أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل الفيلالي - قراءة في احداث الجامعات المغربية : محاولة في التفسير















المزيد.....

قراءة في احداث الجامعات المغربية : محاولة في التفسير


اسماعيل الفيلالي

الحوار المتمدن-العدد: 5892 - 2018 / 6 / 3 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة في أحداث الجامعات المغربية : محاولة في التفسير
شهدت الجامعة المغربية الشهر المنصرم احداثا دامية مؤسفة ومؤلمة على غرار ما حدث في السنوات الماضية ، حيث قتل عدد من الطلاب ضحايا العنف بين الفصائل الطلابية ( المعطي بوملي 1991- بنعيسى ابت الجيد 1993 – محمد الحسناوي 2007 – محمد الطاهر ساسيوي 2007 – عمر خالق 2016- عبد الرحيم بدري 2018 ) ، وتضرر الوسط الطلابي من التشرذم وغياب الأشكال الحضارية في إدارة الإختلاف الايديولوجي والفكري بين الفصائل الطلابية ، كما انتشرت قيم بعيدة كل البعد عن التسامح والحوار العقلاني المجدي والتلاقح الفكري في سبيل المساهمة في الإجابة عن أسئلة تحديث الفكروالمجتمع ، لم لا ونحن نناقش قضية مرتبطة من قريب بالاوساط العلمية والاكاديمية ،التي يفترض بها تخليص مقاربات التطوير الإقتصادي والاجتماعي...
إن الجامعات فضاء رحب للسجال والحوار والإختلاف وتوليد الأفكار في سبيل خلق شروط التنمية والتحديث ، ولا شك في أنها أدت دورا محوريا في انتقال المجتمعات من عوالم يلفها الظلام والتخلف والتأخر التاريخي ( القرون الوسطى الاروبية ) إلى عوالم التنوير والعقلانية والتطور الإقتصادي والسياسي والفكري ، لذا ارتأيت أن أقدم على خطوة قراءة تفسيرية لهذه الأحداث الدامية المتكررة التي عرفتها جامعاتنا دون الغوص في تفاصيل القتل والضرب والجرح لأنها متحققة واقعا من ناحية ، ولأنني غير معني بتحميل هذا الطرف او ذاك مسؤولية ما وقع .
أتصور أن جملة من العوامل ساهمت مجتمعة أو احاد في خلق مناخ ملائم للصراعات الطلابية الدموية والإحتراب المفضي إلى ارتكاب جرائم القتل العمد أو الخطئي والضرب والجرح العمديين :
1- ضعف ادوات التواصل و القدرة على الإقناع الفكري والايديولوجي لدى الفصائل الطلابية ، بسبب تجذر ذهنية المحفوظ غيبا ، وانسداد افاق التفكير ، حيث يلتزم الطالب باستظهار نصوص مقتطفة من المرجعية التي يستند إليها ، وينغلق في دائرة ما كتب في نسق ايديولوجي واحد ، يعتبره نسقا فكريا مطلقا ، ويبني مطلقاته باعتماد ثقافة المحفوظ والإستظهار دون أن يضع مسافة نفسية بينه وبين مقروئه ، حتى يمكنه امتلاك اليات العلم الحديث في مقدمتها "النسبية " ، ثم إن غياب العقل الناقد لا تسعف الطالب على تقديم قراءة علمية موضوعية للظواهر ، طبعا نحن لا نقول بأن الايديولوجيات التي تؤسس للعلم الحديث غائبة ، ولكن قراءة علمية للنظرية في ضوء الواقع تستلزم احتفاظ الدارس بعقل متيقظ وحذر شديد ، وقدرة على التطوير وتوليد الأفكار بدل قتلها في كراريس وتقديسها ، ومن ثم تحويلها إلى مطلقات . وهكذا يصعب على المحتفظ بذهنية المطلق أن يتفاعل مع المختلف عنه ويتواصل معه ويحاوره حوارا عقلانيا مستندا إلى مبدأ " النقد الايديولوجي " الذي يمارسه كل نسق فكري على الاخر ، كما لا ننسى أن عملية النقد الداخلي ( داخل نفس النسق الفكري ) لا بد أن ترافق الحوار والاختلاف ، في المقابل يفضي ضعف التواصل والصراع الايديولوجي الحقيقي إلى شيوع أوصاف التسفيه والتكفير والتحريف والرجعية والظلام ... والإبتعاد عن ممارسة جدلية للنقد الايديولوجي.
2- نقص التكوين المعرفي الذي اتسمت به جامعاتنا فتح المجال رحبا أمام التلاسن والسب والشتم والمواجهة العنيفة بين فصائل عجزت عن احترام أدبيات إدارة الإختلاف . وما دامت الحرب حلقة متقدمة في مسار السياسة ، فالمواجهات العنيفة خلاصة العجز عن الإقناع والحوار الحضاري ، والإيمان بأهمية الإختلاف والإحتكام لاختيارات وتوجهات الجماهير الطلابية المنبعثة من استيعاب مضامين كل نسق ايديولوجي ، كما دفعها عجزها عن سلمية إدارة اختلافاتها الفكرية لتصدير صراعاتها العنيفة للواجهة النقابية الحقوقية ، فانتقلت حمى كيل التهم للفصيل الاخر الى المجال الحقوقي ،الذي لا يختلف اثنان على أهمية توفر الامكانيات والوسائل التعليمية والمادية لضمان تعلم جيد ونافع.
3- فتور الرغبة لدى الطالب في التكوين الاكاديمي ، والاكتفاء بحضور الساعات الرسمية للحصص الدراسية ، أو اللجوء الى طبع المقرر وركنه حتى تقترب ساعة الإمتحان خاصة لدى تخصصات العلوم الانسانية والقانونية ..، يجد ضعف الإقبال على الدراسة والتحصيل الجاد مبرراته في إحساس الطالب بأن الجامعة مقبرة لاماله العريضة في مرحلة الثانوي ، وأنها فترة انتقالية صوب شبح البطالة ، والأصح انها خلاصات ضعف وفشل بل وغياب مقاربات دمج الجامعة في النسيج الإقتصادي وربطها بالمؤسسات الإنتاجية ، حتى تساهم في تخريج أفواج من الطلبة منفتحين على سوق الشغل ، وطبعا لا نحتاج ان نطنب
في تفسير ذلك بضعف الانشطة الإقتصادية.
4- شيوع ظاهرة الإقليمية الفجة والتمايز الإثني / العرقي التي اجتاحت أوساط الطلبة ، وشكلت أساس الإجتماعات الطلابية ، بحيث يعمد طلبة كل إقليم او إثنية الدعوة لجمع عام من أجل تنسيق الجهود وتدارس مشاكلهم ، مع ما يصاحب ذلك من تشقيق وتشتيت للجسد الطلابي وهدر لطاقاته ، إلا أن النزعة العرقية زرعت بذور الكراهية والنفور والعزلة في نفوس طلبتنا، وفتحت الباب في وجه المصادمات والمواجهات الطلابية ، مما يحتم علينا التذكير بأن التحديث لا يتأتى إلا من خلال تذويب الوعي القبلي وصهر الإقليمية في أشكال أكثر حداثة من قبيل المدنية والمواطنة.. وفي مستوى أدنى بتوظيف عامل الإثنية والاقليم في توحيد جهود مجموعة سكانية حول مشروع التنمية المستدامة ، من خلال إشراك أبناء كل منطقة في تنمية مجالهم وفق المنظور التشاركي في تحديث المناطق والجهات.
إن فقد الثقة في المستقبل وعدم وضوح مسارات وافاق الرهان على الجامعة في مقاربات التنمية ، باستثمار مكتسبات ومهارات خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة ، انطلاقا من دعمهم اثناء فترات التكوين والتحصيل العلمي ، ودمجهم في النسيج الإقتصادي .. والذي يعزى لعدم نجاعة المشاريع التنموية في تحقيق الحداثة المأمولة ، مما يساهم في تغذية ثقافة الفشل ومعايشة شبح البطالة خلال مرحلة التكوين العلمي- الاكاديمي ، والإلتهاء بصراعات إثنية او إقليمية ومواجهات مستندة صوريا للاختلاف الايديولوجي ، كل ذلك يسائل الدولة في المقام الأول والفاعلين السياسيين والمثقفين ، ويفرض على القوى الواعية بدور الجامعة والتعليم المحوري في إنجاح مشروع التنمية ، من خلال نهج كل أساليب النضال الديموقراطي لمحاصرة خطط عزل الجامعة عن محيطها ، والحؤول دون اداء مهامها التنويرية ، حيث استحالت مؤسسة لتخريج أجيال من الطلبة انحدرنقاشهم السياسي من مناقشة الازمة البنيوية التي يعانيها المغرب بالتشخيص والتحليل والتفسير وطرح البدائل المختلفة باختلاف برنامجهم السياسية ، إلى البحث في التمايز العرقي واللغوي لتقرير الأفضلية والتفوق والسمو والنقاء ، ولا أدري هل تعي هذه الحركات السياسية خطورة استفحال العنصرية بين فئات المجتمع على تماسك الجماعة الوطنية ، وتاثيراتها السلبية على الأمن الإجتماعي.
خلاصة القول أن المسألة تحتاج اعتماد مقاربة ببعدين ، الأول وقائي يستهدف محاصرة كل منابع التطرف الفكري ، والتعرض لها بالتحليل والنقد في سبيل تذويبها ، ودفعها للقيام بنقد ذاتي تتجاوز من خلاله أفكار الإقصاء والكراهية ونبذ الاخر والعنف ، تساهم فيه الفصائل من خلال اوراقها التي تنبذ العنف ، والباحثين من المثقفين واساتذة الجامعات .. والثاني قانوني ينبني على العدالة الناجزة التي تعاقب كل السلوكات العنيفة ( قتل – ضرب – جرح ) تحقيقا للعدالة والقصاص من المجرمين وتطبيبا لخاطر ضحايا العنف او المطالبين بحقوقهم من ذويهم ، أما التراخي في مواجهة عمليات القتل فلا يزيد الوضع إلا احتقانا ويدفع لسقوط مزيد من الضحايا.
اسماعيل الفيلالي - المغرب





#اسماعيل_الفيلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في احداث الجامعات المغربية : محاولة في التفسير


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل الفيلالي - قراءة في احداث الجامعات المغربية : محاولة في التفسير