أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - تجليات الحرية.. في أفق الثورة التونسية المجيدة














المزيد.....

تجليات الحرية.. في أفق الثورة التونسية المجيدة


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 5903 - 2018 / 6 / 14 - 23:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




«إذا كانت الحرية شيئا مقدسا ومبدأ لا يمس.. فلا يمكن أن يكون هناك ما يبرر التلاعب بها».
ايزيا برلين في كتاب «حدود الحرية»*


للحرية مهر سخي لا يعرف ثمنه إلا من عانق الموت بروح استشهادية عالية، وارتقى بقراره إلى منصة التضحية، الاستشهاد..
هل صادفتها (الحرية) إلا في جيوب الشهداء المحشوّة بالرصاص، إلا في حقائب المهاجرين الذين شردتهم أوطانهم وأوهام الشعراء.. هل سمعت باسمها إلا في الخطابات الرنانة، روايات المعارك والملاحم والبطولات؟ من عرفها إلا تمثالا وبيارق.. شعارا ونشيدا..؟ من دقّ بـ»اليد المضرجة» بابها ففتحت له ودخل ملكوتها..؟ من شارك الحشود في أعراسها قبل أن يعود إلى بيته كئيبا ووحيدا؟
الحرية شجرة لا تتغذّى بغير الدّماء.. امرأة ميثولوجية تسكن الرّيح، وتعوي مع ذئاب الفيافي.. قمر في بلاد ليست فيها ليال مقمرة ولا أصدقاء.. أحلام ثوار سقطت أوهامهم في خريف العمر – سجون مرعبة – تروي في السر ليلا مواجع من سكنوها..! رجف يستبدّ بالأرض قبيل انبلاج الصباح..
ولكن..
لست أدري لماذا يُنسب للحرية غالبا لون الدّم، مع أنّه أصلا الدليل القاطع على غيابها..! لماذا يقترن اسمها بأحداث ملفقة وأفكار مزوّرة، كأنّ الواقع المترجرج وحده لا يكفي..؟ إننا لا نستحقها، إلا حين ندفع مهرها، وحين ندفع الثمن لا نعود نستحقها، فالحرية رهان خاسر على مستقبل البشرية.. الذين يبشرون بها هم الذين اعتادوا على غيابها، فلو تحقّقت بطُل مبرّر وجودهم – اسألوا الشهداء- كم كتبوا اسمها سدى في كل مكان.. اسألوا الشهيد صدام حسين حين عانقها للمرّة الأخيرة، واسألوا سيزيف هل بوسعه الانعتاق من لعنة الآلهة.. اسألوا السجانين ونزلاءهم عنها.. الحرية خيانة دائمة للذات، فمن يجرؤ على مخاصمة نفسه وزعزعة قناعاته، والتخلّص من عاداته والتنازل عن امتيازاته..؟ أعرف أنّ المقاومين يعيشون من أجلها، ولهذا فمصير معظمهم – الاستشهاد- وأنّ الفدائين يعطونها زهرة أعمارهم، لكنها لا ترتوي-
انظروا كتب التّاريخ، أعرف أنّه لا مفر من مواصلة سعينا، من دحرجة الصخرة نفسها على درب تسوياتنا اليومية وتنازلاتنا.
ولكن..
الحرية أمنية مشتهاة.. هكذا قيل، ولكنّها أيضا مكلفة، هكذا أريد أن أقول، لكن يقال إنّ هناك من لمسها بيده في لحظة إشراق، هناك من لمس استحالتها، فقرّر أن يستشهد في سبيلها، عساها تكون.. وحتما ستكون..
واليوم..
يستبدّ بي السؤال الحارق: كم باسمك أيتها الحرية تقترف من الآثام..؟
سأعيد تذكير كل الذين ركبوا سروج الحرية، بعد الثورة التونسية المجيدة واستباحوا مقاصدها، بأنّ الحرية ولدت يوم ولد القانون، وفي هذا السياق لزاما علينا القول إنّ القانون والأخلاق هما ركيزتان للممارسة السلمية للحرية.
إنّ اقتراف الآثام وإلحاق الضرر بالناس وبث الفوضى، وانتهاك أعراض الإنسان باسم الحرية، هو اعتداء صارخ على هذه القيمة وتحريف متعمّد لمقاصدها، كما أنّ المتاجرة بها لأغراض شعبوية وضيعة وبغاية التموقع الانتهازي على الساحتين السياسية والإعلامية يغرقنا جميعا في مستنقعات الانفلات.
وهنا أقول: لسنا أكثر حرية من أمريكا وأوروبا، ولا يجوز ادعاء امتلاك ما لا نملك أصلا، أو لم نتوصّل بعد إلى امتلاكه.. فالحذر من أن تكون قوانين الحرية أكثر صرامة من قسوة الحكم المطلق، وأن تقضي سيادة الشعب على سيادة الفرد لنفسه، وأن يمارس الاستبداد باسم الحرص على ضمان الديمقراطية.
..وأرجو أن تصلَ- رسالتي- إلى عنوانها الصحيح

• ايزيا برلين (1907 -1998) مفكر بريطاني من أصول روسية. أستاذ النظرية الاجتماعية والسياسية في جامعة أكسفورد،عرف كمنظِّر سياسي، ومؤرخ أفكار بالدرجـــــة الاولى. واشتهر بدفاعه عن الليبرالية والتــعددية وهجومه على الأنظمة الشمولية والتعصب الفكري. وتُعد نظرياته حول الحرية نقطة انطلاق أساسية للكثير من المناقشات السياسية الحديثة والمعاصرة.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة..إلى أحرار العالم
- تونس: والي بمحافظة تطاوين بالجنوب الشرقي التونسي..يرفض مقابل ...
- أمنيات لم تكن..لنا تماما
- الأمن التونسي.. في خدمة الوطن والمواطن.. الشرطة العدلية بمحا ...
- (إطمئني با حكومتنا الفذة على شبابك الغض..فهو وليمة دسمة لأعش ...
- دموع حارقة..تنحدر على خدود نحاسية
- برعم..إنكسر قبل أن يزهر..ويتفتح في بساتين الحياة.. أملا وبهج ...
- لصيدلي المتميز عبد المجيد عبد النور الإبن البار لمحافظة تطاو ...
- الأستاذة/المحامية والبنت البارة لمحافظة تطاوين بالجنوب الشرق ...
- رجل أمني تونسي يفضل الإستشهاد.. على أن تكون بلاده عرضة لحفاة ...
- عبد الرزاق بوحربة: الإبن البار لمحافظة تطاوين بالجنوب الشرقي ...
- كريمة الكاتب الصحفي الكبير محمد المحسن..الحسناء درصاف المحسن ...
- الدكتور البارع المتحصص في طب وجراحة العيون بمحافظة مدنين بال ...
- على هامش التداعيات الدراماتيكية للأب الذي تعرض للعنف الوحشي ...
- تتمة- لما انفردنا بنشره بصحيفتنا المتميزة -الحوارالمتمدن-حول ...
- أب تونسي بمحافظة تطاوين(الجنوب الشرقي التونسي)..يتعرض للعنف ...
- العرب والسلام الوهمي..في ظل تعنت المتغجرف دونالد ترامب والعر ...
- الصيدلي بمحافظة تطاوين (الجنوب الشرقي التونسي) الدكتور حيبدر ...
- الحسين الدبابي الإبن البار لإذاعة موزاييك(تونس) اعلامي متألق ...
- االفنانة التونسية المتميزة إيمان الشريف للحوار المتمدن: الفن ...


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - تجليات الحرية.. في أفق الثورة التونسية المجيدة