أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - نصف قرن من تاريخ العراق الحديث مقتطفات من ذاكرة الدكتور شاكر الجنابي















المزيد.....

نصف قرن من تاريخ العراق الحديث مقتطفات من ذاكرة الدكتور شاكر الجنابي


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 05:22
المحور: الادب والفن
    


وأنت تنجز قراءة كتاب (مقتطفات من الذاكرة) للطيب شاكر الجنابي والذي طبعه في نيويورك حيث يقيم هناك منذ سنوات عديدة، تناجي نفسك أية خسائر فادحة أصابت هذا الوطن العراق، منذ ان اضطرب فيه الحال منذ عقود وعقود، وهو يخسر كفاءاته على مختلف الصعد، فهذا المولود في إحدى قرى ناحية الإسكندرية نهاية عقد العشرين من القرن العشرين والذي شغف بالمدرسة والتحصيل العلمي، هو الذي بدأ حياته يرعى أبقارالأسرة، ويعين أبيه في الزراعة والفلاحة واستطاع بذكائه ان ينهي الدراسات الابتدائية والمتوسطة والثانوية وبتفوق، لكن كان ضعف بصره يقف حائلاً دون إكمال دراسته في دار المعلمين الريفية ابتداءً ومن ثم في القبول بكلية الهندسة أو دار المعلمين العالية فرع الرياضيات. لكن العناية الإلهية تقيض له صديقاً يخبره بأن وزارة الدفاع أعلنت حاجتها إلى عشرين طالباً يدرسون الطب على نفقتها، كان هذا الخبر إنقاذاً له، هو الذي يصعب عليه توفير متطلبات الدراسة في كلية الطب، لكن ضعف البصر هذه العقبة الكأداء تقف حائلاً دون إتمام طموحاته العلمية لكن يتمكن من الوصول إلى طبيب العيون المقدم ماجد الحلي، الذي كانت عيادته في محلة الكريمات بكرخ بغداد. يذهب شاكر محمود الجنابي إليه في عيادته عارضاً أمامه شهاداته وتفوقه، فيعده خيراً، وكان عن وعده لدى عرضه أمام اللجنة الطبية في مستشفى الرشيد العسكري ويقبل في الفحص وينجح لكن تقف أمامه عقبة اشد فيجب أن يكفله شخص ضامن بمبلغ ستة آلاف وخمس مئة دينار عراقي، وكان هذا المبلغ أواخر الأربعينات خيالياً، ويعرض الأمر على شيخ العشيرة أبي خالد، عبد المنعم الرشيد، فيكفله وينتظم الطالب شاكر محمود نصار الجنابي في الكلية الطبية الملكية العراقية حتى إذا كان في الصف الرابع يحصل ما عرف بـ (انتفاضة تشرين الثاني 1952) وتعلن الأحكام العرفية ويتولى رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن نور الدين محمود تشكيل الوزارة ويطرد الطالب شاكر الجنابي من الكلية لنشاطاته السياسية والتظاهر هو الذي كان قد انتظم في حزب الشعب لمؤسسه الأستاذ عزيز شريف (العاني).
ويظل شاكر يطرق الأبواب من غير جدوى، حتى تشكل وزارة جديدة يكون فيها الطبيب عبد الأمير علاوي وزيراً للصحة فيعفوعنه والطلبة المفصولين معه ويعود إلى مقاعد الدراسة طالباً نابهاً متفوقاً أزرت السياسة به وآذته.
ويتخرج شاكر محمود الجنابي في الكلية الطبية وتصدر الإرادة الملكية السامية بمنحه رتبة (رئيس طبيب) أي نقيب برتب هذا الزمان وظل يزور المقدم الطبيب ماجد الحلي شاكراً فضله.
نقرأ في الكتاب فتلمس طيبة هذا الرجل وبساطته حتى أنه لدى زيارة الملك فيصل الثاني وخاله ولي العهد الأمير عبد الإله يرافقهما رئيس أركان الجيش فبدل أداء التحية العسكرية لهؤلاء القادة الكبار فإنه يمر أمامهم واضعاً غطاء رأسه تحت أبطه قائلاً (السلام عليكم) فيثير استغرابهم وحنق امر معسكر أبي غريب قائلاً له.
- أي عسكرية هذه واي ضبط هذا السلام عليكم؟
حينما حصلت ثورة تموز 1958 يؤيدها بسبب كرهه للحكم الملكي وأفكاره اليسارية: لكن يصدمه مرأى الضباط الذين اتهموا بالاشتراك بحركة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف أمر جحفل اللواء الخامس ومقره الموصل ضد السلطة المركزية في 8/3/1959 ويصدمه منظر الضباط والدماء تسيل منهم بسبب شدة التعذيب ولاسيما منظر اللواء محمود شيت خطاب، والضابط الطبيب راجي عباس التكريتي فيخاطب الطبابة العسكرية عارضاً عليهم وضع هؤلاء الضباط الصحي، بوصفه ضابط الطبابة في معسكر أبو غريب، الأمر الذي يثير عليه حنق آمر المعسكر العقيد عبد الرحمن عارف لأنه يتخطى سلسلة المراجع ويبحث عن المشاكل.
هذه الكتب والمراسلات التي أثارت عليه سخط بعضهم كانت شفيعاً له بعد اعتقالهإثر حركة شباط 1963، فيطلق سراحه ويحيل نفسه إلى التقاعد كي يتخلص من تبعات العسكرية، لكنه ما نجا من الحرس القومي فيعتقله.
وإذ يطلق سراحه بعد اشهر فإنه يغادر العراق الذي احبه نحو المملكة المتحدة ومن ثم نحو الولايات المتحدة ويبقى بها حتى خطوة الحكومة العراقية باستقطاب الكفاءات العلمية على مختلف الصعد منتصف سبعينات القرن العشرين، ويعود إلى العراق طبيباً في مستشفى اليرموك ببغداد ويبقى فيها ويفتح عيادة له، وتمضي الحياة بهدوء حتى يعتقل في أقبية المخابرات في 17/3/1991 بتهمة العمل على الإطاحة بالحكم والتخابر مع جلال الطالباني!.
بعد إطلاق سراحه يقرر الهجرة نحو الولايات المتحدة الأمريكية ويلتقي صديقه القديم الطبيب (ورثهايمر) الذي كان رافضاً لفكرة عودته إلى العراق سنة 1975، ويرتب أموره ليعمل في قسم الباطنية منذ سنة 1992، وحتى 2003، لكن هذا الطبيب الإنساني (ورثهايمر) يمرض سنة 2000، ونصحه الأطباء ببتر ساقه لإنقاذ حياته لكنه يرفض ذلك قائلاً لا لا أريد حياة أكون فيها عالة على الآخرين، لكل شيء نهاية وجاءت نهايتي، عملت الخير دائماً وأريد أن أذهب بسلام. وكان الدكتور شاكر الجنابي إلى جانبه وهو في النزع الأخير.
وإذ يشتد نذير الحرب سنة 2002 يقرر زيارة العراق، فكلما طال غيابي عن العراق يقول الدكتور شاكر، ازداد شوقاً إليه، كيف لا وأهلي وأحبائي وكل ذكرياتي هناك مرة أخرى بدأت اشتاق لزيارة وطني الأول وبدأت انسى أو أتناسى ما حدث له فيه، وما أصابني في دهاليز سجون مخابراته فيلتقي بالشيخ عدنان عبد المنعم الجنابي واللواء علاء الجنابي واللواء صاحب الجنابي والدكتور فاضل الجنابي مدير الطاقة الذرية الذي يؤكد له أننا لا نملك أسلحة دمار شامل في الوقت الحاضر تراجع ص144.
صيف 2003 يشد الدكتور شاكر الجنابي الرحال مرة أخرى إلى الوطن الموجوع الذي دمره المحتلون، لم يؤيده أحد من أسرته في قرار العودة وإذ لم يستمع إلى نصيحة صديقه الطبيب ورثهايمربعدم تقديم الاستقالة من عمله يوم ازمع الرحيل إلى العراق سنة 1975، هاهو -مرة أخرى- لا يستمع لرأي رئيس قسم الباطنية الذي حاول ثنيه عند تقديم استقالته، ونصحه بأخذ إجازة طويلة الأمد يمكنه بعدها الرجوع إلى عمله، إذا ما قرر العودة من العراق لأسباب شتى ويعود إلى العراق ولكن يفجع بمارأى وبعد اشهر يقرر المغادرة نحو أمريكا بعد ان فقد عمله فيها، إذ عين بدله طبيب شاب آخر!
في الكتاب هذا (مقتطفات من الذاكرة) لمؤلفه الطبيب العراقي المغترب في نيويورك شاكر الجنابي، الذي امتد إلى مئة وثمانين صفحة، سرد لوقائع الحياة في العراق وبعض دول المهجر على مدى أكثر من نصف قرن منذ أربعينات القرن العشرين وحتى سنة 2008، رأيت ان انقل للقراء الكرام وباختصار حادثة، تبين علو أخلاق الزعيم الركن خليل سعيد قائد الفرقة الثالثة أيام الجمهورية الأولى وكذلك العقيد الركن عبد الجبار شنشل ضابط ركن الفرقة يحدث أن ينعقد مجلس شراب في بيت المقدم (مولود أبو تمير) حضره ضابط أخر، وإذ تعتع السكر الدكتور شاكر ، فإنه فاه ببعض العبارات التي تنال من شخص اللواء الركن عبد الكريم قاسم وما هي إلا أيام حتى يستدعى هذا الضابط الطبيب البسيط الذي لم تعركه الحياة والذي يجول في قلبهتسمعه من لسانه يستدعى إلى مكتب شنشل، يصفه الجنابي بأنه مؤدب وصريح، ويدخلونه إلى مكتب القائد ليُسْمِعُه تسجيلاً بجلسة الخمر تلك ويسأله القائد عن صحة التسجيل، فيؤيد صحته... يطلب القائد منهم الخروج ويبقى المقدم مولود قائلاً إنني أريد ان أعطي هذا الطبيب درساً لما فعله عند خروج الآخرين قال القائد: (الأ تخاف من الله يا مقدم مولود إن هذا الطبيب يعتبرك والداً وأخاً كبيراً له وهو في ضيافتك وفي بيتك وتحت تأثير المشروب وقبل أن ينتظر جواباً قال له: (شكراً ... لقد قمت بواجبك، وسأعطي هذا الضابط الطبيب غير المنضبط درساً، ولما خرج المقدم قال لي القائد: ابني شاكر إني سمعت عنك الكثير وأنا تألمت لما حدث وأنا سأعاقبك بنقلك إلى وحدة في مقر الفرقة، قرع الجرس وطلب دخول العقيد الركن عبد الجبار شنشل، فقال له: أبو مازن يظهر ان الدكتور قليل الخبرة بالأمور العسكرية ويدور مشاكل لذا اطلب نقله إلى وحدة في معسكرنا.
يقول الدكتور شاكر الجنابي: شعرت ان العقيد الركن عبد الجبار شنشل كان فرحاً بهذا القرار فأصدر أمراً بنقلي آمراً لمستشفى بعقوبة العسكري... تراجع ص77-78.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات القاضي محمود خالص قاض نزيه يتبوأ أعلى منصب عدلي في ال ...
- أحلام مستغانمي .. روائية بدموع الزمن الآفل الحب يسير فوق جسو ...
- علي حسين في كتابه -دعونا نتفلسف-.. كيف استطاع دراسة 25 مفكرا ...
- مناقشة أراء الدكتور صادق جلال العظم الحب العذري حقيقة أم وهم ...
- الولع: يبدأ من مطار هيثرو رواية بوليفونية آسرة وطاقة سردية ب ...
- كاتبات يعوضن ضعف أدوات السرد بطرق الأبواب المغلقة رويٌّ لكشف ...
- يعقوب الربيعي يستنطق (صمت الغرانيق) قصص ترسم ظلال الحرب على ...
- حميد المطبعي من أصحاب الأساليب الكتابية...موسوعي فلسفي ومقال ...
- عبد الستار ناصر يصطاد لآلئ النصوص في سوق الوراقين قاص أبدع ق ...
- حين تثري المعرفةُ الفنَ الروائيَ باتريك زوسكيند في روايته (ا ...
- علي السباعي في (ايقاعات الزمن الراقص) تصوير لحِلْكة الحياة ا ...
- العراق في القلب برغم البعاد صموئيل شمعون يصور لنا حياة (عراق ...
- طه حامد الشبيب في روايته (حبال الغسيل) رواية تحكي الوجع العر ...
- إطلالة على حياة عوني عبد الهادي وجهاده
- إنهم يكتبون عن أنفسهم.. أيجوز هذا؟
- قراءة مغايرة لعالم إحسان عبد القدوس: «أصابع بلا يد» ومهاجرون ...
- يوم كان صدر المجتمع العربي رحباً
- الباحث عبد الغني الملاح يبحر في اوقيانوس المظان...هل استرد ا ...
- (الاستشراق) لإدوارد سعيد وحذاقة كمال أبو ديب في ترجمته
- شباب متمرد...نصير الجادرجي في مذكراته


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - نصف قرن من تاريخ العراق الحديث مقتطفات من ذاكرة الدكتور شاكر الجنابي