أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير الخطيب - حكايات من النجف و الشعور الكبير بالفخر و الزهو














المزيد.....

حكايات من النجف و الشعور الكبير بالفخر و الزهو


عبد الامير الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


حكايات من النجف والشعور الكبير بالفخر و الزهو


كلمة الثقافة كلمة جامعه شامله لكل ما ينتجه الانسان ويضيف عليه من روحه، فطريقة إعداد الطعام ثقافة و و طريقة بناء المدن ثقافة و الفن و الأدب ثقافة بتلخيص كل ما ينتجه الانسان في تزاوج عناصر الطبيعه و الخيال هو ثقافته، اي الثقافة هي تحويل المتاح و المعلومة الى سلوك يومي حياتي

بناء المدن كما اسلفت ثقافته، لكن لكل مدينه نتاجاتهم الثقافيه المتخلفه عن المدن الاخرى، فبغداد مثلا لها الجراويه و الجالغي و لهجتها التي كانت من احمل اللهجات العراقيه عندي، و الدوبه و باقي مفردات المدنيه التي تميزها.

النجف لها خصوصية خاصه جدا بين المدن العراقيه، او هكذا ارى، لانها المدنيه الأقدم في مجتمع متعدد الأعراق و الثقافات، فجاء اليها الهندي و الإيراني و التركي و الباكستاني و الافغاني و البدوي و حتى ابن الريف العراقي اجتمعوا و تعايشوا في فسيفساء قل نظيرها لمدة 800 سنة في عالم قبل القرن العشرين.

مدينة النجف القديمة بخصوصيتها أنتجت ثقافة متميزة في البناء و المعمار و العادات و التقاليد و الأكلات و التعامل التجاري و التعامل الاجتماعي و حتى في ملابسها حيث يستطيع اي انسان في اي مكان من العالم معرفة الانسان النجفي من الملابس الخارجية له او لها، فالعباءة بلونيها و العمامه و الكشيده بلونيها و حتى طريقة مشي الرجال المتبختره و النساء التي على عجاله داءما، و لان المدنيه على هضبة صغيره تميزت بالسراديب و سراديب السن بالتحديد، و بها الكثير من الخصوصيات التي اندثرت في أيامنا هذه



حمودي عبد محسن احد أبناء هذه المدنيه، و المحب الأكبر لها، استطاع و بأسلوب فني ساحر ان يؤرشف الى هذه المدنيه كل إرثها الثقافي الذي ربما اندثر و غاب في عالم النسيان حمودي روائي قدير متمكن من أدواته في السرد و رسم الصور الفنيه الجميله كتب رواية عن مدينته هكذا يحلو لي ان اسمي عمله الموسوم " حكايات من النجف" كتب إرث النجف الذي عشته انا شخصيا، كتب تاركا بصماته و اثاره الجميله كأنه ترك وجهه في المراة

كتب لنا و رسم صورا بديعة الصنع ابتكر شخصية سلام الطفل الذي كبر و ترعرع في الحواري و الازقه، في عائلة ملؤها الدفء و الحب
، يعيش سلام مع جدته في تعاشق مع ابيه وجده مع أمه، يحمل ذكريات في غاية الجمال الطفولي، يخشى القطط التي فوق السطوح وهي تموء و تصرخ، يروي لنا ذكريات ترتقي الى مستوى انساني رفيع، اقول هذا لان الكل عاشها و عرف معناها، لكن حمودي يحصرها في مخيلته الناصعة عن طفولته و عن ثقافته الاولى التي عاش و كبر فيها و تاثر بكل تفاصيلها، رسم الصور من شان كل فنان شاعر كان ام رسّام ام روائي، لكن حمودي يرسم لنا صوره الاكثر إشعاعا و الاكثر التصاقا بواقع مدينته التي احب.

"مظهر البغض الذي ابصره في اشعة عيني القط" هذا نموذج لما رسم، الآبار تبتلع الأصوات، خيوط ملتوية من الدخان، السماء تفتح بابها الواسعة تكشف عن عريها الصافي الموشوم بالنجوم الامعه المرتعشة فوق المدنيه، صور قد تبدوا عادية لمن يقراء، و لكنها نسجت او كونها حمودي بشكل واقعي عميق.

و كذلك أرشف حمودي عن وعي ودراية كلمات أهالي النجف، فالهشتي ،الدولان ،البرانيه، البيتونه، الطارمة، منخل، بايه، دنكه، بادكير و ما الى ذلك من مفردات أستطيع ان اقول انها انقرضت لولا هذه الروايه الجميله التي أرشفتها لنا كل هذا الكم الهائل من الجمال.

حمودي او سلام الذي عاش طفولة هانئة في كنف الاهل كان يرى جثث المغدورين في الحروب تتقاطر على باب الطوسي و تنتظر المغيسل و من ثم الدفن، حمودي الذي تذكر جدته و هي تداعب شعر راْسه تحت أشعة شمس الشتاء الذيذه هرب اكثر من مره من أتون الحروب المجانيه التي عاشها العراق، حمودي عبد محسن يداخل الزمن بشكل قل نظيره في الرواية العراقية و العربيه، تتداخل الازمان و كأنها زمن واحد، و حين قرأت هذا العمل
" حكايات من النجف" تذكرت و لا ادري لماذا فرانز كافكا في روايته "المحاكمه" الزمن واحد الماضي هو الحاضر و هو المستقبل و كأنه "اي الكاتب" يريد ان يقول هذا حكم القدر على العراق، العراق لا يستحق كل هذا الموت و كل هذه الحروب و لكن، إرادات القوى الكبرى حكمت على هذا البلد الجميل بالحروب و المتتالية، اعجبني جدا تداخل الازمان في عمله، هذا ما تحسسته في الصفحات الخمسين الاوليه من الكتاب الذي يقع في 145 صفحة.

هذا التداخل الذي احسست تداخل مذهل من بين الطفولة و الحروب ،الالم و اللذه، الموت و الحياة مشاهد انسيابية في إنسانيتها تضفي على العمل محلية انسانيه، معاناة بسيطة لكنها مميته في ذات الوقت.

أضف الى هذا فالكاتب له قدرة فذة في توظيف الحكايات الشعبية النجفيه لاغرضه الفنيه، كملحمة ألطف و زيارة مرقد الامام علي و غير ذلك،حمام الرواعب المعروف لدى النجفيين تتوجع عند الكاتب و تغضب لاستشهاد الامام الحسين حتى يتناثر الدمع من عيون تلك الحمائم و يوعز تحول لون الحمام من الأبيض الى الأحمر لان الحمام تمرغ في دم الحسين


اعترف بان هذا استطراد لحكايات من النجف، ربما غير وافي لعمل كبير و كاتب كبير كحمودي عبد محسن، هذا التلخيص المكثف في قراءتي لعمله الجميل ربما يوجز بعض الشيء عن مدينة تغيرت ملامحها الثقافيه و تداعت في زمن تلاطمت فيه الاطماع و الأوجاع للتقاسم الامعقول، و لكني شعرت بذات الزهو و الفخر الذي أحسه محسن في انتمائه الى تلك المدينة
.

عبد الامير الخطيب






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار صريح مع الكاتب العراقي يوسف أبو الفوز


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير الخطيب - حكايات من النجف و الشعور الكبير بالفخر و الزهو