف واحد في أثناء إعداد الفلم وبإحتكاك يومي مباشر وحصدوا فرصة ثمينة
لم تتح لغيرهم أن يتعرفواعن كثب على الشخصية العراقية ، كيف تفكر وتستقبل يومها المحفوف بالدم ، نظرتها الى الدين الذي أصبح لاحقا جزء من كيانها وجاء في بداية الفلم(حياة تكاد أن تكون إعتيادية) فالمقصود هنا العراق اليومي ولكن لم نر في تلك العائلة الضخمة العدد أي تفاوت فكري وعاطفي بين أبنائها وكأن الزمن متوقف لدى الجميع والكل يفكر برأس واحد وهذا غير منطقي فالظرف الجديد في العراق المشحون بالتوتر اليومي جعل الجميع يهتز ويبدل قناعاته فلا أحد ينام لحظة في سرير أحلامه ، والسؤال المطروح: لماذا ترك الفلم إنطباعا سطحيا بل مجحفا عن تلك العائلة ؟ المؤسف حقا هو تبسيط النظر الى الشأن العراقي وحصره بالجانب الفولوكلوري . لذا ركزت الكاميرة وبشغف على طريقة غسل الملابس ، تنور الخبز وإنفصال الرجال عن النساء في أثناء الاكل ، فلمّا كانت العائلة وقد طرحها الفلم إنموذجا لعائلة بغدادية ، و(هنا تعميم خاطيء) ، فليس من المعقول أن تكون بهذه الرتابة وكأن أفرادها طابور في الجيش أثناء التفتيش ليس لديهم الهوة الشخصية التي تفصل بين عالمهم الداخلي و الخارجي الذي يرفضون على الاقل الدم القادم القادم منه . وهذا مرده الى نظرة أوربية مبسّطة لواقع الآخر مسبوقة بأحكام على أن ذلك الواقع مجرد فولوكلور وحكايات وليس واقعا جاء نتيجة تاريخ واحتكاك مباشر مع الاحداث طبعته بالتناقض والتنوع .
إن الفلم الوثائقي ليس فقط طرح أسئلة وتلقي أجوبة إنما هو رصد الخفي والمكبوت على الشخصيات وتحفيزها للرد والفعل. هنا جاءت رتابة الفلم نتيجة طبيعية لرتابة الاسئلة المطروحة ، حيث الاسئلة عبارة عن فراغ يحاور فراغا وليس أناسا لهم خصوصياتهم وعوالمهم .
لم يخرق الحواراعماق العائلة العراقية التي حصلت مؤخرا على إرث جديد بغض النظر عن مساوئه ومحاسنه لكنه متغير جديد فمن الطبيعي التعامل معه بمتغير كذلك
فمثلا لا يوجدأي مبررلطرح مثل هذا السؤال على إحدى الفتيات : هل ترغبين الزواج بأجنبي؟أعزو ذلك الى تسطيح النظرة القادمة من خارج الواقع العراقي حيث لم يتمكن الفلم من إقتحام عالم عراقي ضاج بيومياته عالم غرائبي غير متناسق . المخرجان إمتلكا الشجاعة الحياتية دون الثقافية عندما ذهبا للعراق وهنا تجدر الاشادة بإنجازهما ، أضف الى ذلك رافق الفلم بعض الهنات الفنية منها إن الفلم أخذ طابع ريبورتاج صحفي لا غير ومن الناحية التقنية لا يوجد مسوغ لتكرار لقطات كلوز غير مبررة دراميا ، والكاميرة أخفقت في أغلب الاحيان في رسم مشاهد الفلم الداخلية ، أمّا الموسيقى التصويرية فهي بعيدة عن المناخ العراقي ، شملت مزيجا من الاوركوديون وآلات غربية ، هذه العوامل تضافرت معا لتحرمنا من رؤية فلم جيد وصادق عن الواقع العراقي.
للأسف عرض هذا الفلم على إحدى أهم القنوات الفرنسية ذي إرث ثقافي مميز وبوقت يجلس فيه الفرنسيون لمشاهدة الشاشة الصغيرة ، يبدو لي السبب إن المسألة أشمل وأكبر من موضوع فلم أو رواية يتعدى الى واقع الثقافة العام برمته ومحاولة إشاعة الثقافة السهلة والمتواضعة في تناقضاتها.

فلم " الكتيبة البيضاء" إخراج يوري مالدافسكي وتيم كروزا
هل تشن شخصية معينة دون أخرى حربا إذا ما إمتلكت هذه الشخصية الاستعداد الذاتي لتقبل الحرب؟ رافقت الكاميرة هذه الكتيبة بتماس يومي متصاعد مع الموت تصاعد الاحداث الدموية في العراق من عمليات القتال في جنوب بغداد الى المداهمات وأحيانا إلقاء القبض على تجار السوق السوداء المضاربين في سوق النفط .
الجميل في الفلم هو الدخول السري والعلني معا الى عوالم أربعة جنود أمريكيين يمثلون وجود الجيش الامريكي في العراق فنرى كيف يتحول الانسان تحت ظرف ما الى محارب والجندي الى شخص عادي لا قناعة له بالسلاح وجدوى الحرب حيث الجندي كإنسان في الحرب يصبح وجوده هدفا حربيا فمنهم من يعتقد أنه لا يستطيع ان يكون ودودا لان كل شيء من حوله ينفجر حتى البشر . والبعض يتقصى إنسانيته فيقول ما فائدة ان نصبغ المدارس والطلاب لا يمتلكون أحذية ! والاخر يصرخ لماذا نحن هنا ؟! في حين يمضي واحد منهم للقول إنني جندي محارب والحرب مهنتي سأعود الى العراق لو سنحت لي الفرصة .
وهكذا يقودنا الفلم الى حقائق مع وضد الحرب . المهم عند عودة الكتيبة الى تكساس إن الجميع قد تغير ولم يعد كما كان سابقا والخلاصة إضمحلال الشخصية القديمة بفعل إحتكاكها مع الموت وإنغمارها بالتجربة الحياتية . الفلم حصيلة معايشة حوالي السنة في العراق هي فترة خدمة الكتيبة هناك . ونتيجة ذلك خرج الفلم منسجما مع ذاته فنيا وموضوعيا .

فأية إنسانية لحرب لا إنسانية لها !.



#علي_البزاز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد
- فيلم العراق أغاني الغائبين المخرج ليث عبد الأمير بطولة الإن ...
- أيها الهامشي ذو المعالي
- مهرجان الفيلم الوثائقي العالمي في أمستردام (IDFA) بدلاً من ...


المزيد.....




- مصر.. مقترح برلماني بتقليص الإجازات بعد ضجة أثارها فنان معرو ...
- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - فلمان عن العراق: أية إنسانية لحرب لا إنسانية لها؟