أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سهى عودة - لبنان - هيمنة النيوليبرالية














المزيد.....

هيمنة النيوليبرالية


سهى عودة - لبنان

الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 12:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


وأنا أقرأ كتابا للكاتبة الأمريكية من أصل صيني، ييون لي، امتلأت شاشات التلفزة بجلسة استجواب مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيس بوك" مارك زكربرغ في الكونغرس الأمريكي. سأل أحد أعضاء الكونغرس زكربرغ عن صحة قيام الموقع بتزويد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ببيانات المستخدمين بناء على طلب مسبق منها وهو السؤال الذي تقف عنده نزاهة الشركة من عدمها. أجاب حينها زكربرغ بكل خبث بأن الشركة تقوم بتزويد البيانات طالما يشارك بها المستخدمين، وعلى المستخدمين عدم إرسال المشاركات إذا لم يرغبوا بذلك!

تروي الكاتبة عن تجربتها مع الاكتئاب ومحاولاتها المتكررة للانتحار بكل صدق وشفافية. تقتبس الكاتبة من روايات وبيوغرافيا كُتّاب لهم ذات التجارب وتشارك القُراء بعض الذكريات خصوصا تلك التي حدثت في الصين. تستطرد الكاتبة في الحديث عن أهم الأحداث التي مرت بها أثناء إقامتها في الصين؛ كالعيش في المجمعات السكنية النموذجية في الصين الشيوعية، فضلا عن قسوة النظام الضريبي إذ كانوا ومن شدة تدني الدخل الفردي يضطر سكان الحي جمع الأموال لكي يتمكن أحدهم من شراء جوارب جديدة، كذلك اضطرارها لاستخدام الهاتف الخاص بالمجمع السكني وبذلك تصبح عرضة لتنصت مديرة السكن عليها، وصولا إلى انضمامها للخدمة العسكرية الالزامية في سن الثامنة عشرة حيث كان يتم تخييرها بين كتابة خطابات لرئيسة الشعبة التي تتبعها أو أن تنظف مراعي الخنازير.

تتحدث الكاتبة أيضا عن احتجاجات ميدان تيانانمن والتي خرج فيها الآلاف من طلبة الجامعات مطالبين بالديمقراطية وحرية الصحافة وإسقاط الشيوعية، حينها سقط العديد من الضحايا جراء قمع الجيش الشعبي الصيني واستخدامهم للسلاح الحي.

تزخر المكتبات بالمصنفات الأدبية التي تختصر أشخاص وتجارب في أحداث سياسية ويتم استغلالها من قبل المؤسسة للتأثير على الرأي العام ورسم صور نمطية في الأذهان عن أنظمة منها الشيوعية. بيوغرافيا ييون لي ليست سوى واحدة من آلاف المصنفات التي لولا أنها تضمنت أحداثا عن الشيوعية من منظور سلبي أو كانت تخدم أجندة حكومة الولايات المتحدة بشكل أو بآخر لما رأت النور. لعل لي تعي ذلك خاصة أنها تحدثت عن حفل عشاء حيث أصر القائمون عليه أن تقرأ فيه مقتبسات من كتابها اللاسياسي بالصينية.

تتفاخر النيوليبرالية بأنها نصيرة الجماعات المضطهدة وترفع شعار المساواة وتكافؤ الفرص وأن العمل الجاد والمثابرة هو أساس النجاح وليس التفاوت في الدخل بسبب جشع أصحاب العمل، الميراث، التمييز المؤسساتي ضد الفئات على أساس اللون كالعبودية والجندر والأصل، بحسب أبحاث أجرتها وزارة العمل الأمريكية. تتجاهل النيوليبرالية الأسباب الحقيقية للمشاكل التي تعاني منها الجماعات المضطهدة، فالسبب في انتشار الفقر بين الجماعات المضطهدة السود واللاتينيين، مثلا هو عدم العمل بجد وليس العنصرية ومضاعفاتها! لكنها، في الوقت عينه، تظهر بمظهر تقدمي يقدس الحريات الفردية. توهم النيوليبرالية الجماهير بأن العنصرية والكراهية هي حكر على الأحزاب اليمينية المحافظة بينما تعمل جاهدة على محو أي ارتباط بين الرأسمالية والعنصرية والتمييز على أساس الجندر والدين.

تنكر النيوليبرالية أي اتهام بالعنصرية خارج حدود الأقاليم حيث تسيطر، بالرغم من كونها المحرك الأساسي للحروب وما ينتج عنها من سقوط الملايين من القتلى والجرحى وتطهير عرقي وثقافي وتدمير مقدرات شعوب وبنى تحتية. كما تنكر النيوليبرالية الدور الذي تلعبه في انتشار الفقر بأنها تحرم العمال من الأجور العادلة التي تغطي الحاجات الأساسية ولا توفر لهم الضمان صحي. وتنكر النيوليبرالية أنها المسؤولة الأولى والأخيرة عن التلوث البيئي والاحتباس الحراري. كذلك تنكر أنها تشجع الحكومات القمعية الحليفة بينما تبرم معها صفقات أسلحة وحماية بأرقام خيالية.

بروباغندا النيوليبرالية ليست أقل خطورة من أي بروباغندا لنظام قمعي، ذلك أنها تتسلل إلى أي حيز كرواية رومانسية بسيطة يُخيّل للقارئ أنها أبعد ما تكون عن السياسة أو إلى إعلان تجاري لشركة تمويل في بلد أفريقي يظهر فيه طفل دون سن العاشرة يتحدث عن مشروعه الخاص لإعارة الدراجات وتلي المقابلة معه شعارا عنصريا مقيتا يستخدم دائما ضد ذوي البشرة السوداء وينعتهم بالكسل كـ "نجعل الاعتماد على الغير اعتمادا على النفس".

النيوليبرالية تتبع الرأسمالية وليس مبادئ المساواة وحقوق الانسان والديمقراطية. التنوع الثقافي والمساواة بين الجنسين وأمور أخرى كثيرة يتم دراسة جدواها قبل القبول بها من باب سياسة تكافؤ الفرص والمساواة. بحيث لا يتم تعيين أي شخص ينتمي لأقلية إثنية أو عرقية أو لمجموعة تعاني الاضطهاد إلا إذا كانت هناك جدوى سياسية أو اقتصادية.

النيوليبرالية ليست حرية مطلقة، كما يزعم الليبراليون، والجمهوريون وإلا فما امتلأت السجون بالمدينين للبنوك وشركات التمويل ومصادرة المساكن الوحيدة التي تأويهم. النيوليبرالية ليست ممارسة أي نشاط تجاري بلا قيود وإلا ما قدمت حكومات على شراء بيانات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي وخرق الحق في السرية والحق في الأمان والحق في التعبير والحق في تبني رأي سياسي. النيوليبرالية ومنتجاتها ليست حرية.



#سهى_عودة_-_لبنان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفصائل الفلسطينية تهنئ الجبهة الشعبية بذكرى انطلاقتها: ركن ...
- تفاقم المديونية المغربية، وتقهقر وضع الطبقات الشعبية
- مات الاتحاد الاشتراكي، الثقافة الاتحادية على قيد الحياة
- المبادرة من أجل فعل يساري موحد: مدى التفاعل، والمصاعب، والآف ...
- ماذا فعلت النيو ليبرالية في الطبقة الوسطى؟
- Six Jobs for Union Organizing in German & Europe
- هل تحالف الإسلام السياسي وقوى اليسار لنصرة فلسطين؟
- تركيا تواصل خطة طموحة لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني: تحديا ...
- نحن والديمقراطية: تأمّل في حالتي سوريا وتونس
- ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني و-الجحيم الشيوعي-


المزيد.....

- الاشتراكية بين الأمس واليوم: مشروع حضاري لإعادة إنتاج الإنسا ... / رياض الشرايطي
- التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك – الفصل التاسع ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ – الفصل ... / شادي الشماوي
- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم
- إرساء علاقات تعاونيّة بين الناس وفق المبادئ الإشتراكيّة - ال ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سهى عودة - لبنان - هيمنة النيوليبرالية