أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شيماء بوحلتيت - الثورة غدا














المزيد.....

الثورة غدا


شيماء بوحلتيت

الحوار المتمدن-العدد: 5902 - 2018 / 6 / 13 - 01:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا مكان للألوان والزهور, السواد والقذارة تسكن شوارع ومباني المدينة. كما لو أن السماء أمطرت وابلا من الشحم النتن الأسود وأغرقت المكان وأوقفت الزمان. الغبار والدخان الكثيف يجعلك تشعر بضبابية الجو صيفا وشتاء. القُبح يعج المكان؛ الروائح والأزبال والحفاضات المملوءة على جوانب الطريق, عربات البغال والحمير تسقي الأرض بولا وتُسمدُها روثا, أسمال بالية معلقة في كل الأبواب والنوافذ معلنة عن زوال أي حس ذوق جمالي, أطفال رُضع للتسول ملقون في أبواب المساجد, متسولون يستعطفون الناس بأيدي أو أرجل مبتورة أو معفونة, والوجوه الشاحبة المتعبة التي تختزل حكاية تاريخ بأكمله.

في شوارعنا, سيارات مستأجرة تلتقط النساء من الشوارع كالذباب, مقاهي تقطع الممرات يسكنها رجال يهربون من أحاديث نسائهم التافهة في المنزل ويراقبون مؤخرات الفتيات في الشارع, شاب يطارد فتاة ويكاد يلمس جسدها أو لَمس جزء منه. في شوارعنا, لا مكان للموسيقى والناي؛ لن تسمع إلا الضجيج والصراخ, السب و التراشق بالأعضاء التناسلية للأمهات, التهديد و التذرع بالعضو الذكري, تسجيلات صارخة لشيوخ يصرخون ويتوعدون بعذاب القبر والنار, صراخ أطفال تضربهم أمهاتهم بعنف أمام الناس...

في شوارعنا, كل الوجوه مكفهرة, يا للأسف! إن الابتسامة يسرقها الإحساس بالاستعمار و بالإغتصاب في كل ما يجعل الواحد منا إنسانا؛,في الكرامة و الدين و الإنتماء و القيم و في الأنوثة و الرجولة... ترحل الابتسامة والأوسمة تُعلق على صدور الراقصين
والمتملقين في حين الزنازين تنخر عظام المناضلين الشرفاء والحقوق يغتالها المجرمون. تُسرق الإبتسامة واللقمة تعطى للشبعان وتُسرق من فم الجوعان. أي ابتسامة تلك التي ترافق الظلم والظلمات و الفقر والحرمان والكبت والعجز!!!
يوميا على جريدة المدينة, أحداث قتل واغتصاب ونهب وارتفاع أسعار وضرائب جديدة وفساد, أخبار عن البحر الذي يبتلع ويقذف أحشاء الشباب بدل أن يُنتج الأسماك, قصص عن السجن الذي لا يُزج فيه إلا من فضح الفساد, وقائع عن تعنيف الكل للكل في مدرسة النجاح, نداءات اختفاء وغياب, استنجادات محسنين للتبرع للعلاج, احتفال بمخططات مشاريع التنمية الضخمة وتقارير عن البطالة والجريمة والمخدرات والدعارة والرشوة وما لا ينتهي إحصائه ولا يُمل من ذكره.

تُجمع سلع الباعة المتجولون بسرعة وتُلقى بعنف في سيارة الشرطة,يهتز السوق بأكمله, همسات البعض ورجاء البعض الأخر. رحلت الشرطة تاركة ورائها صرير الفئران وقهقة القردة والغبار...سُمع بعدها نحيب "الله ياخذ الحق حنا مكرفسين وهما عايشين... عاش الملك...» قامت قيامة الكلام؛ تجمهر الكل ورفع راية السخط والتّذمر والتمرد الشفوي, لعنة الحكومة والدولة والجنسية, اليأس والغضب, سؤال الثروة والكرامة, القيم والأخلاق, إحساس بالقوة والتضامن ووحدة الكلمة, الرجال نيران مستعرة وكؤوسهم فاضت وضاقت ذرعا. يقول حالم: نُهبت الثروة فالثورة غدا إذن. كعادته انتهى من الثرثرة وعاد للعمل.



#شيماء_بوحلتيت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذل التعلُم مع الأستاذ الجامعي المغربي
- شرف العروس زفافها!!!ا


المزيد.....




- أشهر معالم البتراء..صور تخطف الأنفاس لسماء الليل في الأردن
- نقص حاد في المساعدات وتعثر في المفاوضات واستمرار غارات الجيش ...
- سوريا: وزارة الدفاع تعلن بدء انتشار الجيش في السويداء عقب اش ...
- ماكرون يريد أن يجعل من فرنسا قاطرة الدفاع الأوروبي
- مشاركة مثيرة للجدل لإندونيسيا في العرض العسكري بفرنسا... و-ح ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي: إخفاق جهاز الخدمة السرية مسؤول عن محاو ...
- كيف يحصل -التعاقب البيئي- بعد حرائق الغابات؟
- تغير المناخ يسرّع ذوبان أنهار الجليد بجبال الإنديز
- الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن
- الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية ل ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شيماء بوحلتيت - الثورة غدا