أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ايات محمد سعود - حظر الاتجار بالبشر في ضوء المواثيق الدولية















المزيد.....



حظر الاتجار بالبشر في ضوء المواثيق الدولية


ايات محمد سعود

الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 29 - 11:37
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المقدمة
الحمد لله القائل : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" ( )،والصلاة والسلام على سيد الأنام محمد الرسول النبي الأمين، أما بعد فالاية الكريمة تمثل دليل قاطع على تكريم الخالق عز وجل للنفس البشرية، وهذا التكريم والتعظيم للمعاني الإنسانية له معاني ودلالات عميقة ورفيعة، ولكن النفوس الإجرامية والشريرة والتي تتمتع بالهفوات الشيطانية جعلت من هذا العنصر البشري سلعة تباع وتشترى لإشباع نفوسهم وغرائزهم الشيطانية المريضة في تجارة نكراء همهم فيها جلب المال، الا هو الاتجار بالبشر والذي يعد من أقدم الممارسات البشرية ذات السمعة السيئة والأثر البالغ على الإنسانية التي لا تزال قائمة إلى عصرنا هذا؛ فبعد أن كانت تقتصر على تجارة الرقيق الذين يتم بيعهم في سوق النخاسة بعد أسرهم في الحروب أو بعد بخطفهم من ذويهم، فكانت هذه التجارة غير مستهجنة حينها؛ تطورت الآن – بعد أن ألغي وجُرِّم الرّق- وأصبحت ذات أبعاد وصور كثرة، يُمتهن فيها الإنسان (النساء والأطفال على الخصوص)، ويُستغل، ويُذل، بشتى أنواع التصرفات والممارسات، ويُتعامل به كبضاعة منزوعة الإنسانية، من قبل مجموعات إجرامية منظمة تنشط بشكل سرّي في مختلف أنحاء العالم، فلا تقف عند حدود دولة ما بل تتعداها لتنفث سمومها وآثارها السلبية الجسيمة فيها.
وظاهرة الاتجار بالبشر هي من أهم القضايا التي تعاني منها دول العالم كافة، خاصة في ظل تنامي الإدراك والوعي بخطورة هذه الظاهرة، وفهم واضح للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى تنامي هذه الظاهرة، والعواقب المترتبة على ذلك، خاصة في ظل هذا الربط بين مفاهيم حقوق الإنسان وقضايا التنمية المستدامة من جانب، والقضايا الأمنية من الجانب الآخر، حيث ينظر إلى ظاهرة الاتجار بالبشر على أنها إحدى قضايا الأمن القومي والدولي، وليس فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولتجارة البشر آثار وخيمة ومرعبة سواء على الضحايا أم على المجتمع برمتهِ ، فتتلخص الآثار السيئة على الضحية هي ما يعانيهِ الضحية من الأجهاد النفسي الذي يعقب التعرض للحوادث الجسدية كالعمل المضني أو التحرش الجنسي أو الأغتصاب وما ينتج عن ذلك من اكتئاب شديد والشعور الدائم بالخوف والقلق والخشية من الآخرين والعار وصعوبة التحدث عن ما لحق بهم من ممارسات قاسية كتعرضهم للضرب أو التشويه أو الإصابة بالأمراض الخطيرة ، أما الآثار على صعيد المجتمع فأن المتاجرة بالنساء تؤدي الى اختلال القيم الاجتماعية نتيجة لإهدار المبادئ الأساسية لحقوق الانسان حيث ينتشر الجنس التجاري وزيادة الأطفال غير الشرعيين وإنشاء منظمات ادراة وممارسة الجنس والبغاء وتشعب العمليات المتصلة بهِ مما يؤدي الى ظهور نمط من خطف الاطفال والنساء وانتشار ظاهرة التسول لمن يتم المتاجرة بهم ، رفض الاسرة والمجتمع لمن سبق تم الاتجار بهم الامر الذي يلقي بها على عاتق مؤسسات الدولة القيام بدور الأسرة المؤقت لهم فضلاً عن تأثير هذهِ التجارة المدمر على سوق العمل فهو يساهم في فقدان الطاقة البشرية بطريقة يتعذر استردادها وظهور عادات اقتصادية غير سليمة اهمها شيوع المعاملات المشبوهة والاستثمارات سريعة الربحية قصيرة الأجل والسعي الى التأثير على المسؤولين وشيوع سلوك التهرب الضريبي بما في ذلك غسيل الاموال ، كما يؤدي الى زيادة الأعباء التي تتحملها الدولة في توفيرها الرعاية الطبية والاجتماعية للضحايا.
وتبرز خطورة ظاهرة الاتجار بالبشر بانها تتم في الخفاء وبعيدًا عن أعين المجتمع، وتأخذ مظاهر قانونية، الأمر الذي يجعل كشفها ورصدها من الصعوبة بمكان، ويزداد الأمر صعوبة، إذا ما عرفنا أنها أصبحت الآن تتم في إطار الجريمة المنظمة، والعابرة للحدود،ولذا فمكافحة الاتجار بالبشر، بحاجة إلى اعتماد استراتيجية للتعاون الداخلي والدولي في المقام الأول، الامر الذي دفعنا الى تسليط الضوء على دور المواثيق الدولية في مواجهة هذه الضاهرة ، من خلال تقسم هذا البحث الى مبحثين :
المبحث الاول: مفهوم الاتجار بالبشر
المطلب الاول: تعريف الاتجار بالبشر
الفرع الاول: التعريف اللغوي، الفقهي
الفرع الثاني: التعريف الدولي لظاهرة لاتجار بالبشر
الفرع الثالث: التعريف التشريعي لظاهرة للاتجار بالبشر
المطلب الثاني: صور الاتجار بالبشر
المبحث الاول: تجريم الاتجار بالبشر في الاتفاقيات الدولية
المطلب الاول: الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان
الفرع الاول: الاتفاقيات الدولية العالمية المتعلقة بحقوق الانسان
الفرع الثاني : الاتفاقيات الإقليمية الخاصة بحقوق الانسان
المطلب الثاني: الاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر الاسترقاق
الفرع الاول: اتفاقية قمع الرق لسنة 1926
الفرع الثاني: الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف
والممارسات الشبيهة بالرق لسنة 1956
المطلب الثالث: الاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر الاتجار بالبشر
الفرع الاول: اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بحظر الاتجار
بالاشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949
الفرع الثاني: اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979
الفرع الثالث : اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والبرتوكولين الاضافيين الملحقين بها لسنة 2000
الفرع الرابع : برتوكول الامم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص لاسيما النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2002

المبحث الاول
مفهوم الاتجار بالبشر
إن الانسان بطبيعته لا يتصور من الناحية القانونية أن يكون محلاً للتجارة الا ان البشرية وخلافاً لابسط القيم الانسانية السائدة في كافة المجتمعات عرفت الاتجار بالبشر الذي يعد صورة معاصرة للاتجار بالرقيق والعبودية التي كانت سائدة في العصور السابقة والتي تقع تحت طائلة الجرائم ضد الانسانية لما لها من اثار خطيرة كونها تشكل انتهاكاً صريحاً لأهم حق من حقوق الانسان إلا وهو حق الحياة ، ووفقاً لما تقدم سنسلط الضوء في هذا المبحث على تعريف الاتجار بالبشر وبيان صور الاتجار بالبشر المتعددة ، وذلك من خلال تقسيم هذا المبحث الى مايأتي :

المطلب الاول
تعريف الاتجار بالبشر
سوف نتناول في هذا المطلب تعريف مصطلح الاتجار بالبشر اللغوي والفقهي ، ثم بيان تعريفه في القانونين الداخلي والدولي وكالاتي:


الفرع الاول
التعريف اللغوي/ الفقهي
أولا-التعريف اللغوي: الاتجار لغة تجر یتجر تجرأ وتجارة باع واشترى وكذلك اتجر وهو افتعل والتاجر الذي یبیع ویشتري ، وبائع الخمر تاجر وتجار وتجر وتجر كرجال وعمال وفي السوق كالتاجرة وارض متجرة یتجر فیها والیها وقد تجر جرأ وهو على اكرم خیل عتاق( )، والجريمة هي اسم مأخوذة من الجرم والذي يعني الذنب واكتساب الاثم، والاتجار مصطلح مشتق من التجارة وفي اللغة اللاتینیة من السلعة والتجارة تعني ممارسة البیع والشراء ، والتاجر من يبيع ويشتري ( ) ، أما البشر فهو الخلق ويقع على الانثى والذكروعلى الواحد والاثنين والجمع ويقال هي وهو بشروهما وهي بشر.( )
ثانيا-التعريف الفقهي : ويذهب بعض الفقه الى تعريف الاتجار بالبشر من خلال التركيز على الغرض من هذه الجريمة مع قصر الغرض بصور محدودة جداً فيعرف الاتجار بأنه " الاستخدام والنقل والاخفاء والتسليم للاشخاص من خلال التهديد او الاختطاف، واستخدام القوة والتحايل او الاجبار او من خلال اعطاء او اخذ دفعات غير شرعية او فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص اخر بهدف الاستغلال الجنسي او الاجبار على القيام بالعمل"( ) ، يتضح من هذا التعريف انه قصر صور الاتجار بالبشر على صورتين, هما الاستغلال الجنسي والاجبار على القيام بالعمل ، وهو أمراً منتقد لان صور غرض الاتجار بالبشر متعدد ولا يجوز تحديدها على سبيل الحصر وانما يكون على سبيل المثال ، وعرف جانب اخر من الفقه الاتجار بالبشر ( ) بانه : (اي فعل يقع على انسان او على احد اعضائه دون رضاه من خلال اي وسيلة قسرية ـ بهدف استغلاله ماديا وتحقيق الربح منه)، كما عرف بعض الفقه الاتجار بالبشر بأنه (كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة التي تحيل الانسان الى مجرد سلعة او ضحية يتم التصرف فيها بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية بقصد استغلالهِ في اعمال ذات أجرٍ متدنٍ او في اعمال جنسية او ما شابه ذلك، وسواء اتم هذا التصرف بإرادة الضحية ام قسراً عنه ام بأية صورة أخرى من صور العبودية) ( ) ، ويعاب على هذا التعريف انه قد حصر وقوع جريمة الاتجار بالبشر بواسطة وسطاء محترفين وعليه اذا وقع الفعل بواسطة وسطاء غير محترفين لا نكون امام اتجار بالبشر، كما انه قد قيد الاتجار بالبشر بالحدود عبر الوطنية "الدولية" اي انه إذا وقعت عملية اتجار بالبشر داخل الحدود الوطنية فلا تعد عملية اتجار بالبشر وفقا لهذا التعريف.
الفرع الثاني
التعريف الدولي لظاهرة الاتجار بالشر
تركز تعريف الاتجار بالبشر في ثلاث اتفاقيات دولية قدمت تعريفاً لهذه التجارة وهي :
1- اتفاقية قمع الرق لسنة 1926: وتتميز هذه الاتفاقية بانها وضعت الاطار العام لعمليات الاتجار بالرقيق وذلك في المادة الاولى منها والتي ورد فيها ان تجارة الرقيق تشمل"جميع الأفعال التي ينطوي عليها أسر شخص ما أو احتيازه أو التخلي عنه للغير علي قصد تحويله إلي رقيق، وجميع الأفعال التي ينطوي عليها احتياز رقيق ما بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال التخلي، بيعا أو مبادلة عن رقيق تم احتيازه علي قصد بيعه أو مبادلته، وكذلك، عموما، أي اتجار بالأرقاء أو نقل لهم.
2- الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق لسنة 1956 : ونصت المادة السابعة منها على انه يقصد بالاتجار بالرقيق كل فعل بالقبض على أو اكتساب أو التنازل عن شخص من اجل جعله رقيقاً ، كل فعل اكتساب عبد لبيعه او لمبادلته ، وكل تنازل بالبيع او بالتبتدل لشخص في حوزة الشخص من اجل بيعه او تبادله ، وكذلك بصفة عامة كل عمل تجارة أو نقل للعبيد مهما كانت وسيلة النقل المستخدمة .
3- البروتوكول الدولي لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال لسنة والمكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الاتجار بالأشخاص لسنة 2002: وعرف هذا البرتوكول الاتجار بالاشخاص على النحو التالي: تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد والقوة، أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة، أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالع أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال، ويشمل الاستغلال كحد أدنى، استغلال بغاء الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء. ووفقاً لهذا التعريف يتكون الاتجار بالبشر من العناصر الآتية :
1- الفعل المتمثل في تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقليهم أو إيوائهم أو استقبالهم.
2- الوسائل المتمثلة في التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو حالة استضعاف أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر، وبالطبع إن هذه الوسائل لا يلزم استعمالها جملة واحدة بل تتحقق جريمة الاتجار بالبشر باستعمال وسيلة من هذه الوسائل ويؤكد ذلك استعمال عبارة (أو) وهي تفيد التخيير ولم يستعمل (و) وهي للمصاحبة والمشاركة .
3- الغرض من الاستغلال إن البروتوكول لم يعرف الاستغلال بل تضمن قائمة غير حصرية بأشكال الاستغلال التي تشمل كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
4- ويتمثل الالتزام في تجريم الاتجار بالبشر بصفته مجموعة من العناصر لا العناصر منفردة في حد ذاتها، ومن ثم فان أي سلوك يجمع بين أي من الأفعال والوسائل المذكورة ويسلك لأي من الأغراض المذكورة لابد من تجريمه بصفته اتجار بالبشر( ).

الفرع الثالث
التعريف التشريعي لظاهرة الاتجار بالبشر
ايماناً بخطورة الاتجار بالبشر باعتبارها خطرا على البشرية ، وتحرم الناس من حقوقهم وتنتهك كرامتهم صدر في سنة 2000 قانون يعد من اوائل التشريعات الصادرة في شأن مكافحة الاتجار بالبشر وهو قانون حماية ضحايا الاتجار والعنف الامريكي لسنة 2000 ، والذي عرف فيه صور الاتجار بالبشر، ولم يحدد المشرع الامريكي وسائل معينة يتم فيها فعل الاتجار بالبشر، وانما اعتبر استخدام الاكراه لاستغلال الشخص يعد من الاشكال القاسية للاتجار، كما ان القانون الامريكي ذكر اشكال الاستغلال وهي الاستغلال الجنسي والعمل القسري وعرف كل صورة باعتبارها تشكل اتجاراً بالبشر حيث عرف المتاجرة بالاشخاص لأغراض جنسية بانها (تجنيد شخص ما او ايواؤه او نقله او اتاحته للآخرين او الحصول عليه لغرض القيام بعمل جنسي لغرض تجاري) ( )وعرف السخرة المرتبطة بتسديد دين ما مستخدماً مصطلح عبودية الدين بدلاً من اسار الدين بانها ( تدل على وضع او حالة ال المدين الناشئة عن تعهده بتقديم خدماته او خدمات شخص ما يخضع لسيطرته كضمان للدين، وذلك إذا لم تحتسب قيمة تلك الخدمات وفقا لتقييمها بصورة معقولة لغرض تصفية الدين، او إذا لم يتم تحديد وتعريف طبيعة تلك الخدمات وطول فترة تقديمها)، واستخدم لفظ العبودية بدلاً من الاسترقاق وعرفها بانها وضع او حالة شخص تمارس عليه جميع السلطات المتعلقة بحق الملكية.( )
أما على الصعيد العربي فتعد دولة الامارات العربية الدولة الاسبق بين الدول العربية في مجال اصدار تشريع يكافح الاتجار بالبشر إذ عرف قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (51 ) لعام 2006 (2) الاتجار بالبشر في المادة الأولى بأنه " تجنيد أشخاص أو نقلهم أو ترحيلهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها و غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة الضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص أخر، لغرض الاستغلال ويشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو السخرة والخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء" ، ويلاحظ ان هذا التعريف يتفق الى حد كبير مع التعريف الوارد في بروتوكول الاتجار بالاشخاص السابق الاشارة اليه، الا انه رفع (الايواء) كأحد الوسائل المتخذة للاتجار بالاشخاص، كما اورد صور استغلال المجني عليه حصرا وليس على سبيل المثال، وهذا موقف غير سليم، وقد يؤدي الى افلاة الجناة من العقاب فيما لو ارتكب الاتجار بالبشر لغرض استغلال المجني عليه لغرض التسول او المخدرات غيرها من صور الاستغلال التي قد تظهر، وهو موقف يجافي العدل ويتناقض مع مكافحة هذه الجريمة.( )
كما عرف قانون مكافحة الاتجار بالبشر المصريِّ رقم 64 لسنة 2010( ) الاتجار بالبشر في المادة الثانية بأنه " يعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي, بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بها. أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسليم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالـــــغ ماليــــــــة, أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه, وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صوره, بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي واستغلال الأطفال في ذلك, وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية أو جزء منها" يتضح من خلال هذا التعريف أن المشرع المصري قد سار على نهج بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال بإيراده وسائل الاتجار على سبيل الحصر وصوره على سبيل المثال. إلا أن المشرع المصري قد أضاف إلى أفعال الاتجار المنصوص عليها في البروتوكول مصطلحات أخرى وهي (البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بها أو الاستخدام).
وفي العراق صدر قانون مكافحة الاتجار بالبشر العراقي رقم (28) لسنة 2012 حيث عرف المشرع العراقي الاتجار بالبشر في المادة الاولى من القانون ( ) بانه (يقصد بالاتجار بالبشر لأغراض هذا القانون تجنيد اشخاص او نقلهم او استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او بإعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة او ولاية على شخص اخر بهدف بيعهم او استغلالهم في اعمال الدعارة او الاستغلال الجنسي او السخرة او العمل القسري او الاسترقاق او التسول او المتاجرة بأعضائهم البشرية او لأغراض التجارب الطبية) .
وهو تعريف مستق من التعريف الوارد في بروتوكول الاتجار بالاشخاص الملحق باتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ( )، غير المشرع العراقي أجرى عليه تعديلات عدة وهي:
1ـ رفع لفظ (تنقيل الاشخاص) الوارد في البروتوكول واكتفى بالأفعال الاخرى وهي (التجنيد والنقل والايواء والاستقبال) وان مصطلح التنقيل ضمن السياق والإطار القانوني في هذا المحل يعني (تحويل واعطاء السيطرة والتحكم بالضحية الى شخص اخر يسمى " المستلم " للضحية والنمط الشائع للتحويل هو بيع الاشخاص المتاجر بهم الى شخص أخر) ( ) وان الأفعال الاخرى المذكورة في القانون العراقي لا تستوعب هذا المعنى، كما نلاحظ ان المشرع العراقي لم يذكر (الممارسات الشبيهة بالرق) التي عرفتها الاتفاقية التكميلية للرق والتي تعد من حالات استغلال البشر التي يعاني منها المجتمع العراقي، مثل منح النساء تعويضا الى قبيلة او عشيرة اخرى (الفصل العشائري) و (زواج الشغار) الذي يعطي الرجل فيه ابنته او اخته الى اخر ليتزوجها في مقابل اخذه ابنته او اخته ليتزوجها بلا مهر فتكون كلا منهما مهرا للأخرى ( ).
المطلب الثاني
صور الاتجار بالبشر
مايمييز جريمة الاتجار بالبشر هو تشعب اشكالها وصورها مما قد يتعذر معه حصر هذه الصور بمكان غير اننا سنحاول ان نبين اهم صور الاتجار بالبشر على سبيل المثل لا على سبيل الحصر: وهي
أولا - الاتجار الجنسي بالبشر: يعد الاستغلال الجنسي من اكثر صور الاتجار بالبشر انتشاراً على المستوى العالم بل واخطرها على الاطلاق نتيجة لما يحققه هذا النوع من الاتجار من ارباح مستمرة كون الانسان كسلعة طبقاً لهذه التجارة غير قابلة للاستهلاك في الزمن القصير( )، والاستغلال الجنسي هو صورة حديثة ومعاصرة للعبودية والاسترقاق التي تنتهك الحقوق الاساسية والجوهرية للبشر لاسيما الاطفال والنساء ( )،وعرَّفتْ المادة الأولى من اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949(2) دعارة الغير بأنها "استغلال شخص آخر أو إغوائه أو تضليله على قصد الدعارة حتى برضا هذا الشخص" وتتعدد اوجه الاستغلال الجنسي، فقد يتم استغلال النساء جنسيا بأشكال عدة، وكذلك بالنسبة للأطفال، فضلاً عن استغلال النساء والاطفال للاتجار بالمواد الاباحية.
أ-الاستغلال الجنسي للنساء: وفي هذه الصور تعامل المرأة كسلعة ذات قيمة سوقية ولا يأتي عمل الجنس مصادفة إذ يقوم الجنس بدور كبير في عالم الاقتصاد والسياسة حيث ينظر للنساء كمصادر ملذات ووسيلة للفساد والإفساد وتجارة الجنس تجارة رائجة تحقق مئات الملايين من الدولارات سنوياً وهذه الأرباح تتوقف على مدى تدفق النساء الأجنبيات عبر الحدود ( )،ومن الامثلة على هذا النوع من الاتجار، الاجبار على البغاء، والاجبار على العمل في النوادي الليلية او نوادي التعري، والاستغلال في ما يعرف " بالعرائس عبر طلبات البريد " والاجبار على البغاء العسكري، والاجبار على تجارة السياحة الجنسية ويشمل كذلك الاسترقاق للخدمة في المنازل باستغلال النساء جنسيا، والزواج بالإكراه ( ) .
ب – الاستغلال الجنسي للاطفال: ويتم هذا الاستغلال للاطفال في الغالب اما باستخدام الاكراه او عن طريق التحايل باستغلال عدم اكتمال إدراك الطفل بهذه الامور وانعدام الثقافة الجنسية ، وتتعدد صور الاستغلال الجنسي للأطفال، دعارة الاطفال، ومنها الاستغلال الجنسي للأطفال لأغراض تجارية، والسياحة لممارسة الجنس مع الاطفال ، وزواج القاصرات المؤقت، والتبني لغرض الاستغلال الجنسي ( ) .
ثانيا: الاتجار بالبشر لاغراض العمالة: ويقصد بهذه الصورة نقل الاشخاص من اماكن تواجدهم الطبيعية الى اماكن اخرى وذلك لغرض استخدامهم كعمال في شؤون الخدمة المنزلية القسرية ، أو اعمال البناء أو الاعمال الزراعية والورش ( )،أو التسول والاتجار بالبشر لاغراض العمالة صورة يقع ضحيتها كل من النساء والاطفال، تاخذ عدة وجوه كالعمل القسري الذي يعرف وفقاً لاتفاقية العمل الدولية الخاصة بالسخرة لسنة 1930 بانها كل عمل او خدمة تؤخذ عنوة من أي شخص تحت التهديد بأية عقوبة والتي لم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره، وكالتسول الذي يعرف بأنه الفعل الذي يمارسهُ الشخص وسيلة لاستجداء المال وجمعه من خلال استدرار عطف الناس) ( )، وينتشر بصورة خاصة في الدول العربية التي تتميز مجتمعاتها بطبيعتها العاطفية, ويتم استغلال الاطفال في التسول بأشكال عدة، فقد يقوم افراد الاسرة بتسفير الاطفال او نقلهم داخليا مصطحبين او غير مصطحبين من قبل شخص بالغ من الاسرة لاستغلالهم في التسول بصورة يومية ومنتظمة وطيلة اليوم( ) , او قد يقوم افراد بأخذ الاطفال من اسرهم لاستغلالهم في التسول وقد يكون بصورة قانونية اي بالتبني او غير قانونية وذلك بخطفهم من اسرهم( ) , وكتجنيد الاطفال إذ يعد تجنيد الأطفال صورة قاسية من صور الاتجار بالبشر وقد جُنِدَ عشراتُ الآلافِ من الأطفالِ دونَ سنِ الثامنة عشرة للمشاركة في النزاعات المسلحة وتختلف طريقة انضمامهم في صفوف المقاتلين فمنهم من يجند مثلاً ومنهم من يتطوع نتيجة حملات غسل الدماغ التي يقوم بها مسؤولون وآخرون يخطفون ويجدون أنفسهم أمام مصير واحد وهو القتال(3).
ثالثا :الاتجار بالاعضاء البشرية : ساهم التقدم العلمي في مجال الطب والجراحة في نمو عملية الاتجار بالأعضاء البشرية إذْ يصبح هذا العضو بالنسبة للمشتري والبائع هو الفرصة الأخيرة أو السلعة التي تحقق هدفه الأساسي ومن وجهة النظر الاقتصادية فان تجارة الأعضاء البشرية ليس الهدف الأساسي منها الصحة أو الحفاظ على حياة الأشخاص المحتاجين لها ولكن الهدف هو تحقيق الربح كما هو الحال بالنسبة لأي تجارة بالأنظمة الرأسمالية الحديثة(4)، ويقصد بالمتجارة بالأعضاء البشرية (كل عملية تتم بغرض بيع او شراء للأنسجة او عضو او اكثر من الاعضاء البشرية) ( ), ويتحقق الاستغلال بالاعضاء البشري وفق هذه الصورة من صور الاتجار بالبشر بنزع الانسجة البشرية ، وبيع الاعضاء البشرية، واجراء التجارب الطبية غير المشروعة .



المبحث الاول
تجريم الاتجار بالبشر في الاتفاقيات الدولية
لقد بدأ الأهتمام بتجارة الاشخاص (Human trafficking) في اواخر القرن التاسع عشر فعقد مؤتمر لندن عام 1899 ، واسفر عن بعض التوصيات وضعت اسس التعاون الدولي في مجال حظر الاتجار بالاشخاص ، ومن ثم تصاعدت جهود المجتمع الدولي ، فعقد مؤتمر باريس بدعوة من فرنسا عام 1902 لمحاولة تنفيذ وصايا مؤتمر لندن إذا أسفر المؤتمر عن اتفاق دولي من أجل حماية فعالة من الاتجار بالرقيق الابيض ، فجاءت اتفاقية 18 آيار 1904 لحظر الاتجار بالرقيق الابيض كأول اتفاقية تناول هذا الموضوع ( ) ثم تلا ذلك منظمومة قانونية من الاتفاقيات الدولية وهذا يعني إن المجتمع الدولي قد أولى اهمية خاصة لموضوع الاتجار بالبشر، وافرد لهذه الغاية مجموعة من الصكوك الدولية وعلى راسها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية،والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها ،وايضا البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل الخاص باشراك الاطفال بالنزاعات المسلحة والبروتوكول الاختياري الاخر بخصوص بيع الاطفال واستخدامهم في البغاء والمواد الاباحية، ايضا اتفاقية تحريم السخرة لعام 1957، والاتفاقية الخاصة بالرق لعام 1926،واتفاقية حظر اسوا اشكال عمل الاطفال والاجراءات الفورية للقضاء عليها رقم 182،واتفاقية حظر الاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير لعام 1949 والعديد من الاتفاقيات والقرارات الخاصة بالنساء والاطفال والعمل الجبري وعلى الرغم من أن البيانات المستمدة من الهيئات الدولية لا تمكن وحدها من إدراك حجم تدفقات الاتجار بالبشر، فإنها قد تعطي فكرة عن بلدان المنشأ وبلدان المقصد ، وعن المكان الذي تم فيه الإيقاع بالضحايا والمكان الذي نقلوا إليه ،فمعظم نشاط الاتجار بالبشر يتم عبر الحدود بين بلدان من نفس المنطقة عموما، ولا سيما بين بلدان متجاورة، غير أن هناك أيضا أدلة على حدوث الاتجار بالبشر بين القارات.( )
المطلب الاول
الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان
يستند نظام الامم المتحدة بشإن حماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية الى ثلاث وثائق اساسية تشكل مايسمى بالاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 ، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 وتستند هذه الوثائق الدولية في مضمونها الى ميثاق الامم المتحدة لسنة 1945 الذي إهتم بحقوق الإنسان وحرياته الاساسية في مواضع كثيرة بدءاً من يباجته التي جاء فيها بإن شعوب الأمم المتحدة قد آلت على نفسها.. وأنها تؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن تبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن تدفع بالرقي الاجتماعي قدما، وبإن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح، انتهاءً بما جاءت به مواد الميثاق والتي تضمنت النص في المادة 1 /2 إن من اهداف المنظمة :" إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام" ، كما تضيف المادة ا/ف 3 بإن من اهداف المنظمة ايضاً "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء" .
ووفقاً لما تقدم سنحاول ان نسلط الضوء كيف تولت الوثائق الاساسية للامم المتحدة حماية الانسان من ضاهرة الاتجار بالبشر من خلال تقسيم هذا المطلب الى ما يأتي:
الفرع الاول
الاتفاقيات الدولية العالمية المتعلقة بحقوق الانسان
أولاً :الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948: صدرت الوثيقة الابرز في مجال حقوق الانسان وهي الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهي وثيقة تاريخية هامة في مجال حقوق الإنسان صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 كانوان الأول/ ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، وهو يحدد، للمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياوترجمت تلك الحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم ( )، وقد وضع في ديباجته معايير عامة تمنع التمييز بكافة انواعه واكد على الاعتراف بكرامة جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة كونه يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وبإن تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية أذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة، وعليه فقد نص على حق كل انسان بالتمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات، دون تمييزأي أيِّ بسبب النوع أو التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته أما لمادة الثالثة منه فقد اكدت على حق الانسان في الحرية ، وذكرت المادة الرابعة الاستراقاق صراحة فحظرته والاتجار بالرقيق بكافة اشكالهما.
ثانيا: العهدين الدولين للحقوق والحريات لسنة 1966
- العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية لسنة 1966: اعتمد العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر1966، والذي اعتبر نافذاً بتاريخ 23 مارس 1976، وقد جاء العهد الدولي بنص مماثل لنص لما جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وذلك في المادة الثامنة منه التي نصت على أنه( لا يحوز استرقاق أحد) ، وبأنه يحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما واشكالهما، ولا يجوز إخضاع أحد للعبودية ، ويتضح إن هذه المادة قد ميزت بين مصطلح الاسترقاق ومصطلح الاستعباد ، حيث يرى اتجاه ان مصطلح الاسترقاق يمثل قضاءً على الشخصية القانونية للفرد ويعتبر بذلك مصطلحا ذات مفهوم نسبياً أما الاستعباد فهو المصطلح الذي يحمل المفهوم الاعم ويشمل جميع الاشكال الممكنة لسيطرة الانسان على الانسان ، والرق في راية هو الشكل المالوف من اشكال هذه السيطرة. ( )
-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 : اعتمد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعة العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966
ودخل حيز النفاذ في 3 يناير 1976 ( )، ولقد جاء هذا العهد ليؤكد على حماية الانسان من ضاهرة الاتجار بالبشر لا سيما الاطفال حيث نصت المادة 10 من العهد على وجوب اتخاذ تدابير خاصة لحماية ومساعدة جميع الأطفال والمراهقين، دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف، واكدت على وجوب حماية الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، وبانه يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الأضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى بنموهم الطبيعي، وعلى الدول أيضا أن تفرض حدودا دنيا للسن يحظر القانون استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور ويعاقب عليه.( )
الفرع الثاني
الاتفاقيات الإقليمية الخاصة بحقوق الانسان
أولاً-الاتفاقية الاوربية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية لسنة 1950: وتعد من أهم الاتفاقيات التي ترتبط بالمجلس الاوربي والاتحاد الاوربي ، حيث بدءت فكرتها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بهدف تطوير وترقية حقوق الإنسان ، وقد صنفت هذه الاتفاقية حقوق الانسان بأسس مختلفة منها حقوق اساسية وذات اهمية خاصة وحقوق لا تتمتع بهذه الأهمية بالاضافة للحقوق الشخصية والتي اعتبرت أهم كونها تتعلق بالانسان كالحق بالحياة ( )، حيث جاء في المادة 1 منها " تضمن الأطراف السامية المتعاقدة لكل إنسان يخضع لنظامها القانوني الحقوق والحريات المحددة في القسم الأول من هذه المعاهدة"، كما حظرت هذه الاتفاقية الاسترقاق والعمل الجبري حيث نصت في المادة 4 منها على انه لا يجوز:
1- استرقاق أو تسخير أي إنسان.
2- أو أن يطلب من أي إنسان أداء عمل جبراً أو سخرة.... ( )
ثانياً الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان لسنة 1969: ونصت هذه الاتفاقية على انه لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة، وان هذا الحق يحميه القانون، وبشكل عام، منذ لحظة الحمل، ولا يجوز أن يحرم أحد من حياته بصورة تعسفية، كما نصت على حظر الاسترقاق والعبودية حيث جاءت المادة 6 تحت عنوان "تحريم الرق والعبودية " وتضمن النص على انه لا يجوز إخضاع أحد للعبودية أو الرق غير الإرادي، فهما محظوران بكل أشكالهما، وكذلك الاتجار بالرقيق والنساء، وبإنه لا يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي، وفي البلدان التي تجيز المعاقبة على بعض الجرائم بالسجن مع الأشغال الشاقة، لا يجوز تفسير النص الحالي على نحو يجعله يمنع تنفيذ تلك العقوبة الصادرة عن محكمة مختصة، ومع ذلك لا يجوز للعمل الإلزامي أو الشغل الشاق أن يؤذي كرامة السجين أو قدراته الجسدية أو الفكرية.
ثالثا: الميثاق الافريقي لحقوق الانسان لسنة 1981: هو معاهدة دولية صاغتها الدول الأفريقية تحت غطاء منظمة الوحدة الأفريقية) الاتحاد الأفريقي حاليا) وطرح مشروع الميثاق للتوقيع عليه خلال قمة نيروبي في 27 يونيو 1981، ودخلت حيز النفاذ 21 اكتوبر 1986، وعلى الرغم من تقسيمه الى ثلاثة اجزاء الا ان اتساع المحتوى الموضوعي له جعله اقرب الى اعلانات الحقوق، وقد نص هذا الميثاق على انه لا يجوز انتهاك حرمة الإنسان ومن حقه احترام حياته وسلامة شخصه البدنية والمعنوية ولا يجوز حرمانه من هذا الحق تعسفا، وحرصاً على الاعتراف بضرورة احترام الكرامة الانسانية حظر المثاق كافة أوجه الاستغلال وذلك بموجب المادة 5 والتي جاء فيها " لكل فرد الحق فى احترام كرامته والاعتراف بشخصيته القانونية وحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستعباده خاصة الاسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللاإنسانية أو المذلة، وفي عام 1990 تم اقرار المثاق الافريقي لحقوق ورفاهية الطفل الذي اكتسب اهمية خاصة باعتباره اول المواثيق الاقليمية التي افردت نصوصاً خاصة بحظر تشغيل الاطفال واستغلالهم جنسياً واختطاف وبيع الاطفال والاتجار بهم كما انه الزم الدول الاطراف بضرورة اتحاذ التدابير التشريعية لمنع بيع الاطفال والاتجار بهم.

المطلب الثاني
الاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر الاسترقاق
ورد حظر الاسترقاق تدريجياً في العديد من الاتفاقيات الدولية ابتداً بالاتفاقية الخاصة بالعبودية لسنة 1925 ثم الاتفاقية التكميلة لابطال الرق وتجارة الرقيق والاعراف والممارسات الشبيه بالرق لسنة 1956 والتي نصت في المادة الاولى منها على ضرورة التزام الدول على منع الرق ومحاربته وابطال اعرافه وممارسته بما في ذلك المممارسات المشمولة في الاتفاقية القديمة وتلك غير المشمولة بها وهي بموجب الفقرتين أ وب من هذه المادة بأسار الدين والقنانة.
الفرع الاول
الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926
وتعرف هذه الاتفاقية ايضاً باسم اتفاقية "قمع تجارة الرقيق" وهي اتفاقية دولية تم إنشاؤها تحت رعاية عصبة الأمم، وقد اكدت الدول الاطراف في ديباجتها عزمهم على ضمان القضاء الكامل علي الرق بجميع صوره وعلي الاتجار بالرقيق في البر وفي البحر، وبإنه في ضوء تقرير لجنة الرق المؤقتة التي عينها مجلس عصبة الأمم المتحدة في 12 حزيران/يونيه 1924 وقعت هذه الاتفاقية في 25 سبتمبر 1926، وسجلت في عصبة الأمم سلسلة معاهدات في 9 مارس 1927 وفي نفس اليوم دخلت حيز التنفيذ. كان الهدف من الاتفاقية التأكيد ودفع قمع الرق وتجارة الرقيق حيث عرفت الرق في المادة 1 على "انه حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها" ،كما وضعت الاطار العام لعمليات الاتجار بالرقيق بانها تشمل"جميع الأفعال التي ينطوي عليها أسر شخص ما أو احتيازه أو التخلي عنه للغير علي قصد تحويله إلي رقيق، وجميع الأفعال التي ينطوي عليها احتياز رقيق ما بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال التخلي، بيعا أو مبادلة عن رقيق تم احتيازه علي قصد بيعه أو مبادلته، وكذلك، عموما، أي اتجار بالأرقاء أو نقل لهم.
ويتضح من النصوص اعلاه ان هذه الاتفاقية قد تناولت الصور الاكثر شيوعاً في ذلك الوقت من عمليات الاتجار بالبشر وهي تجارة الرقيق ، حيث كان يستخدم الافارقة بصفة خاصة والعديد من الاشخاص من امريكا اللاتينية وقارة آسيا كعبيد ، وهذا ماجعل دول الأطراف في عصبة الامم المتحدة تدارك خطورة هذه الجرائم على الجنس البشري مستقبلاً وحماية الافراد من هذه الجرائم ( ) ، وعليه جاءت اتفاقية الرق هذه بالتزمات دولية تهدف الى القضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر كتعهد الأطراف المتعاقدون، في ما يخص الأقاليم الموضوعة تحت سيادتهم أو ولايتهم أو حمايتهم أو سلطانهم أو وصايتهم باتخاذ التدابير الكفيلة بمنع الاتجار بالرقيق والمعاقبة عليه، والعمل، تدريجيا وبالسرعة الممكنة، وصولاً للقضاء كليا على الرق بجميع صور واشكاله ( )، كما والزمت المادة الرابعة من اتفاقية قمع الرق الأطراف المتعاقدون بتبادل كل مساعدة ممكنة من أجل القضاء على الرق وتجارة الرقيق، واوجبت الاتفاقية على الاطراف أن تعترف بأن اللجوء إلي العمل القسري أو أي عمل أعمال السخرة يفضي إلى نتائج خطيرة، وبالتالي يتعهدون، بخصوص الاقاليم الموضوعة تحت سيادتهم والاقاليم ذات الوضع الخاص باتخاذ جميع التدابير الضرورية للحؤول دون تحول العمل القسري أو عمل السخرة إلي ظروف تماثل ظروف الرق وعليه لا يجوز فرض العمل القسري أو عمل السخرة إلا من أجل أغراض عامة، وفي الأقاليم التي لا يزال العمل القسري أو عمل السخرة باقيا فيها لغير الأغراض العامة، يعمل الأطراف السامون المتعاقدون علي وضع حد لهذه الممارسة تدريجيا وبالسرعة الممكنة، وبعدم اللجوء إلي نظام السخرة أو العمل القسري، ما ظل قائما، إلا علي أساس استثنائي في جميع الأحوال، ودائما لقاء أجر مناسب ودون إجبار العمال علي الرحيل عن مكان إقامتهم المعتاد،.( )
الفرع الثاني
الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق لسنة 1956
اعتمدت هذه الاتفاقية من قبل مؤتمر مفوضين دعي للانعقاد بقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 608 (د-21) المؤرخ في 30 أبريل 1956 وحررت في جنيف في 7 سبتمبر 1956، ثم دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 30 أبريل 1957، وتتميز هذه الاتفاقية بانها قد اضافت صوراً جديدة وممارسات اخرى تاخذ شكل الرق ولم تذكر في اتفاقية الرق حيث ان الاتفاقية التكميلية قد تلافت أوجه القصور التي وردت في الاتفاقية الأصلية وتداركت الكثير من خلال وضع مفهوم أوسع للرق ، فقد تعدت الدول الاطراف بموجبه باتخاذ جميع التدابير التشريعية وغير التشريعية القابلة للتنفيذ العملي والضرورية للوصول تدريجيا وبالسرعة الممكنة إلي إبطال أو هجر الأعراف والممارسات الشبيهة بالرق حيثما استمر وجودها، وسواء شملها أم لم يشملها تعريف "الرق" الوارد في الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926 وتشمل الصور الجديد مايأتي :
1- إسار الدين، ويراد بذلك الحال أو الوضع الناجم عن ارتهان مدين بتقديم خدماته الشخصية أو خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه، إذ كانت القيمة المنصفة لهذه الخدمات لا تستخدم لتصفية هذا الدين أو لم تكن مدة هذه الخدمات أو طبيعتها محددة،
2- القنانة، ويراد بذلك حال أو وضع أي شخص ملزم، بالعرف أو القانون أو عن طريق الاتفاق، بأن يعيش ويعمل علي أرض شخص آخر وأن يقدم خدمات معينة لهذا الشخص، بعوض أو بلا عوض، ودون أن يملك حرية تغيير وضعه،
3- أي من الأعراف أو الممارسات التي تتيح بتزويج امرأة، أو تزويجها فعلا، دون أن تملك حق الرفض، ولقاء بدل مالي أو عيني يدفع لأبويها أو للوصي عليها أو لأسرتها أو لأي شخص آخر أو أية مجموعة أشخاص أخري، أو منح الزوج أو أسرته أو قبيلته حق التنازل عن زوجته لشخص آخر، لقاء ثمن أو عوض آخر، إمكان جعل المرأة، لدى وفاة زوجها، إرثا ينتقل إلي شخص آخر.
4- أي من الأعراف أو الممارسات التي تسمح لأحد الأبوين أو كليهما، أو للوصي، بتسليم طفل أو مراهق دون الثامنة عشرة إلي شخص آخر، لقاء عوض أو بلا عوض، علي قصد استغلال الطفل أو المراهق أو استغلال عمله.
كما تناولت الاتفاقية حظر الاتجار بالرقيق واعتبرته جريمة دولية وذلك ضمن المادة الثالثة منها يشكل نقل الرقيق من بلد إلي آخر بأية وسيلة، أو محاولة هذا النقل أو الاشتراك فيه، جرما جنائيا في نظر قوانين الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، ويتعرض الأشخاص الذين يدانون بهذه الجريمة لعقوبات شديدة جدا، وتناولت الاتفاقية ايضاً التدابير الدولية الكفيلة بمكافحة الاتجار بالبشر فنصت على ضرورة التعاون الدولي وتبليغ المعلومات بين الدول الاطراف بالاضافة الى تعاونهم مع الامم المتحدة من خلال تعهد الدول الأطراف بأن يرسلوا إلي الأمين العام للأمم المتحدة صورا من أي قانون وأي نظام وأي تدبير إداري تتخذه أو تعمل به إنفاذا لأحكام هذه الاتفاقية، والذي بدوره الأطراف الأخرى والمجلس الاقتصادي والاجتماعي كجزء من الوثائق المفيدة في أي نقاش قد يضطلع به المجلس بغية وضع توصيات جديدة من أجل إبطال الرق أو تجارة الرقيق أو الأعراف والممارسات موضوع هذه الاتفاقية.
المطلب الثالث
الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحظر الاتجار بالبشر.
على الرغم من إن جريمة الاتجار بالبشر تندرج تحت المفهوم العام لجريمة الاسترقاق لكونها تشكل ممارسة لحق الملكية على الشخص إلا إن المجتمع الدولي منذ بدايات القرن العشرين أعطى اهتمام خاصاً لجريمة الاتجار إذا استهدفت فئة معينة من الاشخاص وهم النساء والاطفال كونها الفئة التي تتعرض للفقر أكثر من غيرها من البشر ، وتفتقر الى التعليم وتتعرض للبطالة المزمنة والتمييز الذي يمارس ضدها فابرمت لهذا الغرض العديد من الاتفاقيات الدولية وتمثلت هذه بالاتفاقية الدولية لقمع الاتجار بالنساء والاطفال لسنة 1921، الاتفاقية الدولية الخاصة بقمع الاتجار بالنساء الراشدات لسنة 1933، اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2002، برتوكول الامم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص لاسيما النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2002.
الفرع الأول
اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بحظر الاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949
أقرت الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 1949 صكوك دولية متعلقة بحظر الاتجار بالبشر ومن ضمنها اتفاقية حظر الاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير ، وقد وحدت هذه الاتفاقية أربعة صكوك دولية في هذا الشأن كانت قد أعدت في وقت سابق تحت اشراف الامم ، وتعد هذه الاتفاقية تطوراً لمفهوم الاتجار بالشر حيث ادى توسيع نطاقها ليشمل جميع الاشخاص ذكوراً كانوا أم نساءً ( ) ، وتحظر هذه الاتفاقية وتعاقب كل من يقوم بالاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير بأية صورة وسميت بالاتفاقية الدولية لتحريم الاتجار بالرقيق الابيض لسنة 1949، وتعد اهم الاتفاقيات على صعيد تجريم الاتجار بالاشخاص لأغراض الدعرة حيث قضت بإنزال العقاب بأي شخص يقوم، إرضاء بقوادة شخص آخر أو غوايته أو تضليله، بقصد الدعارة، سواء وقع الفعل برضاء هذا الشخص،أو بدون رضاه ، كما نصت على معاقبة من يقوم باستغلال دعارة الغير، حتى برضاء هذا الغي، كما التزمت أطراف الاتفاقية، كذلك، على إنزال العقاب بكل شخص: يملك أو يدير ماخورا للدعارة، أو يقوم، عن علم، بتمويله أو المشاركة في تمويله،ويؤجر أو يستأجر، كليا أو جزئيا، وعن علم، مبني أو مكانا آخر لاستغلال دعارة الغير ومن هنا جاء حق كل شخص ذكراً كان أم انتثى في حمايته من أي فعل يمس كرامته كحمايته من أعمال الدعارة وخاصة النساء باعتبار ان هذه الاعمال مخلة بالاداب العامة ومسيئة بحقهن لكرامة الانسان، وعليه فقد تناولت باقي المواد الأمور التنظيمية والتدابير التي على الدول اتخاذها لمنع ارتكاب هذه الجريمة من خلال اجهزة الدولة ذات الصلة ، كما دعت لتوفير الرعاية والتأهيل لضحايا هذه الجريمة واعادتهم الى مكانهم في المجتمع كما تظمنت وضع الترتيبات لإعادة الضحايا الى اوطانهم شريطة رغبتهم بذلك آخذين بنظر الاعتبار بأن لا ينفذ ترحيلهم إلا بعد الحصول على اتفاق مع الدولة التي سيذهبون اليها ، وحثتت الدول على تسهيل مرور هؤلاء الاشخاص وتحمل الدول تكاليف عودتهم إلى اوطانهم في حال وجود معيل لهم.( )
الفرع الثاني
اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979
تعتبر اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة منذ اعتمادها في سنة 1979 الشرعة الدولية العالمية لحقوق جميع النساء فالبرغم من تبني الاعلان العالمي لحقوق الانسان، واعتماد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاجية والاجتماعية والثقافية في سنة 1966 بالاضافة الى عدد من الاتفاقيات والاعانات والقرارات الاخرى المتعبقة بحقوق المرأة ومنها اتفاقية المساواة في الاجور لسنة 1951 واتفاقية الحقوق الساسية للمرأة لسنة 1952 والاتفاقية بشأن الرضا بالزواج ، والحد الادنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج لسنة 1962 ، واعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967 ، واعلان حماية النساء والاطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة لسنة 1974 سرعان ما ادرك المجتمع الدولي ان المرأة تحتاج الى صك دولي شامل لضمان حقوقها كاملة.( )
وقد اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 34/180 المؤرخ في 18ديسمبر1979،ودخلت حيز النفاذ في 3 / سبتمبر 1981، إذ يساورها القلق ، مع ذلك لأنه يزال هناك ، على الرغم من تلك الصكوك المختلفة، تمييز واسع النطاق ضد المرأة،, وقد جاء في ديباجتها النص على أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبدأى المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة ،على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعوق نمو رخاء المجتمع والاسرة ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية وبانها يساورها القلق ، وهى ترى النساء ،في حالات الفقر ، لا ينلن إلا أدنى نصيب من الغذاء والصحة والتعليم والتدريب وفرص العمالة والحاجات الأخرى، وانها تؤمن بان إقامة النظام الاقتصادى الدولي الجديد ، القائم على الإنصاف والعدل ،سيسهم إسهاما بارزا في النهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة وعليه فقد تم ابرام هذه المعاهدة التي حددت المقصود بمصطلح التمييز ضد المرأة في المادة الاولى منها على انه أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من إثارة أو أغراضه توهين أو إحباط الإعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أى ميدان آخر ، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها ، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل، وعليه فقد نصت هذه الاتفاقية على بنوداً تشجب فيها الدول الاطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وان تنتهج بكل الوسائل المناسبة سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة منها ادماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير والتشريعات وفرض حماية قانونية لحقوق المرأة والغاء الاحكام الجزائية التي تعد تمييزاً ضد المرأة.( )
واشارت ايضاً الى وجوب ان تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة،بما في ذلك التشريعى منها،لمكافحة جميع أشكال الإتجار بالمرأة واستغلال بغاء المرأة، حيث يضهر من هذا النص القانوني الصريح ان الاتفاقية قد أقرت حماية قانونية خاصة من ظاهر الاتجار وهو مايعد خطوة ايجابية على مستوى دولي شامل.



الفرع الثالث
اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989
والبرتوكولين الاضافيين الملحقين بها لسنة 2000
جاء اعتماد اتفاقية حقوق الطفل بمثابة تتويج لما يزيد على ستة عقود من العمل على تطوير وتدوين القواعد الدولية المعنية بحقوق الطفل. إذ صدر إعلان جنيف في عام 1924 كأول وثيقة دولية خاصة بحقوق الطفل. وتعد الاتفاقية بمثابة قائمة فريدة في شمولها لمعايير حقوق الإنسان المتعلقة بالأطفال. إذا فضلا عن كونها تتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للأطفال، فقد اهتمت أيضا بوضعية الأطفال في النزاعات المسلحة والأطفال اللاجئين. وتحظى اتفاقية حقوق الطفل بما يشبه الإجماع العالمي فكل دول العالم أطرافا في الاتفاقية فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية والصومال ، واعتمدت اتفاقية حقوق الطفل في 20 نوفمبر 1989، ودخلت حيز النفاذ في أيلول/سبتمبر 1990 ( ) ، وعرفت الطفل بموجب المادة الاولى منه الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه ، وعالجت هذه اتفاقية عدة مسائل منها مانصت عليه المادة 19 والتي الزامت الدول الأطراف كافة باتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة من اجل حماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، سواء كان الطفل في رعاية الوالدين أو الوصي القانوني الأوصياء القانونيين عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته، ويجب أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الاقتضاء، إجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها ، فضلا عن معالجتها للاتجار بالاطفال حيث كان طبيعياً ان تتعرض هذه الاتفاقية لمكافحة بغاء الاطفال واستغلالهم جنسياً ، إذ نصت المادة 34 منها على ان تتعهد الدول الاطراف بحماية الطفل من كل اشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي من خلال تشريعاتها الداخلية أو من خلال التعاون الثنائي والجماعي مع باقي الدول، وذلك من أجل حماية الطفل في أي مكان في العالم ، وكذلك من كافة الممارسات الجنسية الاخرى غير المشروعة وحمايته في العروض والمواد الاباحية الداعرة من خلال شرائط الفيديو والصور أو عن طريق الانترنت ( ) ، ويلاحظ من هذه المادة انها الزمت الدول الاطراف بحماية من أي صورة من صور الاستغلال الجنسي دون الاعتداء براي الطفل طالما لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره حيث ان الصور السالفة تمثل صوراً للاتجار بالبشر، وقد الحق باتفاقية حقوق الطفل البروتوكولين الاختياريين للاتفاقية بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية وبشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة في 25 مايو 2000، ودخلا حيز النفاذ في 18 يناير 2002، وتشمل الأحكام الرئيسية الواردة في البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل والخاص باشتراك الأطفال في النـزاع المسلح على: التزام الدولة الطرف فيه بأن تتخذ جميع التدابير الممكنة عمليا لكفالة عدم اشتراك أفراد قواتها المسلحة الذين يقل سنهم عن ثمان عشرة سنة اشتراكا مباشرا في الأعمال العدائية. وأنه لا يجوز للدول الأطراف تجنيد قسريا أي شخص لم يبلغ سن الثامنة عشرة. كما يحظر البروتوكول على الجماعات المتمردة أو الجماعات المسلحة غير الحكومية تجنيد الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم ثمان عشرة سنة أو استخدامهم في الأعمال العدائية. ويطالب الدول الأطراف بتجريم هذه الممارسات وأن تتخذ التدابير المناسبة لمنع هذه الجماعات من تجنيد واستخدام الأطفال. وبموجب البروتوكول على الدول الأطراف أن ترفع الحد الأدنى لسن التجنيد الطوعي فوق خمس عشرة سنة. ويجب وضع التدابير اللازمة للتأكد من أن تجنيد الأشخاص الذين يقل عمرهم عن ثمان عشرة هو طوعي بالفعل، وأنه يتم بموافقة عن علم من والدي الشخص أو أوصيائه القانونيين، وأن يكون المجندون على علم كامل بالواجبات التي سيضطلعون بها في الخدمة العسكرية، والتأكد من عمر المجند.
أما البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشإن بيع الاطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الاباحية لسنة 2000، فكان دوره فعال وشديد في مكافحة الاتجار بالبشر اذ عرفت المادة الثانية المقصود بعمليات "بيع واستغلال الاطفال "على انه يقصد ببيع الاطفال إي فعل يتم بمقتضاه نقل طفل من جانب إي شخص أو مجموعة من الاشخاص الى شخص آخر لقاء مكافأة أو أي شكل أخر من أشكال العوض، أما استغلال الاطفال فيقصد به استخدام طفل لغرض انشطة جنسية لقاء مكافأة أو أي شكل آخر من اشكال العوض، وقد الزمت المادة الثالثة من ذات البرتوكول الدول الاطراف بإنزال العقوبة على مرتكبي الافعال التي جرمها البرتوكول وتضمين قوانينها الجنائية العقاب سواء ارتكبت هذه الجريمة داخل اقليمها أو خارجه بشكل فردي أو منظم كما توجب المادة الرابعة من البرتوكول على الدول الاطراف اتخاذ التدابير لاقامة ولايتها القضائية على الجرائم المشار اليها، بالبروتوكول وفي حال ارتكبها على اقليمها أو على متن سفينة أو طائرة مسجلة في تلك الدولة اتخاذ التدابير في حالات مختلفة كأن يكون المجرم أو الضحية مواطن أو مقيم ، كما توجب المادة اتخاذ ماهو ضروري لإقامة ولايتها القضائية على الجرائم التي نص عليها البرتوكول وتحديداً عندما يكون المجرم المتهم موجوداً في اقليمها ولا تقوم بتسليمه أو تسليمها الى دولة اخرى طرف في البروتوكول على اساس ان الجريمة ارتكبها مواطن من مواطنيها وان لا يستبعد هذا البرتوكول اي ولاية قضائية جنائية تمارس وفقاً للقانون الدولي.
الفرع الرابع
برتوكول الامم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص لاسيما النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2002
بحلول أواخر التسعينات انتقلت قضية الاتجار بالبشر من منظمومة حقوق الانسان الدولية الى مجال عمل مكتب المخدرات والجرائم مما انعكس من خلال اعتماد اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبرتوكول الملحق بها لمنع الاتجار بالبشر المعروف ببروتوكول باليرمو والذي كان له صدى وقبول في المجتمع الدولي، فهو يعد تعبيراً عن الاهتمام الدولي بهذ المشكلة ( )، ويتمثل غرض البروتوكول بتعزيز التعاون الدولي من اجل مكافحة ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال بصورة غير مشروعة، وقد عرف البروتوكول الاتجار بالبشر في المادة 3 منه على انه " تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض استغلال،ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء ، وبخصوص موافقة ضحية الاتجار فإن البروتوكول المذكور لم يعط لتلك الموافقة أي اعتبار عندما يتم الإتجار بالضحية بواسطة استخدام أية وسيلة من الوسائل المبينة في التعريف، والتي تتمثل في التهديد بالقوة، أو استخدام تلك القوة ، أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة، أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية، أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر.
كما ونص البروتوكل على اتخاذ اجراءات فعالة لمنع وقمع الاتجار بالبشر تشمل كافة تدابير منع ذلك الاتجار ومعاقبة المتاجرين وحماية ضحايا ذلك الاتجار بوسائل منها حماية حقوقهم الإنسانية المعترف بها دولياً وقد اختصت المادة السادسة ببيان الوسائل والإجراءات اللازمة لمساعدة ضحايا الاتجار بالأشخاص وحمايتهم مثل جعل الإجراءات القانونية المتعلقة بمكافحة ذلك الاتجار سرية، وذلك صوناً للحرمة الشخصية للضحايا فضلاً عن توفير الرعاية والضمانات لحقوقهم الأساسية مثل الرعاية الصحية عند اقتضائها والمأوي اللائق والمساعدة القانونية لتعريفهم بحقوقهم القانونية . وفرص توفير التعليم والعمل وإمكانية الحصول علي التعويض المادي الجابر للأضرار التي لحق بهم سواء الأضرار المادية أو الأدبية ، وقد عنيت المادة السابعة ببيان وضع ضحايا الاتجار بالأشخاص في الدول المستقبلة وذلك بإمكانية بقائهم في أراضيها سواء بصورة دائمة أو مؤقتة مع مراعاة الجوانب الإنسانية عند اتخاذ القرار في هذا الشأن وقد جاءت المادة الثامنة بتحديد البديل لما هو وارد بالمادة السابقة، وذلك ببيان أحكام إعادة ضحايا الاتجار بالأشخاص إلي أوطانهم، وذلك بوضع بعض الالتزامات علي الدولة الطرف التي يكون ضحايا الاتجار بالأشخاص من رعاياها أو كانوا يتمتعون بحق الإقامة الدائمة فيها مثل تسهيل عودتهم إلي بلدانهم بصورة آمنة مع التحقق من صفتهم كضحايا لهذا النشاط غير المشروع، فضلاً عن توفير الوثائق اللازمة لسفرهم في حالة فقدهم إياها مع الأخذ في الاعتبار أية اتفاقات أو ترتيبات ثنائية متعددة الأطراف تحكم عودة هؤلاء الضحايا.
بالمنع والتعاون والتدابير الأخرى من خلال وضع السياسات والبرامج اللازمة لحماية الضحايا ولمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص مع القيام بتدابير مثل البحوث والحملات الإعلامية والتعليمية اللازمة للتوعية بمخاطر هذا النشاط غير المشروع، فضلاً عن زيادة التعاون مع المنظمات غير الحكومية وغيرها من منظمات المجتمع المدني المعنية بهذا الموضوع وفقاً لما ورد بالمادة التاسعة وبينت المادة العاشرة وسائل تبادل المعلومات مع كفالة سرية تلك المعلومات حسب الاقتضاء، وذلك فيما يتعلق بالأفراد الذين يعبرون الحدود أو عقدوا العزم علي عبورها بوثائق تخص أشخاصا آخرين أو بدون وثائق ولتحديد صفة هؤلاء الأشخاص عما إذا كانوا ضحايا أو مرتكبي الجريمة . إيضاح الإجراءات الواجب إتباعها لحفظ المعلومات المتعلقة بالوسائل والأساليب التي تستخدمها الجماعات الإجرامية المنظمة بقصد الاتجار بالأشخاص . وقد وضحت الفقرة الثانية من المادة العاشرة أهمية وسائل التدريب والمساعدة التقنية والمالية والمادية اللازمة لمكافحة تلك الظاهرة وخاصة تدريب موظفي الهجرة ومأموري الضبط القضائي المختصين بمكافحة الاتجار بالأشخاص مع شرح ومراعاة حقوق الإنسان والترتيبات اللازمة التي قد تتعلق بالأطفال أو نوع الجنس. أما المادة الحادية عشرة فقد تناولت التدابير الحدودية والتي حثت علي زيادة فعالية تدابير مراقبة السفر والعبور وفعالية التعاون عبر الحدود بين أجهزة الضبط القضائي وإرساء التزام الناقلين التجاريين فيما يتعلق من التأكد من حمل الركاب لوثائق السفر اللازمة لدخول الدولة المستقبلة وحددت المادة الثانية عشرة السبل المتعلقة بأمن الوثائق ومراقبتها، بحيث يصعب تزوير أو إساءة استعمال تلك الوثائق، وأوردت المادة الثالثة عشرة منهجية التعاون فيما يتعلق بالتأكد من شرعية الوثائق وصلاحيتها .
ونخلص من استعراض أحكام بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار في الأفراد خاصة النساء والأطفال الى انه على الرغم من انه يعطي اهمية للنساء والاطفال الا ان نطاقه يشمل مختلف الاشخاص بغض النظر عن اللون أو الجنس او السن أو اللغة ، كما انه يؤكد على ضرورة قيام جميع الدول الأطراف بمكافحة وتجريم عملية الاتجار بالبشر، وعلي أن تمد يد المساعدة والحماية لضحايا هذه التجارة، وأن تتعاون علي الصعيد الدولي من أجل تحقيق هذه الأهداف ، وعليه فالبروتوكول يقدم معالجة عالمية شاملة لمكافحة هذه التجارة.
الخاتمة
في ختام ماتقدم اتضح لنا ان الاتجار بالبشر يمثل الوجه الحديث لظاهرة الرق والعبودية، وله صور ومظاهر متعددة كالإستغلال الجنسي بمختلف اشكالهِ والخدمات القسرية ونزع الأعضاء البشرية والاتجار بها، والإتجار بالأطفال لأغراض التسول والتجنيد في النزاعات المسلحة وفي سباقات الهجن والتبني والأشكال الاخرى، وتنتهك هذه الأفعال حقوق الانسان بصفةٍ عامة , كما انها تتعرض لبعض الحقوق بصفةٍ خاصة , كالحق في أمن الشخص وكرامتهِ والحق في عدم التعرض للتعذيب او الاحتقار او المعاملة اللاإنسانية والمُهينة والانتهاك الجسدي والحق في العمل اللائق ، كما يعد الاتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية لما ينطوي عليه من عدوانٍ صارخ على القيم الانسانية والجماعات البشرية ، حيث يجعل الانسان سلعةً ومحلاً للعرض والطلب ويمكن تداولها واستغلالها بكافة الوسائل غير المشروعة وذلك بالمخالفة لتعاليم الأديان السماوية والقوانين والأعراف الدولية ، كما إن الاتجار بالبشر ينصب في اغلب الأحيان على فئتين رئيسيتين تأتي في الأهمية الأولى فئة النساء والثانية فئة الأطفال ، فضلا على ان هذه الظاهرة صارت تمتاز ايضا بكونها عابرة للحدود (عبرالوطنية) حيث لم تعد هذه الظاهرة قاصرة على ذات الدولة الواحدة بل صارت تتبع في دولة وتمتد اثارها الى دولة اخرى وعليه ظهرت ما تسمى بدول المنبع ودول المرور ودول المصب، وامام خطورة الوضع نهض المجتمع الدولي من اجل وضع منظمومة قانونية من الوثائق الدولية التي وضعت الاطار العام لجريمة الاتجار بالبشر ويقف على راسها البرتوكول الخاص بحظر الاتجار بالبشر وخاصة النساء والاطفال الملحق باتفاقية الجريمة المنظمة لسنة 2000 محددةً صورها وانماطها والتدابير الدولية والتشريعية الواجب اتخاذها من اجل مكافحة ظاهر الاتجار بالبشر.



#ايات_محمد_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حظر الاتجار بالرقيق في القانون الدولي
- شرط مارتينز في القانون الدولي الانساني
- مبدأ مسؤولية الملوث في القانون الدولي للبيئة
- قراءة في قانون اقامة الاجانب الجديد رقم 76 لسنة 2017
- جريمة الاتجار بالبشر -مفهومها- اركانها - اسبابها - الاتفاقيا ...
- المسؤولية المدنية عن الاضرار النووية في البروتوكول المعدل لا ...
- أثر التطور الصناعي والتكنولوجي على البيئة:
- التحفظ على المعاهدات الدولية
- نظرة عامة على الجرائم السيبريانية
- تأثير الأسلحة النووية على البيئة
- الية معالجة الفساد الاداري


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ايات محمد سعود - حظر الاتجار بالبشر في ضوء المواثيق الدولية