أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - الجنس كاستراتيجية عسكرية!














المزيد.....

الجنس كاستراتيجية عسكرية!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 5912 - 2018 / 6 / 23 - 23:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحلُّ، بعد غدٍ، الموافق التَّاسع عشر من يونيو، اليوم الدَّولي للقضاء على العنف الجِّنسي في النِّزاعات المسلحة، والذي تحييه، سنويَّاً، الأمم المتَّحدة، ومنظمتا الصَّليب الأحمر والهلال الأحمر الدَّوليَّتان، إضافة إلى جميع تنظيمات النُّشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم.
وتنبع أهميَّة إحياء هذا اليوم من أنه يكاد لا يخلو أيُّ تقرير إخباري عن أيِّ حرب دوليَّة، أو أيِّ نزاع داخلي مسلح، في أيِّ صحيفة أو مذياع أو تلفاز، من قصص العنف الجِّنسي الذي يقع أثناء المعارك، والعمليَّات الحربيَّة الأخرى، وأكثرها شيوعاً جريمة الاغتصاب التي تستهدف النِّساء والرِّجال، الكبار والصِّغار، على السَّواء، والتي قد تكون جزءاً من جريمة "الإبادة الجَّماعيَّة" الأكثر خطورة، فضلاً عن جرائم هتك العرض، أو الاستعباد الجِّنسي، أو القسر على الزواج، أو البغاء، أو الحمل، أو الإجهاض، أو التَّعقيم، أو تشويه الأعضاء التَّناسليَّة، أو ما إلى ذلك من جرائم ترتكب عن طريق إكراه الضَّحايا، واستضعافهم، واستغلال خوفهم، وعجزهم، في ظروف الاحتجاز، أو الاضطهاد النَّفسي، أو إساءة استعمال السُّلطة، أو استثمار البيئة القسريَّة لترويع الخصوم، وتعذيبهم، وكسرهم، والانتقام منهم، وتمزيق نسيجهم الاجتماعي، والسَّيطرة على مجتمعاتهم المحليَّة، وإجبارهم على النُّزوح من مواطنهم الأصليَّة، والإضرار الذي قد يمتدُّ لعدَّة أجيال بحياتهم الاجتماعيَّة، وقيمهم الثَّقافيَّة، وصولاً، في النِّهاية، إلى إنزال أكبر قدر من الهزيمة المادِّيَّة والمعنويَّة بهم.
إرتكاب هذه الجَّرائم لا يكون، في الغالب، وقفاً على طرف واحد، فقد يقع من جميع الأطراف، القوَّات المسلحة الحكوميَّة من جهة، وحاملي السِّلاح غير الرَّسميين من جهة أخرى، وحتَّى قوَّات حفظ السَّلام، دوليَّة كانت أم إقليميَّة، من جهة ثالثة. لكن أكثر ما يؤسف له، عند وقوع هذه الجَّرائم من جهة الجُّنود الحكوميِّين، أنها لا تقتصر على ارتكاباتهم العرضيَّة أثناء العمليَّات، بل وبتوجيه دولهم نفسها، كاستراتيجية "عسكريَّة" مسكوت عنها، ربَّما استناداً إلى الفهم المغلوط والشَّائع للقاعدة المعتمدة لدى أغلب علماء السِّياسة والاجتماع بأن "الدَّولة" مستثناة من لاشرعيَّة "العنف"، حيث يعتبرون عنفها هو الوحـيد "المشـروع"!
وبالإضافة إلى الآثار العامَّة المتعلقة بالنَّصر والهزيمة، ثمَّة مترتِّبات وخيمة قد تنجم من هذه الظاهرة على أشخاص الضَّحايا أنفسهم، بوجه مخصوص، كاحتمال أن تفضي بهم إلى الموت، أو تعرُّضهم لأعنف الصَّدمات الجَّسديَّة أو النَّفسيَّة، أو تصيبهم بأمراض معدية، وممعنة في الخطر، كالإيدز، مثلاً، أو التهاب الكبد الوبائي، فضلاً عن وصمة العار التي قد تلحق بهم، بل وتتعدَّاهم إلى أسرهم، فتضاعف من معاناتهم، وتجعلهم في حكم المنبوذين اجتماعيَّاً. الخجل من هذه الأمراض، والخوف من الوصمة الاجتماعيَّة، هو ما يغلف الظاهرة، غالباً، في طوايا الصَّمت، فيخفيها، ويجعل الوصول إلى ضحاياها شبه مستحيل. لذا تلزم إشاعة الوعي بأنه، من دون تحلي الضَّحيَّة بالشَّجاعة الكافية للإفاضة بشكواه إلى معالجيه، وحفاظ هؤلاء المعالجين على خصوصيَّة الضَّحيَّة، وكتم أسراره، فإن العلاج يستعصي تماماً.
وعلى الرُّغم من الرُّسوخ التَّاريخي لممارسة هذه الظاهرة المرعبة، بمثل هذا الانتشار الواسع، مقارنة بالاستجابة غير الكافية لاحتياجات ضحاياها، إلا أنها "ليست محتومة"، على حدِّ تعبير نادين بويشغيربال، مستشارة "اللجنة الدَّوليَّة للصَّليب الأحمر"؛ كما وأن هذه المؤسَّسة الدَّوليَّة لم تيأس، حسب باسكال ميج، نائبة مدير عمليَّاتها، من إمكانيَّة القضاء على الظاهرة، في سنوات قلائل، وذلك، أولاً، بعدم اعتبارها قدراً مسطوراً لا يمكن تجنُّبه؛ وثانياً بالالتزام الصَّارم بمبدأ عدم السَّماح بإفلات الجُّناة من العقاب، وثالثاً باتِّباع نهج إنساني جديد يقوم على توسيع البرامج التي تمكِّن من بذل مختلف الجُّهود الوقائيَّة، وحماية الضَّحايا، ومساعدتهم في الحصول على الرعاية الصِّحِّيَّة دون عوائق.
ويؤمَّل أن تكثِّف هذه الخطة وعياً عاماً بلاأخلاقيَّة هذه الممارسة، ولاإنسانيَّتها، وخطورتها الاستثنائيَّة على مستقبل البشريَّة، والحضِّ على إبرام المزيد من المعاهدات والاتفاقيَّات الدَّوليَّة التي تدفع نحو تحسين أداء الفاعلين الدَّوليين والوطنيين في مكافحتها، وتقوية قدرتهـم على معالجتهـا، وتدعيم التزام الدُّول كافَّة بحظرها، وتشديد العقاب على مرتكبيها، في كلي القانونين الجَّنائيَّين الدَّولي والوطني، حيث تُعدُّ انتهاكاً للقانون الدَّولي الإنساني، بموجب المادَّة/14 من "اتِّفاقيَّة جنيف الثَّالثة"، والمادَّة/27 من "اتِّفاقيَّة جنيف الرَّابعة" لسنة 1949م، والبروتوكولين الإضافيَّين الأوَّل والثَّاني المرفقين بها لسنة 1977م، فضلاً عن القانون العرفي. كما يجرِّمها، أيضاً، باعتبارها جريمة حرب، حسب القانون الجَّنائي الدَّولي، "نظام روما لسنة 1998م" الذي أرسى أساس المحكمة الجَّنائيَّة الدَّوليَّة.
ووفقاً للمبادئ التي أرستها محاكمات نورمبرج (نوفمبر 1945م ـ أكتوبر 1946م)، وقنَّنتها الجَّمعيَّة العامَّة للأمم المتَّحدة في دورة انعقادها الأولى (نوفمبر 1946م)، فإن المسؤوليَّة الجَّنائيَّة عن هذه الجَّرائم، كغيرها من الجَّرائم الدَّوليَّة، مسؤوليَّة فرديَّة، مِمَّا يستوجب عدم الأخذ، لأجل الإعفاء منها، بالدَّفع، مثلاً، بتنفيذ أوامر القادة والرُّؤساء، أو الاعتداد بحصاناتهم. وعموماً، ولعُلويَّة القانون الجَّنائي الدَّولي على القانون الجَّنائي الدَّاخلي، يتوجَّب إدراج قواعد القانون الجَّنائي الدَّولي في التَّشريعات الوطنيَّة، بما في ذلك الجَّرائم الجِّنسيَّة خلال المواجهات المسلحة.
***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رَفْعُ الصُّلْبَانِ فِي بَافَارْيَا!
- شذور من متاعب الترابي!
- الزُّنُوجة وسط شواغل الفكر الأفريقي
- رُوَانْدَا: طَائِرُ الفِينِيقِ الأَفْريقي!‎
- ورقةٌ مستعادةٌ من رزنامةٍ قديمة: شُرْبُ القَهْوَةِ فِي المَت ...
- سياسات الذاكرة
- ورقةٌ مستعادةٌ من رُزنامة قديمة: مَارْكْسْ .. بِالبَلَدِي!
- كُوبَا فِي مُفتَرَقِ الطُّرُق!
- درس الجنائية الدولية .. الكيني!
- قيامة دوما: هل العالم على شفير الهاوية؟!
- هباء حقوق الإنسان المنثور!
- المُهَاجِرُونَ غَيْرُ الشَّرْعِيين: فَظَاظَةُ الدَّوْلَةِ وَ ...
- جوبا تطرق باب الجامعة العربية .. فلا ينفتح!
- ستيلا: صَفْحَةٌ مَاجِدَةٌ فِي أَدَبِ الحَرْبِ الصَّافِع!
- آخِرُ العِلاجِ الآيْ سِيْ سِيْ: الرُّوهينغَا والاستِجَارَةُ ...
- مقتلة الغوطة!
- بَيْنَ القَوْمِيينَ الجُّدُدِ والسُّودَانِ الجَّدِيد!
- جَنُوبُ أَفْرِيقيَا: لِلشُؤْمِ وُجُوهٌ كُثْر!
- كِتَابَةُ الوَفَاءِ .. ووفَاءُ الكِتَابَة!
- القُدْسُ: القَرَارُ الأَمْرِيكِيُّ بَيْنَ السِّيَاسَةِ والقَ ...


المزيد.....




- باميلا أندرسون تعيش لحظة مميزة.. نظرة على مسيرتها
- رد فعل طريف من ماريا كاري حينما علمت متأخرا برحلة كيتي بيري ...
- -اصطدمت بخط الكهرباء وانفجرت-.. تحطم مروحية في نهر المسيسيبي ...
- -حماس- تُعلق على تصريحات نتنياهو بشأن خطط -السيطرة العسكرية- ...
- - سيعودون إلى القطاع بعد تماثلهم للشفاء-..إندونيسيا تخصص جزي ...
- نتنياهو: إسرائيل -تعتزم- السيطرة المؤقتة على غزة و-ليس حكمها ...
- الجزائر ترد على ماكرون بسحب امتيازات من سفارة بلاده
- ماذا تحمل زيارة فيدان إلى دمشق من رسائل سياسية وأمنية؟
- الجزائر تتهم فرنسا بـ-التنصل من مسؤولياتها- في الأزمة بين ال ...
- -توقيت لافت-.. ما الملفات التي تناولها لقاء فيدان والشرع في ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - الجنس كاستراتيجية عسكرية!