أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - نقد النقد العدمي وأكذوبة النقد البناء














المزيد.....

نقد النقد العدمي وأكذوبة النقد البناء


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 5876 - 2018 / 5 / 18 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبّرتُ قبل عدة أعوام عن قناعتي بعدم صحة وعدم وجود ما يسمى نقدا بناء وآخر هداما. واليوم يقدم الواقع العراقي أدلة قوية على الصحة النسبية والمشروطة لهذه القناعة. إن "النقد البناء" أكذوبة إنشائية وذات مقاصد تبريرية غالبا، يقصد بها شيء آخر لا علاقة له بالنقد... النقد هو النقد، أي أنه الكشف والفضح والهجاء والتفكيك والتحليل لما نراه سيئا وسلبيا ورجعيا.
وحين نسأل عن المقصود بـ"النقد البناء" يقال لنا غالبا: إنه النقد الذي يراد به (البناء والتصحيح) بعكس النقد الهدام أو النقد العدمي (للنقد العدمي مفهوم ومعنى آخر سأتوقف عنده بعد قليل). وهذا "التعريف" لا يعرف ماهية النقد بحد ذاته وبطبيعة جوهره بل يعرفه من حيث هدفه والغرض منه. وبما أن النقد شيء والهدف منه شيء آخر، فهذا يعني أن التعريف خاطئ أو في الأقل بعيد عن ماهية المعرَّف. أما القول إنَّ "النقد البناء" هو النقد الهادئ البعيد عن العصبية والدوافع الذاتية فهو ليس تعريفاً بل محاولة وصفية لتليين النقد وجعله أكثر تساهلا ليكون نوعاً من العتاب والمجاملة "بين الحبايب" وبما يفرغه من محتواه ومعناه النقدي، أي أن هذا التعريف لا يتعلق أيضا بالنقد بل بحالة الشخص الناقد النفسية وهذا موضوع آخر تماما.
أما النقد العدمي فهو نقد مطلق وشامل وتام في جوهره للحدث أو الشيء أو الشخص أو الأشخاص أو الظاهرة المنقودة بعد قطعها عن سياقها الفعلي والتاريخي والاجتماعي، أي هو نقد بالاسم فقط ولكنه من حيث الجوهر شطب وإلغاء للظاهرة المنقودة بكليتها وشبكة علاقاتها الداخلية والخارجية. سأطرح مثالين على النقد العدمي: ثمة نقد يوجه إلى الحزب الشيوعي العراقي ويقول إن هذا الحزب سيء وسلبي وخاطئ جملة وتفصيلا ومن العبث الرد عليه أو انتظار تغييرا إيجابيا فيه. ولا فائدة حتى من نقده أو رصد ما يحدث فيه ويصدر عنه فلا جدوى من ذلك أي أنه عبارة عن "جثة ميتة".
*هذا النقد ميت أصلا ومنطلقا لأنه لا تاريخي، ولا يفرق بين هذا الحزب -الذي هو شاء الناقد أو أبى ظاهرة سياسية واجتماعية عريقة ومهمة، له ماضيه المجيد وأخطاؤه وسلبياته مقابل مآثره ومواقفه وسياساته الصحيحة، وله حاضره السلبي عموما. وله قاعدته وكوادره الوسطية مثلما له قيادته الحالية السيئة المهيمنة عليه، فهل يجوز لنا بعد ذلك أن نشطب على كل شيء، الماضي والحاضر والمستقبل، والقاعدة والقيادة، والكوادر الوسيطة لهذا الحزب بجرة قلم؟ أعتقد أن هذا النقد العدمي نقيض للنقد الآخر ولنسمه النقد فقط، أو إذا شئنا وصف ماهيته نقول: النقد الموضوعي أو التاريخي لأنه ينقد الظاهرة أو الحادثة المحددة في مناخها التاريخي وعلى أرضها الموضوعية بربطها بشبكة علاقاتها الداخلية والخارجية.
المثال الثاني، هو حول أسميه في كتاباتي "نظام المحاصصة الطائفية والعملية السياسية الأميركية" في العراق. النقد العدمي يشطب أيضا على هذا النظام والظاهرة كلها ويرفض رفضا باتا حتى رصدها وتحليلها وقراءة تجلياتها على أرض الواقع ويرفض الاعتراف بوجود أي نقطة إيجابية وقابلة للبناء عليها فيها وفي دستورها ومؤسساتها وزعمائها وقادتها ويطالب بدلا من ذلك بالعدوة الى ما يسمونه المربع الأول أو نقطة الصفر...الخ. أما النقد الموضوعي أو التاريخي فهو وإن كان يرفض هذه الظاهرة النظام ولا يعول عليها ويرى من المستحيل إصلاحها من داخلها بأدواتها وأشخاصها ومؤسساتها نفسها ولكنه لا يهمل مراقبة ورصد سياقاتها وحالتها الواقعية احتمالات انهيارها من داخلها والقوى المستعدة للانشقاق عليها ومحاولة إصلاحها بطريقة جذرية تمردية طالما أن البديل الوطني والقادر على قلبها غير موجود -برنامجا وجسدا تنظيميا- في الساحة العراقية. ولكن هل يعني ذلك مثلا خلو الدستور العراقي الحالي من أية نقاط ومواد إيجابية؟ يرد النقد العدمي بلى هو خال منها مطلقا ويجب كتابة دستور جديد تماما، أما كاتب السطور فيرى فيه الكثير من النقاط والمواد الإيجابية بل أن هذه المواد أكثر من المواد السيئة والمكوناتية والرجعية والتي يجب تعديلها ولذلك طالب دائما بإعادة كتابة هذا الدستور وعدم الشطب عليه بالكامل.
ويحضرني هنا أيضا حدث الاعتصام البرلماني في نيسان 2016 في هذا المثال فأصحاب النقد العدمي شطبوا على الحدث منذ بداياته الأولى واعتبروه مؤامرة من المالكي ضد الجبوري وغسلوا أيديهم منه، وحتى حين نجح الاعتصام بالإطاحة بالجبوري وتوجه لاستهداف الرئاستين الأخريين ظل العدميون على رأيهم ونقدهم. سيقال هنا، لقد فشل ذلك الاعتصام وهذا يثبت صحة نقد العدميين وهذا غير صحيح فهؤلاء خارج الحدث هم ونقدهم، سواء نجح الاعتصام وتسبب في انهيار النظام أو لم ينجح. ثم أن المعاني وصحتها لا تقاس أو تستنبط من احتمالية الوجهين "لو طرة لو كتبة" لأن من يقول (لقد فشل الاعتصام وهذا دليل على صحة نقدنا)، يمكن أن يرد عليه بالقول: الاعتصام كاد ينجح وحقق هدفه الأول ولولا النقد العدمي والمواقف العدمية والذاتية لبعض القوى داخله وخارجه لنجح نجاحا كبيرا وتسبب في انهيار وتغيير نظام الحكم؟
زبدة الزبدة: إن نقد الظاهرة أو الشخص أو الحدث إما أن يكون نقدا تاريخيا وموضوعيا يأخذ المنقود بكليته، أعني بكل محتوياته وبشبكة علاقاته الداخلية والخارجية وبماضيه وحاضره وإما لا يكون، لأنه - دون ذلك - لن يكون نقدا بل أحكام سلبية مسبقة وجاهزة للتكرار بمناسبة وبدونها.
ورحم الله الإمام الشافعي فهو القائل: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيي مخالفي خطأ يحتمل الصواب.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريح سخيف وصادم لمرشحة شيوعية
- مباراة شطرنج بين سليماني الإيراني وسيليمان (silly man) الأمي ...
- سائرون بين المطرقة الأميركية الإيرانية وسندان المحاصصة الطائ ...
- توقعات وسياقات الانتخابات العراقية
- السيستاني في رسالته الأخير: نسخة مخففة من ولاية الفقيه
- الدولة الصهيونية الأشكنازية-إسرائيل- مسخت اللغة العبرية وشوه ...
- ج2من2ج : هل وضع النجيفي فيتو على رئاسة -العامري- وانحاز مبكر ...
- كيف رصد طرابيشي الإرهاب الديني ضد الفلسفة والفلاسفة
- أسامة النجيفي بين الأرنب والغزال
- ج5 من 5ج/هوامش سريعة على كتاب -تاريخ الإسلام المبكر-- أدلة و ...
- ج4 من 5ج/هوامش سريعة على كتاب -تاريخ الإسلام المبكر-: إنكار ...
- العدوان الثلاثي على سوريا وذيوله.
- ج3من 5ج /هوامش سريعة على كتاب -تاريخ الإسلام المبكر-: مدينة ...
- ج2 من 5ج/هوامش سريعة على كتاب - تاريخ الإسلام المبكر-: مصحف ...
- ج1 من5ج/هوامش سريعة على كتاب -تاريخ الإسلام المبكر-! هل ظهر ...
- يهود وإسرائيلون ضد الصهيونية: آتزمن و سيغل مثالان!
- ج3/مناقشة لحديث العامري: قصة إحياء الموتى
- ج2/مناقشة لحديث العامري: قصة إبريق الزيت
- ج1/مناقشة لحديث هادي العامري الجديد: العربة والحصان!
- نهرُ الفلسفة بين المسيحيّة والإسلام في القراءات الاستشراقيّة


المزيد.....




- ممثلة أميركية تتألق في البندقية بفستان من إيلي صعب عمره أكثر ...
- إيران تكشف تفاصيل عن ضربة إسرائيل على سجن إيفين
- لماذا ترغب بريطانيا في شراء مقاتلات F-35A؟
- قاعدة العديد في قطر والإنذار الأخير.. خفايا الليلة التي عبرت ...
- هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب ا ...
- ترامب: -لن نتسامح- مع مواصلة محاكمة نتنياهو بتهم فساد
- لماذا تشعر بالتعب وقد نمت 8 ساعات؟
- ضحيتها السائقون والمستخدمون.. -أوبر- اعتمدت على سياسة مشبوهة ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى وشرطة الاحتلال تقتحم سلوان
- مصدر قضائي: 71 قتيلا في الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين بطهر ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - نقد النقد العدمي وأكذوبة النقد البناء