أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عودة - يعدون ما في جيوبهم















المزيد.....

يعدون ما في جيوبهم


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5915 - 2018 / 6 / 26 - 22:11
المحور: المجتمع المدني
    


يعدون ما في جيوبهم
نبيل عودة

مع اقترابنا من يوم الانتخابات تكثر الحسابات، ويصبح قادة الأحزاب، زعماء العشائر ونشطاء القوائم من أحسن طلاب الجمع والطرح. لاحظت، كما لاحظ غيري، ان أكثرية حسابات ما قبل الانتخابات هي حسابات يسودها الطموح الشخصي، أكثر من منطق معرفة مكانة وقيمة كل من يطرح نفسه للمنافسة على منصب ما. أحيانا يمكن وصف تلك الحسابات بأحلام اليقظة، او تعبير عن النوايا والرغبات، التي سرعان ما تتناثر مثل سقوط أوراق الأشجار في الخريف ساعة تفتح الصناديق وتعد الصوات.
طبعا انا لا أجري حسابات جمع وطرح لأن الموضوع انساني والبشر ليسوا ارقاما، بل اتعامل مع منطق الحياة. وهو منطق بسيط. أعطني أعطيك. اخدمني اعطيك كلمة ثقة. افتح الأبواب المغلقة امامي أفتح لك الطريق لقلوب الناس. اسمع مشاكلي، واشعرني إني بأيدي أمينه، سأقف معك في السراء والضراء.
نحن اليوم امام انتخابات عامة للسلطات المحلية، ليس في الناصرة فقط، لكن الناصرة أضحت في السنوات الأخيرة نموذجا يحتذى لمن يريد ان يخدم مواطنية، ان يستمع لقضاياهم ومعاناتهم، وان يعمل على تقديم الخدمات بكل أنواعها واحجامها. هذا هو دور السلطات المحلية، وليس الجلوس والتنظير واغلاق الأبواب امام الجمهور .. واجراء حسابات الطرح والجمع كان الحديث عن سوق خضار!!
لا شك لدي ان لكل مرشح رصيده، هناك من يضاعف هذا الرصيد ويكون أهلا للثقة، وهناك من يفقد رصيده تدريجيا ولا ينفعه الصياح مثل الديك في الفجر، ظنا ان صياحه سيطلع الشمس.
السلطات المحلية هي نافذة الخدمات الأكثر أهمية للمواطنين العرب. ولا ننسى انها المشغل الأكبر في الوسط العربي. أي ان أهميتها تتجاوز كراسي الكنيست. وتتفوق على أي مكتب وزاري مهما كان نوعه واسم وزيره .. واتجرأ وأقول ان رئيس سلطة محلية عربية كبيرة مثل الناصرة، في الظرف السياسي والمحلي الذي يميز واقع المجتمع العربي في إسرائيل، مهمته تتجاوز مهمة رئيس حكومة، من حيث أهميتها للمواطن وتأثيرها على حياته وتوفير الخدمات التي يستحقها!!
الرصيد الأكثر أهمية هنا ليس انتماء المرشح لتنظيم ما، بل رصيد الخدمات، رصيد تطوير الشبكات داخل بلداتنا، حل مشاكل يواجهها المواطن يوميا ويعاني منها. طبعا هناك رغبات أكبر من الإمكانيات المتوفرة، ليس لقصور في عمل سلطة محلية، بل لعدم وجود ميزانيات كافية بالأساس، لذا يجب طرح ما هو أكثر أهمية وأكثر الحاحا. لا شيء غير مهم من قضايا التطوير او الخدمات، لكن محدودية الإمكانيات المادية يجعل السلطة المحلية تقرر ما هو هام وملح وما هو اقل الحاحا، ما هو سابق وما يمكن ان ينتظر قليلا، هذا لا يعني اهمال ما هو اقل أهمية، انما توفير الموارد لتنفيذ كل ما هو مطلوب لراحة المواطنين.
هذه المعادلة بسيطة، للأسف ما كان سائدا هو اشباعنا بشعارات اكل الدهر عليها وشرب. كأن هدفنا من السلطة المحلية نظم الشعارات وتعلم الدبكة وصياغة الهتافات ضد الاستعمار والصهيونية. وتطوير عبادة الفرد، كأن الفرد هو الحل. لا أعزائي الفرد مهما كان عظيما، هو ليس الحل الا بما يقوم به من اعمال خدماتية وملاحقة ما يعاني منه الجمهور بدون ملل .. وليس فن الخطابة والتهريج السياسي .. مهما كانت سياسته قريبة لقلوبنا.
هذه هي وظيفة السلطات المحلية وليس الوصول لكرسي الرئاسة ليصبح الشخص زعيما لا يتكلم مع الجمهور لأنه أصبح وحيد عصره، ولا يقابل الجمهور ولا ينشغل بوجع الرأس، وعلى الجمهور الاعتراف بعبقريته واحناء الرأس حين يمر بقربهم، كأن مجرد وجوده برئاسة سلطة محلية هو المكسب الخدماتي العظيم.
تلك عهود انتهت من عالمنا .. العالم يتقدم ونحن نتقدم معه، ما سحرنا قديما لا يستحق منا اليوم أكثر من لوحة ذكرى للتاريخ، لا احد ينكر انه انجزت تحولات كبيرة خلال العقود السابقة، لكن السلبيات لم تختف وبدأت بالتراكم، الانقطاع عن التواصل مع الجمهور أصبح مقلقا، حتى التعامل مع النشطاء والحلفاء أصبح يشكل نقطة سوداء في النهج السائد. ان من يظن ان معركته الانتخابية تحسم حسب الانتماء الحزبي او العائلي او الطائفي، كما هو في اغلبية بلداتنا العربية، هو انسان منقطع عن جذور شعبه .. كل الاحترام لكل العائلات، كل التبجيل والتقدير لكل الديانات، لكن تعالوا نفكر بمنطق، العائلة تريد خدمات، المؤسسات الدينية تريد خدمات، الجمهور الواسع يريد خدمات، اذن أعزائي الموضوع ليس من صورته أجمل، وليس من يلقي خطابات نارية من فوق المنصات، وليس من يظن انه ابن تنظيم له تاريخه المجيد، بل من يستطيع ان يعطي لموضوع الخدمات والتواصل مع المواطنين في بلدته، كل وقته، في ساعات العمل وبعد ساعات العمل. من هنا تبدأ الحسابات الصحيحة. ليس بحسابات الجمع والطرح .. وليس بحساب الطائفة، او بحساب العائلة، او بحساب التنظيم. هناك حساب واحد، ماذا تقدم للجمهور ليرد لك الجمهور مقابل ما تقدمه له.
ما اراه ان في الناصرة مثلا ما يستحق التفكير الجاد، هناك قيادات لا نعاديها، ولسنا أعداء لأي مرشح او عضو تنظيم او ابن عائلة او ابن طائفة. هناك منافسة في السباق لإدارة سلطة محلية، نريد من الجميع ان يتعاملوا مع الانتخابات كمباراة رياضية، بعقول منفتحة، بلا كراهية وتحريض، بلا ذم لشخص، بلا تشويه سمعة، بلا عقول مريضة مثل افراد لا في العير ولا في النفير يبحثون ب "أم عينهم" بالمزابل ليجدوا ما يرضي غرورهم وما يطربهم ويشبعهم، وما سيبكيهم قريبا.
علق أحدهم على مقال لي، انهم هم المنتصرون. قلت له: مبروك سلفا، هل أجريت حساب الجمع والطرح؟ قال طبعا انا شاطر بالجمع. سألته: وتيس بالطرح؟ قال غاضبا: سأثبت لك بعد الانتخابات ان حساباتي صحيحة. سألته: وهل أخذت في حسابك اعتبار تطور الوعي النصراوي وتحرره من أوهام لم تعد تنفع بمجرد تزفيت شارع صغير مثلا او القاء خطاب ناري لا يخص الخدمات؟
قال بحدة: انا أحسب المصوتين أنا حسب الحارات والطوائف ..
قلت: هل عدتم لعهد القبائل، تعدون كم صوت في كل مجموعة عائلية او مجموعة طائفية وتطرحون وتجمعون .. سأروي لك حكاية تفسر اسلوبكم الحسابي .. سالت معلمة الصف الأول أحد التلاميذ ما هو جمع (2+2)؟ بدأ التلميذ يعد على أصابعه وأجاب (4)، قالت له المعلمة الجواب صحيح لكني اريدك ان تحسب الجمع برأسك ليس بأصابعك. ضع يداك خلف ظهرك وقل لي كم هو مجموع (3+3)؟. لاحظت المعلمة انه يعد بأصابعه ويديه وراء ظهره، واجاب بعد قليل (6). قالت المعلمة: صح لكنك تستعمل اصابعك، اريدك ان تعد بذهنك وليس بأصابعك، الآن ادخل يديك الى جيبتي بنطالك، ربما هكذا لا تعد بأصابعك، وقل لي ما هو مجموع (5+5)؟ ادخل التلميذ يديه بجيب بنطاله، ورغم ذلك لاحظت المعلمة انه يحرك أصابعه داخل جيبي بنطاله، ابتسمت وانتظرت جوابه، لكنه عاد يعد مرة أخرى ليتأكد كما يبدو من عدد أصابعه. سألته هل انتهيت من العد؟ أجاب: اجل الجواب (11). اغشي على المعلمة من الضحك، بعد برهة قالت له عد أصابع يديك فقط .. انت اضفت أصبعا جديدا .. فارتفع الرقم (10%).
ذلك هو أسلوب حساباتكم يا صديقي!!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤساء أمريكيين في حضرة الخالق
- محامون
- مقابلة عمل
- هذا ما تبقى لكم...
- إطلاق صاروخ -استقالة-1- على بلدية قرطبة
- بانتظار إقرار مرشح الجبهة في الناصرة
- دور الصهيونيين الماركسيين في إقامة إسرائيل ونكبة الشعب الفلس ...
- أوهام انتخابية .. والزميل الضحية!!
- اهلا بالمنافسة .. كلنا أبناء الناصرة، كلنا من اجل تقدم الناص ...
- لنتكاتف لما فيه خير جميع مواطني مدينتنا الحبيبة
- مختصر مفيد: شذرات فكرية، ثقافية وفلسفية
- الدفاع عن الجبهة من فاقدي الكرامة لن يشرفكم
- هل تعد الجبهة طبخة انتخابية شائطة جديدة
- يوميات نصراوي: ليلة الاعتقال
- بن غوريون عن عرب اسرائيل:-ننظر إليهم كما ننظر الى الحمير-
- هل تدعم جبهة الناصرة منتخبها للرئاسة مصعب دخان؟
- اسرار كرسي الاعتراف
- الناصرة مدينة الفنانين... والبلدية تقوم بدعم واسع للحياة الف ...
- طائرات الجبهة لا تحلق في الفضاء
- جبهة الناصرة تصطاد السمك في البحر الميت


المزيد.....




- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...
- تقاذف الاتهامات في إسرائيل يبلغ مستوى غير معهود والأسرى وعمل ...
- غورغييفا: 800 مليون شخص حول العالم يعانون من المجاعة حاليا
- الأمن السعودي يعلن اعتقال مقيم هندي لتحرشه بفتاة ويشهر باسمه ...
- اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار ...
- كيف تفاعل مغردون مع صورة اعتقال الشرطة الأميركية تمثال الحري ...
- بسبب حرب غزة.. مذكرات الاعتقال الدولية ترعب نتنياهو وقادة جي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عودة - يعدون ما في جيوبهم