أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - رهانات قرارات ترامب الأخيرة















المزيد.....

رهانات قرارات ترامب الأخيرة


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5874 - 2018 / 5 / 16 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رهانات قرارت ترامب الأخيرة

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-



كتبنا عدة مرات، ونبهنا بأن ترامب ليس مجنونا كما يصفه البعض، وخاصة الكتاب الشهير الذي وزع بشكل كبير المعنون ب "نار وغضب"، فترامب هو مجرد بيدق في إطار إستراتيجية أمريكية رسمت منذ تسعينيات القرن الماضي، وفصلت في وثيقة "السلام الأمريكي" بعد نهاية الحرب الباردة، ويقصد به "المشروع الأمبرطوري الأمريكي للقرن21"، وهو ما يظهر بجلاء في قرارات خطيرة يتخذها هذا الرئيس، وكأنه يريد زرع فوضى في العالم، ثم إعادة بنائه بخريطة جديدة حسب المصالح الإستراتيجية الأمريكية، وقد بدأ ذلك بالإنسحاب من معاهدة المناخ في باريس، مما سيدفع إلى تزايد التغيرات المناخية بكل إنعكاساتها على الهجرات السكانية التي قدرها تقرير صادر عن البنك الدولي في مارس الماضي بأنها ستصل 87 مليون مهاجر من شمال غرب أفريقيا فقط من اليوم إلى حدود 2050، وكل ذلك بإنعكاساته الأمنية والإجتماعية والإقتصادية على دول شمال أفريقيا، ثم ينسحب ترامب منذ إيام من الإتفاق النووي مع إيران ضاربا عرض الحائط الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن التي كانت ضامنة لهذا الإتفاق بما فيها أمريكا ذاتها، وهو ما من شأنه تهديد السلم والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويبدو أن ترامب لايختلف كثيرا عن جورج بوش الابن الذي وقع تحت تأثير المحافظين الجدد المؤيدين للكيان الصهيوني، خاصة عند غزوه العراق وتبني أسلوب تغيير الأنظمة بالقوة وإستخدام أساليب ضغط عليها بدعوى "نشر الديمقراطية" الذي ماهو إلا ذريعة وغطاء أخلاقي تستخدمها أمريكا للسيطرة على الشعوب وسلب خيراتها مثلها في ذلك مثل الإستعمار الأوروبي الحديث الذي أحتل بلداننا تحت غطاء "نشر المدنية والحضارة"، فالدعوة الديمقراطية الأمريكية ما هي في الحقيقة إلا زرع للفوضى في بلداننا، لكن هذا ليس معناه أننا لا ندمقرط أنظمتنا، بل بالعكس يجب أن نتخذ نحن المبادرة من الداخل، ونقوم بها علميا وسلميا كي لانترك لأي كان التدخل عندنا تحت أي ذريعة كانت، بل علينا أن نرفع شعار "من اجل إنتقال ديمقراطي سلمي لمواجهة فوضى خلاقة أمريكية".
أن الإنسحاب الأمريكي من الإتفاق النووي الإيراني، سيؤدي حتما إلى إعادة فرض العقوبات الإقتصادية على إيران لإضعاف نظامها، لكن من الصعب الوصول إلى تأثير كبير عليها لأن إيران عرفت كيف تواجه هذه العقوبات من قبل، ولهذا لا يستبعد لجوء السعودية إلى تعويم السوق النفطية كأداة لإضعاف تام لإيران كما فعلت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، والتي كان لها تأثير كبير على عدة دول، ومنها الجزائر آنذاك، فنحن نعلم أن إيران تعتمد على تصدير النفط، ولو بشكل أقل بعد إعادة العقوبات الأمريكية عليها بعد إنسحابها من الإتفاق النووي وأيضا سيتعقد وضعها الإقتصادي بذهاب الشركات الأوروبية من إيران خوفا من عقوبات أمريكية عليها، وهو ما يمكن أن يدفع إيران إلى الإسراع في إنتاج السلاح النووي، فيتخذ ذلك كذريعة لغزوها بعد غضعافها كما وقع مع عراق صدام حسين، فتدخل المنطقة كلها ومنها كل العالم الإسلامي في حرب تضم دول سنية-غربية-صهيونية من جهة في مقابل الشيعة بقيادة إيران بأذرعها المختلفة، لكن ستتضرر دول أخرى كثيرة، ومنها دول شمال أفريقيا التي تعتمد على النفط، والتي تعاني أيضا من هجرات غير شرعية، فيزداد وضعها الإقتصادي والإجتماعي تأزما أكثر، فتمسها الفوضى التي تسعى أمريكا لزرعها، وهو ما سيفيد الجماعات الإرهابية التي ستعيد إنتشارها في المنطقة، ومنها الجزائر خاصة، فكل هذه الإستراتيجية مرتبطة بتنفيد ترامب لقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ليثير غضبا، فيغذي بذلك أكثر التطرف الديني عندنا كرد فعل على تطرف ديني صهيوني مرتبط بجرائم ضد الإنسان الفلسطيني، فبهذا الشكل ستعيش كل المنطقة فوضى كبيرة جدا، وستتضرر حتى أوروبا بسبب الأوضاع المأسوية في جنوب المتوسط، فأمريكا تسعى أيضا لإضعاف أوروبا التي تراها منافسة لها حول الزعامة العالمية مثلها مثل الصين وروسيا.
أن مايقوم به الكيان الصهيوني اليوم ضد الشعب الفلسطيني ما هو إلا إرهاب، وكل من يدعمه في ذلك هو داعم للإرهاب أيضا، فالإرهابي في حقيقة الأمر هو كل قاتل أو داعية للقتل لأسباب عرقية أو عنصرية أو دينية وطائفية، فالنازية إرهاب، لأنها تقتل الناس معتقدة بأنهم يعرقلون المسيرة الحضارية، وبأن الجرمان هم أفضل الأجناس، فالصهيونية إرهاب، لأنها عنصرية، وتنطلق من فكرة "شعب الله المختار"، فالتطرف الديني الموجود في كل الأديان إرهاب، لأن أصحابه، يعتقدون أنهم مختارين من الله لفرض مفهومهم وممارساتهم الدينية على الآخرين بالعنف، ويعتبرون أنفسهم "الفرقة الناجية" والآخرون كفار، وهو نفس المفهوم الصهيوني، أي "مختارين من الله"، أما الإرهابي الأكبر، فهو الإستعمار، لأنه يعتدي ويحتل آراضي الغير لسلب ثرواته وخيراته، ويعطي لممارساته مبررات ومنطلقات عنصرية ضد الشعوب المستعمرة.
ان الصهيونية ما هي إلا حركة إرهابية ناتجة عن إستغلال الدين اليهودي وتوظيفه لخدمة أغراض سياسوية، فهي مبنية على نشر كراهية الآخر والحض على قتله، فالصهيونية لا تختلف عما يفعله الإرهاب عندنا بإسم الإسلام، ولاتختلف عما فعله البابا أوربان الثاني مع فلاحي أوروبا بتجنيدهم لخدمة ملوك أوروبا في حرب مقدسة أثناء الحروب الصليبية، ونفس الأمر قام به مؤسسو الحركة الصهيونية التي حرفت التوراة، وأولته تأويلات تخدم أغراضها السياسوية كي تدفع سفهاء هذا الدين إلى الهجرة إلى فلسطين بدعوى أنها أرض الميعاد التي تحدثت عنها التوراة، وأفتى أحبارهم، بأن من لم يهاجر إليها، فهو "كافر"، لأنه لم ينفذ الأمر الإلهي بالهجرة إلى أرض الميعاد التي لم تحدد التوراة أصلا مكانها، وأكثر من هذا فالصهيونية تحث اليهودي في المدرسة وأماكن العبادة على قتل كل عربي ومسلم، وبأنه طريق لدخول الجنة وإرضاء الله، كما يفعل أغلب المستغلين للدين، فكما ينظر بعض الإسلامويين أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، فكذلك الحركة الصهيونية تعتبر كل من ليس بيهودي هو من الجويم يحق قتله وإستغلاله وممارسة كل أساليب الكذب والخداع عليه، وهذا مايفسر إرهابهم بالأمس واليوم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل،الذي يحق له الدفاع عن أرضه.
فكل المواثيق الدولية تعطي حق الدفاع عن الأرض في حالة تعرضها لأي إحتلال كان، وهو ما ينطبق على كل حركات التحرر الوطني ضد أي إستعمار وإحتلال، ومنها التنظيمات المواجهة للإحتلال الإستيطاني الصهيوني في فلسطين، والمتشكل من أناس جاءوا من أصقاع العالم للإستيطان في أرض الفلسطنيين بكل مكوناتهم سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين وحتى يهود فلسطينيين، لأن اليهودي الفلسطيني، الذي لم يأت من أي مكان آخر هو اليهودي الوحيد الذي له الحق للعيش في هذه الأرض إلى جانب الفلسطنيين الآخرين مسلمين ومسيحيين وغيرهم، إضافة إلى كل من يقبل العيش في دولة فلسطينية تضم كل فلسطين في كنف المساواة وحقوق المواطنة للجميع، فما يمنع العالم من أجل الضغط لنقل نفس الحل الذي قضى على الأبارتيد في جنوب افريقيا إلى فلسطين كدولة يتعايش فيها الجميع في كنف المساواة بعد القضاء على النظام العنصري الإرهابي الصهيوني الذي لايختلف كثيرا عن نظام الأبارتيد الذي عرفته جنوب افريقيا؟.
يجب على التنظيمات المواجهة للكيان الصهيوني أن تضع قضيتها في إطار قضية إنسانية تحررية، كما فعلت الثورة الجزائرية، لأن حصر قضيتها في مسألة دينية أو حضارية معناه وقوعها في فخ "صدام الحضارات" المنصب من المنظر الإستراتيجي الأمريكي صموئيل هنتغتون، مما سيفقدها الدعم العالمي، وتعطي لآخرين شرعية الإصطفاف ضدها على أساس ديني أو حضاري.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-







#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مارتن لوثر كينغ وأليجا محمد-إختلاف في الأسلوب والمنهج-
- الجزائر في حاجة للتخلص من تنظيم إداري إستعماري الجذور
- موقع الإنفصاليين في إستراتيجية الإرهاب الجديدة
- دعوة بافلوفية باريسية لحذف آيات قرآنية
- مستقبل حركة الماك الإنفصالية في الجزائر
- توظيف إستراتيجي أمريكي لكتاب -نار وغضب- حول ترامب
- مقاربة لمنع صدام حضاري بين ضفتي البحر المتوسط
- تطور الفساد المالي ورهاناته في الجزائر
- هل مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد أصيلة فعلا؟
- الإتحاد المغاربي في ذكراه29-مقاربة لإعادة تفعيله-
- جبهة القوى الإشتراكية-حزب ضيق أم جبهة واسعة للقوى الوطنية ال ...
- علاقة تجارة الرقيق بظهور الرأسمالية في أوروبا
- النضالات النقابية بين المطالب الهامشية والجوهرية
- ماموقع المعارضة الجزائرية في رئاسيات2019؟
- أين ذهبت أموال الثورة بعد1962؟-دفاعا عن الحقيقة، وليس عن خيد ...
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ذكراه69-أي تجسيد عملي له؟-
- تدمير صهيوني لأوطاننا بمواقع التواصل الإجتماعي
- مشروع صهيوني في ثوب أيديولوجية العروبة في منطقتنا
- السياسة علم، وليس دجل-مقاربات لفهم الأزمة الجزائرية-
- الصراع في السعودية-الجذور والرهانات-


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - رهانات قرارات ترامب الأخيرة