أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - المُسْتثقِفون..-المثقفون- !!














المزيد.....

المُسْتثقِفون..-المثقفون- !!


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 5909 - 2018 / 6 / 20 - 21:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المُسْتَثْقِفون .. "المثقفون" !!

أقول المستثقفين وليس المثقفين وذلك لأن ليس هناك للثقافة معيار محدد وثابت ما إن يبلغه المرء حتى يوصف حقاً بالمثقف . ولذلك ما إن يبدأ المرء بتثقيف نفسه لا يجوز وصفه بأكثر من مستثقف حيث هو لا ينقطع عن تثقيف نفسه مهما جمع من ثقافة . وهكذا فإن جميع الموصوفين بالمثقفين إنما هم حقاً مستثقفون حرفتهم الثقافة لكنهم ليسوا كالأطباء والمهندسين الذين لا يحصلون على لقب طبيب أو مهندس إلا بعد النجاح في فحص يؤكد مستوى المعلومات الطبية أو الهندسية، ولذلك لقب "مثقف" هو لقب غائم لا يشير إلى أي معنى ثابت ومحدد، وعليه لا يوجد هناك نقابة باسم نقابة المثقفين ؛ هناك رابطة للكتاب لكن الكاتب شيء والمثقف شيء آخر، ثمة مثقفون لا يكتبون وهناك كتاب ليسوا مثقفين .
المفارقة الحدّية الكاشفة التي يتوجب على كل الباحثين عن دور "المثقف" في المجتمع التوقف عندها ومحاولة تفسيرها وهي .. وصف كارل ماركس أو سيجموند فرويد أو ألبرت آنشتاين بالمثقف هو وصف نابٍ أو ليس في السياق علما بأن هؤلاء العلماء الثلاثة جمعوا من الثقافة أكثر كثيراً من أبرز المستثقفين الذين نعرف !؟ التفسير الوحيد لهذه المفارقة الحدية الكاشفة هو أن هؤلاء العلماء لم يبدأوا حياتهم بالاستثقاف بل بدأوا بتكريس كل حياتهم للبحث في هدف علمي لا يخصهم ذاتياً بل يخص البشرية جمعاء وحصلوا على ثقافتهم كحواشي من حواشي البحث العلمي .
العكس تماماً هو حال المستثقفين . يمكن أن يدعي هؤلاء المستثقفون بأن الإنسان طبع على حب المعرفة وإنما هم يحققون الطبيعة الإنسانية، وهذا صحيح تماماً لكن هذه المعلومات والمعارف التي يستسقون منها هي من صنع البشرية وتم تداولها وتعميمها قبل أن يبدأ المستثقفون رحلتهم في الاستثقاف . من هنا تحديداً يمكن القطع في أن المستثقفين يبدؤون رحلة الاستثقاف لتأهيل شخوصهم لاحتلال مراكز ذات أهمية في المجتمع وليس لخدمة الانسانية كما يفعل العلماء ذوو الإكتشافات المهة . هم يستسقون من ثقافة المجتمع ولا يزيدون فيها معياراً .

المستثقفون هم تحديداً من طبقة البورجوازية الوضيعة "Petty Bourgeoisie" أو كما وصفها ماركس وإنجلز في بيانهما الشيوعي في الفصل الأول "Lower Middle Class"الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى – كان ما زال ماركس يعتبر البورجوازية الرأسمالية هي الطبقة الوسطى – وهي الرجعية دائماً وأبدا حتى حينما تقف بجانب البروليتاريا في حربها على الرأسمالية فإنما هي تجهد لتدير عجلة التاريخ إلى الخلف وتقاوم تحويلها إلى بروليتاريا كما يستهدفها النظام الرأسمالي . الطبيعة الحاكمة في المستثقفين هي أنهم ذاتويون .
من هنا يمكن فهم لماذا المستثقفون هم دائماً في المعارضة ؛ فحين يكون الرأسماليون في السلطة يبرز المستثقفون على رأس المعارضة، وهم على رأس المعارضة أيضاً حين تكون البروليتاريا في السلطة . هناك عيب خَلْقي في البورجوازية الوضيعة لا يمكن تجاوزه وهو أن دورها في المجتمع هو خدمة الإنتاج والخدمة ليست من أصول الإنتاج إذ لا تعود خدمتها مطلوبة أبداً إذا لم يكن هناك إنتاج ؛ هذا العيب في الخلقة يحول دون ارتقائها سدة السلطة .

الغزو الهتلري الوحشي للإتحاد السوفياتي هيأ الفرصة لانقلاب البورجوازية الوضيعة السوفياتية على الإشتراكية في العام 1953، لكن ونظراً لعيبها الخَلقي المتمثل في أن إنتاج الخدمات هو وسيلتها الوحيدة في الإنتاج ؛ وبالإعتماد على القوة الجبارة التي كانت قد بنتها الاشتراكية السوفياتية استطاعت البورجوازية الوضيعة السوفياتية أن تخرج قطار التطور التاريخي للإنسانية عن مساره الصحيح ؛ ولذلك بتنا نرى خلال النصف الثاني من القرن العشرين طبقة البروليتاريا في العالم التي رآها ماركس قوى الثورة والتطور الرئيسة تتراجع دون توقف وقد خسرت حتى اليوم أكثر من 60% من حجمها في الخمسينيات . ما رافق اغتصاب البورجوازية الوضيعة للقيادة من البروليتاريا ومن الرأسماليين هو الدعوة للإقتصاد الإستهلاكي (Consumerism) الذي يتحقق فقط من خلال إفتراس البروليتاريا وهي السياسة التي إضطرت العالم إلى الإستدانة 2 ترليون دولار كل عام كي يستمر في الحياة فقط .

ليس غريباً قط أن يفقد المستثقفون ثوريتهم التي لازمتهم عبر التاريخ طالما أن طبقتهم، طبقة البورجوازية الوضيعة، هي الطبقة القابضة على السلطة، بل هم ضد الثوريين الذين يلازمون الثورية الماركسية اللينيية البولشفية .
الاستثقاف مرض أصيل في الحركة الشيوعية حيث أن البورجوازية الوضيعة هي الأكثر علماً واستنارة من البروليتاريا وقد سبقت البروليتاريا إلى تبني الماركسية الأمر الذي حذر منه ستالين في أول كتاب صدر له في العام 1901 بعنوان "الواجبات الملحة للحزب الإشتراكي الديموقراطي الروسي" وفيه وجه ستالين نقداً قاسياً لحزبه الذي كان يُعنى بالمثقفين أكثر مما يعنى بالعمال رغم أن الحزب هو أساساً حزب العمال .
مرض الاستثقاف هو ذانه الذي دفع بعامة القيادات في الأحزاب الشيوعية أن تصطف بصف البورجوازية الوضيعة بقودها رجل العسكر خروشتشوف . هم مفلسون منذ الإنقلاب المفضوح ضد الإشتراكية في الخمسيتيات وانهيار الاتحاد السوفياتي والثورة الإشتراكية في العام 1991 لم يكف لأن يعترفوا بالإفلاس فانقلبوا إلى وطنيين إصلاحيين دون حياء أو خجل بل ويزيدون من خيانتهم بأن يهاجموا الشيوعيين الذين لم يبارحوا الثورية خصيصة الماركسية اللينينية ألتي أجملها لينين ب "البولشفية" . الشيوعيون المفلسون من جماعة الاستثقاف البورجوازي وقد انقلبوا إلى وطنيين إصلاحيين فإنهم يرون الشيوعيين البلاشفة أعدى أعدائهم وفي الحقيقة أن هذا هو الرأي السديد الوحيد بين كل آرائهم .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون المفلسون والمرتدون لا يقرؤون التاريخ - 2
- الشيوعيون المفلسون والمرتدون لا يقرؤون التاريخ
- اليسارَويّة مجرد نفاق سياسي
- في الهذر المذر لحسين علوان حسين
- من ينفي الشيوعية وكيف !؟
- إختبار لأدعياء الشيوعية
- السؤال للرفيق كريم الزكي !
- السياسة النفاق (درس متقدم في السياسة) -2
- السياسة النفاق (درس متقدم في السياسة)
- أي حزب شيوعي هو هذا الحزب الفلسطيني !؟
- هل فشلت البورجوازية في إنتاج حفاري قبرها !؟
- الشيوعيون المفلسون وتعدد الأقطاب
- مرحى لكارين بيرس وبرحى لحنا غريب
- إنتكاس ثورة أكتوبر الإشتراكية
- النجاح العالمي والتاريخي لثورة أكتوبر الإشتراكية
- الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد (4)
- الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد (3)
- الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد (2)
- الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد (1)
- الحد الشيوعي الفاصل


المزيد.....




- دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد ...
- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - المُسْتثقِفون..-المثقفون- !!